الانقضاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
انقطاع الشىء وذهابه
وإتمامه وفنائه.
الانقضاء:
فناء الشيء وذهابه
وانقطاعه ، وهو مصدر انقضى، يقال: انقضى الشيء، إذا فنى وذهب.
وقال
أبو إسحاق : «وقضى- في اللغة- على ضروب كلّها ترجع إلى معنى انقطاع الشيء وتمامه».
وقد استعمله الفقهاء كثيراً بمعناه اللغوي من الذهاب
والانتهاء كقولهم: انقضاء
الأجل ، وانقضاء العدّة، وانقضاء الوقت، وانقضاء الصلاة، وغيرها ممّا جاء في كلماتهم في الأبواب الفقهية المتفرّقة، من هنا يراجع حكمه في المصطلحات التي يضاف إليها كالصلاة والعدّة والأجل وغير ذلك.
وهو بمعنى الانقضاء، فيقال: انتهى خياره بمعنى انقضى، وانتهت عدّتها بمعنى انقضت.
وهو بمعنى الانتهاء أيضاً، كأن يقال: أمضى الحاج ليلته في منى، إذا قضاها هناك وانقضت وهو في منى.
تعرّض الفقهاء لأحكام الانقضاء في موضوعات فقهية مختلفة، ويمكن
إجمالها على العموم فيما يلي:
للانقضاء أسباب تترتّب عليها آثار وأحكام، وما قد يكون سبباً لانقضاء شيء قد لا يكون كذلك بالنسبة إلى شيء آخر، فليس سبب الانقضاء واحداً، وأهمّها:
تنقضي العقود نتيجة أسباب متعدّدة، نذكر أهمّها- إجمالًا- كالتالي:
أ- انتهاء المقصود من العقد:
من الواضح أنّه إذا تحققت الغاية من العقد والغرض من ورائه يعتبر منقضياً، كالعقود المقيّدة بزمان خاص أو تحقيق منفعة خاصّة كعقد الهدنة أو الأمان أو
الوكالة أو
الكفالة أو
الرهن أو العارية أو الإجارة أو المساقاة أو
المزارعة أو غيرها.
وهذا الأمر دليلة في نفسه، فإنّه هو المضمون المعاملي المرتكز في هذه العقود جميعها.وبانقضاء العقد تترتّب الأحكام التي كانت قبله، كوجوب ردّ العين في
الإجارة ، والأرض في المزارعة، والاصول في
المساقاة ، والعين المرهونة في الرهن.
ب- الفسخ وإنهاء الحقّ:
يعدّ الفسخ سبباً ينقضي العقد معه، سواء وقع باللفظ أم بالفعل الدالّ عليه، فهو يرفع أثر العقد ويحلّه.فإذا أعمل صاحب الحقّ حقّه في فسخ المعاملة انقضت كالعقود الجائزة، مثل:الوكالة والشركة
والمضاربة والعارية على المعروف فيها، وعلى تقدير الفسخ ممّن له ذلك يلزم الردّ، وحقّ
الاسترداد ، والضمان على التفريط أو التعدي وغير ذلك.ومن الموارد الاخرى
الإقالة ، وهي عبارة عن فسخ العقد من الطرفين إمّا بإنشاءين مستقلّين أو بإنشاء فسخ وقبوله أو باستدعائه من طرف
وإنشاء الآخر، وهي تجري في جميع العقود عدا ما استثني كالنكاح، وبها ينقضي العقد،
وعليه البناء العقلائي، ويترتّب عليها الردّ وغيره على تفصيل يبحث في محلّه.ومن موارد ذلك إنهاء الزوج حقّه في
الارتباط بالزوجة وعلاقة الزوجية، وذلك يكون بالطلاق بأنواعه من البائن والرجعي، وينقضي بذلك عقد
النكاح ، حيث جعلت الشريعة الطلاق اسلوباً من أساليب فضّ العلاقة الزوجية، كما قد يكون بهبة المدّة المتبقّية للزوجة في النكاح الموقت؛ إذ لا يوجد طلاق في نكاح المتعة وإنّما ينقضي هذا النكاح إمّا بانقضاء المدّة الزمنية المضروبة فيه والمتّفق عليها بين الطرفين، أو بقيام الزوج بهبة الزوجة ما تبقى من المدّة، ولا يكون ذلك طلاقاً بالمعنى الفقهي.
نعم، قد يحتاج ترتّب تمام الأحكام إلى انقضاء العدّة في النكاحين الدائم والمنقطع، فلا تملك نفسها- مثلًا- من دون ذلك.ومن هذا القبيل فسخ الزوجة أو الزوج بعروض العيوب الموجبة لفسخ عقد النكاح، وهذا الفسخ لا يكون طلاقاً كما حقّق في محلّه، كما أنّه حقّ للزوجة إضافة إلى الزوج، وليس كالطلاق الذي هو حقّ للزوج بالأصالة.ومن موارد ذلك
إسقاط الحقّ، كما في
الخيار إذا أسقطه أو تراخى فيه عمداً وكان يسقط بذلك، ومنه أيضاً هبة بقية المدّة في النكاح المنقطع، وهذا كلّه يجري في الموارد التي يكون فيها الأجل وتحديده بيد المتعاملين لا بيد الشارع فقط.أمّا لو كان بيد الشارع فقط فلا يمكن لطرفي العلاقة إسقاط الحقّ حينئذٍ؛ لعدم ولايتهما في هذا المورد.
