سنن الجمعة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(وسنن الجمعة) أمور : الغسل، التنفل بعشرين ركعة، التفريق بين النوافل،حلق الرأس وقص الأظافر وأخذ الشارب، مباكرة المسجد ولبس أفضل الثياب والدعاء، الجهر جمعة وظهرا، الصلاة في المسجد،
•
غسل الجمعة ، إن اللّه تعالى أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة، وأتم صيام الفريضة بصيام النافلة، وأتم وضوء النافلة بغسل الجمعة، ما كان في ذلك من سهو أو تقصير أو نقصان.
ومنها (
التنفل بعشرين ركعة) زيادة عن كل يوم بأربع ركعات على الأشهر فتوى ورواية. خلافا للمحكي عن
الإسكافي ، فزاد ركعتين نافلة العصر،
للصحيح الآتي. وفيه : أنهما بعد العصر. وعن الصدوقين، فكسائر الأيام إذا قدّمت النوافل على الزوال أو أخّرت عن المكتوبة.
وفي الصحيح : عن
صلاة النافلة يوم الجمعة، فقال : «ست عشرة ركعة قبل العصر، وكان
علي عليه السلام يقول : ما زاد فهو خير» وقال : «إن شاء رجل أن يجعل منها ست ركعات في صدر النهار، وست ركعات في نصف النهار، ويصلّي الظهر ويصلّي معها أربعة ثمَّ يصلّي العصر».
وفي آخر : «النافلة يوم الجمعة ست ركعات قبل زوال الشمس، وركعتان عند زوالها، وبعد
الفريضة ثماني ركعات».
وظاهر النص والفتوى عموم استحباب العشرين لمن يصلّي الجمعة أو الظهر. وعن
نهاية الإحكام ما يشعر باختصاصه بالأول فإنه قال : والسرّ فيه أن الساقطة ركعتان فيستحب
الإتيان ببدلهما، والنافلة الراتبة ضعف الفريضة.
وفيه نظر.
وفي الرضوي : «إنما زيد في صلاة السنّة يوم الجمعة أربع ركعات تعظيما لذلك اليوم وتفرقة بينه وبين سائر الأيام».
وينبغي فعل العشرين كلّها قبل
الزوال وفاقا للأكثر كما قيل،
لتظافر الأخبار بإيقاع فرض الظهر فيه أول الزوال والجمع فيه بين الفرضين ونفي التنفل بعد العصر.
والصحيح : عن النافلة التي تصلّى يوم الجمعة، قبل الجمعة أفضل أو بعدها؟ قال : «قبل الصلاة».
والخبر : «إذا زالت الشمس يوم
الجمعة فلا نافلة».
وفي المنتهى : ولأنّ وقت النوافل يوم الجمعة قبل الزوال إجماعا، إذ يجوز فعلها فيه، وفي غيره لا يجوز، وتقديم
الطاعة أولى من تأخيرها.
خلافا لوالد الصدوق فتأخيرها عن الفريضة أفضل،
للخبرين.
وحملا على ما إذا زالت الشمس ولم يتنفل.
ويستحب التفريق بأن يصلّي (ستّ عند انبساط الشمس، وستّ عند
ارتفاعها ، وستّ قبل الزوال، وركعتان عنده) قبل تحقّقه، وفاقا للأكثر كما قاله بعض الأفاضل، مستدلاّ عليه بالصحيح : عن
الصلاة يوم الجمعة كم هي من ركعة قبل الزوال؟ قال : «ستّ ركعات بكرة، وستّ بعد ذلك اثنتا عشرة ركعة، وستّ ركعات بعد ذلك ثماني عشرة ركعة، وركعتان بعد الزوال، فهذه عشرون ركعة، وركعتان بعد العصر فهذه ثنتان وعشرون ركعة».
قال : فإن
البكرة وإن كانت أول اليوم من الفجر إلى طلوع الشمس أو يعمه، لكن كراهية التنفل بينهما وعند
طلوع الشمس دعتهم إلى تفسيرها
بالانبساط . وفي الخبر : «أمّا أنا فإذا كان يوم الجمعة وكانت الشمس من المشرق مقدارها من المغرب في وقت العصر صلّيت ستّ ركعات».
وفي آخر مروي في
السرائر : «فافعل ستّا بعد طلوع الشمس».
ولمّا كره التنفل بعد العصر وتظافرت الأخبار بأن وقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر في غيره،
وروي أن الأذان الثالث فيه
بدعة ،
وكان التنفل قبلها يؤدي إلى
انفضاض الجمعة رجّحوا هذا الخبر على الصحاح وغيرها المتضمنة للتنفل بست ركعات منها بين الصلاتين أو بعدهما، ولمّا تظافرت الأخبار بأنّ وقت الفريضة يوم الجمعة أول الزوال وأنه لا نافلة قبلها بعد الزوال لزمنا أن نحمل «بعد الزوال» في الخبر على احتماله كما في الخبر : «إذا كنت شاكّا في الزوال فصلّ الركعتين، فإذا استيقنت الزوال فصلّ الفريضة».
وفي الصحيح : عن ركعتي الزوال يوم الجمعة، قبل
الأذان أو بعده؟ فقال : «قبل الأذان».
وفي الرضوي المروي في السرائر عن كتاب
البزنطي : «إذا قامت الشمس فصلّ ركعتين، فإذا زالت فصلّ الفريضة ساعة تزول».
