رمي الجمار
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ويجب أن يرمي كل يوم من أيام التشريق الجمار الثلاث كل جمرة بسبع حصيات.
(ويجب رمي الجمار) الثلاث (في الأيام التي يقيم بها، كلّ جمرة بسبع حصيات) بلا خلاف في شيء من ذلك حتى الوجوب، كما في
السرائر وغيره،
وعن التذكرة و
المنتهى أنه لا نعلم فيه خلافاً.
وعن الخلاف الإجماع على وجوب الترتيب بين رمي الثلاث ووجوب القضاء.
قيل : وعدّ في
التبيان من المسنونات، ولعلّ المراد ما ثبت وجوبه بالسنّة، وفي
الجمل والعقود في الكلام في رمي
جمرة العقبة يوم النحر : إنّ الرمي مسنون. فيحتمله، و
الاختصاص برمي جمرة العقبة، وحمل على الأول في السرائر والمنتهى.
أقول : وظاهر التهذيبين أيضاً الاستحباب،
ولكنه شاذّ على خلافه الآن قطعاً
الإجماع ؛ وهو الحجة، مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة، بل المتواترة كما في السرائر.
وفي الصحيح : «(الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) الوقوف بعرفة ورمي الجمار».
وفي الخبر : «من ترك رمي الجمار متعمداً لم تحلّ له النساء وعليه الحج من قابل».
ولكنه شاذّ لم يعمل به أحد من الأصحاب؛ كما في
الذخيرة .
ويزيد هنا على ما مضى من شرائط
الرمي أن يكون (مرتباً يبدأ بالأُولى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة) بالإجماع الظاهر، المصرَّح به في جملة من العبائر مستفيضاً، كالخلاف والغنية وغيرهما
صريحاً، وفي التذكرة والمنتهى وغيرهما
ظاهراً، وللتأسي، والصحاح المستفيضة.
(و) فـ (لو نكس أعاد الوسطى وجمرة العقبة) بلا خلاف، وللصحاح المستفيضة : منها : قلت له : الرجل يرمي الجمار منكوسة، قال : «يعيدها على الوسطى وجمرة العقبة».
(ويحصل الترتيب بأربع حصيات) فلو رمى اللاحقة بعد أربع حصيات على السابقة حصل الرمي بالترتيب، وإلاّ فلا، بلا خلاف، بل عن صريح الخلاف وظاهر التذكرة والمنتهى
الإجماع. للمعتبرين
أحدهما الصحيح : في رجل رمي الجمرة الأُولى بثلاث والثانية بسبع - والثالثة بسبع -، قال : «يعيد رميهن بسبع سبع» قلت : فإن رمى الاولى بأربع والثانية بثلاث والثالثة بسبع، قال : «يرمي الجمرة الأُولى بثلاث والثانية بسبع ويرمي جمرة العقبة بسبع» قلت : فإنه رمي الجمرة الأُولى بأربع والثانية بأربع والثالثة بسبع، قال : «يعيد فيرمي الأُولى بثلاث والثانية بثلاث ولا يعيد على الثالثة». وإطلاقه كغيره يقتضي البناء على الأربع مع العمد والجهل والنسيان، وهو أيضاً ظاهر المتن والشرائع والمحكي عن المبسوط والخلاف والسرائر والجامع والتحرير والتلخيص و
اللمعة .
خلافاً للفاضل في القواعد والتذكرة والمنتهى، والشهيدين في
الدروس والروضة،
وربما عزي إلى الشيخ والأكثر،
وربما جعل أشهر،
فقيّدوه بالناسي، وألحق الشهيدان به الجاهل.
ومستندهم غير واضح، عدا ما عن الفاضل في الكتابين من أن الأكثر إنما يقوم مقام الكل مع النسيان. وهو إعادة للمدّعى. وفي الروضة بأنه منهي عن رمي الجمرة اللاحقة قبل
إكمال السابقة فيفسد. ويضعّف بأن المعلوم إنما هو النهي عنه قبل أربع لا مطلقاً، ولو سلّم فهو اجتهاد في مقابلة إطلاق النص، إلاّ أن يمنع شموله للعامد، لندرته، فلا ينصرف إليه السؤال المعلّق عليه الجواب؛ مضافاً إلى حمل فعل
المسلم على الصحة كما مرّ غير مرّة.
