الخطابات عند حضور شهر رمضان
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لمّا حضر شهر رمضان، إنَّ
رسول اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) والأئمة المعصومين (صلواتاللهعليهمأجمعين) خطبوا الناس لتأهيلهم لضيافة الله.
لإمام الرضا عن آبائه عن
الإمام عليّ (علیهمالسّلام): إنَّ رَسولَ اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) خَطَبَنا ذاتَ يَومٍ فَقالَ: «أيُّهَا النّاسُ، إنَّهُ قَد أقبَلَ إلَيكُم شَهرُ اللّه ِ بِالبَرَكَةِ وَالرَّحمَةِ وَالمَغفِرَةِ، شَهرٌ هُوَ عِندَ اللّه ِ أفضَلُ الشُّهورِ، وَأيّامُهُ أفضَلُ الأَيّامِ، ولَياليهِ أفضَلُ اللَّيالي، وساعاتُهُ أفضَلُ السّاعاتِ. هُوَ شَهرٌ دُعيتُم فيهِ إلى ضِيافَةِ اللّه ِ، وجُعِلتُم فيهِ مِن أهلِ كَرامَةِ اللّه ِ، أنفاسُكُم فيهِ
تَسبيحٌ، ونَومُكُم فيهِ
عِبادَةٌ، وعَمَلُكُم فيهِ مَقبولٌ، ودُعاؤُكُم فيهِ مُستَجابٌ. فَاسأَلُوا اللّه َ رَبَّكُم بِنِيّاتٍ صادِقَةٍ وقُلوبٍ طاهِرَةٍ أن يُوَفِّقَكُم لِصِيامِهِ وتِلاوَةِ كِتابِهِ؛ فَإِنَّ الشَّقِيَّ مَن حُرِمَ غُفرانَ اللّه في هذَا الشَّهرِ العَظيمِ. وَاذكُروا بِجوعِكُم وعَطَشِكُم فيهِ جوعَ
يَومِ القِيامَةِ وعَطَشَهُ، وتَصَدَّقوا عَلى فُقَرائِكُم ومَساكينِكُم، ووَقِّروا كِبارَكُم، وَارحَموا صِغارَكُم، وصِلوا أرحامَكُم، وَاحفَظوا ألسِنَتَكُم، وغُضّوا عَمّا لا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيهِ أبصارَكُم، وعَمّا لا يَحِلُّ الاِستِماعُ إلَيهِ أسماعَكُم، وتَحَنَّنوا عَلى أيتامِ النّاسِ يُتَحَنَّن عَلى أيتامِكُم، وتوبوا إلَى اللّه ِ مِن ذُنوبِكُم، وَارفَعوا إلَيهِ أيدِيَكُم
بِالدُّعاءِ في أوقاتِ صَلَواتِكُم؛ فَإِنَّها أفضَلُ السّاعاتِ، يَنظُرُ اللّه ُ عز و جل فيها بِالرَّحمَةِ إلى عِبادِهِ، يُجيبُهُم إذا ناجَوهُ، ويُلَبّيهِم إذا نادَوهُ ويَستَجيبُ لَهُم إذا دَعَوهُ. يا أيُّهَا النّاسُ، إنَّ أنفُسَكُم مَرهونَةٌ بِأَعمالِكُم فَفُكّوها بِاستِغفارِكُم، وظُهورَكُم ثَقيلَةٌ مِن أوزارِكُم فَخَفِّفوا عَنها بِطولِ سُجودِكُم، وَاعلَموا أنَّ اللّه َ ـ تَعالى ذِكرُهُ ـ أقسَمَ بِعِزَّتِهِ ألاّ يُعَذِّبَ المُصَلّينَ وَالسّاجِدينَ، ولا يُرَوِّعَهُم بِالنّارِ يَومَ يَقومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمينَ. أيُّهَا النّاسُ، مَن فَطَّرَ مِنكُم صائِما مُؤمِنا في هذَا الشَّهرِ كانَ لَهُ بِذلِكَ عِندَ اللّه ِ عِتقُ نَسَمَةٍ
ومَغفِرَةٌ لِما مَضى مِن ذُنوبِهِ». فَقيلَ: يا رَسولَ اللّه ِ، ولَيسَ كُلُّنا يَقدِرُ عَلى ذلِكَ! فَقالَ (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم): «اِتَّقُوا
النّارَ ولَو بِشِقِّ تَمرَةٍ، اِتَّقُوا النّارَ ولَو بِشَربَةٍ مِن ماءٍ. أيُّهَا النّاسُ، مَن حَسَّنَ مِنكُم في هذَا الشَّهرِ خُلُقَهُ كانَ لَهُ جَوازا عَلَى
