• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

قاعدة لاتعاد للإخلال الجهلي

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



وقع الخلاف في أنّ حديث «لا تعاد» هل يشمل الإخلال بالجزء أو الشرط جهلًا أو أنّه يختصّ بالإخلال بها سهواً أو نسياناً على ثلاثة أقوال.




عدم الشمول للجاهل، قاصراً كان أو مقصّراً، وهو ما قوّاه المحقّق النائيني،
[۱] الصلاة (النائيني، تقريرات الآملي)، ج۲، ص۴۱۳.
واختاره المحقّق الهمداني والمحقّق العراقي، بل نسب إلى المشهور.
[۵] الصلاة (النائيني، تقريرات الآملي)، ج۲، ص۴۰۶.
[۶] الصلاة (النائيني، تقريرات الآملي)، ج۲، ص۴۱۳.
[۸] مستند العروة (الصلاة)، ج۶، ص۲۰.




ما نقله المحقّق النائيني من ذهاب البعض إلى عدم اختصاص الحديث بالناسي، بل يشمل العامد والجاهل، غايته أنّ العالم العامد خرج‌ بالإجماع.
[۱۰] الصلاة (النائيني، تقريرات الآملي)، ج۲، ص۴۰۶.




هو التفصيل بين الجاهل المقصّر فلا يشمله الحديث وبين الجاهل القاصر فيشمله، وهذا ما ذهب إليه الشيخ الأنصاري على ما حكاه المحقّق النائيني عن بعض مقرّري بحثه،
[۱۱] الصلاة (النائيني، تقريرات الآملي)، ج۲، ص۴۰۶.
[۱۲] الصلاة (النائيني، تقريرات الآملي)، ج۲، ص۴۱۰.
وقوّاه السيّد اليزدي، والسيّد الخوئي.



أمّا القول الأوّل- وهو اختصاص الحديث بالناسي وعدم شموله للجاهل- فقد استدلّ عليه بوجوه:

۴.۱ - الوجه الأول


ما ذكره المحقّق النائيني من أنّ مورد نفي الإعادة الذي هو لسان الحديث مختصّ بما يمكن فيه الأمر بالإعادة، و الأمر بالإعادة يصحّ فيما إذا لم يمكن فيه بقاء الأمر الأوّل المتعلّق بفعل الصلاة تامّة، وإلّا فمعه لا يحتاج إلى الأمر بالإعادة؛ لكونه بنفسه محرّكاً نحو العمل وكافياً في الباعثية وما لا يمكن فيه بقاء الأمر الأوّل هو صورة النسيان وما يشبهه كالاضطرار ونحوه، فالأمر بالإعادة لا يشمل العامد سواء كان عالماً أو جاهلًا بقسميه، أمّا العامد العالم فواضح كالجاهل المقصّر، حيث إنّ الأمر متوجّه إليه ومنجّز في حقّه أيضاً، وأمّا الجاهل القاصر فالأمر وإن لم يكن منجّزاً عليه إلّاأنّه لا مانع من تعلّقه به، فظهر أنّ نفي الإعادة بالإخلال بغير الخمسة يختصّ بما إذا سقط الأمر المتعلّق بالمركّب، وهذا يختصّ بالناسي.
[۱۵] الصلاة (النائيني، تقريرات الآملي)، ج۲، ص۴۰۹.

وقد اجيب عنه بأنّ الإعادة لا تكون بأمر آخر بل بنفس الأمر الأوّل وبقائه حتى في موارد النسيان للجزء أو الشرط حين العمل؛ لأنّ المفروض التفات المكلّف إلى نسيانه بعد العمل، وتمكّنه من الإتيان بما هو الواجب وهو المركّب التام في الوقت والتكليف متعلّق به لا بخصوص المركّب في الزمن الذي جاء به فيه، فالأمر الأوّل باقٍ على كلّ حال.
وبتعبير آخر: حديث «لا تعاد» لا ينفي أمراً آخر بالإعادة، وإنّما هو تقييد واقعي‌ لدليل جزئية أو شرطية القيد الثابت بنفس دليل الأمر بالمركّب- كما تقدّم شرحه- والبحث هنا في مقدار هذا التقييد وأنّه مخصوص بموارد ترك القيد نسياناً أو الأعمّ منه ومن تركه جهلًا، فإذا كان مطلقاً شاملًا للموردين ثبت التقييد الأوسع لا محالة.

