شهادة النساء في الهلال والطلاق والنكاح
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ولا تقبل
شهادة النساء في
الهلال والطلاق بلا خلاف إذا كنّ عن الرجال منفردات، وكذا إذا انضمّوا إليهنّ.
ولا تقبل شهادة النساء في
الهلال والطلاق بلا خلاف إذا كنّ عن الرجال منفردات، وكذا إذا انضمّوا إليهنّ على الأظهر الأشهر، بل عليه عامّة من تقدم وتأخّر.
عدا
العماني، فقال:
شهادة النساء مع الرجال جائزة في كل شيء إذا كنّ ثقات
.
وهو شاذّ، بل على خلافه في
الغنية الإجماع
.
والشيخ في
المبسوط والإسكافي
، فقالا بالقبول في الطلاق، ويظهر من الثاني إجماعنا عليه، وحكاه عن عمر بن الخطاب.
وكفاه هذا ردّاً، مع دعوى الإجماع على خلافه في الغنية صريحاً وفي
الدروس ظاهراً، وهو
الحجة هنا وسابقاً، مضافاً إلى الأصل المتقدم، والنصوص المستفيضة جدّاً.
ففي
الصحيح: «لا تجوز شهادة النساء في الهلال والطلاق»
.
ونحوه آخر بدون ذكر
الطلاق.
وفي آخرين: «لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال ولا تقبل في الهلال إلاّ رجلان عدلان»
.
وزيد في أحدهما: «ولا في الطلاق».
وفي خامس: «شهادة النساء تجوز في
النكاح ولا تجوز في الطلاق»
.
ونحوه سادس: عن شهادة النساء في النكاح، فقال: «تجوز، وكان عليّ (علیهالسّلام) يقول: لا أُجيزها في الطلاق»
الحديث.
ونحوهما سابع: «لا تجوز شهادتهن في الطلاق ولا في
الدم، وتجوز شهادتهن في النكاح إذا كان معهن رجل»
.
والموثق: «كان
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) يجيز شهادة المرأتين في النكاح عند الإنكار، ولا يجيز في الطلاق إلاّ شاهدين عدلين»
.
والقريب من الصحيح
بابن محبوب المجمع على تصحيح ما يصح عنه: «تجوز شهادة النساء فيما لا يستطيع الرجال أن ينظروا إليه ويشهدوا عليه، وتجوز شهادتهن في النكاح، ولا تجوز في الطلاق ولا في الدم»
الحديث.
والخبران: في أحدهما: «تجوز شهادة النساء وحدهنّ على ما لا يستطيع الرجال النظر إليه، وتجوز شهادة النساء في النكاح إذا كان معهن رجل، ولا تجوز في الطلاق ولا في الدم» الحديث
.
وفي الثاني: عن شهادة النساء تجوز في النكاح؟ قال: «نعم، ولا تجوز في الطلاق»
.
إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة التي لا معارض لها في المقامين لا عموماً ولا خصوصاً، عدا ما عن المبسوط من أنّه روي قبول شهادتهن في الطلاق مع الرجال.
وهو مع إرساله، وعدم معارضته لما مرّ من الأدلة نادر، ولم يحكه عن المبسوط إلاّ في
الكفاية.
وبالجملة: فالخلاف فيهما ضعيف غايته، والمصير إلى مقتضاها متعين.
وظاهر
إطلاق العبارة وغيرها مما أُطلق فيه المنع عن القبول في الطلاق انسحاب المنع فيه في جميع أنواعه التي منها
الخلع والمباراة والطلاق بعوض، وهو المشهور كما في المسالك
،
وشرح الشرائع للصيمري وغيرهما
؛ لإطلاق ما مرّ من النصوص، بناءً على كون الخلع وما بعده من أفراد الطلاق وفي معناه، كما صرّح به
الفاضل في
المختلف.
وظاهره عدم القائل بالفرق بينه وبين غيره من أنواع الطلاق، فكلّ من قال فيه بالمنع
كالمفيد، والصدوقين، والشيخ في النهاية والخلاف، والديلمي، والحلبي، والقاضي، وابن حمزة، والحلّي
، وغيرهم
قال به مطلقاً، ومن قال بالقبول
كالشيخ في المبسوط،
والإسكافي، والعماني قال به كذلك
.
واختار في
المسالك قولاً بالتفصيل بين ما لو كان مدّعيه المرأة فكالطلاق لا تقبل فيه، أو الرجل فتقبل؛ لتضمنه دعوى المال.
وحكى فيه وفي غيره القبول فيه مطلقاً
من جهة تضمنه المال، وهو مستلزم للبينونة، فتثبت أيضاً لذلك.