ثم النص صريح في وجوب
استئناف الناقصة عن الأربع وما بعدها مطلقاً ولو كانت الثانية أو الأُولى. خلافاً للحلّي فاكتفى بإكمالها وأوجب استئناف ما بعدها خاصة.
قيل : لعدم وجوب
الموالاة في الرمي؛ للأصل. ويدفع بالنص.
(ووقت الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها) على الأشهر الأقوى؛ للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة، ففي الصحيح : «رمي الجمار من طلوع الشمس إلى غروبها».
ونحوه آخر مؤكّداً بالقسم.
خلافاً للمحكي عن
الوسيلة والإشارة ووالد الصدوق
في مبدئه، فجعلوه أول النهار. ويردّه صريحاً (الصحيح) : «لا ترم الجمرة
يوم النحر حتى تطلع الشمس».
ويحتمل أن يريدوا به طلوع الشمس، كما عن بعض كتب اللغة.
وللغنية والإصباح والجواهر والخلاف
كما حكي فيه أيضاً، فجعلوه بعد الزوال، مدّعين عليه الإجماع عدا
الإصباح .
وفي المختلف : إنه شاذّ لم يعمل به أحد من علمائنا، حتى أن الشيخ المخالف وافق أصحابه، فيكون إجماعاً، لأن الخلاف إن وقع منه قبل الوفاق فقد حصل الإجماع، وإن وقع بعده لم يعتدّ به، إذ لا
اعتبار بخلاف من يخالف الإجماع.
قلت : وعلى تقدير عدم شذوذه فغايته أنه إجماع منقول لا يعارض ما قدّمناه من الصحاح المعتضدة بعمل الأصحاب.
وأما الصحيح : «ارم في كل يوم عند الزوال»
فمحمول على
الاستحباب ؛ لعدم قائل به إن أُريد به قبل الزوال، وكذا إن أُريد به بعده، جمعاً بين الأدلة، مع احتماله حينئذ الحمل على التقية، فقد حكاه في الخلاف عن الشافعي وأبي حنيفة.
وللصدوقين في آخره، فوقّتاه إلى الزوال،
إلاّ أنّ في الرسالة : وقد روي من أول النهار إلى آخره. وفي الفقيه : وقد رويت رخصة من أوّل النهار إلى آخره.
(ولو نسي) بل ترك مطلقاً (رمي يوم قضاه من الغد) وجوباً بلا خلاف، بل قيل : بالإجماع كما في
الغنية وللشافعي قول بالسقوط، وآخر بأنه في الغد أيضاً أداء ، وكذا أن فاته رمي يومين قضاهما في الثالث، وإن فاته يوم النحر قضاه بعده، ولا شيء عليه غير القضاء عندنا في شيء من الصور، للأصل.
أقول : ولظاهر الصحاح الواردة في المسألة حيث لم يؤمر في شيء منها بغير القضاء :
فمنها : زيادةً على ما يأتي في رجل نسي رمي الجمار حتى أتى مكة، قال : «يرجع فيرمي متفرقاً، ويفصل بين كلّ رميتين بساعة» الخبر.
وفي آخر : قلت : الرجل ينكس في رمي الجمار، فيبدأ بجمرة العقبة ثم الوسطى ثم العظمى، قال : «يعود فيرمي الوسطى ثم يرمي جمرة العقبة وإن كان من الغد».
ويجب أن يكون (مرتباً) بينه وبين
الأداء ، فيؤخره عن القضاء، بل لو فاته رمي يومين قدّم الأول على الثاني وختم بالأداء، بلا خلاف، بل عليه الإجماع عن الخلاف.
وهو الحجّة عليه، دون ما قيل من تقدم السبب والأخبار و
الاحتياط .
إذ لا دليل على أن تقديم السبب يقتضي وجوب تقديم المسبّب.
والأخبار المفيدة لوجوب التقديم لم نجدها، لأنها بين مطلقة للأمر بالقضاء، وهي ما قدّمناه قريباً، وبين مصرّحة بالأمر بالتقديم مقيداً بقيد هو للاستحباب. ويفصح عنه قوله : (ويستحب أن يكون ما لأمسه غدوة) أي بعد طلوع الشمس (وما ليومه بعد الزوال).