۴.۲ - الوجه الثاني


ما قد يدّعى من أنّ الحديث لا إطلاق له كي يشمل الجاهل؛ لعدم كونه في مقام البيان إلّامن ناحية الأركان- أعني الخمسة المستثناة- فهو مسوق لبيان أهمّية هذه الامور وأنّ الصلاة تعاد من أجلها، وأمّا ما عدا الأركان- أعني عقد المستثنى منه- فليس الحديث في مقام بيان حكمها، وأنّها لا تعاد مطلقاً أو في الجملة كي ينعقد له الإطلاق ، والمتيقّن منه صورة النسيان كما أنّ العمد غير داخل قطعاً، وأمّا الجهل فمشكوك الدخول، فلا مجال للتمسّك بالإطلاق بالإضافة إليه.
ويؤيّد ذلك بالإجماع المستفيض على إلحاق الجاهل بالعامد.
واجيب عنه أيضاً بأنّ هذه الدعوى أوضح فساداً من سابقتها؛ ضرورة أنّ حكم الأركان إنّما استفيد من مفهوم الاستثناء ، والذي عقد له الكلام إنّما هو عدم الإعادة فيما عدا الخمس؛ إذ النظر الاستقلالي متعلّق ابتداءً نحو عقد المستثنى منه، ومعه كيف يمكن القول بعدم كونه في مقام البيان إلّامن ناحية الأركان.
نعم، يمكن دعوى العكس بأن يمنع عن الإطلاق في الخمس، وأنّ الحديث لا يدلّ إلّا على الإعادة فيها في الجملة وبنحو الموجبة الجزئية قبال غير الأركان، فإنّ لهذه الدعوى مجالًا وإن كانت ساقطة أيضاً كما لا يخفى.
وعلى الجملة: فلا مجال لإنكار الدلالة على الإطلاق الشامل لحالتي الجهل والسهو، والمنع عن ذلك في غير محلّه.
وأمّا الإجماع المدّعى على إلحاق الجاهل بالعامد فجعله مؤيّداً فضلًا عن الاستدلال به- كما عن بعض- غريب جدّاً، فإنّ مورد الإجماع الذي ادّعاه السيّد الرضي وأقرّه عليه أخوه الأجل علم الهدى‌ - على ما حكاه شيخنا الأنصاري- إنّما هو الجاهل المقصّر؛ ولذا استثنوا منه الجهر و الإخفات والقصر و الإتمام .
وأمّا القاصر فلم يقم في مورده إجماع قطعاً ولم تثبت دعواه من أحد، وهذا هو محلّ الكلام.

۴.۳ - الوجه الثالث


ما قد يقال من أنّ الحديث معارض بأدلّة الأجزاء والشرائط، مثل قوله عليه السلام: «لا صلاة إلّابفاتحة الكتاب»، أو ل «من لم يقم صلبه»، ونحو ذلك، فإنّ إطلاق هذه الأدلّة شامل للعامد والناسي والجاهل كإطلاق الحديث، خرج العامد عن الأخير بالإجماع وغيره، كما أنّ الناسي خرج عن تلك الأدلّة؛ لكونه المتيقّن من مورد الحديث، فيبقى الجاهل بالحكم مشمولًا لكلا الإطلاقين، فلا تجب عليه الإعادة بمقتضى الحديث وتجب بمقتضى دليل الجزئية؛ لانتفاء المركّب بانتفاء جزئه، فيسقط الإطلاقان بالمعارضة، وحيث لم يثبت الاجتزاء بهذا العمل الناقص فالمرجع حينئذٍ قاعدة الاشتغال المقتضية لوجوب الإعادة، بل ربّما يرجّح إطلاق تلك الأدلّة من أجل الشهرة القائمة على اختصاص الحديث بالناسي.

۴.۳.۱ - الجواب عن وجه الأول


واجيب عنه أيضاً:
أوّلًا: بأنّ حديث «لا تعاد» لكونه ناظراً إلى أدلّة الأجزاء والشرائط فهو حاكم عليها لا أنّه معارض لها، ولا شكّ في أنّ إطلاق دليل الحاكم مقدّم على إطلاق دليل المحكوم، فإذا سلّم شمول إطلاق الحديث للجاهل فلابدّ أن يسلّم تقدّمه على الأدلّة الأوّليّة ولا تصل النوبة إلى ملاحظة النسبة بينهما أو إعمال قواعد الترجيح كما لا يخفى.
وثانياً: بأنّه لو سلّمنا المعارضة وأغضينا النظر عن الحكومة لكن الترجيح بالشهرة ممّا لا مسرح له في المقام، فإنّ الشهرة المعدودة من المرجّحات في باب التعارض- على القول بها- إنّما هي الشهرة الروائية بحيث يعدّ ما يقابلها من الشاذّ النادر، وأمّا الشهرة الفتوائية- كما في المقام- فليست من المرجّحات قطعاً، فغاية ما هناك‌ تعارض الإطلاقين وتساقطهما، والمرجع حينئذٍ أصالة البراءة دون الاشتغال؛ للشكّ في اعتبار الجزئية في ظرف الجهل، فإنّ المتيقّن اعتبارها في ظرف العلم وعدم اعتبارها لدى النسيان، وأمّا الاعتبار حالة الجهل القصوري فمشكوك حسب الفرض، ومقتضى الأصل البراءة من اعتبار الجزئية.

