آداب القضاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
في الآداب: وهي مستحبة ومكروهة؛ فالمستحب: اشعار رعيته بوصوله ان لم يشتهر خبره؛ والجلوس في قضائه مستدبر
القبلة، وأن يأخذ ما في يد المعزول من حجج الناس وودائعهم؛ والسؤال عن أهل السجون واثبات أسمائهم، والبحث عن موجب اعتقالهم ليطلق من يجب إطلاقه، وتفريق الشهود عند الإقامة، فانه أوثق، خصوصا في موضع
الريبة؛ عدا ذوي البصائر، لما يتضمن من الغضاضة، وأن يستحضر من أهل العلم من يخاوضه في المسائل المشتبهة؛ والمكروهات: الاحتجاب وقت
القضاء، وان يقضي مع ما يشغل
النفس،
كالغضب،
والجوع،
والعطش، والغم، والفرح، والمرض، وغلبة النعاس، وأن يرتب قوما للشهادة، وأن يشفع إلى الغريم في إسقاط أو إبطال.
مسائل: الاولى: للإمام أن يقضي بعلمه مطلقا في الحقوق، ولغيره في
حقوق الناس، وفي
حقوق الله قولان؛ الثانية: إن عرف
عدالة الشاهدين حكم، وان عرف فسقهما اطرح، وإن جهل الأمرين، فالأصح: التوقف حتى يبحث عنهما؛ الثالثة: تسمع
شهادة التعديل مطلقة، ولا تسمع
شهادة الجرح الا مفصلة؛ الرابعة: اذا التمس الغريم إحضار الغريم وجب إجابته ولو كان امرأة ان كانت برزة، ولو كان مريضا او امرأة غير برزة استناب الحاكم من يحكم بينهما؛ الخامسة:
الرشوة على الحاكم
حرام وعلى المرتشي اعادتها.
ولم يرد بكثير منها
نص ولا
رواية ، ولكن ذكرها
الأصحاب ، ولا بأس بمتابعتهم ، مسامحة في أدلّة السنن والكراهة.
•
المندوبات للقاضي، اشعار رعيته بوصوله ان لم يشتهر خبره؛ والجلوس في قضائه
، مستدبر
القبلة، وأن يأخذ ما في يد المعزول من حجج الناس وودائعهم؛ والسؤال عن أهل السجون واثبات أسمائهم، والبحث عن موجب اعتقالهم ليطلق من يجب اطلاقه، وتفريق الشهود عند الإقامة، فانه أوثق، خصوصا في موضع
الريبة؛ عدا ذوي البصائر، لما يتضمن من الغضاضة، وأن يستحضر من أهل العلم من يخاوضه في المسائل المشتبهة
.
•
المكروهات للقاضي، الاحتجاب وقت
القضاء، وان يقضي مع ما يشغل
النفس،
كالغضب،
والجوع،
والعطش، والغم، والفرح، والمرض، وغلبة النعاس
، وأن يرتب قوما للشهادة
، وأن يشفع إلى الغريم في اسقاط أو ابطال.
وهنا مسائل خمس:
•
القضاوة بالعلم، للإمام (علیهالسّلام) أن يقضي بعلمه مطلقا في الحقوق مطلقاً للناس كانت أم لله تعالى
، ولغير
الإمام (علیهالسّلام) في
حقوق الناس، وفي
حقوق الله قولان، أظهرهما أنّه كسابقه، وهو أشهرهما
.
•
عدالة الشاهدين عند القاضي، إن عرف
عدالة الشاهدين حكم
، وان عرف فسقهما اطرح»
، وإن جهل الامرين، فالاصح: التوقف حتى يبحث عنهما.
تسمع
شهادة التعديل مطلقة من غير أن يبيّن سببه، ولا تسمع
شهادة الجرح إلاّ مفصّلةً مبيّنةً للسبب في المشهور بين الأصحاب، على الظاهر المصرح به في
المسالك وغيره
، استناداً في الأوّل: إلى أنّ العدالة تحصل بالتحرّز عن أسباب
الفسق، وهي كثيرة يعسر ضبطها وعدّها.
وفي الثاني: إلى أنّ الجارح قد يبني الجرح على ظنّ خطأ، وأنّ المذاهب فيما يوجب الفسق مختلفة، فلا بُدّ من البيان؛ ليعمل القاضي باجتهاده.
ويشكل بأنّ الاختلاف في أسباب الفسق يقتضي الاختلاف في أسباب العدالة، فإنّ الاختلاف مثلاً في عدد الكبائر كما يوجب في بعضها ترتّب الفسق على فعله يوجب في بعض آخر عدم قدحه في العدالة بدون الإصرار عليه، فيزكّيه المزكّي مع علمه بفعل ما لا يقدح عنده فيها، وهو قادح عند الحاكم.
