تعيين المواقيت
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
أي الأمكنة المحدودة شرعاً للإحرام، بحيث لا يجوز لأهلها من غيرها
اختياراً ، إلاّ إذا لم يؤدّ الطريق إليها.
(وهي ستة) في المشهور بين الأصحاب، كما في
المسالك ،
ولكن اختلفت عبائرهم في التعبير عن السادس بعد
الاتفاق على الخمسة الأُول، وهي إلى قَرن المنازل، فجعل في عبارة
دويرة الأهل ،
وفي اخرى بدلها مكة لحج التمتع،
وفي ثالثة ذكرا معاً.
فتصير المجموع سبعة مع أنها فُرضت ستة، فيحتمل كون الزائد عليها منها دويرة
الأهل كما يفهم من بعض، قال : لأن المنزل الأقرب غير محدود.
ويفهم من
الشرائع كونه الآخر حيث عدّ من الستة الدويرة
بدله .
وربما حُصرت في عشرة، وهي مجموع السبعة ومحاذاة الميقات لمن لم يمرّ به وحاذاه، و
أدنى الحلّ أو مساواة أقرب المواقيت إلى مكة لمن لم يحاذ، وفَخّ
لإحرام الصبي .
وفي
المنتهى والتحرير
اقتصر على الخمسة، وهو المستفاد من جملة من الصحاح :
منها : «
الإحرام من مواقيت خمسة وقّتها
رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم ، لا ينبغي لحاجّ ولا معتمر أن يحرم قبلها ولا بعدها، وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة وهو
مسجد الشجرة يصلي فيه ويفرض الحج، ووقّت لأهل الشام
الجحفة ووقّت لأهل نجد العقيق، ووقّت لأهل الطائف قَرن المنازل، ووقّت لأهل اليمن يلملم» الخبر.
وقريب منه آخر، وفيه : «ومن تمام الحج والعمرة أن يحرم من المواقيت التي وقّتها رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم، لا تجاوزها إلاّ وأنت محرم، فإنه وقّت لأهل
العراق ولم يكن يومئذ عراق
بطن العقيق من قبل أهل العراق، ووقّت لأهل اليمن يلملم، ووقّت لأهل الطائف
قرن المنازل ، ووقّت لأهل المغرب الجحفة وهي مَهْيَعة، ووقّت لأهل المدينة ذا الحليفة، ومن كان منزله خلف هذه المواقيت ممّا يلي مكة فوقته منزله»
فتدبر.
وهي أي الخمسة بل الستة مجمع عليها بين الطائفة، كما صرّح به جماعة،
بل العلماء كافة، إلاّ مجاهد في دويرة الأهل فجعل بدلها مكة، وأحمد في إحدى الروايتين في مكة لحج التمتع، فقال : بدله يخرج من الميقات فيحرم منه، كما في المنتهى،
ولم ينقل خلافاً من أحد في شيء من الخمسة، بل قال بعد عدّها : وهو قول علماء
الإسلام ، ولكن اختلفوا في وجه ثبوته، أمّا الأربعة الأُول وأشار بها إلى ما عدا العقيق فقد اتفقوا _ أهل العلم _ على أنها منصوصة عن الرسول صلي الله عليه و أله وسلم وأنها مأخوذة
بالتوقيف عنه صلي الله عليه و أله وسلم.
أقول : والنصوص من طرقنا بالجميع زيادةً على ما مرّ مستفيضة، سيأتي إلى جملة منها
الإشارة .
•
ميقات أهل العراق، لأهل العراق
العقيق وأفضله
المسلح وأوسطه
غمرة وآخره
ذات عرق .
•
ميقات أهل المدينة، ميقات أهل المدينة
مسجد الشجرة وعند الضرورة الجُحفة.
•
ميقات أهل الشام، وهي أي
الجحفة ميقات
أهل الشام
اختياراً ، وفي جملة منها : إنها ميقات أهل
المغرب ومصر أيضاً.
•
ميقات أهل اليمن والطائف، و لأهل اليمن جبل يقال له : يَلَملَم وألملَم، هو على مرحلتين من مكة، ولأهل الطائف
قرن المنازل .
(وميقات المتمتع لحجّة مكة) إجماعاً فتوًى وروايةً، كما تقدّم إليه الإشارة.
(وكلّ من كان منزله أقرب من الميقات) إلى مكة كما في النصوص المستفيضة المتقدم إلى بعضها الإشارة، وفيها الصحيح وغيره (فميقاته منزله) و
اعتبار القرب إلى مكة كما فيها محكي عن
النهاية والمبسوط والمهذّب والجمل والعقود و
السرائر وشرح القاضي لجمل العلم والعمل،
واختاره جماعة من المتأخرين ومتأخريهم.
وهو الأقرب.