الصِّراطِ يَومَ تَزِلُّ فيهِ الأَقدامُ، ومَن خَفَّفَ في هذَا الشَّهرِ عَمّا مَلَكَت يَمينُهُ خَفَّفَ اللّه ُ عَنهُ حِسابَهُ، ومَن كَفَّ فيهِ شَرَّهُ كَفَّ اللّه ُ فيهِ غَضَبَهُ يَومَ يَلقاهُ، ومَن أكرَمَ فيهِ يَتيما أكرَمَهُ اللّه ُ يَومَ يَلقاهُ، ومَن وَصَلَ فيهِ رَحِمَهُ وَصَلَهُ اللّه ُ بِرَحمَتِهِ يَومَ يَلقاهُ، ومَن قَطَعَ رَحِمَهُ قَطَعَ اللّه ُ عَنهُ رَحمَتَهُ يَومَ يَلقاهُ، ومَن تَطَوَّعَ فيهِ بِصَلاةٍ كُتِبَ لَهُ بَراءَةٌ مِنَ النّارِ، ومَن أدّى فيهِ فَرضا كانَ لَهُ ثَوابُ مَن أدّى سَبعينَ فَريضَةً فيما سِواهُ مِنَ الشُّهورِ، ومَن أكثَرَ فيهِ مِنَ
الصَّلاةِ عَلَيَّ ثَقَّلَ اللّه ُ ميزانَهُ يَومَ تَخَفَّفُ المَوازينُ، ومَن تَلا فيهِ
آيَةً مِنَ
القُرآنِ كانَ لَهُ مِثلُ أجرِ مَن خَتَمَ القُرآنَ في غَيرِهِ مِنَ الشُّهورِ. أيُّهَا النّاسُ، إنَّ أبوابَ الجِنانِ في هذَا الشَّهرِ مُفَتَّحَةٌ، فَاسأَلوا رَبَّكُم ألاّ يُغلِقَها عَلَيكُم، وأبوابَ النّيرانِ مُغَلَّقَةٌ فَاسأَلوا رَبَّكُم ألاّ يَفتَحَها عَلَيكُم،
وَالشَّياطينَ مَغلولَةٌ فَاسأَلوا رَبَّكُم ألاّ يُسَلِّطَها عَلَيكُم».
قالَ
أميرُ المُؤمِنينَ (علیهالسّلام): فَقُمتُ فَقُلتُ: يا رَسولَ اللّه، ما أفضَلُ الأَعمالِ في هذا الشَّهرِ؟ فَقالَ: «يا أبَا الحَسَنِ، أفضَلُ الأَعمالِ في هذَا الشَّهرِ
الوَرَعُ عَن مَحارِمِ اللّه ِ عز و جل». ثُمَّ بَكى، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللّه ِ، ما يُبكيكَ؟ فَقالَ: «يا عَلِيُّ، أبكي لِما يُستَحَلُّ مِنكَ في هذَا الشَّهرِ، كَأَنّي بِكَ وأنتَ تُصَلّي لِرَبِّكَ، وقَدِ انبَعَثَ أشقَى الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ، شَقيقُ عاقِرِ ناقَةِ ثَمودَ، فَضَرَبَكَ ضَربَةً عَلى فَرقِكَ (قَرنِكَ) فَخَضَّبَ مِنها لِحيَتَكَ». قالَ أميرُ المُؤمِنينَ (علیهالسّلام): فَقُلتُ: يا رَسولَ اللّه ِ وذلِكَ في سَلامَةٍ مِن ديني؟ فَقالَ: «في سَلامَةٍ مِن دينِكَ». ثُمَّ قالَ (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم): «يا عَلِيُّ، مَن قَتَلَكَ فَقَد قَتَلَني، ومَن أبغَضَكَ فَقَد أبغَضَني، ومَن سَبَّكَ فَقَد سَبَّني؛ لِأَنَّكَ مِنّي كَنَفسي، وَروحُكَ مِن روحي، وَطينَتُكَ مِن طينَتي. إنَّ اللّه َ ـ تَبارَكَ وَتَعالى ـ خَلَقَني وإيّاكَ، وَاصطَفاني وَإيّاكَ، وَاختارَني لِلنُّبُوَّةِ وَاختارَكَ
لِلإِمامَةِ، وَمَن أنكَرَ إمامَتَكَ فَقَد أنكَرَني نُبُوَّتي. يا عَلِيُّ، أنتَ وَصِيِّي، وأبو وُلدي، وزَوجُ ابنَتي، وخَليفَتي عَلى اُمَّتي في حَياتي وبَعدَ مَوتي، أمرُكَ أمري ونَهيُكَ نَهيي. اُقسِمُ بِالَّذي بَعَثَني بِالنُّبُوَّةِ وجَعَلَني خَيرَ البَرِيَّةِ، إنَّكَ لَحُجَّةُ اللّه ِ عَلى خَلقِهِ، وأمينُهُ عَلى سِرِّهِ، وَخَليفَتُهُ عَلى عِبادِهِ»
.
