الإعواز
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو بمعنى
الفقر والاحتياج .
الإعواز لغة:
الفقر والاحتياج ، يقال: أعوز الرجل إعوازاً، إذا احتاج واختلت حاله
، وأعوزه الشيء، إذا احتاج إليه فلم يقدر عليه.
والاسم: العوز، وهو:
الضيق ،
والحاجة ، والفقر.
ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي.
لا
حرمة في أن يحيج الإنسان نفسه إلى شيء مّا أو شخص مّا، ما لم يطرأ عنوان ثانوي كأن يكون في إعواز نفسه ووضعها في موضع الحاجة تقصير في
النفقة على
العيال أو في سداد
الديون أو مذلّة بطلب
المال من آخر بما فيه
إهانة النفس، أو كان الذي يُحتاج إليه
كافراً بحيث كان في الحاجة إليه
ارتهان المسلمين وبلدانهم له وسلبهم قرارهم وتقرير مصيرهم ومستقبلهم، وكذلك لو كان إعواز نفسه لأمرٍ يتحقّق بفعل محرّم كما لو أضرّ بنفسه بحيث صار محتاجاً إلى
الطبيب ، بل ذكر بعض علماء
الاصول أنّه لا يجوز
للمكلف تعجيز نفسه عن القيام
بالواجب بعد فعليّته وتحقّق شرائطه؛ لأنّ فيه تفويت غرض
المولى ، وهو محرّم عقلًا.
وأمّا قبل فعلية الوجوب- كما لو أراق
الماء قبل دخول الوقت- فيجوز؛ لأنّه بإراقة الماء يجعل نفسه عاجزاً عن الواجب عند تحقّق ظرف الوجوب، وحيث إنّ الوجوب مشروط
بالقدرة فلا يحدث الوجوب في حقّه، ولا محذور في أن يسبّب المكلّف إلى أن لا يحدث الوجوب في حقّه.
وتفصيل البحث موكول إلى علم الاصول.
هذا، وقد تعرّض
الفقهاء للإعواز في بعض المواضع المتفرّقة من
الفقه نشير إليها فيما يلي:
أدنى ما يجزي في
غسل الجنابة من الماء عند إعوازه ما يكون
كالدهن يمسح به الإنسان بدنه؛
لرواية إسحاق بن عمار ، عن جعفر، عن أبيه: «أنّ
عليّاً عليه السلام كان يقول: الغسل من الجنابة
والوضوء يجزي منه ما أجزى من الدهن الذي يبلّ الجسد».
يستحبّ تقديم غسل
الجمعة يوم
الخميس لو غلب على
ظنّه فقدان الماء يوم الجمعة.
واستدلّ لذلك بأنّه
طاعة في نفسه، فلا يؤثّر فيها
الوقت .
لكن هذا الوجه ضعيف؛ فإنّ مجرّد كون الشيء طاعةً لا يعني عدم تأثير الوقت فيها، كيف وكثير من الواجبات
والمستحبات مقيدة بأوقات خاصّة لا يؤتى بها إلّا فيها.
من هنا كان المهم هو الروايات الخاصّة الواردة في المقام، مثل مرسل
محمد بن الحسين ، عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: قال لأصحابه: «إنّكم تأتون غداً منزلًا ليس فيه ماء، فاغتسلوا اليوم لغد»، فاغتسلنا يوم الخميس للجمعة.
ورواية
أحمد بن محمد ، عن
الحسين بن موسى بن جعفر ، عن
امّه وامّ أحمد ابنة
موسى بن جعفر عليه السلام، قالتا: كنّا مع أبي الحسن عليه السلام
بالبادية ونحن نريد بغداد، فقال لنا يوم الخميس: «اغتسلا اليوم لغد يوم الجمعة...».
نعم، تستحبّ
الإعادة لو اغتسل يوم الخميس، ثمّ وجد الماء يوم الجمعة؛ لأنّ
البدل إنّما يجزي مع تعذّر المبدل، وغسل الخميس هنا بدل.
وكذا إذا شرع في الغسل يوم الخميس من جهة
خوف إعواز الماء يوم الجمعة فتبيّن في الأثناء وجوده
وتمكّنه منه يومها، بطل غسله، ولا يجوز
إتمامه بهذا العنوان،
والعدول منه إلى غسل آخر مستحبّ، إلّا إذا كان من الأوّل قاصداً للأمرين.
أمّا لو وجده بعد
الزوال من يوم الجمعة فلا تلزم الإعادة؛ لفوات الوقت،
والقضاء كالتقديم في البدليّة.
