الاستخدام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو بمعنى
اتخاذ الخادم.
الاستخدام- لغة- سؤال الخدمة أو اتّخاذ الخادم، يقال: استخدمه إذا سأله أن يخدمه أو اتّخذه خادماً.
ومنه قول
الإمام الصادق عليه السلام في
مدح جدّه الإمام السجاد عليه السلام: «... وما استخدم خادماً فوق
حول ».
واستعمله
الفقهاء في نفس هذين المعنيين، وليس لهم
اصطلاح خاصّ بذلك. نعم، كثيراً ما يضاف في كلامهم إلى
العبد والجارية ونحوهما.
وهي لغةً
طلب العون ،
وليس لها
معنى اصطلاحي في
الفقه ، وهي أعمّ من الاستخدام، فكما أنّ الاستعانة قد تكون بالعبد قد تكون باللَّه تعالى أحياناً، ولكنّ الاستخدام يكون من العبد وله، في حين أنّه نوع من
الاستعانة .
من معاني
الاستعمال لغةً طلب العمل،
والعمل يكون أعمّ من الخدمة ومن غيرها
كالزراعة والتجارة .
فالاستعمال- بهذا المعنى- يكون أعمّ مطلقاً من الاستخدام.
وليس للفقهاء في
لفظ الاستعمال معنى خاصّ، بل استعملوه بنفس ما اريد به في
اللغة .
وهو لغةً طلب الشيء
بأُجرة أو اتّخاذ الآخر
أجيراً على عمل بأُجرة،
ولا يتعدّى الاستعمال الفقهي عن هذين المعنيين.
والنسبة بين
الاستئجار والاستخدام هي
العموم والخصوص من وجه ، فيجتمعان في الاستخدام بالاجرة، وينفرد الاستخدام إن كان بغير الاجرة، وينفرد الاستئجار إذا كان على ما سوى
الخدمة من سائر الأعمال كالزراعة والتجارة
ورعي الأغنام .
ليس للاستخدام
حكم عامّ واحد، وإنّما يختلف حكمه باختلاف الخادم والمخدوم والغرض الداعي إلى الاستخدام فتتعاقبه الأحكام الخمسة التكليفيّة، وأيضاً يتعلّق به بعض الأحكام
والآثار الوضعيّة التي سوف نتعرّض لها على التوالي إجمالًا:
الحكم التكليفي للاستخدام تارة يكون بالنسبة إلى المستخدِم- بالكسر- واخرى بالنسبة إلى المستخدَم بالفتح.
أمّا الأوّل فقد يكون الخادم
مملوكاً وقد يكون
حرّاً ، فإذا كان مملوكاً فالأصل في حكم الاستخدام- حينئذٍ-
الإباحة والجواز ، فإنّ
المولى له حقّ الاستخدام من
عبده وجاريته ويباح له ذلك. نعم، هذا الحقّ له حدّ خاصّ ومعيّن في
الشريعة .
وإذا كان حرّاً وكان استخدامه بغير اجرة فالأصل فيه
الحرمة ؛ لأنّه
تصرّف في مال الغير وهو غير جائز بدون
إذنه ورضاه، كما أنّه يوجب
ضمان اجرة عمله عليه.
فالاستخدام قد يكون
مباحاً ، وقد يكون
واجباً ، كاستخدام
العاجز عن
الوضوء من يعينه على الوضوء.
ومن هذا القبيل ما ذكروه في البحث عن
نفقة الزوجة من أنّها متى كانت ذات حشمة وشأن ومن ذوي الأخدام فلها على
زوجها حقّ الاستخدام، فيجب على الزوج حينئذٍ إخدامها أي استخدام من يخدمها.
وكذا ما ذكروا في
عقوبة المرأة المرتدة عن
الإسلام من أنّها لا تقتل بل تحبس أبداً وتعاقب في
السجن بعقوبات شديدة، ومن جملتها استخدامها خدمة شديدة.
وقد يكون الاستخدام
مندوباً ، كاستخدام شخص للخدمة لمن ينبغي إكرامه
كالضيف ، فكما تكون خدمته بالمباشرة عملًا مندوباً إليه عند
الشارع يكون استخدام شخص آخر لخدمته أيضاً عملًا مندوباً إليه عنده.
كما قد يكون محرّماً، كاستخدام الغير من غير حقّ عليه ومن دون رضاه، واستخدام
الكافر واستئجاره للمسلم عند من يقول بذلك.
واستخدام العبد المرهون أو
الأمة المرهونة التفاتاً إلى أنّ الاستخدام نحو من أنحاء
التصرّف ، وهو محرّم في
الرهن .
واستخدام الأمة من قِبَل من أحلّ له المولى
وطئها فقط.
واستخدام المولى عبده الذي تزوّج بإذنه مهما كان استخدامه مانعاً من
اكتسابه الذي يقدر به على
تسليم الصداق إلى زوجته والإنفاق عليها، هذا بناءً على ثبوت الصداق والنفقة في
كسب العبد
وربح تجارته .