ففي الصحيح : رجل أفاض من جَمْع حتى انتهى إلى منى، فعرض له عارض فلم يرم الجمرة حتى غابت الشمس، قال : «يرمي إذا أصبح مرّتين : إحداهما بكرة وهي للأمس، والأُخرى عند زوال
الشمس ».
وظاهرهم عدم الخلاف في الاستحباب وإن أشعر بوجوده عبارة الدروس حيث جعله أظهر.
وهو كذلك، جمعاً بينه وبين الصحيح المتقدم الآمر بالفصل بينهما بساعةٍ المنافي لما في هذا الصحيح قطعاً، والجمع بالحمل على تفاوت مراتب الاستحباب، فأدناها ما سبق وأعلاها ما هنا.
لكن ظاهر الأصحاب
الإعراض عن الحديث السابق فليلحق بالشواذ، ويتوجه حينئذ وجوب ما في هذا الصحيح إن لم ينعقد الإجماع على جواز
الإتيان بهما في وقت واحد، وإن انعقد كما صرّح به بعض الأصحاب حيث قال بعد الحكم بجوازه : بلا خلاف بشرط الترتيب
فالوجه الاستحباب.
وممّا ذكرنا ظهر أنه لا مستند لوجوب الترتيب سوى الإجماع. وأما الاحتياط فليس بدليل شرعي بعد وجود ما قدّمنا من
الإطلاق بلا خلاف.
وهل يجوز القضاء قبل طلوع الشمس، أم يتعيّن بعده كالأداء؟
وجهان، بل قولان. أحوطهما الثاني؛ لعموم ما دلّ على أن وقت
الرمي بعد طلوع الشمس، مع النهي عنه قبله في بعض ما مرّ من الصحاح وإن أمكن الذبّ عنه بالمعارضة بإطلاق أخبار المسألة، ويرجّحها على السابقة أصالة
البراءة وضعف إطلاقها بعدم تبادر القضاء منه بل الأداء خاصة.
ويجب نية القضاء فيه دون الأداء فيه دون الأداء وإن كانت فيه أيضاً أولى. والفرق وقوع ما في ذمته أوّلاً على وجهين فيحتاج إلى نية التعيين إجماعاً، دون الثاني حيث لم يكن مشغول الذمة بالقضاء، وإنما كانت مع ذلك أولى تفصّياً عن خلاف من أوجبها مطلقاً.
(ولا يجوز الرمي ليلاً) لما مضى من توقيته بما بين طلوع الشمس إلى غروبها (إلاّ لعذر كالخائف والرعاة والعبيد) ونحوهم، فيجوز لهم ليلاً أداءً وقضاءً بلا خلاف على الظاهر، المصرح به في بعض العبائر.
للحرج وللمعتبرة المستفيضة،
وفيها الصحيحان والموثقان، وفيها التنصيص على خصوص من ذُكر، وزيد في بعضها :
الحاطبة والمدين والمريض.
ولا فرق في الليل بين المتقدم والمتأخر؛ لعموم النصوص والفتاوي. قيل : والظاهر أن المراد بالرمي ليلاً رمي جمرات كل يوم في ليلته، ولو لم يتمكن من ذلك لم يبعد جواز رمي الجميع في ليلة واحدة؛ لأنه أولى من الترك أو التأخير.
انتهى. ولا بأس به.
(و) يجوز أن (يرمى عن المعذور كالمريض) وإن لم يكن مأيوساً من برئه، وعن
الصبي الغير المميّز والمغمى عليه، بلا خلاف أعرفه؛ للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة.
وفي الموثق : «إن المريض يحمل إلى الجمرة ويرمى عنه» قال : لا يطيق ذلك، قال : «يترك في منزله ويرمى عنه»
وحمل الحمل فيه على الاستحباب.
قيل : وفي
المبسوط لا بدّ من إذنه إذا كان عقله ثابتاً. وعن المنتهي والتحرير استحباب استئذان النائب عن غير المغمى عليه، قال في المنتهى : إن زال عقله قبل
الإذن جاز له أن يرمي عنه عندنا، عملاً بالعمومات.
وفي الدروس : لو أُغمي عليه قبل الاستنابة وخيف فوت الرمي فالأقرب رمي الولي عنه، فإن تعذّر فبعض المؤمنى؛ لرواية رفاعة عن
الصادق عليه السلام : يومي عمّن أُغمي عليه.