ج- عروض موجب الانفساخ:
إذا عرض ما يوجب انفساخ العقد من حينه يحكم بانقضاء العقد بسببه، كما في حالة موت الموكّل أو الوكيل، أو تلف موضوع الإجارة، أو عروض الجنون على بعض المتعاملين في بعض المعاملات وهكذا، ففي هذه الحالات ينفسخ العقد، وتكون هذه العوارض أسباباً لانقضائه وانتهائه.وموجب
الانفساخ يمكنه أن يجعل العقد منتهياً بصرف النظر عن
إرادة أحد الطرفين الفسخ وعدمه؛ لأنّ انفساخ العقد أعم من أن يكون بفسخ أحد الطرفين أو كليهما أو لا كذلك كأن يكون لبعض الأسباب القهرية المتقدمة كما هو واضح.
وضع الحمل في
الحامل أو انتهاء الأشهر أو الأقراء توجب انقضاء العدّة من
الطلاق أو الوفاة، ومع انقضائها تترتّب نتائج وآثار كالبينونة التامة، وملكية المرأة نفسها ملكيةً تامة، وانتهاء أحكام الحداد في عدّة الوفاة وغير ذلك ممّا يراجع في محلّه.
يعدّ انتهاء أجل
الحضانة المضروب لأحد الأبوين سبباً لانقضاء حقّ الحضانة، كما يشكّل عروض بعض العوارض المانعة عن إمكانية حضانة أحد الأبوين بما فيه مصلحة
الولد سبباً لانقضاء الحضانة كذلك على تفاصيل تراجع في محلّها.
ينقضي حكم التشريعات الموقّتة بانقضاء الأجل، كانقضاء أجل الحيض أو
النفاس بانقطاع الدم أو مضيّ المدّة القصوى، وانتهاء بعض الخيارات بانتهاء وقتها كالثلاثة أيّام في الحيوان والمدّة المقرّرة بين المتعاملين في خيار الشرط، وكذلك الكثير من فروض العبادات التي وقّتتها الشريعة بوقت خاص يوجب انتهاؤها انقضاءها وسقوطها أو ترتّب حكم آخر في موردها كالقضاء.وهناك مصاديق كثيرة اخرى في الفقه نذكرها إجمالًا فيما يلي:
منها: عودة الملك إلى الواقف بعد انقضاء مدّة الوقف المحدّد.ومنها: عودة انتفاعات الملك إلى المؤجر بعد انقضاء مدّة الإجارة.
ومنها:
انقطاع الخيار في المعاملات بانقضاء المدّة المضروبة له،
إذا كانت له مدّة محدّدة شرعاً أو نتيجة التعاقد بين الطرفين.ومنها: لو تلف المبيع بعد قبضه وبعد انقضاء الخيار فهو من مال المشتري.
ومنها: لو مات المعتكف قبل انقضاء مدّة
اعتكافه يقضي عنه وليّه أو يخرج من ماله من ينوب عنه.
ومنها: المبيع إنّما يجري فيه الحول للزكاة من حين
البيع ولا يتوقّف على انقضاء زمان الخيار.
إلى غيرها من الموارد التي تحدّث فيها الفقهاء عن الانقضاء في مجالات مختلفة.
بل يكون تمام المدّة الزمنية المضروبة موجباً أحياناً لفعلية الحكم لا انقضائه، أو بعبارة اخرى: انقضاء الحكم السابق لصالح حكم جديد، كحول الحول في
الزكاة الذي يترتّب عليه فعلية الوجوب، وهكذا.
تنازع الطرفين في انقضاء شيء أو إبقائه يختلف من حيث التصرّفات والموارد:
منها: إذا اختلفا في انقضاء مدّة الإجارة، فقال أحدهما: مدّة الإجارة شهران، وقال الآخر: بل هي شهر واحد، فالقول قول من ينكر الزيادة مع يمينه.
ومنها: ما إذا اختلفا في المدّة المضروبة للتربّص في
الإيلاء ، وهي أربعة أشهر بأن ادّعت المرأة انقضاءها ليلزم الزوج بالفئة أو الطلاق، وادّعى الزوج بقاء المدّة، فالقول قوله؛ لأصالة عدم انقضائها.
ومنها: أنّه لو ادّعت الزوجة انقضاء العدّة بالحيض في زمان يمكن فيه ذلك- وأقلّه ستّة وعشرين يوماً ولحظتان- كان قولها مقبولًا في ذلك عند الفقهاء.
الموسوعة الفقهية، ج۱۸، ص۴۴۷-۴۵۱.