تخريج الأرش
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
إذا كان وصف الصحّة بمنزلة الجزء من كلّ من العوضين يقابل بجزء من العوض الآخر عرفاً أو شرعاً، بحيث ينحلّ المعقود عليه ثمناً ومثمناً إلى أجزاء، كان ثبوت
الأرش على طبق القاعدة، فكما أنّه في تخلّف جزء المبيع- مثلًا- يسترجع ما يقابله من الثمن، فكذلك في تخلّف وصف الصحّة.أمّا إذا كان وصف الصحّة كغيره من الأوصاف لا يعدّ جزءاً من الثمن أو المثمن، ولا يقابل بشيء من المال، وإن كان له أثر في زيادة الماليّة وداعٍ لدفع مقدار أزيد من المال في قبال الموصوف كان ثبوت الأرش غرامة شرعيّة ثبتت بالدليل الخاصّ على خلاف القاعدة.وقبل عكس ما ذكره الفقهاء في المقام تجدر
الإشارة إلى أنّ نتيجة البحث هنا تتأثّر بها عدّة مسائل من مسائل الأرش:
منها: ما تقدّم من
إمكان توجيه ثبوت الأرش من أوّل الأمر على نحو
التخيير بينه وبين الردّ إذا كان ثبوته على القاعدة رغم عدم دلالة النصوص على ذلك، بل ما دلّ منها على الأرش دلّ على ثبوته عند تعذّر الردّ كما عرفت.
ومنها: ما يأتي من تعيّن الأرش في عين بعض الثمن بناءً على كون ثبوته على
القاعدة، وإلّا فهو غرامة يجوز دفعها من نفس الثمن ومن غيره.
ومنها: إمكان القول بثبوت الأرش في الموارد التي لم يقم دليل على ثبوته فيها، بل في العقود الأخرى غير
البيع .
ومنها: مسألة أخذ الأرش في الربويّات أو أخذ الأرش في بيع السلم بعد
التفرّق وغير ذلك.
فهذه المسائل وغيرها تتأثّر بهذه المسألة. نعم، كلّ ذلك حسب مقتضى القواعد بغضّ النظر عن وجود الدليل الخاصّ، كما يأتي توضيح ذلك في محالّه.هذا، وفي المسألة قولان:
الأوّل: أنّ الأرش على القاعدة، ذهب إليه
الوحيد البهبهاني في حاشيته على المجمع
والسيد اليزدي في حاشيته على المكاسب ببيانين مختلفين، وقد يستظهر ذلك أيضاً من عبارات بعض المتقدّمين.قال الوحيد البهبهاني- ما محصّله-: إنّ وصف الصحّة مؤثّر في زيادة الماليّة، وليس مجرّد الرغبة أو القيمة كما في غيره من الأوصاف، ونقص المال نقص جزء من المبيع، ولذا يتخيّر بين الردّ والأرش، أمّا الردّ فظاهر، وأمّا الأرش فلأنّ ما أعطاه البائع بعض المبيع فللمشتري أن يلزمه بالوفاء به وبما بقي؛ لأنّ وجوب
الوفاء بمجموع شيء وجوب الوفاء بجميع أجزائه، وأمّا كون الثمن موزّعاً على أجزاء المبيع فمعروف عند التجّار وأهل العرف، وتشير إليه أحكام كثيرة، ولذا لا يبطل البيع لو خرج بعض المبيع مستحقّاً، أو ممّا لا يصحّ تملّكه.ولا يلزم هنا خيار تبعّض الصفقة وفساد البيع بالنسبة إلى الجزء الفائت؛ لأنّ الفائت هنا ليس إلّا الصحّة وهي وصف لا عين وإن لوحظ بإزائها مال وزيادة في الثمن، والمراد من الوصف ما لا يصحّ أن يصير مبيعاً برأسه سواءً كان صفة أو عيناً كيد العبد- مثلًا- والمراد من العين ما يصحّ.ولا ينتقض ذلك بخيار الوصف؛ لأنّ الصحّة داخلة في مفهوم المبيع وجزء من أجزائه، وأمّا الوصف كالبياض- مثلًا- فهو علّة لزيادة الثمن، والعلّة خارجة عن المعلول، وشرطه لا يقتضي أن يكون داخلًا في المبيع؛ لأنّ الموصوف غير الصفة والمشروط غير الشرط قطعاً.واعتبر بعد ذلك هذه القاعدة دليل ما عليه المشهور من ثبوت الأرش في عرض الردّ على نحو التخيير.
