العيوب في النكاح
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
البحث في العيوب المجوّزة للفسخ لأحد الزوجين إذا حصل منها في الآخر؛ والكلام يقع في أقسامها وأحكامها: أمّا الأول: فهي على قسمين: مشترك بينهما، ومختصّ بأحدهما، ويعرف كلّ منهما بالكلام فيها، فنقول: عيوب الرجل أربعة:
الجنون والخصاء والعنن والجب؛ وعيوب
المرأة سبعة: الجنون
والجذام والبرص والقرن والإفضاء والعمى والإقعاد؛ وفي
الرتق تردد أشبهه: ثبوته عيبا لانه يمنع
الوطء؛ ولا ترد
بالعور ولا بالزنا ولو حدت فيه، ولا
بالعرج على الاشبه.
•
عيوب الرجل في النكاح، عيوب الرجل المسلّطة لزوجته على فسخ نكاحه أربعة:
الأول:
الجنون المطبق مطلقاً، أو الأدواري الذي لا يعقل معه أوقات
الصلاة إجماعاً، كما يظهر من جماعة
. وكذا الذي يعقلها معه مطلقاً، كان قبل
العقد أو تجدّد بعده مطلقاً. على الأشهر الأظهر في الأول، بل كاد أن يكون إجماعاً، بل صرّح به بعض الأجلّة
. خلافاً لابن حمزة، فأطلق اشتراط عدم التعقّل
.
والثاني:
والخصاء بكسر الخاء مع المدّ، وهو: سلّ الأُنثيين وإخراجهما وإن أمكن
الوطء، على الأظهر الأشهر بين الأصحاب؛ للمعتبرة المستفيضة: منها
الصحيح: عن خصيّ دلّس نفسه لامرأة دخل بها فوجدته خصيّاً، قال: «يفرّق بينهما، ويوجّع ظهره، ويكون لها المهر بدخوله عليها»
، ونحوه الموثّقان
.
والثالث:
والعنن وهو على ما عرّفه الأصحاب كما حكي: مرض يعجز معه عن
الإيلاج؛ لضعف الذكر عن الانتشار. من دون تقييد بعدم إرادة النساء، وربما يوجد في كلام بعض أهل اللغة
اعتباره. وثبوت الفسخ به في الجملة محلّ وفاق بين
الطائفة، حكاه جماعة
؛ للمعتبرة المستفيضة: منها الصحيح: «العنّين يتربّص به سنة، ثم إن شاءت امرأته تزوّجت، وإن شاءت أقامت»
.
والصحيح: عن امرأة ابتلى زوجها، فلم يقدر على
الجماع، أتفارقه؟ قال: «نعم، إن شاءت»
ونحوه بعينه غيره
.
والرابع:
والجب وهو: قطع الذكر كلاًّ، أو بعضاً لا يبقى معه قدر الحشفة، ولو بقي فلا خيار إجماعاً. وثبوت الخيار به مشهور بين الأصحاب، بل كاد أن يكون إجماعاً، وعن
المبسوط والخلاف نفي الخلاف عنه
؛ وهو
الحجّة فيه.
•
عيوب المرأة في النكاح، وأمّا عيوب
المرأة فهي سبعة: وفاقيّة وخلافيّة؛ فمن الأول،
الجنون والجذام والبرص والقرن والإفضاء؛ ومن الثاني،
العمى والإقعاد. وفي
الرتق تردد أشبهه: ثبوته عيبا لأنه يمنع
الوطء. ولا ترد
بالعور ولا
بالزنا ولو حدت فيه، ولا
بالعرج على الأشبه
.
وأمّا الأحكام المتعلّقة بالعيوب فمسائل سبع:
لا يفسخ النكاح بالعيب المتجدّد بعد الدخول مطلقاً، في امرأة كان أو رجل.
وفي العيب المتجدّد بعد العقد تردّد، عدا العنن فلا تردّد له فيه كما يأتي.
