غسل الجمعة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
إن
اللّه تعالى أتم صلاة
الفريضة بصلاة النافلة، وأتم صيام الفريضة بصيام النافلة، وأتم وضوء النافلة بغسل الجمعة، ما كان في ذلك من سهو أو تقصير أو نقصان.
(وإمّا المندوب من الأغسال)، (فالمشهور) منها ثمانية وعشرون غسلا، وذكر الشهيد في
النفلية أنها خمسون.
منها : (غسل الجمعة) على الأظهر الأشهر، بل عليه
الإجماع في الخلاف و
الأمالي .
ومنه يظهر فساد نسبة القول بالوجوب إلى
الكليني والصدوق،
مضافاً إلى عدم دلالة لفظ الوجوب في كلامهم على المعنى المصطلح صريحاً سيّما مع
إردافه بلفظ السنّة في كلام الثاني فلا خلاف. للأصل؛ والنصوص المستفيضة، وهي ما بين صريحة وظاهرة.
ففي الصحيحين : «إنه سنّة وليس بفريضة»
بعد أن سئل ظاهراً عن حكمه دون مأخذه. وبه يندفع حمل السنّة هنا على ما ثبت وجوبه بالسنّة، ويؤكده درج الفطر و
الأضحى في السؤال في أحدهما. وفي الخبر : كيّف صار غسل الجمعة واجباً؟ قال : «إن اللّه تعالى أتم
صلاة الفريضة بصلاة النافلة، وأتم
صيام الفريضة بصيام النافلة، وأتم وضوء النافلة بغسل الجمعة، ما كان في ذلك من سهو أو تقصير أو نقصان» كذا في الكافي والتهذيب.
وعن
المحاسن والعلل : «وأتم وضوء الفريضة بغسل الجمعة»
وهو الأنسب بالسياق، والأول أقوى في الدلالة. وفي
المرسل قال : «الغسل في سبعة عشر موطناً، الفرض ثلاثة» قيل : ما الفرض منها؟ قال : «غسل الجنابة وغسل من غسّل ميتاً والغسل للإحرام».
فذكر الأخيرين دليل على أن الفرض ليس بمعنى الواجب بنص الكتاب، بل الواجب وما يقرب منه في التأكيد.
وفي الرضوي : «إن الغسل ثلاثة وعشرون : من الجنابة، و
الإحرام ، وغسل الميت، وغسل مسّ الميت، وغسل الجمعة ـ إلى أن قال ـ : الفرض من ذلك
غسل الجنابة ، والواجب
غسل الميت وغسل الإحرام، والباقي سنّة».
وفيه أيضاً : «وعليكم بالسنن يوم الجمعة وهي سبعة :
إتيان النساء، وغسل الرأس واللحية بالخطمي، وأخذ الشارب، وتقليم الأظافير، وتغيير الثياب، ومس الطيب، فمن أتى بواحدة من هذه السنن نابت عنهن وهي الغسل، فإن فاتك غسل يوم الجمعة قضيت يوم السبت أو بعده من أيام الجمعة، وإنما سنّ الغسل يوم الجمعة تتميما لما يلحق الطهور في سائر الأيام من النقصان».
وفي النبوي : «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل».
وفي بعض الأخبار : «إن الغسل أربعة عشر وجهاً، ثلاثة منها غسل واجب مفروض متى نسيه ثمَّ ذكره بعد الوقت اغتسل وإن لم يجد الماء تيمم، فإن وجدت الماء فعليك
الإعادة ، وأحد عشر غسلا سنّة :
غسل العيدين والجمعة» الخبر.
ويؤيده درجة في قرن المستحبات في الأخبار، ففي الصحيح : «ليتزيّن أحدكم يوم الجمعة ويغتسل ويتطيب ويسرح لحيته ويلبس أنظف ثيابه».
وفيه أيضاً : «لا تدع الغسل يوم الجمعة فإنه سنّة، وشمّ الطيب، والبس صالح ثيابك» الحديث.
ويعضده الرخصة في بعض الأخبار للنساء في تركه في السفر، بل في بعضها في الحضر أيضا كالمروي في الخصال : «ليس على
المرأة غسل الجمعة في السفر، ويجوز لها تركه في الحضر».
وبهذه الأدلة يصرف ظاهر لفظ الوجوب و
الأمر في الصحاح المستفيضة وغيرها، مضافاً إلى الوهن في دلالة الوجوب فيها على المعنى المصطلح، بناءً على كثرة
استعماله في بحث الأغسال في المستحبة منها إجماعاً.
(ووقته ما بين
طلوع الفجر إلى الزوال) إجماعاً، فلا يجوز التقديم إلّا يوم الخميس مع خوف
إعواز الماء للخبرين.
وذلك لكونه عبادة موظفة معلّقة شرعيتها على يوم الجمعة، ولا يصدق إلّا بما ذكر، مضافا إلى ما سيأتي من الأخبار. وأما التحديد إلى الزوال ففي المعتبر عليه إجماع الناس.
وهو المقيّد
لإطلاق الأخبار كالصحيح : «وليكن فراغك من الغسل قبل الزوال».
خلافاً للمحكي عن الشيخ من أن غايته
صلاة الجمعة ؛
للإطلاق، و
إشعار المعتبرة بكون المقصود من شرعيته حصول التطهر حال
الصلاة ، وفي الخبر : «إن
الأنصار كانت تعمل في نواضحها وأموالها، فإذا كان يوم الجمعة جاؤوا فتأذى الناس من أرواح آباطهم، فأمرهم
رسول اللّه صلي الله عليه وآله وسلم بالغسل يوم الجمعة، فجرت بذلك السنّة».
(وكلّما قرب من الزوال كان أفضل) فيما قطع به الأصحاب، ولعلّ مستندهم الرضوي : «ويجزيك إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر، وكلّما قرب من الزوال فهو أفضل».
وربما كان في الصحيح السابق إشعار به، فتأمل.
رياض المسائل، ج۱، ص۴۸۲- ۴۸۶.