وقال السيد اليزدي- ما ملخّصه أيضاً-:إنّ وصف الصحّة وإن لم يكن مقابلًا بالمال في عالم
الإنشاء إلّا أنّه مقابل به في عالم اللب، بمعنى أنّ زيادة بعض الثمن المجعول في مقابلة ذات الموصوف إنّما تكون بلحاظ الوصف المذكور، فتمام الثمن في عالم الإنشاء جعل في مقابل نفس العين، وليس شيء منه في مقابل الوصف، ولذا لا يرتجع بعض الثمن عند التخلّف، بمعنى أنّه لا يكون من قبيل تبعّض
الصفقة، ولو قوبل بما هو أنقص منه قدراً حصل
الربا ، لكنّ في عالم اللبّ بعض ذلك الثمن مقابل للوصف، فإذا فرض تخلّفه وجب على البائع أن يغرم ما فات من المشتري، وما اغترم في عالم اللب بملاحظة ذلك الوصف.وبعبارة أخرى: أنّ وصف الصحّة ليس جزء من العوضين حقيقة ولا بمنزلة الجزء في كونه مقابلًا بالعوض بحسب جعل المتعاقدين وإنشائهما، بل العوض في مقابلة ذات الموصوف، وإلّا للزم اللوازم التي لا يمكن
الالتزام بها، من لزوم الالتزام بالأرش في سائر الأوصاف ولزوم كون الأرش ثابتاً من أوّل الأمر، فيكون
الإمضاء بلا أرش من باب
الإبراء أو الهبة أو لزوم الانفساخ فيما قابله من الثمن وغير ذلك، إلّا أنّه مقابل بالعوض في عالم اللب، بالمعنى الذي سمعت، وليس على حدّ مقابلة الجزء.
ويمكن أن يستظهر كون الأرش على القاعدة من تعريف بعضهم الأرش بأنّه جزء من الثمن نسبته إليه كنسبة نقص قيمة المعيب عن الصحيح، ويؤخذ من الثمن بنسبة التفاوت بينهما.
بل علّل بعضهم كون الرجوع بجزء من الثمن بأنّه لو بقي كلّ المبيع عند البائع كان مضموناً عليه بالثمن، فإذا احتبس جزء منه كان مضموناً بجزء من الثمن.
وكذا من حكمهم بثبوت الردّ دون الأرش في الربويّات حذراً من الربا، ومنعهم أخذ الأرش في بيع الصرف بعد التفرّق.
ومن هؤلاء
العلّامة في
التذكرة ، إلّا أنّه- بعد أن صرّح في أكثر من موضع بأنّ الأرش جزء من الثمن، وأنّ تخلّفه تخلّف جزء من المبيع- قال في مسألة كيفيّة أخذ الأرش: إنّه «... إن كان قد سلّمه وهو باقٍ في يد البائع فالأقرب أنّه لا يتعيّن حقّ المشتري فيه، بل للبائع إبداله؛ لأنّه غرامة لحقته...».
ونحوه قال
السيد العاملي في مفتاح الكرامة.
وكذا الشهيد الثاني في الروضة فإنّه- بعد أن اختار عدم صحّة أخذ الأرش بعد التفرّق في بيع الصرف بناءً منه على ثبوت الأرش بالعقد وأنّ
اختياره كاشف عن ثبوته به، ولازم ذلك
بطلان البيع فيما قابله بالتفرّق- قال: «فإن قيل: المدفوع أرشاً ليس هو أحد عوضي الصرف، وإنّما هو عوض صفة فائتة في أحد العوضين، ويترتّب
استحقاقها على صحّة العقد، وقد حصل التقابض في كلّ من العوضين، فلا مقتضي للبطلان؛ إذ وجوب التقابض إنّما هو في عوضي الصرف لا فيما وجب بسببهما. قلنا: الأرش وإن لم يكن أحد العوضين لكنّه كالجزء من الناقص منهما، ومن ثمّ حكموا بأنّه جزء من الثمن نسبته إليه كنسبة قيمة الصحيح إلى المعيب، والتقابض الحاصل في العوضين وقع متزلزلًا؛ إذ يحتمل ردّه رأساً، وأخذ أرش النقصان الذي هو كتتمّة العوض الناقص فكان بمنزلة بعض العوض...».