وقيل: تفسخ المرأة بجنون الرجل المستغرق لأوقات الصلاة وإن
تجدّد بعد العقد مطلقاً، ومضى تفصيل الكلام في ذلك ذيل كلّ عيب، ويظهر منه أنّ
إطلاق العبارة ليس في محلّه، بل الأجود ما قدّمناه.
الثانية:
الخيار على الفور بلا خلاف، بل عليه الإجماع كما حكاه جماعة
؛ وهو الحجّة فيه، لا الاقتصار في الخروج عن أصالة اللزوم على القدر المتيقّن؛ لانعكاس
الأصل بثبوت الخيار واقتضائه بقاءه، مع اعتضاده بإطلاق النصوص، نعم في بعضها ما يدلّ على السقوط بالدخول
، ولكنّه غير الفوريّة، فتدبّر.
وكيف كان، فلو أخّر مَن إليه الفسخ مختاراً مع علمه بها، بطل خياره، سواء الرجل والمرأة.
ولو جهل الخيار أو الفوريّة، فالأقوى أنّه عذر؛ للأصل، والإطلاقات، مع انتفاء المخصِّص لهما؛ بناءً على اختصاص الإجماع الذي هو العمدة في التخصيص بغيره، فيختار بعد العلم على الفور.
وكذا لو نسيهما، أو مُنِع منه بالقبض على فيه، أو التهديد على وجهٍ يعدّ إكراهاً، فالخيار بحاله إلى زوال المانع؛ ثم يعتبر الفوريّة حينئذ.
الثالثة: الفسخ فيه أي
العيب بأنواعه ليس طلاقاً شرعيّاً إجماعاً ونصّاً؛ لوقوع التصريح به في الصحيح
وغيره
، فلا يعتبر فيه ما يعتبر في
الطلاق، ولا يعدّ في الثلاث ولا يطّرد معه تنصيف
المهر وإن ثبت في بعض موارده كما يأتي.
الرابعة: لا يفتقر الفسخ بالعيوب الثابتة عندهما في أيّهما كانت إلى الحاكم على الأظهر الأشهر، بل كاد أن يكون إجماعاً؛ للأصل، وإطلاق النصوص، مع انتفاء المخرج عنهما.
خلافاً
للإسكافي والطوسي؛ وهو شاذّ.
ولكن يفتقر إليه في العنن لضرب الأجل وتعيينه، لا فسخها بعده، بل تستقلّ به حينئذ.
الخامسة: إذا فسخ الزوج قبل الدخول فلا مهر عليه للزوجة إجماعاً؛ للأصل، والنصوص:
منها الصحيح: «وإن لم يكن دخل بها فلا
عدّة لها ولا مهر لها»
، ونحوه الصحيح الآتي.
وفي
الخبر: «ولو أنّ رجلاً تزوّج امرأة، أو زوّجها رجل لا يعرف دخيلة أمرها، لم يكن عليه شيء، وكان المهر يأخذه منها»
.
وأمّا لو فسخ بعده، فلها
المسمّى على الأشهر الأظهر؛ لإطلاق النصوص:
منها الصحيح: في رجل تزوّج امرأة من وليّها، فوجد بها عيباً بعد ما دخل بها، قال: فقال: «إذا دلّست العفلاء والبرصاء والمجنونة والمفضاة ومن كان بها زمانة ظاهرة فإنّها تردّ على أهلها من غير طلاق، ويأخذ الزوج المهر من وليّها الذي كان دلّسها، فإن لم يكن وليّها علم بشيء من ذلك فلا شيء عليه وتردّ إلى أهلها» قال: «وإن أصاب الزوج شيئاً ممّا أخذت منه فهو له، وإن لم يصب شيئاً فلا شيء له» الخبر
.