قلت : فقه المسألة أن المعذور تجب عليه
الاستنابة ، وهو واضح، لكن إن رمي عنه بدون إذنه فالظاهر
الإجزاء ، لإطلاق الأخبار والفتاوي، وعدم اعتباره في المغمى عليه، وإجزاء الحج عن الميت تبرعاً من غير استنابة؛ ويستحب
الاستئذان إغناءً له عن الاستنابة الواجبة عليه و
إبراء الذمة عنها.
انتهى. وهو حسن. ولو زال العذر والوقت باق لم يجب عليه فعله؛ لسقوطه عنه بفعل النائب بمقتضى إطلاق النص والفتوى، لأن
امتثال الأمر يقتضي الإجزاء. ولو استناب المعذور ثم أُغمي عليه قبل الرمي لم ينعزل نائبه كما ينعزل
الوكيل ، وفاقاً للأكثر؛ لأنه إنما جازت النيابة لعجزه، لا للتوكيل، ولذا جازت بدون إذنه، و
الإغماء زيادة في العجز.
(ولو نسي) من حصى (جمرة) حصاة فصاعداً إلى الثلاث (وجهل موضعها) من الجمرات الثلاث (رمي على كل جمرة حصاة) مخيراً بين
الابتداء بكل منها.
ولا يجب الترتيب؛ لأن الفائت من واحدة ووجوب الباقي من باب المقدمة. ولإطلاق الصحيح : رجل أخذ إحدى وعشرين حصاة فرمى بها، فزادت واحدة، فلم يدر أيّهن نقص، قال : «فليرجع فليرم كل واحدة بحصاة» الخبر.
وعن الجواهر الإجماع.
ولو فاته جمرة وجهل تعيينها أعاد على الثلاث مرتباً بينها؛ لإمكان كونها الاولى فيبطل الأخيرتان بعدها. وكذا لو فاته أربع حصيات فصاعداً وجهلها. ولو فاته من كل جمرة واحدة أو اثنتان أو ثلاث وجب الترتيب؛ لتعدّد الفائت بالأصالة. ولو فاته ثلاث وشك في كونها من واحدة أو أكثر رماها عن كل واحدة مرتباً؛ لجواز التعدّد. ولو كان الفائت أربعاً استأنف.
(ويستحب
الوقوف عند كل جمرة ورميها عن يسارها) من بطن المسيل حال كونه (مستقبل
القبلة ، ويقف) عندها (داعياً) بالمأثور (عدا جمرة العقبة فإنه يستدبر القبلة ويرميها عن يمينها ولا يقف) عندها.
كلّ ذلك خلا
الاستدبار للصحيح : «وابدأ بالجمرة الأُولى، فارمها عن يسارها من
بطن المسيل، وقل كما قلت يوم النحر، ثم قم عن يسار الطريق فاستقبل القبلة واحمد الله تعالى وأثن عليه وصلِّ على
النبي صلي الله عليه وآله وسلم ، ثم تقدّم قليلاً فتدعو وتسأله أن يتقبّل منك، ثم تقدم أيضاً، ثم أفعل ذلك عند الثانية واصنع كما صنعت بالأُولى وتقف وتدعو الله كما دعوت، ثم تمضي إلى الثالثة وعليك السكينة والوقار فارم ولا تقف عندها».
الصحاح وغيرها بعدم الوقوف عند الثالثة مستفيضة جدّاً.
وأما الاستدبار للقبلة في رمي جمرة العقبة فقد مضى الكلام فيه في بحثها مستوفى.
(ولو نسي) بل ترك (الرمي) كلاًّ أو بعضاً مطلقاً (حتى دخل مكة) شرّفها الله سبحانه وجب عليه أن (يرجع فيها) أي منى (ويتدارك) ما ترك وجوباً؛ للصحاح وغيرها.
ففي الصحيح : في
امرأة جهلت أن ترمي الجمار حتى نفرت إلى مكة، قال : «- فلترجع - فلترم الجمار كما كانت ترمي، والرجل كذلك».
وفيه : قلت له : رجل نسي أن يرمي الجمار حتى أتى مكة، قال يرجع فيرميها، يفصل بين كلّ رميتين بساعة» قلت : فإنه فاته ذلك وخرج، قال : «ليس عليه شيء».
ونحوه آخر، لكن فيه بدل «ليس عليه شيء» : «ليس عليه أن يعيد».