ومن ثمّ ذهب
الإسكافي إلى وجوب التفصيل فيهما
، وهو حسن حيث لا يعلم موافقة مذهب المزكّي للحاكم في أسباب
الجرح والتعديل، وأمّا لو علم بأن كان مقلّداً له، أو مجتهداً وافق مذهبه مذهبه، فالأجود حينئذ عدم وجوب التفصيل مطلقاً. ومن هنا ظهر ضعف القول بعدم وجوبه والاكتفاء بالإطلاق مطلقاً أيضاً
.
وللفاضل قول بوجوب التفصيل في التعديل دون الجرح
، عكس المشهور.
وآخر بالتفصيل بين علم المزكّي والجارح بأسبابهما فالإطلاق مطلقاً، وجهلهما بهما فالتفصيل كذلك
. وضعفهما قد ظهر ممّا مضى.
وحيث اكتفي في العدالة بالإطلاق مطلقاً، كما هو المشهور، أو على تفصيل قدّمناه، ففي القدر المعتبر من العبارة عنه أوجه، بل وأقوال.
ثالثها: اعتبار ضمّ أحد الأمرين من قوله: لي وعليَّ، أو مقبول الشهادة، إلى قوله: هو عدل، حكاه في المسالك عن أكثر المتأخّرين
، وعن الإسكافي ضمّ الأوّل خاصّة
، وعن
المبسوط الاكتفاء بقوله: هو عدل، من دون اعتبار ضمّ شيء مطلقاً
. ولعله أقوى وإن كان المصير إلى ما عليه الإسكافي
أحوط وأولى؛ لكونه بين الأقوال جامعاً.
واختار في المسالك قولاً رابعاً، وهو الاجتزاء بقوله: إنّه مقبول
الشهادة، وأنّ إضافة
العدل إليه آكد
. ولا بأس به إن قصد به جواز الاجتزاء بذلك من حيث إنّه مرادف للفظ العدل.
ويمنع إن منع من الاجتزاء بلفظ العدل؛ لما ظهر لك من الترادف بينهما، وإن كان ما اجتزأ به بالدلالة على العدالة العامّة أظهر وأجلى.
وإذا تعارض الجرح والتعديل فالأقرب أنّه إن لم يتكاذبا بأن شهد المزكي بالعدالة مطلقاً، أو مفصلاً لكن من غير ضبط وقت معين، وشهد الجارح بأنّه فعل ما يوجب الجرح في وقت معين قدّم الجرح؛ لحصول الشهادتين من غير تعارض بينهما حقيقةً.
وإن تكاذبا بأن شهد المعدّل بأنّه كان في ذلك الوقت الذي شهد الجارح بفعل
المعصية فيه في غير المكان الذي عيّنه للمعصية، أو كان فيه مشتغلاً بفعل ما يضادّ ما أسند إليه الجارح فالوجه التوقف، وفاقاً
للخلاف، إلاّ أنّه أطلقه بحيث يشمل صورة عدم التكاذب. قيل
: للتعارض مع عدم المرجح، ولا يتمّ إلاّ على التفصيل المتقدم، هذا.
ويمكن الجمع بين الشهادتين مع ترجيح
التزكية فيما إذا قال المعدّل: صحّ السبب الذي ذكره الجارح، لكن صحّ عندي توبته ورجوعه عنه.
إذا التمس الغريم والمدّعي للحقّ من الحاكم إحضار غريمه مجلس الحكم وجب على الحاكم إجابته مطلقاً ولو كان الغريم المسئول إحضاره امرأة بشرط أن كانت بَرْزَة بفتح الباء وسكون الراء المهملة وفتح الزاء المعجمة، كما ضُبِط، وهي التي لا تحتجب احتجاب الشوابّ، وهي مع ذلك عفيفة عاقلة تجلس للناس وتحدثهم، من البروز وهو الظهور.
ولو كان المسئول إحضاره ذا عذر يمنعه عن الحضور كأن كان مريضاً أو امرأة مخدّرة غير بَرْزَة استناب الحاكم من يحكم بينهما أو أمرهما بنصب
وكيل ليخاصم عنهما، فإن دعت الحاجة إلى تحليفهما بعث إليهما من يحلفهما.
واعلم أنّ
إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق في الحكم الأوّل بين كون الغريم المطلوب إحضاره حاضراً في البلد أو غائباً عنه، وكونه من أهل الشرف والمروءات الذين يشقّ عليهم حضور مجلس القضاء أم لا.
خلافاً للإسكافي فخصّه بالحاضر الذي لا يشقّ عليه الحضور من جهة الرفعة والشرف
، ووافقه المتأخرون
ممّن وقفت على كلامهم في التخصيص بالحضور، وخالفوه في التخصيص بغير ذي الشرف، فأوجبوا حضوره مع الحضور أيضاً، بل في صريح المسالك وظاهر المبسوط دعوى إجماعنا عليه
، ومع ذلك قيدوا عدم وجوب الإحضار في صورة الغيبة بما إذا لم يحرّر المدعي الدعوى، أو حرّرها ولم تكن عند الحاكم مسموعة، وأوجبوا في غير الصورتين الإحضار مطلقاً.