خلافاً للمحكي عن الماتن في موضع من
المعتبر فإلى عرفة وأطلق،
وتبعه في
اللمعة في الحج وقطع،
واستوجهه شيخنا
الشهيد الثاني في المسالك و
الروضة لولا النصوص مصرّحاً باعتبارها في العمرة، قال : لأن الحج بعد
الإهلال به من الميقات لا يتعلق الغرض فيه بغير عرفات، بخلاف العمرة، فإن مقصدها بعد الإحرام مكة،، فينبغي اعتبار القرب فيها إلى مكة.
انتهى.
ثم إن أهل مكة على هذا القول يحرمون من منازلهم؛ لأنها أقرب إلى عرفات من الميقات، كما ذكره جماعة.
ويشكل على المختار؛ إذ لا دليل عليه من الأخبار، لأن الأقربية لا تتم، لاقتضائها المغايرة. ولكنه مشهور بين الأصحاب، كما ذكره جماعة،
بل زاد بعضهم فنفى الخلاف فيه بينهم،
مشعراً بدعوى
الإجماع ، كما حكاه في
الذخيرة عن التذكرة.
قيل
: ويؤيده ما روي عن
النبي صلي الله عليه و آله وسلم من قوله : «فمن كان دونهن فمهلّه من أهله».
أقول : ونحوه أو قريب منه
المرسل المروي في الفقيه : عن رجل منزله خلف الجحفة من أين يحرم؟ قال : «من منزله».
لكن في الصحيحين الواردين في المجاور أمره بالإحرام بالحج من
الجعرانة ،
سواء انتقل فرضه إلى فرض أهله أم لا، إلاّ أن يقيد بالأخير، أو يجعل ذلك من خصائص المجاور كما قيل.
(وكل من حج) أو اعتمر (على طريق) كالشامي يمرّ بذي الحليفة (فميقاته ميقات أهله) بغير خلاف أجده، وبه صرّح في الذخيرة،
مشعراً بدعوى الإجماع عليه، كما في عبائر جماعة،
بل في المنتهى إنه لا يعرف فيه خلافاً،
مشعراً بدعوى الإجماع عليه من الخاصة والعامة.
للنبوي : «هنّ لهنّ ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهن»
وبمعناه الصحيح
وغيره.
و
لانتفاء العسر والحرج في الشريعة.
ولو حج إلى طريق لا يفضي إلى أحد المواقيت
كالبحر مثلاً أحرم عند محاذاة أقربها إلى طريقه؛ لأصالة
البراءة من المسير إلى الميقات، و
اختصاص نصوص المواقيت في غير أهلها بمن أتاها. وللصحيح في المدني : «يخرج في غير طريق المدينة، فإن كان حذاء الشجرة مسيرة ستة أميال فليحرم منها».
ولكن في
الكافي بعد نقله : وفي رواية : «يحرم من الشجرة ثم يأخذ أيّ طريق شاء».
لكنها مرسلة، فلا تعارض الرواية الصحيحة، سيّما مع اعتضادها بالأصل، ونفي الحرج في الشريعة، والشهرة العظيمة في الجملة، إذ لم نجد مخالفاً في المسألة عدا الماتن في ظاهر الشرائع، حيث عزا الحكم إلى القيل،
مشعراً بتمريضه أو
توقفه فيه، وتبعه فيه جماعة من المتأخرين.
ولا وجه له بعد ما عرفته. كما لا وجه لاعتبار الأقرب إلى مكة، كما في القواعد وغيره.
ولا للتخيير بين المحاذاة لأيّ ميقات كان، كما عن الحلّي و
الإسكافي .
ويكفي الظن بالمحاذاة، كما عن المبسوط والجامع و
التحرير والمنتهى والتذكرة والدروس؛
للحرج، و
الأصل . فإن ظهر التقدّم أعاد، كما في الأخير؛ قيل : لعدم جوازه مطلقاً.
وإن ظهر التأخّر قيل : فالأظهر
الإجزاء كما في غير الأولين؛ للحرج، و
أصل البراءة، لأنه كلّف
باتّباع ظنه.
وإن لم يكن له طريق إلى علم أو ظن قيل : أحرم من بُعد بحيث يعلم أنه لم يجاوز الميقات إلاّ محرماً، كذا في التحرير والمنتهى. وفيه نظر ظاهر.
ولو لم يحاذِ شيئاً منها قيل : يحرم من مساواة أقربها إلى مكة، وهو مرحلتان تقريباً؛ لأنّ هذه المسافة لا يجوز لأحد قطعها إلاّ محرماً.
وقيل : من أدنى الحلّ؛ لأصالة البراءة من وجوب الزائد.
وربما يستبعد الفرض بأن المواقيت محيطة بالحرم، فذو الحليفة شامية، ويلملم يمانية، وقَرن شرقية، والعقيق غريبة، فلا طريق لا تؤدي إلى الميقات ولا إلى المحاذاة، إلاّ أن يراد الجهل بالمحاذاة.
•
ميقات الصبيان، ويجرّد الصبيان من فَخّ بفتح الفاء وتشديد الخاء، وهو بئر معروف على نحو فرسخ من
مكة.
رياض المسائل، ج۶، ص۱۵۴- ۱۷۲.