الأرحام في النكاح
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
النسب سبب من أسباب
تحريم النكاح في الجملة، فيحرم على
الإنسان اصوله وفروعه.لا
ولاية للأرحام في النكاح غير الأب والجدّ للأب وإن علا.
النسب سبب من أسباب
تحريم النكاح في الجملة، فيحرم على
الإنسان اصوله وفروعه، وفروع أوّل اصوله، وأوّل فرع من كلّ أصل بعد
الأصل الأوّل. وبعبارة اخرى: كلّ قريب إليه ولو بواسطة من هو أقرب منه ما عدا أولاد العمومة والخؤولة. والذي يحرم بالنسب سبعة أصناف من النساء جمعها قوله تعالى: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ وَ عَمَّاتُكُمْ وَ خالاتُكُمْ وَ بَناتُ الْأَخِ وَ بَناتُ الْأُخْتِ».
فتحرم
الامّ والجدّة وإن علت لأب كانت أو لُامّ. وضابطها: كلّ انثى ولدتك بواسطة أو بغيرها.
وتحرم
البنت للصلب وبناتها وإن نزلن وبنات
الابن وإن نزلن. وضابطها: أنّها كلّ انثى ينتهي نسبها إليك بواسطة أو بغيرها.
والأخوات لأب كنّ أو لُامّ أو لهما، وليس هنّ إلّا
الإناث التي ولدهنّ وإيّاك شخص واحد من غير واسطة، ولا يدخل في
اسمهنّ غيرهنّ، ولذا لم يكن فيهنّ علو ولا سفل. وبنات الأخوات وبنات أولادهنّ. والضابط: كلّ انثى انتهت إلى أبويك أو أحدهما بالتوليد بواسطة أو وسائط، أو كلّ انثى ولدها أبواك أو أحدهما ولو بواسطة.
والعمّات سواءً كنّ أخوات أبيه لأبيه أو لُامّه أو لهما، وكذا أخوات أجداده وإن علون، والخالات للأب أو للُامّ أو لهما، وكذا خالات
الأب والامّ وإن ارتفعن. وضابط العمّة: كلّ انثى هي اخت ذكر ولدت له بواسطة أو غيرها من جهة الأب أو الامّ أو منهما، أو كلّ انثى ولدها وأحد آبائك شخص من غير واسطة.
والخالة هي كلّ انثى هي اخت انثى ولدتك بواسطة أو غيرها، أو كلّ انثى ولدها وإحدى امّهاتك شخص من غير واسطة. وبنات الأخ سواءً كان الأخ لأب أو لُامّ أو لهما، وسواء كانت بنته لصلبه أو بنت بنته أو بنت ابنه وبناتهنّ وإن سفلن على حسب الضابط الذي سمعته في بنات الاخت. هذه المحارم من النساء، ويقابلهنّ مثلهنّ من الرجال يحرم على النساء، فيحرم الأب وإن علا على البنت، والولد وإن سفل على الامّ و
الأخ وابنه وابن
الأخت على الاخت والعمّة والخالة، والعمّ وإن علا، وكذلك الخال على بنت الأخ وبنت الاخت. والضابط: من لو كان
امرأة وهي رجل كان محرماً مع بقاء النسب بعينه؛ لأنّ التحريم من أحد الطرفين هنا يستلزم التحريم من الطرف الآخر.
وهذه الدائرة من الأرحام يعبّر عنها بالمحارم من النسب، ومن أحكامها جواز النظر والخلوة واللمس، ممّا يحرم بالنسبة إلى الأجنبي والأجنبيّة.
أمّا غير المحرم من الأرحام فنظره وخلوته إلى أرحامه حرام كالأجنبي، وقد يحصل التحريم والمحرميّة بغير النسب كالرضاع و
المصاهرة وغيرهما. وتفصيل ذلك وأدلّته يأتي في مصطلح (نكاح، محارم، نظر).
المطّلع على عورة قوم يزجر، فإن كفّ فبها، وإن امتنع وأصرّ على النظر جاز رميه بما يندفع به كالحجارة أو غيرها، فإن مات كان دمه هدراً؛ لأنّه من المدافعة عن العرض، وللنصوص الصحيحة والصريحة الدالّة على ذلك،
هذا في الأجنبي. أمّا إذا كان المطّلع رحماً يجوز له النظر إلى المطّلع عليهم يقتصر على زجره لا غير، ولا يجوز رميه، بل لو رماه والحال هذه ضمن؛ لكونه عادياً حينئذٍ، إلّا أن يكون المنظور امرأة مجرّدة، فإنّه يجوز رميه بعد زجره حينئذٍ كالأجنبي؛ لأنّه ليس له هذا
الاطّلاع المتضمّن للعورة والجسد.