وهي كما ترى كالعبارة ونحوها مطلقة شاملة لصورتي بقاء
أيام التشريق وعدمه، لكن قيّدها الأكثر بالأُولى. ولعلّه الأظهر؛ جمعاً بينها وبين الخبر : «من أغفل رمي الجمار أو بعضها حتى تمضي أيام التشريق فعليه أن يرميها من قابل، فإن لم يحج رمي عنه وليّه، فإن لم يكن له وليّ استعان برجل من المسلمين يرمي عنه، وأنه لا يكون رمي الجمار إلاّ أيام التشريق».
وفي سنده وإن كان ضعف بالجهالة، إلاّ أنه مجبور بالشهرة الظاهرة، والمحكية،
بل عليه الإجماع في الغنية.
مضافاً إلى ضعف الإطلاق في الأخبار السابقة، وعدم معلومية انصرافه إلى الصورة الثانية، فإنّ المتبادر منها الأُولى خاصة.
(ولو خرج) من مكة ولما يتدارك الرامي (فلا حرج) عليه ولا شيء كما مرّ في الصحيحين إن مضت أيام التشريق، كما هو الغالب في الخروج، وعليه يحمل إطلاقهما والعبارة، مضافاً إلى مفهوم الرواية السابقة كما عرفته. ولا ريب في الحكم إن أُريد من الحرج والشيء المنفي
الكفارة ؛ لانتفائها بالأصل. قيل : هذا عندنا، وأوجب الشافعية عليه هدياً، ولا يختلّ بذلك إحلاله عندنا وإن كان في ترك الرمي عامدا.
وأما ما مر من بعض الأخبار بأنه من ترك رمي الجمار متعمدا لم تحل له النساء وعليه الحج من قابل
فمع ضعف سنده وشذوذه وإن حكي نحوه عن
الإسكافي وأشعر عبارة التهذيب بقبوله
غير صريح؛ لاحتماله الحمل على تعمّد الترك لزعمه عند ما أحرم أو بعده أنه لغو لا عبرة به، فإنه حينئذ كافر لا عبرة بحجّه وإحلاله؛ أو على أن يكون المراد
إيجاب الحج من قابل لقضاء الرمي فيه، فيكون بمعنى ما في الخبر المتقدم كما قيل؛
أو على الاستحباب، كما في
الاستبصار والمختلف والدروس،
وفيه : أنه لم نقف على قائل به. وكذا إن أُريد منه وجوب العود لتدارك الرمي في عامه؛ لاتفاق الأخبار المتقدمة عليه. ويشكل لو أُريد منه ذلك مطلقاً، كما هو ظاهره في
الشرائع وصريحه هنا؛ لقوله :
(ولو حج في القابل استحب له القضاء، ولو استناب) ولم يباشره (جاز) لعدم وضوح دليل عليه، سوى الأصل وعموم الصحيحين المتقدمين بنفي الشيء و
الإعادة السالمين عمّا يصلح للمعارضة، سوى الرواية المتقدمة، وهي ضعيفة السند كما عرفته، وقد عرفت الجواب عن ضعف السند بالشهرة العظيمة، إذ لم نر مصرِّحاً بالاستحباب عدا الماتن والفاضل فيما حكي عنه من التبصرة.
وأما باقي الأصحاب فهم بين مصرِّح بالوجوب كالشيخ في التهذيبين والخلاف، والشهيدين في الدروس والمسالك و
الروضة ،
وباللزوم كالحلبي فيما حكي،
أو آمرٍ به كالشيخ في النهاية، والحلّي في السرائر، والفاضل في التحرير والقواعد، وابن زهرة في الغنية،
مدعياً عليه إجماع الطائفة، وحينئذ فتكون الرواية حجة.
ويقيّد بها
الأصل والصحيحان، بحمل الشيء والإعادة فيهما على ما يجامع الرواية، بأن يراد بالشيء نحو الكفارة، أو الإعادة في هذه السنة، وعليها يحمل الإعادة المنفية في الرواية الثانية، مضافاً إلى احتمالها الحمل على ما ذكره بعض الأجلة فقال : ويحتمل أن يكون إنما أراد السائل أنه نسي التفريق، ويؤيده لفظ «يعيد» قال : مع أن في طريقها النخعي فإنما يكون صحيحاً إن كان
أيوب بن نوح ، ولا يقطع به.
رياض المسائل، ج۷، ص۱۵۰- ۱۶۴.