والصحيح: «من زوّج امرأة فيها عيب دلّسته فلم يبيّن ذلك لزوجها، فإنّه يكون لها
الصداق بما استحلّ من فرجها، ويكون الذي ساق الرجل إليها على الذي زوّجها»
ونحوهما غيرهما
.
خلافاً للشيخ، فخصّه بالفسخ بالمتجدّد بعد الدخول، وحكم بالمثل في المتجدّد قبله مطلقاً
. وهو
شاذّ، ومستنده ضعيف
واجتهاد في مقابلة
النصوص.
ويستفاد منها أنّه يرجع به أي المهر الزوج على المدلِّس وبه أفتى جماعة
مطلقاً، وليّاً كان أم غيره، حتى لو كان المدلِّس هو المرأة رجع به عليها أيضاً.
ويدلّ على الأخير بالخصوص الصحيح: في رجل ولّته امرأة أمرها أو ذات قرابة أو جار لها لا يعلم دخيلة أمرها، فوجدها قد دلّست عيباً هو بها، قال: «يؤخذ المهر منها، ولا يكون على الذي زوّجها شيء»
وقريب منه الخبر الذي مرّ قريباً.
ويستفاد منهما الرجوع بالمهر إليها مطلقاً من دون استثناء شيء مطلقاً، وبه صرّح جماعة
، وهو أقوى.
خلافاً للمحكيّ عن الأكثر، فاستثنوا منه شيئاً، أمّا مهر أمثالها كما عن الإسكافي
، أو أقلّ ما يتموّل كما عن الأكثر
؛ لئلاّ يخلو
البضع عن
العوض، وهو
الأحوط وإن كان في تعيينه نظر.
وعليه، فالأصل ولزوم الاقتصار في مخالفة النصوص الحاكمة بالرجوع إلى الجميع على القدر الذي يندفع به الضرر يقتضي المصير إلى ما قدّره الأكثر، وتعليل الاستثناء يقتضي المصير إلى ما قدّره الإسكافي، وهو الأحوط.
ثم إنّ إطلاق إثبات المهر لها والحكم بالرجوع به إلى المدلِّس يقتضي ثبوته حيث لا مدلِّس، وهو كذلك؛ وربما دلّت عليه النصوص المتقدّمة الحاكمة بأنّ لها المهر بما استحلّ من فرجها، وهي كالمنصوص العلّة في الحكم كما لا يخفى، ومقتضاها ثبوت المسمّى لا المثل ظاهراً.
وإذا فسخت الزوجة قبل الدخول بها فلا مهر لها بلا خلاف؛ لمجيء الفسخ من قبلها إلاّ في العَنَن فلها ذلك على الأشهر الأقوى كما يأتي.
ولو كان الفسخ بعده أي الدخول فلها المسمّى إجماعاً؛ لاستقراره بالدخول، ولا صارف عنه إلاّ الفسخ، وهو غير معلوم الصلوح لذلك.
ولو فسخت الزوجة
النكاح بالخصاء فالأشهر الأقوى أنّه يثبت لها المهر كملاً مع الخلوة بها والدخول؛ لما مضى من النصوص فيه، وإطلاقها كإطلاق العبارة يقتضي ثبوت الجميع بمجرّد الخلوة وإن لم يدخل بها.
وفي
الرضوي: «وإن تزوّجها خصي وقد دلّس نفسه لها وهي لا تعلم فرّق بينهما، ويوجّع ظهره كما دلّس نفسه، وعليه نصف الصداق، ولا عدّة عليها منه»
وإطلاقه يقتضي التنصيف مطلقاً.
وربما يجمع بينهما بحمل الأول على صورة الدخول، والثاني على العدم. وهو حسن؛ للصحيح المفصِّل المرويّ عن
قرب الإسناد: عن خصيّ دلّس نفسه لامرأة، ما عليه؟ قال: «يوجع ظهره ويفرّق بينهما وعليه
المهر كاملاً إن دخل بها، وإن لم يدخل بها فعليه نصف المهر»
.