الإمام الباقر (علیهالسّلام): خَطَبَ رسول اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) النّاسَ في آخِرِ جُمُعَةٍ مِن
شَعبانَ، فَحَمِدَ اللّه َ وأثنى عَلَيهِ، ثُمَّ قالَ: «أيُّهَا النّاسُ، قَد أظَلَّكُم شَهرٌ فيهِ لَيلَةٌ خَيرٌ مِن ألفِ شَهرٍ، وهُوَ
شَهرُ رَمَضانَ؛ فَرَضَ اللّه ُ عز و جل صِيامَهُ، وجَعَلَ قِيامَ لَيلِهِ نافِلَةً، فَمَن تَطَوَّعَ بِصَلاةِ لَيلَةٍ فيهِ كانَ كَمَن تَطَوَّعَ بِسَبعينَ لَيلَةً فيما سِواهُ مِنَ الشُّهورِ، وجَعَلَ لِمَن تَطَوَّعَ فيهِ بِخَصلَةٍ مِن خِصالِ الخَيرِ وَالبِرِّ كَأَجرِ مَن أَدّى فَريضَةً مِن فَرائِضِ اللّه ِ تَعالى، ومَن أدّى فيهِ فَريضَةً مِن فَرائِضِ اللّه ِ تَعالى كانَ كَمَن أدّى سَبعينَ فَريضَةً مِن فَرائِضِ اللّه ِ تَعالى فيما سِواهُ مِنَ الشُّهورِ. وهُوَ شَهرُ
الصَّبرِ، وإنَّ الصَّبرَ ثَوابُهُ
الجَنَّةُ، وهُوَ شَهرُ المُواساةِ، وهُوَ شَهرٌ يَزيدُ اللّه ُ في
رِزقِ المُؤمِنِ فيهِ، ومَن فَطَّرَ فيهِ مُؤمِنا صائِما كانَ لَهُ عِندَ اللّه ِ بِذلِكَ عِتقُ رَقَبَةٍ ومَغفِرَةٌ لِذُنوبِهِ فيما مَضَى». فَقيلَ: يا رَسولَ اللّه ِ، لَيسَ كُلُّنا يَقدِرُ عَلى أن يُفَطِّرَ صائِما ! فَقالَ: «إنَّ اللّه َ كَريمٌ يُعطي هذَا
الثَّوابَ لِمَن لا يَقدِرُ إلاّ عَلى مَذقَةٍ (المذقة: الشربة من اللبن، والمذيق: اللبن الممزوج بالماء
) مِن لَبَنٍ يُفَطِّرُ بِها صائِما، أو شَربَةِ ماءٍ عَذبٍ، أو تَمَراتٍ، لا يَقدِرُ عَلى أكثَرَ مِن ذلِكَ. ومَن خَفَّفَ فيهِ عَن مَملوكِهِ خَفَّفَ اللّه ُ عَنهُ حِسابَهُ. وهُوَ شَهرٌ أوَّلُهُ رَحمَةٌ، وأوسَطُهُ مَغفِرَةٌ، وآخِرُهُ الإِجابَةُ وَالعِتقُ مِنَ النّارِ. ولا غِنى بِكُم عَن أربَعِ خِصالٍ: خَصلَتانِ تُرضونَ اللّه َ عز و جل بِهِما، وخَصلَتانِ لاغِنى بِكُم عَنهُما، فَأَمَّا اللَّتانِ تُرضونَ اللّه َ عز و جل بِهِما: فَشَهادَةُ أن لا إلهَ إلاَّ اللّه ُ، وأنَّني رَسولُ اللّه ِ. وأمَّا اللَّتانِ لا غِنى بِكُم عَنهُما: فَتَسأَلونَ اللّه َ فيهِ حَوائِجَكُم وَالجَنَّةَ، وتَسأَلونَ اللّه َ العافِيَةَ، وتَعوذونَ بِاللّه ِ مِنَ النّارِ»
.