وسيتّضح ممّا يأتي في القول الثاني عدم تماميّة هذا القول؛ لعدم الدليل على مقابلة وصف الصحّة بالمال، بل بعض الأحكام شاهد على عدمه.وأمّا من عرّف الأرش بأنّه جزء من الثمن فيمكن أن يكون مراده الردّ على القول بأنّ الأرش قيمة العيب كلّها وهو التفاوت بين المعيب والصحيح واقعاً، وليس التفاوت بالنسبة إلى الثمن المسمّى في المعاملة، فعبّر عنه بأنّه جزء من الثمن
لإثبات أنّ المضمون هو وصف الصحّة بما يخصّه من الثمن المسمّى لا القيمة الواقعيّة، كما نبّه على ذلك السيد العاملي في شرحه لعبارة القواعد.
وأمّا ما أفاده السيد اليزدي لإثبات التطبيق على القاعدة من وجود معاوضتين:
إحداهما إنشائيّة حسّية والاخرى لبّية، وأنّ وصف الصحّة مقابل بجزء من الثمن بحسب المعاوضة اللبّية، فقد أنكره من تأخّر عنه من الفقهاء بأنّه لا
اعتبار به بحسب القواعد.قال
المحقّق الاصفهاني : «وأمّا حديث المعاوضة اللبّية والمعاوضة الحسّية والمقابلة بين مقدار من الثمن ووصف الصحّة في عالم اللبّ دون عالم الحسّ... فلا حكم له شرعاً، ولا اعتبار به بحسب القواعد الفقهيّة؛ إذ المعاوضة التي لم يتسبّب إليها بسبب من الأسباب الشرعيّة، بل يستحيل أن يتسبّب إليه- حيث إنّ الوصف لا مال ولا مملوك، فلا معنى للمعاوضة- لا يمكن أن يؤثّر في التغريم ولا في
الانفساخ . نعم، يصحّ اعتباره حكمة لحكم الشارع بالتغريم...».
وقال
السيد الخوئي : «لا نفهم معنى محصّلًا لذلك، فإنّه كلام شبيه بالعرفان، فإنّه ليس للمعاملات عالمان: عالم الظاهر وعالم الباطن، بل ذكرنا مراراً أنّها امور اعتباريّة وحقيقتها قائمة بالاعتبار، فما وقع في مقابل الثمن من العين واقع في مقابله ظاهراً ولبّاً كالأجزاء- مثلًا- فما لم يقع في مقابل الثمن لا يقع في مقابله أيضاً ظاهراً ولبّاً كأوصاف الصحّة».
وقال السيد الخميني: «ما أفاده السيد الطباطبائي قدس سره... فيه ما لا يخفى؛ ضرورة عدم عين ولا أثر لتلك المعاوضة اللبّية المعنويّة في سوق العقلاء يكون لها تحقّق
وانفساخ في مقابل المعاملة الرائجة، وزيادة القيمة وإعطاؤها بلحاظ وصف الصحّة
أجنبيّة عن المعاوضة، كما أنّ زيادتها بلحاظ أوصاف الكمال ككون الدار قريبة من الشارع أو من الشط لا تعدّ معاوضة أو معاوضات».
القول الثاني: ما عليه أكثر المحقّقين من أنّ الأرش غرامة ثبتت بالدليل على خلاف القاعدة؛ لعدم الدليل على كونه على طبقها لا من الشرع ولا من العرف، وللزوم ما لا يمكن الالتزام به، مع شهادة كثير من الأحكام بذلك.ففي الجواهر- في مقام المناقشة في كون ثبوت الأرش على القاعدة؛ لأنّه عوض جزء من المبيع قد فات- قال:«فيه: أنّه (واضح المنع) لعدم ثبوت
التوزيع المزبور قصداً ولا شرعاً على وجه يتناول الحكم المذكور، بل تصريحهم بأنّه يسقط بالإسقاط بعد العقد، بحيث لا يصحّ الرجوع منه بعده- كما ستعرف- ينافيه؛ ضرورة عدم صحّة تسلّطه على الأعيان،ولو كان بمنزلة الهبة جاز الرجوع فيها...».