والصادقي المروي فيه عن كتاب
حريز : «وركعتين قبل الزوال».
انتهى.
وفي بعض ما ذكره من المقدّمات لتصحيح
الاستدلال بالصحيح إشكال، كدعواه الأكثرية على تقديم الركعتين على الزوال فإنه خيرة العماني خاصة
كما يظهر من جماعة
مدّعين على استحباب تأخيرها عنه الشهرة، والصحيحة المتقدمة بذلك صريحة، لكن الأدلة التي ذكرها أقوى منها، فما ذكره من
استحباب التقديم لا يخلو عن قوة، مع أن المقام مقام استحباب، فلا مشاحّة في
اختلاف الروايات فيها، فإنّ العمل بكلّ منها حسن إن شاء الله تعالى.
(و) منها (حلق الرأس) لمن اعتاده (وقصّ
الأظفار ) أو حكّها إن قصّت في الخميس (والأخذ من الشارب).
(ومباكرة المسجد) والمبادرة إليه، وأن يكون (على سكينة ووقار) والمراد بهما إمّا واحد وهو التأنّي في الحركة والمشي، أو المراد بأحدهما
الاطمئنان ظاهرا وبالآخر قلبا، أو التذلّل ظاهرا و
باطنا ، كلّ ذلك إما عند إتيان المسجد أو في اليوم كما في بعض النصوص. وأن يكون (متطيّبا لابسا أفضل ثيابه) وأنظفها (والدعاء) بالمأثور، قيل : وغيره
(أمام التوجه) إلى المسجد.
كلّ ذلك للنصوص المستفيضة،
عدا حلق الرأس فلم أجد به رواية عدا ما قيل من أنه ورد في بعض الأخبار أن
مولانا الصادق عليه السلام كان يحلق رأسه في كل جمعة.
ويمكن إدخاله فيما ورد من
الأمر بالتزين يوم الجمعة.
(ويستحب الجهر) بالقراءة في الفريضة (جمعة) كانت أ (وظهرا) بلا خلاف في الأول، بل عليه
الإجماع في كلام جماعة مستفيضا،
وعلى الأشهر الأقوى في الثاني أيضا، بل عليه الإجماع في الخلاف،
للصحاح وغيرها.
وقيل بالمنع مطلقا، للصحيحين.
وحملا على
التقية كما يشعر به بعض تلك الصحاح : «صلّوا في السفر الجمعة جماعة بغير خطبة واجهروا بالقراءة» فقلت : إنه ينكر علينا
الجهر بها في السفر، قال : «اجهروا بها».
هذا مع أن القائل بهذا القول بعد لم يظهر، نعم حكاه الماتن في
المعتبر قائلا أنه الأشبه بالمذهب.
واستقر به بعض من تأخر.
ووافقه الحلّي فيما إذا صلّيت فرادى واستحب الجهر إذا صلّيت جماعة،
للصحيح المروي عن
قرب الإسناد : عن رجل صلّى العيدين وحده والجمعة هل يجهر فيها؟ قال : «لا يجهر إلاّ
الإمام ».
قيل : ورواه
المرتضى .
ويدفعه الصحيحان، في أحدهما : عن
القراءة في الجمعة إذا صليت وحدي أربعا أجهر بالقراءة؟ فقال : «نعم».
وقريب منه الثاني.
و
إطلاق ما عدا الصحيح الماضي.
(وأن يصلّي في المسجد ولو كانت) صلاته تلك (ظهرا) قيل : للعمومات،
وللنص : إنّ
أبا جعفر عليه السلام كان يبكّر إلى المسجد حين تكون الشمس قدر رمح، فإذا كان
شهر رمضان يبكّر قبل ذلك وكان يقول : «إنّ لجمع شهر رمضان على جمع سائر الشهور فضلا كفضل رمضان على سائر الشهور»
فتدبر.
(وأن يقدّم المصلّي ظهره إذا لم يكن الإمام) الذي يريد
صلاة الجمعة معه عادلا (مرضيا) كما في الحسن : قلت لأبي جعفر عليه السلام : كيف تصنع يوم الجمعة؟ قال : «كيف تصنع أنت؟» قلت : أصلّي في منزلي ثمَّ أخرج فأصلّي معهم، قال : «كذلك أصنع أنا».
(ولو صلّى معه ركعتين وأتمّهما) ظهرا (بعد
تسليم الإمام جاز) للمعتبرة، منها الصحيح : قلت لأبي جعفر عليه السلام: إنّ أناسا رووا عن
أمير المؤمنين عليه السلام أنه صلّى أربع ركعات بعد الجمعة ولم يفصل بينهنّ بتسليم، فقال : «يا
زرارة إنه صلّى خلف فاسق فلمّا سلّم وانصرف قام أمير المؤمنين عليه السلام فصلّى أربع ركعات لم يفصل بينهنّ بتسليم، فقال له رجل إلى جنبه : يا أبا الحسن صلّيت أربع ركعات لم تفصل بينهن بتسليم، قال : إنها أربع ركعات مشتبهات، فسكت، فو الله ما عقل ما قال له».
و
الموثق كالصحيح : «إذا صلّوا الجمعة في وقت فصلّوا معهم ولا تقومنّ من مقعدك حتى تصلّي ركعتين أخريين» قلت : فأكون قد صلّيت أربعا لنفسي لم أقتد به؟ فقال : «نعم».
رياض المسائل، ج۳، ص۳۶۷- ۳۷۳.