أحكام الإحرام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وأما أحكامه فمسائل ثلاث، الأُولى : المتمتع إذا طاف وسعى ثم أحرم بالحج قبل التقصير ناسياً، والثانية : ولو أحرم قبل التقصير عامداً بطلت متعته، والثالثة : لو اشترط في إحرامه ثم حصل المانع
( الأُولى : المتمتع إذا طاف وسعى ثم أحرم بالحج قبل التقصير ناسياً مضى في حجه ) فإنه صحيح ، بلا خلاف أجده ، وبه صرّح في
الذخيرة والكفاية وغيرهما،
بل نفى عنه في
التنقيح الخلاف،
مؤذناً بالإجماع، كما في صريح كلام الفاضل في المختلف،
مع أنه في
التحرير والمنتهى
حكى قولاً بالبطلان عن بعض الأصحاب.
ولا ريب في ضعفه؛ فإن الصحاح مضافاً إلى
الإجماع المنقول صريحة في ردّه، ففي الصحيح : عن رجل أهلّ بالعمرة ونسي أن يقصّر حتى دخل في الحج، قال : «يستغفر الله ولا شيء عليه وتمّت عمرته».
وفي آخر : «لا بأس به يبني على العمرة وطوافها وطواف الحجّ على
أثره ».
وفي ثالث : «يستغفر الله».
ولا معارض لها عدا رواية أبي بصير الآتية، ولكنها لقصورها عن المقاومة لها من وجوه شتّى مطروحة، أو محمولة على العامد جمعاً. (و) يستفاد منها ولا سيّما الصحيحة الاولى : أنه (لا شيء عليه) كما عن الحلّي والديلمي وأكثر المتأخرين.
(و) لكن (في رواية) موثقة كالصحيحة أنه (عليه دم)
وظاهره الوجوب، كما عن الشيخ في كتبه وبني زهرة والبّراج وحمزة،
وعليه الفاضل في
الإرشاد .
ولا يخلو عن قوة بناءً على حجيّة الموثقة؛ لأنها خاصة، والصحاح عامة، فينبغي حملها عليها. وهو أولى من الجمع بينها بحمل الموثقة على
الاستحباب ، فإنه مجاز، والتخصيص منه أولى حيثما حصل بينهما معارضة، إلاّ أن يرجح الاستحباب بالشهرة العظيمة بين الأصحاب، لكنها متأخرة، فالترجيح بها لا يخلو عن نوع مناقشة، ومع ذلك فلا ريب أن الوجوب أحوط.
(ولو أحرم) قبل التقصير (عامداً بطلت متعته) وصارت حجة مفردة فيكلمها، ثم يعتمر بعدها
عمرة مفردة (على) ما يقتضيه
إطلاق (رواية أبي بصير، عن
أبي عبد الله عليه السلام ) الموثقة، بل الصحيحة، كما في
المنتهى والمختلف والمسالك والروضة،
وفيها : «المتمتع إذا طاف وسعى ثم لبّى قبل أن يقصّر فليس له أن يقصّر وليس له متعة».
ورواية أُخرى ضعيفة على المشهور : عن رجل متمتع طاف ثمّ أهلّ بالحج قبل أن يقصّر، قال : «بطلت متعته وهي حجة مبتولة».
وإنما قيّدنا بالعامد جمعاً بينهما وبين ما مضى من الصحيح بالصحة في الناسي. وعمل بها الشيخ وجماعة
حتى أن الشهيدين في
الدروس والمسالك
ادعيا عليها الشهرة، فهي جابرة لقصور الرواية على تقديره، مع أنها ليست بقاصرة عند جماعة كما عرفته، ومؤيدة بالرواية الأُخرى، فالعمل بها أقوى.
خلافاً للحلّي فيبطل
الإحرام الثاني ويبقى على عمرته،
ويميل إليه جماعة من المتأخرين ومنهم الماتن، حيث عزا الحكم إلى الرواية، مشعراً بتوقفه فيه. ولعلّه من حيث النهي عنه، ووقوع خلاف ما نواه إن أدخل
حج التمتع ، وعدم صلاحية الزمان إن أدخل غيره، فبطلانه أنسب. والرواية قاصرة السند، فيشكل التعويل عليها في حكم مخالف للأصل؛ مع أنها ليست صريحة في ذلك، لاحتمالها الحمل على متمتع عدل عن
الإفراد ثم لبّى بعد السعي، كما ذكره الشهيد قال : لأنه روي التصريح بذلك في رواية أُخرى.
أقول : لعلّها الموثق : رجل يفرد بالحج فيطوف بالبيت ويسعى بين
الصفا والمروة ثم يبدر له أن يجعلها عمرة، فقال : «إن كان لبّى بعد ما سعى قبل أن يقصّر فلا متعة له»
وقد مرّ في بحث جواز الطواف للمفرد والقارن قبل المضيّ إلى عرفات». وفيه نظر، فإن مورد رواية المسألة المتمتع، وهو حقيقة فيمن حصل فيه مبدأ
الاشتقاق حالاً أو ماضياً، والعادل عن الإفراد إلى التمتع متمتع مجازاً، و
الأصل في الاستعمال الحقيقة. والتصريح بذلك في الموثقة الأخيرة مع ورودها في المجازي لا يستلزم ورود رواية المسألة فيه؛ إذ لا تلازم ولا داعي، فالرواية بعد الأصل اللفظي صريحة الورود فيما نحن فيه، ومخالفتها الأُصول لا ريب فيه. لكن لا مانع من تقييدها بها بعد
اعتبار السند، والتأيد بالخبر الآخر، و
الانجبار و
الاعتضاد بعمل الأكثر، بل المشهور كما حكي.
وعلى المختار فهل يجزي عن فرضه أم لا؟ وجهان، من أنه عدول اختياري ولم يأت بالمأمور به على وجهه، ومن خلوّ النص عن
الأمر بالإعادة مع وروده في بيان الحاجة. والأصل يقتضي المصير إلى الأول، كما اختاره شيخنا الشهيد الثاني قاطعاً به،
وسبطه لكن محتملاً الثاني.
والجاهل عامد؛ لإطلاق النص؛ واختصاص المقيّد له بالناسي، وبه صرّح شيخنا
الشهيد الثاني .
•
أحكام إحرام الولي بالصبي، (الثانية : إذا أحرم الولي بالصبي) الغير المميز (فعل به ما يلزم المحرم) فعله من حضور المواقف من المطاف والسعى وعرفة وغيرها (وجنبه ما يجتنبه المحرم) من
لبس المخيط والصيد ونحوهما. وأما المميز فيأمره بفعل ما يمكنه منها. (وكلّ ما يعجز عنه يتولاّه الولي) بلا خلاف في شيء من ذلك بيننا أجده، والصحاح بها مع ذلك مستفيضة : منها : «انظروا من كان معكم من الصبيان، فقدّموه إلى
الجحفة أو إلى
بطن مَرّ.
•
اشتراط التحلل في الإحرام، ( لو اشترط في إحرامه) بأن يحلّه حيث حبسه عند عروض مانع من حصر أو صدّ (ثم حصل المانع تحلّل) إن شاء (ولا يسقط) عنه (هدي التحلّل بالشرط، بل فائدته جواز
التحلل للمحصور) وهو الممنوع بالمرض (من غير تربّص) إلى بلوغ
الهدي محلّه.
رياض المسائل، ج۶، ص۲۴۷- ۲۶۰.