وقال في موضع آخر: «لو كان الثمن عروضاً استحقّ المشتري قيمة نسبة التفاوت منه، كما أنّه لو كان نقداً لم يستحقّ الأرش في خصوص ما دفعه منه؛ لأنّ التحقيق كون الأرش من الغرامات، فالثمن حينئذٍ ملك البائع على كلّ حال».
وفي ثالث: «التحقيق ما ذكرناه من أنّ الأرش غرامة شرعيّة تثبت بسبب العيب فهو كالمعاوضة القهريّة، ولو لا الدليل لم يكن ثبوته مقتضى القواعد...».
وقال
الشيخ الأنصاري في مقام المناقشة في جعل ثبوت الأرش مقتضى القاعدة تنزيلًا لوصف الصحّة منزلة الجزء فيتدارك فائته بما قابله من الثمن: «فيه:منع المنزلة عرفاً ولا شرعاً، ولذا لم يبطل البيع فيما قابله من الثمن، بل كان الثابت بفواته مجرّد استحقاق
المطالبة ، بل لا يستحقّ المطالبة بعين ما قابله...».
وقال
الآخوند تعليقاً على عبارة الشيخ المذكورة: «كيف؟! ولم يكن البيع إلّا التمليك بالعوض، وما يكون قابلًا للتمليك والتملّك ليس إلّا نفس العين، فيكون الثمن بتمامه بإزائها، غاية الأمر وصف الصحّة كسائر الأوصاف في الجملة يوجب ازدياد الرغبة الموجبة لبذل زيادة على ما يبذل بإزاء فاقدها».
وقال السيد الخوئي تأييداً وتقريراً لكلام الشيخ الأنصاري المذكور أيضاً:«إنّ وصف الصحّة وإن كان يوجب الزيادة في المالية، ولكن لا يكون الثمن واقعاً في مقابل الوصف، بل يكون واقعاً في مقابل العين، والوصف واسطة لثبوت المالية للعين، وكذا لا يملك المشتري مطالبة عين الثمن، بل يطلب التفاوت مع فقدان وصف الصحّة، مع أنّه لو كان الوصف يقابل بالثمن كان للمشتري مطالبة جزء من شخص الثمن الذي وقع في مقابل الوصف... على أنّه لو كان وصف الصحّة يقابل بجزء من الثمن فأيّ فرق بين هذا الوصف وبين بقيّة الأوصاف كالأوصاف الكمالية؟!...».
وقال الشيخ الأنصاري في موضع آخر:«لا أوثق من أن يقال: إنّ مقتضى المعاوضة عرفاً هو عدم مقابلة وصف الصحّة بشيء من الثمن؛ لأنّه أمر معنوي كسائر الأوصاف، ولذا لو قابل المعيب بما هو أنقص منه قدراً حصل الربا من جهة صدق الزيادة وعدم عدّ العيب نقصاً يتدارك بشيء من مقابله، إلّا أنّ الدليل من النصّ والإجماع دلّ على ضمان هذا الوصف من بين الأوصاف، بمعنى وجوب تداركه بمقدار من الثمن منضافٍ إلى ما يقابل بأصل المبيع لأجل اتّصافه بوصف الصحّة، فإنّ هذا الوصف كسائر الأوصاف وإن لم يقابله شيء من الثمن، لكن له مدخل في وجود مقدار من الثمن وعدمه، فإذا تعهّده البائع كان للمشتري مطالبته بخروجه عن عهدته بأداء ما كان يلاحظ من الثمن لأجله، وللمشتري أيضاً إسقاط هذا الالتزام عنه».