لكن القول به غير معروف؛ لأنّهم ما بين مصرّح بثبوت الجميع بالخلوة مطلقاً كما عن
الشيخ وأكثر
الأصحاب ومثبت للنصف خاصّة كذلك كما عن
الصدوقين عملاً بإطلاق الرضوي المتقدّم، ونافٍ للحكم من أصله كما عن
الحلّي للأصل. فالقول به مشكل.
وينبغي القطع بثبوت الجميع بالدخول؛ لاستقراره به، مع عدم الخلاف فيه في الظاهر، والنصف مع عدمه إن خلا بها؛ للوفاق من العاملين بالنصوص عليه حينئذ، ويبقى
الشكّ في النصف الآخر،
والاحتياط فيه لا يترك.
وقد ظهر من النصوص الدلالة على أنّه يعزَّر؛ لمكان
التدليس.
السادسة: لو ادّعت عنَنَه أو غيره فأنكر، فالقول قوله مع يمينه للأُصول السليمة عن المعارض، فإن حلف استقرّ النكاح، وإن نكل عنه وعن ردّه إليها ثبت العيب لو حُكِم به، وإلاّ رُدَّت
اليمين على المرأة، فإن حلفت ثبت العيب. وليس لها ذلك إلاّ مع العلم به بممارستها له، على وجه يحصل لها ذلك بتعاضد القرائن الموجبة له.
وأمّا اختباره بجلوسه في الماء البارد، فإن استرخى ذكره فهو عنّين، وإن تشنّج فليس به كما عن ابني بابويه
وابن حمزة، وذكره الأطبّاء، وبه
رواية مرسلة في
الفقيه والرضوي
فلم يعتبره المتأخّرون؛ زعماً منهم عدم النصّ لذلك، وليس كذلك.
وفي المرسل: أنّه يختبر بإطعامه السمك الطريّ ثلاثة أيّام، ثم يقال له: بُل على الرماد، فإن ثقب بوله الرماد فليس بعنّين، وإن لم يثقب بوله الرماد فهو عنّين
. وظاهر الفقيه العمل به؛ لروايته له فيه.
ومع ثبوته أي العنن يثبت لها الخيار فيما إذا سبق
العقد إجماعاً.
وكذا لو كان متجدّداً بعده: مطلقاً على قول
المفيد وجماعة
؛ لإطلاق النصوص.
ومقيّداً بقبليّة الدخول، كما عن الأكثر
، بل عن
ابن زهرة عليه الإجماع
، وهو الأظهر؛ للأصل، واختصاص النصوص بحكم
التبادر بغير محلّ الفرض، والخبرين:
أحدهما
الموثّق: «إذا تزوّج الرجل امرأة، فوقع عليها مرّة ثم أعرض عنها، فليس لها الخيار، فلتصبر فقد ابتُليت، وليس لأُمّهات الأولاد ولا للإماء ما لم يمسّها من الدهر إلاّ مرّة واحدة خيار»
.
ونحوه الثاني
، وضعفه كقصور الأول منجبر بالأصل والشهرة والإجماع المحكي، فلا وجه للتوقّف في المسألة.
ثم مقتضى الأصل، واختصاص العنّين المطلق في الأخبار بحكم التبادر بالعاجز عن النساء مطلقاً، توقُف الخيار على ما إذا عجز عن وطئها قبلاً ودبراً، وعن وطء غيرها وهو الأشهر بين أصحابنا؛ وينصّ عليه الخبر: في العنّين «إذا علم أنّه عنّين لا يأتي النساء فرّق بينهما»
ونحوه آخر
، وقصور السندين بالشهرة قد انجبر، مضافاً إلى ما مرّ.