وقد يكون
مكروهاً ، كاستخدام
الوالدين واستعارتهما للخدمة فإنّ استخدامهما منافٍ للتعظيم والتوقير المأمور به
الولد لوالديه،
بل
الوحيد البهبهاني احتمل
حرمته ،
بل يظهر من
العلّامة الحلّي في
المختلف اختياره.
وكاستخدام
الضيف ، ففي
رواية ابن أبي يعفور عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام: «نهى
رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم أن يستخدم الضيف».
بل يكره استخدام كلّ من يستحقّ
الإكرام والتعظيم
لحسب أو
نسب أو كبر سنّ ونحو ذلك.
وأمّا
الحكم التكليفي للاستخدام بالنسبة إلى المستخدَم- بالفتح- فهو
الإباحة إن كان
حرّاً وكان العمل
مباحاً ، وأمّا إذا كان مملوكاً للغير فلا يجوز له الاستخدام للغير حينئذٍ إلّا إذا أذن له
مولاه ، وكذا لا يجوز له الاستخدام للغير إذا كان العمل محرّماً وغير سائغ.
ثمّة أحكام وآثار وضعيّة تتعلّق بالاستخدام وهي:
۱- يصحّ الاستخدام
بأُجرة إذا كانت تلك الخدمة
منفعةً مباحة ومملوكة للغير وتكون بعقد
الإجارة أو
الصلح أو
الجعالة أو
الإباحة بعوض ، ويلحق كلّ منها حكمه من حيث الصحّة واللزوم، ولا فرق في ذلك بين الحرّ والعبد، ولا بين
الإنسان والحيوان والآلة .
۲- من استخدم الحرّ ضمن اجرته، وذلك لأنّ منفعته متقوّمة حينئذٍ، فهو كمن أخذ مال غيره، إلّا إذا كان قد أقدم على الخدمة والعمل
مجّاناً وبلا عوض.
۳- يملك الخادم الاجرة
بالعقد ، ولكنّه يستقرّ ويستحقّ المطالبة بها بأداء الخدمة وإنجازها؛ لأنّه بمنزلة
القبض .
۴- إذا أذن
المولى لعبده في التصرّف في ماله على وجه الاستخدام ثمّ باعه أو أعتقه بطل ذلك الإذن والاستخدام
بالبيع والعتق ، وهذا بخلاف
الإذن على وجه
الوكالة فلا يبطل؛ لأنّ عقد الوكالة ظاهر في
الاستقلال إلّا مع
القرينة .
وكذا إذا أذن
الزوج لزوجته في التصرّف في
ماله على وجه الاستخدام فيبطل الإذن
بالطلاق ، بخلاف ما إذا كان الإذن بنحو الوكالة فلا يبطل إلّا مع القرينة.
۵- يسقط حقّ
خيار فسخ العقد باستخدام من له هذا الحقّ المملوك الذي انتقل إليه أو المملوكة التي انتقلت إليه، وذلك باعتبار كون الاستخدام نحواً من أنحاء التصرّف الدالّ على الالتزام بالعقد، وهو من جملة مسقطات حقّ الخيار.
وقد تعرّض الفقهاء لذلك في
خيار المجلس والحيوان والعيب
وغيرها.
قال
العلّامة الحلّي في خيار العيب: «عندنا أنّ الاستخدام بل كلّ تصرّف يصدر من
المشتري قبل علمه
بالعيب أو بعده يمنع الردّ إلّا في
وطء الجارية الحامل وحلب المصرّاة خاصّة».
والبحث عن جميع ما يتعلّق بمسقطيّة التصرّف والاستخدام كالبحث في أنّ مطلق التصرّف والاستخدام هل يوجب
سقوط الخيار أو أنّ نحواً خاصّاً منهما يوجب ذلك؟ وأيضاً البحث في ما يشترط في مسقطيّة التصرّف، يطلب من محالّه.
للسيّد استخدام المملوك فيما يقدر عليه ولا يخرج عن وسعه عادةً والملازمة له إلّا في أوقات اعتيد فيها
الاستراحة ، وأمّا الأفعال الشاقّة الشديدة التي لا يمكن
المداومة عليها عادةً فللسيّد الأمر بها إذا قدر عليها في بعض الأوقات، وعلى المملوك بذل الوسع في جميع ذلك، ولا يكلّفه الخدمة
ليلًا ونهاراً ؛ لأنّها فوق الوسع، بل إذا عمل بالنهار أراحه ليلًا أو بالعكس، ويريحه في
الصيف وقت
القيلولة . وبالجملة: فالمتّبع العادة الغالبة.
وادّعى
المحقق النجفي أنّه لا خلاف يعرف فيه بينهم».
الموسوعة الفقهية، ج۱۱، ص۲۹۰-۲۹۴.