عَن
رسول اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) أنَّهُ خَطَبَ النّاسَ آخِرَ يَومٍ مِن شَعبانَ، فَقالَ: «أيُّهَا النّاسُ، إنَّهُ قَد أظَلَّكُم (أي أقبل عليكم ودنا منكم، كأنّه ألقى عليكم ظِلّه
) شَهرٌ عَظيمٌ، شَهرٌ مُبارَكٌ، شَهرٌ فيهِ لَيلَةٌ العَمَلُ فيها خَيرٌ مِنَ العَمَلِ في ألفِ شَهرٍ. مَن تَقَرَّبَ فيهِ بِخَصلَةٍ مِن خِصالِ الخَيرِ كانَ كَمَن أدّى فَريضَةً فيما سِواهُ، ومَن أدّى فيهِ فَريضَةً كانَ كَمَن أدّى سَبعينَ فَريضَةً فيما سِواهُ. وهُوَ شَهرُ الصَّبرِ؛ وَالصَّبرُ ثَوابُهُ الجَنَّةُ، وشَهرُ المُواساةِ، شَهرٌ يُزادُ فيهِ في رِزقِ المُؤمِنِ؛ مَن فَطَّرَ فيهِ صائِما كانَ لَهُ مَغفِرَةٌ لِذُنوبِهِ وعِتقُ رَقَبَتِهِ مِنَ النّارِ، وكانَ لَهُ مِثلُ أجرِهِ مِن غَيرِ أن يَنقُصَ مِن أجرِهِ شَيءٌ». فَقالَ بَعضُ القَومِ: يا رَسولَ اللّه ِ، لَيسَ كُلُّنا يَجِدُ ما يُفَطِّرُ الصّائِمَ! فَقالَ (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم): «يُعطِي اللّه ُ هذَا الثَّوابَ مَن فَطَّرَ صائِما عَلى مَذقَةِ لَبَنٍ أو تَمرَةٍ أو شَربَةِ ماءٍ، ومَن أشبَعَ صائِما سَقاهُ اللّه ُ مِن حَوضي شَربَةً لا يَظمَأُ بَعدَها. وهُوَ شَهرٌ أوَّلُهُ رَحمَةٌ، وأوسَطُهُ مَغفِرَةٌ، وآخِرُهُ عِتقٌ مِنَ النّارِ؛ مَن خَفَّفَ عَن مَملوكِهِ فيهِ غَفَرَ اللّه ُ لَهُ وأعتَقَهُ مِنَ النّارِ. وَاستَكثِروا فيهِ مِن أربَعِ خِصالٍ؛ خَصلَتانِ تُرضونَ بِهِما رَبَّكُم، وخَصلَتانِ لا غِنى بِكُم عَنهُما، فَأَمَّا الخَصلَتانِ اللَّتانِ تُرضونَ بِهِما رَبَّكُم: فَشَهادَةُ أن لا إلهَ إلاَّ اللّه ُ، وتَستَغفِرونَهُ، وأمَّا اللَّتانِ لا غِنى بِكُم عَنهُما: فَتَسأَلونَ اللّه َ الجَنَّةَ، وتَعوذونَ بِهِ مِنَ النّارِ»
.