وتلخص من مجموع ما ذكرنا
الإجماع على وجوب الإحضار لغير ذي المروءات مع الحضور مطلقاً ولو لم يحرّر الدعوى، وهو
الحجة فيه
كالإجماع المحكي المتقدم في وجوب الإحضار لذوي المروءات أيضاً، مع عدم مخالف فيه عدا الإسكافي، وهو شاذ، هذا.
مضافاً إلى ما استدلّ به
الشيخ لوجوب الإحضار مطلقاً من أنّ الحاكم منصوب لاستيفاء الحقوق وحفظها وترك تضييعها، فلو قلنا إنّه لا يحضره ضاع الحق وبطل؛ لأنّ الرجل ربما تسلّط على مال الغير وأخذه وجلس في موضع لا حاكم فيه، وما أفضى إلى هذا بطل في نفسه
.
واعترضه الفاضل في
المختلف حيث إنّه ممّن منع الإحضار مع الغيبة في الجملة بمنع الملازمة، قال: فإنّ الحاكم يطالب المدّعى بإثبات حقّه، فإذا ثبت فإن حضر، وإلاّ باع ماله ودفعه إلى المدّعى، أمّا لو لم يتمكّن من الإثبات وطلب غريمه لإحلافه، أو لم يكن له مال وكان بيد الغائب ما يقضي به الحق الثابت عند الحاكم، فإنّ الحاكم هنا يبعث في طلبه على ما قاله الشيخ
.
وسياق كلامه مع الشيخ كما ترى إنّما هو النزاع معه في وجوب الإحضار مع الغيبة مطلقاً، لا وجوبه لذوي المروءات كما فهمه منه
الفاضل المقداد في
شرح الكتاب، حيث نسب فيه القول بمنع إحضارهم إلى المختلف وجعله موافقاً للإسكافي.
ثم إنّ ما ذكره في المختلف من وجوب الإحضار مع الغيبة في بعض الصور الذي ذكره إنّما هو بعد تحرير الدعوى وسماعها، وأمّا قبله فقد ذكر جماعة
بأنّه إن كان الغائب في محلّ ولاية القاضي فإن كان له نائب لم يحضره بل يسمع البيّنة ويكتب إليه. وإن لم يكن هناك بيّنة أنفذه إلى خليفته ليحكم بينهما. وإن لم يكن له نائب فإن كان هناك من يصلح للاستخلاف أذن له في
القضاء بينهما، قال في المسالك بعد هذا: وإلاّ طولب المدعي بتحرير الدعوى، فقد تكون غير مسموعة فيلزم المشقّة بإحضاره لغير حق، بخلاف الحاضر في البلد فإنّه لا يحتاج في إحضاره إلى تقديم البحث، لأنّه ليس في الحضور هنا مئونة ومشقّة شديدة
. إلى آخر ما ذكره.
ومنه يظهر وجه فرق المتأخّرين بين حالتي الحضور والغيبة بوجوب الإحضار في الاولى مطلقاً ولو لم يحرّر الدعوى، وعدمه في الثانية قبل تحريرها، ومحصّله عدم لزوم المشقّة بإحضاره في الأُولى ولزومها في الثانية، وبذلك صرّح أيضاً جماعة
.
وناقشهم في ذلك بعض متأخّري المتأخّرين
، نظراً منه إلى أنّ في مطلق الإحضار ولو حالة الحضور مشقّة، ولذلك احتمل اختصاص وجوب الإحضار مع الحضور بصورة تحرير الدعوى وسماعها، وله وجه.
إلاّ أنّ الإجماع الظاهر والمحكي حتى في كلامه كفانا مئونة البحث في ذلك، سيّما مع اعتضاده بما ذكره من أنّ ذلك كان معمولاً في الزمن السابق إلى الآن من غير إنكار.
•
الرشوة على الحكم، بذل
الرشوة وأخذها على الحكم
حرام، وبقي فيها شيء وهو الفرق بين الرشوة والهدية، بأنّ الرشوة هي التي يشترط باذلها الحكم بغير حق والامتناع من الحكم به،
والهدية هي العطية المطلقة
؛ وأنّها محرمة على المرتشي مطلقاً، وعلى الراشي كذلك إلاّ أن يكون محقاً، ولا يمكن وصوله إلى حقّه بدونها فلا تحرم عليه حينئذٍ
، وعلى هذا يحتاج إلى فرق آخر، والأظهر فيه أن يقال: إنّ دفع المال إلى القاضي ونحوه من العمّال إن كان الغرض منه التودّد أو التوسل لحاجة من
العلم ونحوه فهو هدية، وإن كان للتوسل إلى
القضاء والعمل فهو رشوة
؛ ويجب على المرتشي إعادتها عيناً مع وجودها، وعوضاً مثلاً أو قيمةً مع تلفها
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۵، ص۲۷-۵۵.