الأسير (أحكامه الجزائية وعقوباته)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابه، انظر
الأسير (توضيح) .
تارةً يجني
الأسير الكافر على غيره، واخرى تقع
الجناية عليه، فإذا جنى على غيره، فتارة تكون الجناية على النفس، واخرى على ما دونها من الأعضاء ونحوها:
فإن كانت جنايته على
النفس وكانت قبل تقسيم
الغنيمة ومحيطة بقيمته سلّم إلى المجنيّ عليه، وإن كانت دون قيمته بيع ودفع من ثمنه إلى المجنيّ عليه بمقدار الجناية، وردّ الباقي إلى المغنم.وكذا لو كان الجاني امرأة، إلّاأنّها لو كان لها ولد فلا يفرّق بينها وبينه في
البيع ، ويردّ ثمن
ولدها إلى المغنم.
وأمّا إذا كانت جنايته على النفس وبعد القسمة ولم يكن محكوماً
بالاسترقاق فحكمه كسائر جنايات
الأحرار .وإن كان محكوماً به وكانت جنايته قتل حرٍّ فهو كسائر العبيد، يخيّر وليّ الدم فيه بين
القصاص والاسترقاق،
بلا خلاف في ذلك، بل ادّعي عليه
الإجماع .
ولو كانت جنايته على عبدٍ، فإن كانت عمديةً فالقود لمولاه، فإن قتل جاز، وإن طلب الدية تعلّقت برقبة الجاني.
وإن كانت الجناية خطأً تخيّر مولى القاتل في
إعطاء الدية بين فكّه بقيمته وبين دفعه إلى أولياء المجنيّ عليه ليسترقّوه.
وأمّا إذا كانت الجناية دون النفس كان للمجنيّ عليه القصاص منه، فإن طلب
الدية فكّه مولاه
بأرش الجناية، فإن امتنع كان للمجنيّ عليه استرقاقه إن أحاطت به الجناية، وإلّا استرقّ منه بنسبة الجناية من قيمته.
هذا في جناية الأسير على غيره، وأمّا في الجناية الواقعة عليه فقد ذكر جمع من الفقهاء أنّه لو بدر
مسلم أو كافر فقتل الأسير الكافر كان
هدراً، ولا يترتّب عليه دية ولا
كفّارة ؛ لعدم
احترامه ،
بل ذكر
المحقّق النجفي أنّه لم يجد مخالفاً فيه.
لكن حكم
ابن الجنيد بتغريمه قيمة رقبته، وردّ
الغرامة إلى المغنم.
نعم، هو آثم؛
لعدم جواز قتله إلّا للإمام،
ومن هنا أفتى جماعة
بتعزيره .
تكره
إقامة الحدود في أرض العدوّ على الأسير، مسلماً كان أو غيره، حتى يعود إلى أرض
الإسلام ؛ لئلّا يحمله ذلك على اللحاق بالكفّار.
بل ربّما يظهر من
الشيخ الطوسي في
المبسوط عدم جوازه، حيث قال قدس سره:«من ارتكب كبيرة يجب عليه فيها الحدّ لم يُحدّ في دار الحرب، واخّر حتى يعود إلى دار الإسلام، ولم يسقط بذلك الحدّ عنه».
ويستثنى من ذلك ما إذا كانت هناك مصلحة في
إجراء الحدود، فإنّه يجوز إجراؤها حينئذٍ هناك.
وأمّا قصاص القتل فيجوز إجراؤه في بلاد
الكفر ؛ لعموم الأدلّة، ولأنّ المقتضي لوجوب إجرائه موجود وهو القتل، والمانع منه مفقود وهو
الالتحاق ببلاد الكفر.
وربّما يفهم من تعليل الفقهاء هنا أنّه لو كان الحدّ بالغاً مرتبة القتل، كما في بعض أنواع حدّ
الزنا ، جاز إجراؤه ولو في بلاد الكفر؛ للمبرّر نفسه الموجود في قصاص القتل، بل فحوى كلام الفقهاء الذين منعوا إجراء الحدود في بلاد الكفر أنّه لو حصل
اطمئنان بعدم الالتحاق بالكفّار اقيم الحدّ عليه.وربما في بعض الموارد يكون جعل الحدّ خاصاً في بلاد الإسلام بمثابة الدافع للمسلم أن لا يعود إلى وطنه الإسلامي، خوفاً من إجراء الحدّ عليه، فيظلّ في مأمن في بلاد الكفر، وقد تترتّب مفسدة على ذلك في بعض الموارد.
الموسوعة الفقهية، ج۱۳، ص۱۵۵-۱۵۸.