الإمام الباقر (علیهالسّلام): قالَ رَسولُ اللّه ِ (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) لَمّا حَضَرَ شَهرُ رَمَضانَ وذلِكَ في ثَلاثٍ بَقينَ مِن شَعبانَ، قالَ
لِبِلالٍ: «نادِ فِي النّاسِ»، فَجَمَعَ النّاسَ، ثُمَّ صَعِدَ
المِنبَرَ فَحَمِدَ اللّه َ وأثنى عَلَيهِ، ثُمَّ قالَ: «أيُّهَا النّاسُ، إنَّ هذَا الشَّهرَ قَد خَصَّكُمُ اللّه ُ بِهِ وحَضَرَكُم، وهُوَ سَيِّدُ الشُّهورِ، لَيلَةٌ فيهِ خَيرٌ مِن ألفِ شَهرٍ، تُغَلَّقُ فيهِ أبوابُ النّارِ وتُفَتَّحفيهِ أبوابُ الجِنانِ؛ فَمَن أدرَكَهُ ولَم يُغفَر لَهُ فَأَبعَدَهُ اللّه ُ، ومَن أدرَكَ والِدَيهِ ولَم يُغفَر لَهُ فَأَبعَدَهُ اللّه ُ، ومَن ذُكِرتُ عِندَهُ فَلَم يُصَلِّ عَلَيَّ فَلَم يَغفِرِ اللّه ُ لَهُ فَأَبعَدَهُ اللّه ُ»
.
لإمام عليّ (علیهالسّلام): لَمّا حَضَرَ شَهرُ رَمَضانَ قامَ رَسولُ اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) فَحَمِدَ اللّه َ وأثنى عَلَيهِ، ثُمَّ قالَ: «أيُّهَا النّاسُ، كَفاكُمُ اللّه ُ عَدُوَّكُم مِنَ
الجِنِّ وَالإِنسِ، وقالَ: «ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ»
ووَعَدَكُمُ
الإِجابَةَ، ألا وأبوابُ السَّماءِ مُفَتَّحَةٌ مِن أوَّلِ لَيلَةٍ مِنهُ، ألا وَالدُّعاءُ فيهِ مَقبولٌ
.
رسول اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم): إنَّ بَينَ شَعبانَ وشَوّالٍ شَهرَ رَمَضانَ الَّذي اُنزِلَ فيهِ القُرآنُ، وهُوَ شَهرُ اللّه ِ تَعالى ذِكرُهُ، وهُوَ شَهرُ البَرَكَةِ، وهُوَ شَهرُ المَغفِرَةِ، وهُوَ شَهرُ الرَّحمَةِ، وهُوَ شَهرُ
التَّوبَةِ، وهُوَ شَهرُ الإِنابَةِ، وهُوَ شَهرُ قِراءَةِ القُرآنِ، وهُوَ شَهرُ
الاِستِغفارِ، وهُوَ شَهرُ الصِّيامِ، وهُوَ شَهرُ الدُّعاءِ، وهُوَ شَهرُ العِبادَةِ، وهَوُ شَهرُ الطّاعَةِ، وهُوَ شَهرُ العِتقِ مِنَ النّارِ وَالفَوزِ بِالجَنَّةِ. مَن لَم يُغفَر لَهُ في شَهرِ رَمَضانَ لَم يُغفَر لَهُ إلى قابِلٍ، فَأَيُّكُم مُتَّثِقٌ (يَثِقُ) بِبُلوغِ شَهرِ رَمَضانَ قابِلٍ؟! صوموهُ صِيامَ مَن يَرى أنَّهُ لا يَصومُ بَعدَهُ أبَدا؛ فَكَم مِن صائِمٍ لَهُ عاما أوَّلَ أمسى عامَكُم هذا فِي
القَبرِ مَدفونا، وأصبَحفِي التُّرابِ وَحيدا فَريدا ! يُنَبِّهُكُمُ اللّه ُ مِن رَقدَةِ الغافِلينَ، وغَفَرَ لَنا ولَكُم يَومَ الدّينِ
.
الإمام عليّ (علیهالسّلام) -كانَ إذا جاءَ شَهرُ رَمَضانَ خَطَبَ النّاسَ قائ-: إنَّ هذَا الشَّهرَ المُبارَكَ الَّذِي افتَرَضَ اللّه ُ صِيامَهُ ولَم يَفتَرِض قِيامَهُ قَد أتاكُم. ألا إنَّ
الصَّومَ لَيسَ مِنَ
الطَّعامِ وَالشَّرابِ وَحدَهُما، ولكِن مِنَ اللَّغوِ
وَالكَذِبِ وَالباطِلِ.