يجب طلب الماء عند إعوازه، فلو أخلّ به مع التمكّن لم يعتدّ
بتيمّمه ؛ لاشتراط إعواز الماء في جوازه، وحصول الشرط موقوف على الطلب؛
قال اللَّه سبحانه وتعالى: «فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً»،
فإنّه لا يصدق
عرفاً عدم وجدان الماء إلّا مع إعوازه المترتب عرفاً على
البعث والطلب وعدم الوجدان.
وقال عليه السلام: «
التراب كافيك ما لم تجد الماء».
:
ذكر بعض
الفقهاء أنّه لا يجوز نقل
الزكاة عن بلد
المال إلّا مع إعواز
المستحقّ فيه، وعنده لا بأس أن يبعث بها إلى بلد آخر، فإن اصيبت الزكاة في الطريق أو هلكت فقد أجزأ عنه.
وأمّا لو كان قد وجد في بلده مستحقّاً لها ولم يعطه، وآثر من يكون في بلد آخر، كان
ضامناً لها إن هلكت، ووجب عليه إعادتها؛
وذلك
لرواية محمد بن مسلم قال: قلت
لأبي عبد اللَّه عليه السلام: رجل بعث بزكاة ماله لتُقسّم فضاعت، هل عليه ضمانها حتى تُقسّم؟ قال: «إذا وجد لها موضعاً فلم يدفعها فهو لها ضامن حتى يدفعها، وإن لم يجد لها من يدفعها إليه فبعث بها إلى
أهلها فليس عليه ضمان؛ لأنّها قد خرجت من يده...».
وما رواه
بكير بن أعين ، قال: سألت
أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يبعث بزكاته فتُسرق أو تضيع، قال: «ليس عليه شيء».
مع حمله- جمعاً بين
النصوص - على صورة
فقدان المستحق في البلد.
يجب
إيصال جميع
الخمس إلى
الإمام عليه السلام حال
حضوره ، فيأخذ نصفه له يصرفه فيما يشاء، ويقسّم النصف الآخر منه على مستحقّ الخمس من الطوائف كلّها، الحاضر والغائب قدر
الكفاية ، فإن فضل منه شيء كان
ملكاً له، وإن أعوز ونقص أتمّ من نصيبه على المشهور،
بل في المسالك نسبته إلى أجلّاء
فقهائنا .
ولعلّه مبنيّ على أنّ
سهم الإمام ملك شخصي له، أمّا بناءً على ملكية المنصب فيكون المستحقون من موارد
الصرف أيضاً في النصف الثاني من الخمس؛ لفرض أنّه يصرف في
مصالح المسلمين العامة، وهم منها، والأمر يتبع نظر
الحاكم .
لو خاف عوز الماء في
الميقات جاز له تقديم
الغسل على الميقات، ويكون على هيئته إلى أن يبلغ الميقات، ثمّ يحرم ما لم ينم أو يمضي عليه يوم وليلة؛
لرواية الحلبي قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الرجل يغتسل
بالمدينة للإحرام ، أيجزيه عن غسل
ذي الحليفة ؟ قال: «نعم».
ولما رواه
هشام بن سالم ، قال: أرسلنا إلى أبي عبد اللَّه عليه السلام- ونحن جماعة ونحن بالمدينة- أنّا نريد أن نودّعك، فأرسل إلينا: «أن اغتسلوا بالمدينة، فإنّي أخاف أن يعزّ
الماء عليكم بذي الحليفة، فاغتسلوا بالمدينة، والبسوا
ثيابكم التي تحرمون فيها، ثمّ تعالوا فرادى أو مثاني».
ورواه
الصدوق بإسناده عن
ابن أبي عمير وزاد: فلمّا أردنا أن نخرج قال: «لا عليكم أن تغتسلوا إن وجدتم ماءً إذا بلغتم ذا الحليفة».
لو تلف
المثلي في يد
الغاصب وطرأ الإعواز على المثلي يجب عليه
أداء القيمة ، ولا يلزم
شراء المثل بأكثر من
ثمنه عند الإعواز؛ لأنّ اشتراء الشيء بأزيد من ثمنه
ضرر عرفاً منفي بدليله، وهذه الزيادة زائدة على طبع
الخسارة .
وربما يقال بإلزامه لقاعدة أنّ الغاصب يؤخذ بأشقّ الأحوال.
الموسوعة الفقهية، ج۱۵، ص۱۷۴-۱۷۸.