والظاهر أنّ مرادهم من تجرّد المرأة كونها عارية عن الثياب حتى ممّا يستر العورة بحيث يستلزم النظر إليها النظر إلى عورتها، وكذا الحكم فيما لو كانت مرتدية لما يستر العورة لكن كان النظر إليها مع الريبة، فإنّه في هاتين الصورتين يكون النظر محرّماً، فيجوز الرمي والردع بعد الزجر بما قد يوجب هلاكه. أمّا البدن مع ستر العورة وعدم الريبة ففي الحرمة نظر كما أشار إلى ذلك صاحب الجواهر؛
إذ قد عرفت جواز نظر المحرم إلى محارمه مع عدم الريبة عدا العورة. وتفصيل ذلك في محالّه.
لا
ولاية للأرحام في النكاح غير الأب والجدّ للأب وإن علا، فلا ولاية لأخٍ ولا عمّ ولا امّ ولا جدّ لها ولا ولد ولا غيرهم من الأقارب، قربوا أو بعدوا،
بلا خلاف في ذلك، بل عليه
الإجماع في غير الامّ وآبائها.
والأخبار دالّة عليه كصحيح
محمّد ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: «... يستأمرها كلّ أحد ما عدا الأب»،
والنصوص النافية للولاية عن الأخ والعمّ كصحيح
محمّد بن الحسن الأشعري قال: كتب بعض بني عمّي إلى
أبي جعفر الثاني عليه السلام : ما تقول في صبيّة زوّجها عمّها فلمّا كبرت أبت التزويج؟ فكتب لي: «لا تكره على ذلك، و
الأمر أمرها»،
وغيره.
نعم، في خبر أبي بصير عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن الذي بيده عقدة النكاح، قال: «هو الأب والأخ...».
وفي مرسل
الحسن بن علي عن
الرضا عليه السلام قال: «الأخ الأكبر بمنزلة الأب».
ولكن حمله بعض الفقهاء على أنّ الأولى بها أن لا تخالفه،
وبعضهم على ضرب من
التقية ، أو على
إرادة الولاية العرفية.
وأمّا في الامّ وآبائها فالمشهور عدم الولاية لهما أيضاً، بل عليه دعوى الإجماع في
التذكرة والجواهر،
بل رمى صاحب البلغة القول بثبوت الولاية لغير الأب والجدّ للأب بالشذوذ الذي لا يلتفت إليه.
واستدلّ لذلك بالأصل والنصوص المتقدّمة والإجماع مع ضعف المخالف. وتفصيل ذلك في أولياء العقد من مصطلح (نكاح).
هل الأفضل
اختيار ذات الرحم للنكاح أم البعيدة؟ لم يتعرّض لذلك إلّا بعض الفقهاء في كتاب النكاح وانقسامه بحسب العوارض إلى الأحكام الخمسة، فاختار
الشهيد الأوّل في قواعده
استحباب النكاح في الأقارب؛ لما فيه من الجمع بين
صلة الرحم وفضيلة النكاح،
ونسب ابن سعيد هذا القول إلى بعض فقهائنا.
لكنّ الذي قد يظهر منه ومن العلّامة في التذكرة
استحباب اختيار البعيدة؛ لما روي عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «ابعدوا في النكاح ولا تضووا»
وقوله: «لا تنكحوا القرابة القريبة فإنّ الولد يُخلق ضاوياً»
أي نحيفاً، وعلّل ذلك بنقصان الشهوة بسبب القرابة.
والمعروف علميّاً اليوم النهي عن الزواج من القرابة؛ لما فيه من مفاسد وأضرار لا يمكن لعلم الطب غضّ الطرف عنها، فإنّ الجين المريض والناقص في صورة وجوده يحتمل أن ينتقل بالزواج إلى النسل اللاحق ويزداد هذا
الاحتمال في زواج الأقارب كابن العمّ وبنت العمّ فإنّه إذا كان كلّ من الأب والامّ حاملًا للجين المريض والمصاب فبحساب الاحتمالات يكون الطفل منهما سالماً بنسبة ۲۵% وناقلًا للجين ۵۰% ومعيوباً كاملًا ۲۵% ويتحقّق ذلك في الأجيال اللاحقة أيضاً، فتكون النتيجة أنّ الأمراض الوراثيّة
كالهموفيلي و
الطلاسمي وغير ذلك أكثر في الاسرة والمجتمع ويشكل ذلك مشكلة كبيرة من الناحية
الاقتصادية و
الاجتماعية .
الموسوعة الفقهية، ج۹، ص۴۵۲-۴۵۶.