الإمام الباقر عن آبائه (علیهمالسّلام): خَطَبَ أميرُ المُؤمِنينَ (علیهالسّلام) في أوَّلِ يَومٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ في
مَسجِدِ الكوفَةِ، فَحَمِدَ اللّه َ بِأَفضَلِ الحَمدِ وأشرَفِها وأبلَغِها، وأثنى عَلَيهِ بِأَحسَنِ الثَّناءِ، وصَلّى عَلى مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم)، ثُمَّ قالَ: «أيُّهَا النّاسُ، إنَّ هذَا الشَّهرَ شَهرٌ فَضَّلَهُ اللّه ُ عَلى سائِرِ الشُّهورِ كَفَضلِنا
أهلَ البَيتِ عَلى سائِرِ النّاسِ؛ وهُوَ شَهرٌ يُفَتَّحفيهِ أبوابُ السَّماءِ وأبوابُ الرَّحمَةِ، ويُغَلَّقُ فيهِ أبوابُ النِّيرانِ؛ وهُوَ شَهرٌ يُسمَعُ فيهِ النِّداءُ، ويُستَجابُ فيهِ الدُّعاءُ، ويُرحَمُ فيهِ
البُكاءُ؛ وهُوَ شَهرٌ فيهِ لَيلَةٌ نَزَلَتِ
المَلائِكَةُ فيها مِنَ السَّماءِ؛ فَتُسَلِّمُ عَلَى الصّائِمينَ وَالصّائِماتِ بِإِذنِ رَبِّهِم إلى مَطلَعِ الفَجرِ، وهِيَ
لَيلَةُ القَدرِ؛ قُدِّرَ فيها وِلايَتي قَبلَ أن خُلِقَ
آدَمُ (علیهالسّلام) بِأَلفَي عامٍ، صِيامُ يَومِها أفضَلُ مِن صِيامِ ألفِ شَهرٍ، وَالعَمَلُ فيها أفضَلُ مِنَ العَمَلِ في ألفِ شَهرٍ. أيُّهَا النّاسُ، إنَّ شُموسَ شَهرِ رَمَضانَ لَتَطلُعُ عَلَى الصّائِمينَ وَالصّائِماتِ، وإنَّ أقمارَهُ لَيَطلُعُ (القياس أن يقال: «لَتَطلُعُ».) عَلَيهِم بِالرَّحمَةِ، وما مِن يَومٍ ولَيلَةٍ مِنَ الشَّهرِ إلاّ وَالبِرُّ مِنَ اللّه ِ تَعالى يَتَناثَرُ مِنَ السَّماءِ عَلى هذِهِ الاُمَّةِ، فَمَن ظَفِرَ مِن نِثارِ اللّه ِ بِدُرَّةٍ كَرُمَ عَلَى اللّه ِ يَومَ يَلقاها، وما كَرُمَ عَبدٌ عَلَى اللّه ِ إلاّ جَعَلَ الجَنَّةَ مَثواهُ. عِبادَ اللّه ِ، إنَّ شَهرَكُم لَيسَ كَالشُّهورِ؛ أيّامُهُ أفضَلُ الأَيّامِ، ولَياليهِ أفضَلُ اللَّيالي، وساعاتُهُ أفضَلُ السّاعاتِ؛ هُوَ شَهرٌ الشَّياطينُ فيهِ مَغلولَةٌ مَحبوسَةٌ؛ هُوَ شَهرٌ يَزيدُ اللّه ُ فيهِ الأَرزاقَ وَالآجالَ، ويَكتُبُ فيهِ وَفدَ بَيتِهِ؛ وهُوَ شَهرٌ يُقبَلُ أهلُ
الإِيمانِ بِالمَغفِرَةِ وَالرِّضوانِ، وَالرَّوح وَالرَّيحانِ، ومَرضاةِ المَلِكِ الدَّيّانِ. أيُّهَا الصّائِمُ، تَدَبَّر أمرَكَ؛ فَإِنَّكَ في شَهرِكَ هذا ضَيفُ رَبِّكَ، اُنظُر كَيفَ تَكونُ في لَيلِكَ ونَهارِكَ؟ وكَيفَ تَحفَظُ جَوارِحَكَ عَن مَعاصي رَبِّكَ؟ اُنظُر ألاّ تَكونَ بِاللَّيلِ نائِما وبِالنَّهارِ غافِلاً؛ فَيَنقَضِيَ شَهرُكَ وقَد بَقِيَ عَلَيكَ وِزرُكَ؛ فَتَكونَ عِندَ استيفاءِ الصّائِمينَ اُجورَهُم مِنَ الخاسِرينَ، وعِندَ فَوزِهِم بِكَرامَةِ مَليكِهِم مِنَ المَحرومينَ، وعِندَ سَعادَتِهِم بِمُجاوَرَةِ رَبِّهِم مِنَ المَطرودينَ. أيُّهَا الصّائِمُ، إن طُرِدتَ عَن بابِ مَليكِكَ فَأَيَ بابٍ تَقصِدُ؟ وإن حَرَمَكَ رَبُّكَ فَمَن ذَا الَّذي يَرزُقُكَ؟ وإن أهانَكَ فَمَن ذَا الَّذي يُكرِمُكَ؟ وإن أذَلَّكَ فَمَن ذَا الَّذي يُعِزُّكَ؟ وإن خَذَلَكَ فَمَن ذَا الَّذي يَنصُرُكَ؟ وإن لَم يَقبَلكَ في زُمرَةِ عَبيدِهِ فَإِلى مَن تَرجِعُ بِعُبودِيَّتِكَ؟ وإن لَم يُقِلكَ عَثرَتَكَ فَمَن تَرجو لِغُفرانِ ذُنوبِكَ؟ وإن طالَبَكَ بِحَقِّهِ فَماذا يَكونُ حُجَّتُكَ؟ أيُّهَا الصّائِمُ، تَقَرَّب إلَى اللّه ِ بِتِلاوَةِ كِتابِهِ في لَيلِكَ ونَهارِكَ؛ فَإِنَّ
كِتابَ اللّه ِ شافِعٌ مُشَفَّعٌ يَشفَعُ يَومَ القِيامَةِ لِأَهلِ تِلاوَتِهِ، فَيَعلونَ
دَرَجاتِ الجَنَّةِ بِقِراءَةِ آياتِهِ. بَشِّر أيُّهَا الصّائِمُ ! فَإِنَّكَ في شَهرٍ صِيامُكَ فيهِ مَفروضٌ، ونَفَسُكَ فيهِ
تَسبيحٌ، ونَومُكَ فيهِ عِبادَةٌ، وطاعَتُكَ فيهِ مَقبولَةٌ، وذُنوبُكَ فيهِ مَغفورَةٌ، وأصواتُكَ فيهِ مَسموعَةٌ، ومُناجاتُكَ فيهِ مَرحومَةٌ. ولَقَد سَمِعتُ حَبيبي رَسولَ اللّه ِ (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) يَقولُ: «إنَّ للّه ِ ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ عِندَ فِطرِ كُلِّ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ عُتَقاءَ مِنَ النّارِ لا يَعلَمُ عَدَدَهُم إلاَّ اللّه ُ هُوَ في
عِلمِ الغَيبِ عِندَهُ، فَإِذا كانَ آخِرُ لَيلَةٍ مِنهُ أعتَقَ فيها مِثلَ ما أعتَقَ في جَميعِهِ». فَقامَ إلَيهِ رَجُلٌ مِن هَمدانَ فَقالَ: يا أميرَ المُؤمِنينَ، زِدنا مِمّا حَدَّثَكَ بِهِ حَبيبُكَ في شَهرِ رَمَضانَ. فَقالَ: «نَعَم، سَمِعتُ أخي وَابنَ عَمّي رَسولَ اللّه ِ (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) يَقولُ: مَن صامَ شَهرَ رَمَضانَ فَحَفِظَ فيهِ نَفسَهُ مِنَ المَحارِمِ دَخَلَ الجَنَّةَ». قالَ الهَمدانِيُ: يا أميرَ المُؤمِنينَ، زِدنا مِمّا حَدَّثَكَ بِهِ أخوكَ وَابنُ عَمِّكَ في شَهرِ رَمَضانَ. قالَ: «نَعَم، سَمِعتُ خَليلي