وقال السيد الخوئي- ما ملخّصه-: إنّه لا دليل على كون ثبوت الأرش على حسب القاعدة أصلًا، فإنّ الوجه في كون الأرش على طبق القاعدة هو أن يكون وصف الصحّة يقابل بجزء من الثمن كما في أجزاء المبيع، ولكن لا دليل على ذلك من بناء العقلاء والشرع أصلًا، فإنّ العقلاء ليس منهم بناء على كون وصف الصحّة مقابلًا بالثمن، وأخذ جزء من الثمن على تقدير انتفائه، وأمّا من الشرع فلم يصل إلينا ما يدلّ على ذلك، وعليه فلا دليل على كون وصف الصحّة مقابلًا بالمال ليلزم من
انتفائه كون الأرش على طبق القاعدة، ومن هنا لو لم يطالب المشتري بالأرش لم يكن البائع مشغول الذمّة، مع أنّه لو كان وصف الصحّة يقابل بجزء من الثمن لكان البائع مشغول الذمّة، وممّا يؤيّد ذلك أيضاً أنّه لو وقعت المعاوضة بين المعيب والصحيح وكانا من جنس واحد ربوي لا يلزم الربا، مع أنّ الصحيح زائد على المعيب بوصف الصحّة، ولو زاد على المعيب في مقابل وصف الصحّة شيء لزم منه الربا، فيعلم من ذلك أنّ وصف الصحّة لا يقابل بالمال، وأنّ الأرش لم يثبت على طبق القاعدة، بل هو ثابت بعنوان
الغرامة للدليل الخاصّ.
وقال
السيد الخميني في مسألة تعيّن دفع الأرش من عين الثمن وعدمه: إنّه بحسب البناء العرفي والارتكازات العقلائيّة لا يتعيّن؛ لأنّ رجوع جزء الثمن قهراً- بتخيل أنّ الثمن موزّع على العين ووصف الصحّة، ومع فقده يستحقّ الجزء؛ لعدم
انتقاله رأساً إلى البائع، أو لانفساخ العقد بالنسبة- ممّا تدفعه الضرورة؛ لعدم المقابلة إلّا بين الثمن وذات السلعة، والأوصاف خارجة وإن كانت دخيلة في زيادة القيم ونقصها.
هذا، وقد جاءت عبارة المحقّق الاصفهاني جامعة لتصوير مقابلة وصف الصحّة بجزء من الثمن ومن ثمّ تطبيق الأرش على القاعدة وما يرد عليه من إشكالات ولوازم فاسدة مطويّة في العبارات المتقدّمة، حيث قال: «لا يخفى عليك أنّ دعوى كون وصف الصحّة يقابل بجزء من الثمن ورجوع الخيار إلى خيار تبعّض الصفقة تتصوّر على وجهين:
أحدهما: تحليل المعقود عليه إلى أجزاء ثمناً ومثمناً.وحينئذٍ يرد عليه:أوّلًا: ما أورده شيخنا الاستاذ قدس سره من أنّ البيع تمليك مال بمال، ووصف الصحّة مقوّم للمالية، لا أنّه مال بالحمل الشائع حتى ينحلّ البيع إلى تمليكات بعدد أجزاء المال.وثانياً: ما أورده في المتن (أي المكاسب) من أنّ لازمه بطلان البيع في الجزء المفقود ورجوع بعض الثمن إلى المشتري، مع أنّهم لا يقولون بالبطلان بل باستحقاق المطالبة، بحيث لو لم يطالب كان الثمن بتمامه للبائع، ولا يقولون عند المطالبة برجوع بعض الثمن بعينه، بل بما يوازيه في المالية.وثالثاً: ما في الجواهر من أنّ الأرش قابل للإسقاط، فإنّه حقّ بخلاف ما إذا رجع بعض الثمن، فإنّ العين غير قابلة
للإسقاط ، فلا بدّ من جعله هبة، مع أنّ الهبة يجوز الرجوع فيها، وهم لا يقولون بالرجوع بعد إسقاط الأرش، فهذه الآثار كاشفة عن أنّه لا تقسيط للثمن على المثمن بجميع أجزائه حتى التحليليّة.
ثانيهما: تنزيل وصف الصحّة منزلة الجزء عرفاً أو شرعاً، والتنزيل لا يقتضي
الاشتراك إلّا في الأثر الملحوظ للعرف أو الشرع، وهو مجرّد استحقاق الرجوع بما يوازي مالية بعض الثمن، فيندفع عنه جميع ما اورد عليه في الوجه الأوّل، فإنّ الكلّ من لوازم عود عين بعض الثمن، وحينئذٍ لا
إيراد عليه إلّا عدم الدليل على التنزيل، وإنّما دلّ الدليل على أخذ الأرش تداركاً للفائت، لا أنّه كالجزء...».
ثمّ ذكر وجهاً آخر لتطبيق أخذ الأرش على القاعدة مع جوابه تقدّم في البحث المتقدّم.
الموسوعة الفقهية، ج۱۰، ص۳۱-۳۹.