خلافاً للمحكيّ عن المفيد، فلم يشترط العجز عن غيرها، واكتفى بالعجز عنها
؛ لظاهر الصحيح: «إذا ذكرت أنّها عذراء فعلى
الإمام أن يؤجّله سنة، فإن وصل إليها، وإلاّ فرّق بينهما»
إذ مقتضاه الاكتفاء في الفسخ بعجزه عن وطئها وإن لم يعلم عجزه عن وطء غيرها، وفيه نظر.
ولو ادّعى
الوطء قبلاً أو دبراً منها أو من غيرها فأنكرت ذلك فالقول قوله مع يمينه مطلقاً كان الدعوى قبل ثبوت العُنَّة، أو بعده على الأشهر.
وهو الأظهر في الأول؛ لرجوع الدعوى إلى إنكار العُنَّة، وللصحيح: «إذا تزوّج الرجل المرأة التي قد تزوّجت زوجاً غيره، فزعمت أنّه لم يقربها منذ دخل بها، فإنّ القول في ذلك قول الرجل، وعليه أن يحلف بالله لقد جامعها؛ لأنّها المدّعية» قال: «فإن تزوّجها وهي
بكر، فزعمت أنّه لم يصل إليها، فإنّ مثل هذا يعرف النساء، فلينظر إليها من يوثق به منهن، فإذا ذكرت أنّها عذراء فعلى الإمام أن يؤجّله سنة، فإن وصل إليها، وإلاّ فرّق بينهما، وأُعطيت نصف الصداق، ولا عدّة عليها»
.
والرضوي: «وإذا ادّعت أنّه لا يجامعها عنّيناً كان أو غير عنّين فيقول الرجل: إنّه قد جامعها، فعليه اليمين، وعليها البيّنة؛ لأنّها المدّعية»
.
ومشكل في الثاني؛ لكونه فيه مدّعياً زوال ما ثبت، فلا يلائم قبول قوله، وعُلِّل بأحد أمرين:
إمّا لعدم معلوميّة الفعل إلاّ من قَبله، فيقبل قوله فيه، كدعوى المرأة انقضاء عدّتها بالأقراء.
وإمّا لعدم ثبوت العُنَّة قبل مضيّ السنة، وإنّما الثابت العجز الذي يمكن معه العُنَّة وعدمها، ولذا يؤجّل سنة، لينظر أيقدر على الوطء أم لا، فإن قدر فلا عُنَّة، وإلاّ ثبت فيرجع دعواه إلى إنكارها، فيصير كالأول
.
وهو حسن إن تمّ كلّية الكبرى بإجماعٍ ونحوه في الأول، وصحّ دعوى كون التأجيل سنة لأجل إثبات العُنَّة. ولا بُدّ من التأمّل فيهما، سيّما الأخير.
وربما احتجّ
له أيضاً بإطلاق الصحيح، والتبادر مع التعليل فيه يقتضيان اختصاص الحكم بالأول.
ثم إنّ مقتضاه اختصاص الحكم بالثيّبة، ولزوم العمل بشهادة النساء في الباكرة، وهو ينافي إطلاق الأكثر، كالعبارة وعبارة الرضوي المتقدّمة.
وينبغي العمل عليه فيما لو ادّعى وطء قبلها ولا فيما عداه، بل ينبغي حينئذٍ قبول قوله مع
اليمين؛ لموافقته الأصل، وعدم الوطء في القبل على تقدير ثبوت
البكارة لا يستلزم
العنن؛ لإمكان وطئه الدبر أو قبل غيرها، ومعه لا عُنَّة على الأشهر الأقوى كما مضى.
وبهذا صرّح بعض الأصحاب
، وهو حسن لولا الرضوي المطلق المعتضد بعمل الأصحاب، فلا يعارضه ذيل الصحيح.
نعم، عليه جماعة من قدماء الأصحاب، لكن في البكر خاصّة
.. وحكموا في
الثيّب مع دعواه الوطء في قبلها بحشو الخَلُوق
في قبلها، ثم أمره بوطئها، فإن خرج على ذكره صدق، وإلاّ فلا؛ للإجماع المحكيّ في
الخلاف. وهو موهون بمصير الأكثر إلى الخلاف.