رسول اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) يَقولُ: مَن صامَ رَمَضانَ إيمانا وَاحتِسابا دَخَلَ الجَنَّةَ». قالَ الهَمدانِيُّ: يا أميرَ المُؤمِنينَ، زِدنا مِمّا حَدَّثَكَ بِهِ خَليلُكَ في هذَا الشَّهرِ. فَقالَ: «نَعَم، سَمِعتُ سَيِّدَ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ رَسولَ اللّه ِ (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) يَقولُ: مَن صامَ رَمَضانَ فَلَم يُفطِر في شَيءٍ مِن لَياليهِ عَلى حَرامٍ دَخَلَ الجَنَّةَ». فَقالَ الهَمدانِيُّ: يا أميرَ المُؤمِنينَ، زِدنا مِمّا حَدَّثَكَ بِهِ سَيِّدُ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ في هذَا الشَّهرِ. فَقالَ: «نَعَم، سَمِعتُ أفضَلَ الأَنبِياءِ وَالمُرسَلينَ وَالمَلائِكَةِ المُقَرَّبينَ يَقولُ: إنَّ سَيِّدَ الوَصِيِّينَ يُقتَلُ في سَيِّدِ الشُّهورِ. فَقُلتُ: يا رَسولَ اللّه ِ، وما سَيِّدُ الشُّهورِ، ومَن سَيِّدُ الوَصِيِّينَ؟ قالَ: أمّا سَيِّدُ الشُّهورِ فَشَهرُ رَمَضانَ، وأمّا سَيِّدُ الوَصِيِّينَ فَأَنتَ يا عَلِيُّ. فَقُلتُ: يا رَسولَ اللّه ِ، فَإِنَّ ذلِكَ لَكائِنٌ؟ قالَ: إي ورَبّي، إنَّهُ يَنبَعِثُ أشقى اُمَّتي شَقيقُ عاقِرِ ناقَةِ ثَمودَ، ثُمَّ يَضرِبُكَ ضَربَةً عَلى فَرقِكَ تُخضَبُ مِنها لِحيَتُكَ». فَأَخَذَ النّاسُ بِالبُكاءِ وَالنَّحيبِ. فَقَطَعَ (علیهالسّلام) خُطبَتَهُ ونَزَلَ
.
الإمام الرضا (علیهالسّلام): الحَسَناتُ في شَهرِ رَمَضانَ مَقبولَةٌ، وَالسَّيِّئاتُ فيهِ مَغفورَةٌ. مَن قَرَأَ في شَهرِ رَمَضانَ آيَةً مِن كِتابِ اللّه ِ عز و جل كانَ كَمَن خَتَمَ القُرآنَ في غَيرِهِ مِنَ الشُّهورِ، ومَن ضَحِكَ فيهِ في وَجهِ أخيهِ المُؤمِنِ لَم يَلقَهُ يَومَ القِيامَةِ إلاّ ضَحِكَ في وَجهِهِ وبَشَّرَهُ بِالجَنَّةِ، ومَن أعانَ فيهِ مُؤمِنا أعانَهُ اللّه ُ تَعالى عَلَى الجَوازِ عَلَى الصِّراطِ يَومَ تَزِلُّ فيهِ الأَقدامُ، ومَن كَفَّ فيهِ غَضَبَهُ كَفَّ اللّه ُ عَنهُ غَضَبَهُ يَومَ القِيامَةِ، ومَن نَصَرَ فيهِ مَظلوما نَصَرَهُ اللّه ُ عَلى كُلِّ مَن عاداهُ فِي الدُّنيا، ونَصَرَهُ يَومَ القِيامَةِ عِندَ الحِسابِ وَالميزانِ. شَهرُ رَمَضانَ شَهرُ البَرَكَةِ، وشَهرُ الرَّحمَةِ، وشَهرُ المَغفِرَةِ، وشَهرُ التَّوبَةِ وَالإِنابَةِ؛ مَن لَم يُغفَر لَهُ في شَهرِ رَمَضانَ فَفي أيِ شَهرٍ يُغفَرُ لَهُ؟! فَاسأَلُوا اللّه َ أن يَتَقَبَّلَ مِنكُم فيهِ الصِّيامَ، ولا يَجعَلَهُ آخِرَ العَهدِ مِنكُم، وأن يُوَفَّقَكُم فيهِ لِطاعَتِهِ ويَعصِمَكُم مِن مَعصِيَتِهِ، إنَّهُ خَيرُ مَسؤولٍ
.
مراقبات شهر رمضان، المحمدي الري شهري، الشيخ محمد، ص۶۵-۷۴.