عمل الصور المجسمة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(كعمل الصور المجسمة) ذوات الأرواح، إجماعاً في الظاهر، وصرّح به بعض الأجلّة؛
وهو الحجة.مضافاً إلى مفهوم الرضوي والمروي عن
تحف العقول ورسالة المحكم والمتشابه للمرتضى، وفيهما : «وأمّا تفسير الصناعات فكل ما يتعلّم العباد أو يعلّمون غيرهم من أصناف الصناعات، مثل
الكتابة والحساب» إلى أن قال : «وصنعه صنوف التصاوير ما لم يكن فيه مثال الروحاني، فحلال تعلّمه وتعليمه».
والمرسل كالصحيح على الصحيح : «من مثّل مثالاً كلّف يوم القيامة أن ينفخ فيه
الروح ».
والحسن كالموثق بأبان المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه : «ثلاثة يعذّبون يوم القيامة» وعدّ منهم : «رجلاً صوّر تماثيل يكلّف أن ينفخ فيها وليس بنافخ».
ونحوهما المروي في الفقيه في حديث المناهي،
والمروي عن
ابن عباس والخصال،
لكن أُضيفت الصورة إلى
الحيوان .
وظاهرها سيّما الأخير والأوّلين
اختصاص التحريم بصورة ذوات الأرواح، كما قيّدنا به العبارة، وفاقاً لجماعة، كالشيخين والمتأخّرين كافّة، كما حكاه بعض الأجلّة.
ولعلّه فهم القيد من العبارة ونحوها من الخارج، وإلاّ فلا
إشعار فيها به، بل ظاهرها
التعميم له ولغيره، كصورة النخلة والشجرة، ولكن لا تساعده الأدلّة، بل الروايات مفهوماً وسياقاً كما عرفت على خلافه واضحة المقالة.مضافاً إلى
أصالة الإباحة ، وصريح الصحيحين المرويين عن المحاسن، في أحدهما : «لا بأس بتماثيل الشجر»
وفي الثاني : عن تماثيل الشجر والشمس والقمر، فقال : «لا بأس ما لم يكن شيئاً من الحيوان».
وقريب منهما المرويان في الكافي، أحدهما الموثق كالصحيح بل الصحيح كما قيل
في قوله تعالى (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ)
الآية قال : «والله ما هي تماثيل الرجال والنساء، ولكنّها تماثيل الشجر وشبهه».
ونحوه الثاني،
وليس في سنده سوى سهل الثقة عند جمع وسهل عند آخرين .
واحترز بالمجسمة عن الصور المنقوشة على نحو الورق والوسادة فلا تحترم، وفاقاً للأكثر، بل كافّة من تأخّر كما في التنقيح؛
للأصل، وظاهر الرخصة في الجلوس عليها في الأخبار فعلاً، في أحدهما : «كانت
لعلي بن الحسين علیهما السلام وسائد وأنماط فيها تماثيل يجلس عليها».
وفي الباقي قولاً : ففي الموثق : عن الوسادة والبساط يكون فيه التماثيل؟ قال : «لا بأس به يكون في البيت» قلت : التماثيل؟ قال : «كلّ شيء يوطأ فلا بأس به».
ونحوه الخبر.
وقريب منهما الصحيح : «لا بأس أن يكون التماثيل في البيوت إذا غيّرت رؤوسها وترك ما سوى ذلك».
والأصل يندفع بما مرّ من الإطلاقات.
والخبر الثاني بقصور السند؛ مضافاً إلى ضعف الدلالة فيه وفي سابقه، لعدم ظهور التماثيل فيهما في تماثيل الحيوانات، فيحتمل نحو الشجر؛ مضافاً إلى عدم
الملازمة بين رخصة الجلوس وجواز الفعل إلاّ
بالإجماع عليها، وهو غير ثابت.مع أنّها معارضة بالموثق كالصحيح : يجلس الرجل على بساط فيه تماثيل؟ فقال : الأعاجم تعظّمه وإنّا لنمقته»
وفيهما بدل «لنمقته» : «لنمتهنه».
ونحوه الأخبار الآتية الناهية عن التماثيل على
الإطلاق .
فالأصح تحريمه مطلقاً، وفاقاً للقاضي والحلّي وشيخنا
الشهيد الثاني سيّما وقد ادّعى الفاضل في المنتهى فيما حكي عنه الإجماع هنا. فقال : يحرم سائر التماثيل والصور ذوات الأرواح مجسّمة كانت أو غير مجسمة. إجماعاً منّا. (منه ;). ولكنّا لم نعثر عليه في المنتهى. ولا على من حكى عنه.
ويمكن حمل العبارة ومضاهيها عليه، بحمل الصفة على الممثّل دون المثال.
إلاّ أن يجاب عن معارض الأصل من إطلاق النصوص بقصور سند الظاهر منها، وعدم ظهور المنع من صحيحها، فإنّ غايته ثبوت البأس في مفهومه وهو أعمّ من الحرمة.إلاّ أنّ كثرة الأخبار الظاهرة
واعتبار سند بعضها كالرضوي والمعتبرين بعده يمكن أن يدفع بهما الأصل، وإن كان في تعيّنه نوع نظر،
لاعتضاد الأصل بعمل الأكثر، بل كافّة من تأخّر، كما مرّ.
ولا ريب أنّ
الاجتناب عن مطلق ذي الروح أحوط، بل أولى وأظهر. وأحوط منه الاجتناب عن مطلق المثال، كما عن الحلبي؛
لإطلاق الخبرين في أحدهما : «وينهى عن تزويق البيوت» قلت : وما تزويق البيوت؟ فقال : «تصاوير التماثيل».
وفي الثاني خطاباً للأمير عليه السلام حين وجّه إلى
المدينة : «لا تدع صورة إلاّ محوتها، ولا قبراً إلاّ سوّيته، ولا كلباً إلاّ قتلته».
وضعفهما بالجوهري وصاحبه في الأوّل، والنوفلي والسكوني في الثاني يمنع من العمل بهما، وإن تأيّدا بالمستفيضة المعرِبة عن عدم نزول
الملائكة بيتاً تكون فيه التماثيل والصورة، كالخبر : «إنّ
جبرئيل عليه السلام قال : إنّا لا ندخل بيتاً فيه صورة يعني صورة
إنسان ولا بيتاً فيه تماثيل»
لظهورها كسياق الثاني في الكراهة.ومع ذلك هما غير صريحي الدلالة، فيحتملان التقييد بمفاهيم ما قدّمناه من المعتبرة، أو
إبقاءهما على ظاهرهما مع الحمل على الكراهة.
رياض المسائل، ج۸، ص۱۵۱-۱۵۵.