والخبرين، أحدهما المرسل: عن رجل تدّعي عليه امرأته أنّه عنّين، وينكر الرجل، قال: «تحشوها القابلة بالخَلُوق ولا يعلم الرجل، ويدخل عليها الرجل، فإن خرج وعلى ذكره الخَلُوق صدق وكذبت، وإلاّ صدقت وكذب»
ونحوه الثاني
.
وهما مع قصور سندهما زيادة على الإرسال في الأول ضعيفا الدلالة؛ لظهورهما في الحكم مع عدم ثبوت العُنَّة، والجماعة كما حكي عنهم خصّوه ببعد الثبوت، وظاهر الحكاية موافقة الجماعة للأكثر في تقديم قول الرجل مع اليمين مع عدم ثبوت العُنَّة؛ ومع ذلك فليسا كالإجماع المتقدّم يعارضان المعتبرين اللذين مضيا، فتأمّل جدّاً.
السابعة: إن صبرت الزوجة مع العنن بعد ثبوته بإحدى الطرق السابقة من دون مرافعة إلى الحاكم فلا بحث في لزوم العقد؛ لفوريّة المرافعة، كما صرّح به الشيخ
وجماعة
.
وإن لم تصبر، بل رفعت أمرها إلى الحاكم، أجّلها سنة ابتداؤها من حين الترافع بلا خلاف؛ للمرويّ في قرب الإسناد عن
عليّ (علیهالسّلام): «أنّه كان يقضي في العنّين أنّه يؤجّل سنة من يوم مرافعة المرأة»
.
فإن عجز عنها مطلقاً وعن غيرها كذلك فلها الفسخ ونصف المهر على الأشهر الأظهر مطلقاً؛ للصحيح المتقدّم، وفيه التأجيل وتنصيف المهر، ونحوه في الأول الآخر: «العنّين يتربّص به سنة، ثم إن شاءت امرأته تزوّجت، وإن شاءت أقامت»
مضافاً إلى الإجماعات المحكيّة في كلام جماعة
فيه.
خلافاً للإسكافي في الموضعين، فنفى التأجيل وأجاز الفسخ من دونه إذا سبق العنن العقد
؛ للخبرين:
في أحدهما: «إذا علم أنّه عنّين لا يأتي النساء فرّق بينهما»
.
وفي الثاني: عن امرأة ابتلى زوجها فلا يقدر على
الجماع، تفارقه؟ قال: «نعم، إن شاءت»
.
وليس فيهما مع قصور
السند وعدم
التكافؤ لما مرّ مخالفة له، إلاّ من جهة الإطلاق، واللازم حمله عليه؛ لوجوب حمل المطلق على المقيّد. مع أنّه ليس فيهما التفصيل الذي ذكر، بل الثاني ظاهر في التجدّد، المحتاج إلى التأجيل بلا خلاف.
وأوجب المهر كملاً إذا خلا بها وإن لم يدخل بها
؛ عملاً على أصله الغير الأصيل كما سيأتي، مع معارضته بخصوص ما مرّ من الصحيح المنصّف له، ونحوه الرضوي: «عليها أن تصبر حتى يعالج نفسه سنة، فإن صلح فهي امرأته على النكاح الأول، وإن لم يصلح فرّق بينهما ولها نصف الصداق ولا عدّة عليها منه، فإن رضيت لا يفرّق بينهما، وليس لها خيار بعد ذلك»
.
نعم، في المرويّ في قرب الإسناد: عن عنّين دلّس نفسه لامرأة، ما حاله؟ قال: «عليه المهر ويفرّق بينهما إذا علم أنه لا يأتي النساء»
وهو مع قصور السند، وعدم المقاومة لما مرّ ليس فيه
التقييد بالخلوة كما ذكر.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۱، ص۴۴۴-۴۷۴.