ومبنى هذين القولين على ما تقرر عندهم وسيظهر من قبول شهادتهن فيما يتضمن مالاً أو يكون المقصود منه المال، وأنكره بعض الأصحاب
، ولعلّه لعدم الدليل على الكلية في النصوص؛ ولعدم تبادر نحو المقام من الدين المحكوم فيها بجواز شهادتهنّ مع الرجال فيه، والإجماع مفقود في محل النزاع.
وفي الأخير نظر يظهر وجهه مما قدمناه في بحث
الشاهد واليمين في كتاب
القضاء، فالأولى في الجواب تخصيص الكلية على تقدير ثبوتها بما مرّ من إطلاق النصوص والإجماع البسيط المنقول في الغنية
، والمركب الظاهر من المختلف
، كما عرفته.
مضافاً إلى
الأصل، والشهرة العظيمة الجابرة لضعف دلالة النصوص المزبورة، من حيث عدم تبادر نحو الخلع من الطلاق المطلق فيها أيضاً؛ لكونه من الأفراد النادرة له.
ثم إنّ مقتضى الصحيحة الخامسة وما بعدها جملةً بعد حمل مطلقها على مقيدها قبول شهادتهن مع الرجال في النكاح، وهو خيرة العماني، والإسكافي،
والصدوقين، والحلبي، والشيخ في المبسوط والتهذيبين،
وابن زهرة مدّعياً عليه إجماع
الإمامية، والفاضلين في الشرائع
والإرشاد والقواعد، وولده في الشرح،
والشهيد في الدروس
، وغيرهم من المتأخرين
، وبالجملة: الأكثرون على الظاهر، المصرَّح به في المسالك
، وهو الأظهر.
خلافاً للخلاف، والمفيد،
والديلمي،
وابن حمزة،
والحلّي، وهو ظاهر التحرير ولكن احتمل الأوّل ثانياً
، وفي شرح الشرائع للصيمري أنّه المشهور
. وفيه ما فيه.
ومستندهم الخبر: «شهادة النساء لا تجوز في طلاق، ولا نكاح، ولا في
حدود، إلاّ في الديون، وما لا يستطيع الرجال النظر إليه
.
وهو مع ضعف سنده بالسكوني وعدّة من الجهلاء غير مكافئ لما تقدم من الأدلة لوجوه شتى لا تخفى، وحمله الشيخ تارةً على
الكراهة، وأُخرى على
التقية، قال: لأنّ ذلك مذهب
العامة.
أقول: ويعضده كون
الراوي:
السكوني، وهو من قضاتهم.
ومع جميع ذلك فهو مطلق يحتمل التقييد بصورة الانفراد عن الرجال، كما ذكره جماعة من الأصحاب
.
ولا ينافيه الاستثناء للديون المثبت لقبول شهادتهنّ فيها مع أنّه لا يكون ذلك مع انفرادهن عن الرجال كما سيأتي؛ لمنع عدم قبول شهادتهنّ فيها على الانفراد عنهم مطلقاً؛ لما يأتي من قبولها مع اليمين، فلعله المراد من القبول في صورة الاستثناء.
ومع ذلك يحتمل حمله على ما حمل عليه بعض النصوص الدالّة على قبول شهادتهن مع الانفراد عن الرجال في
الديون، كالصحيح: «إنّ
رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) أجاز شهادة النساء في الدين وليس معهن رجل»
من دين من جهة
الوصية، أو
ميراث المستهل.
أو صورة ما إذا حصل العلم بقولهن، كما ذكره خالي
العلاّمة المجلسي طاب رمسه في حاشيته المحكية عنه على الصحيحة، قال: وإلاّ فالمعمول عليه أنّه لا تقبل شهادة النساء منفردات إلاّ فيما يعسر اطلاع الرجال عليه، إلى آخر ما ذكره
.
وأمّا الجمع بينهما بحمل رواية المنع على ما إذا كان المدّعى الزوج؛ لأنّه لا يدّعي مالاً، وأخبار القبول على ما إذا كان المدّعى المرأة؛ لأنّ دعواها تتضمن المال من
المهر والنفقة، كما ذكره شيخنا في المسالك
واستوجهه.
فضعيف غايته؛ لعدم الشاهد عليه صريحاً، بل ولا ظاهراً كما في الكفاية
، وكونه فرع التكافؤ المفقود في الرواية المانعة لوجوه عديدة.
نعم لو صحّ البناء المتقدم للقول بالتفصيل في المسألة السابقة اتجه ما ذكره، ولكن فيه هنا نظير ما عرفته ثمّة، إلاّ اعتضاد أخبار المشهور بالأصل؛ فإنّه على خلافها، بل معاضد للرواية المانعة، ولكنه غير نافع للقول بالتفصيل؛ إذ كما يعضده في شقّ ينافيه في آخر، فتدبّر.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۵، ص۳۳۰-۳۳۷.