۴.۴ - الوجه الرابع


ما قيل من أنّ الحديث في نفسه وإن شمل مطلق المعذور حتى الجاهل بالتقريب المتقدّم إلّاأنّ النص الخاص دلّ على الإعادة في خصوص الجاهل، فيكون ذلك مخصّصاً للقاعدة ومقيّداً لها بالناسي، ويتمسّك في ذلك بروايتين:
إحداهما: صحيحة زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: «إنّ اللَّه تبارك وتعالى فرض الركوع والسجود، والقراءة سنّة، فمن ترك القراءة متعمّداً أعاد الصلاة، ومن نسي فلا شي‌ء عليه»، فدلّت على افتراق الفريضة من السنّة، وأنّ ترك الاولى يوجب البطلان مطلقاً، وأمّا الثانية التي منها القراءة فإنّما يوجب تركها البطلان في صورة العمد دون النسيان، ولا شكّ أنّ الجاهل متعمّد؛ لكونه مستنداً في تركه إلى العمد والقصد، وإن كان معذوراً فيه من أجل الجهل فهو مندرج في العامد، فجعل المقابلة بين العامد والناسي، ووضوح اندراج الجاهل في الأوّل كاشف عن وجوب الإعادة عليه أيضاً، واختصاص عدمها بالناسي.
الثانية: صحيحة منصور بن حازم ، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام : إنّي صلّيت المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي كلّها، فقال: «أليس قد أتممت الركوع والسجود؟» قلت: بلى، قال: «قد تمّت صلاتك إذا كان نسياناً»، دلّت بمقتضى مفهوم الشرط على عدم الصحّة فيما عدا صورة النسيان.

۴.۵ - عدم دلالة الروايتين على المقصود


هذا، ولكنّ الظاهر أنّ الروايتين لا تدلّان على ذلك، وبالتالي يبقى إطلاق الحديث على حاله؛ أمّا صحيحة زرارة فلأنّ فرض ترك القراءة للجهل بالحكم‌ لعلّه لا يتّفق خارجاً؛ إذ كلّ من يلتفت إلى وجوب الصلاة فهو يعلم بوجوب القراءة، فالتفكيك إمّا لا يتحقّق أو نادر التحقّق جدّاً كما لا يخفى، فكيف يمكن أن يراد بالعامد- في المقام- ما يشمل الجاهل.
وأمّا صحيحة منصور فالأمر فيها أوضح، إذ لا مفهوم لها أبداً؛ لأنّ القضية شخصية، والشرط مسوق لبيان تحقّق الموضوع الذي فرضه السائل، وحاصل جواب الإمام عليه السلام: أنّ الأمر إذا كان- كما ذكرت من فرض النسيان- فقد تمّت صلاتك ولا إعادة عليك في هذا التقدير، ولا دلالة فيها بوجهٍ على أنّ كلّ من لم يكن ناسياً وإن كان معذوراً- كالجاهل- تجب عليه الإعادة، فلا تخصّص إطلاق الحديث.

۴.۶ - إشكالات السيد الحكيم والجواب عنها


وذكر السيّد الحكيم أنّه قد يستشكل في التمسّك بإطلاق حديث «لا تعاد» وشموله للإخلال جهلًا بالحكم «تارة بعدم وروده لبيان نفي الإعادة مطلقاً بشهادة وجوب الإعادة على العامد إجماعاً، فيسقط إطلاقه عن الحجّية، ويجب الاقتصار فيه على المتيقّن- وهو نفي الإعادة في خصوص السهو والنسيان- كما فهمه الأصحاب، مع أنّه لو سلّم وروده في مقام البيان وظهوره في الإطلاق دار الأمر بين تقييده وتقييد إطلاق أدلّة الجزئية والشرطية الشامل لحالي العلم والجهل والأوّل أولى، مع أنّه يكفي في تقييده الإجماع المستفيض بالنقل على مساواة الجاهل للعالم».
وأجاب عن هذا الإشكال «بأنّ وجوب الإعادة على العامد لا يدلّ على عدم وروده في مقام البيان كسائر العمومات المخصّصة بالأدلّة اللبّية التي لا ينبغي الإشكال في حجّيتها في الباقي، مع أنّ البناء على ذلك يمنع من التمسّك به في السهو مطلقاً. وكون الحكم فيه متيقّناً- لو سلّم- فالاعتماد يكون على اليقين لا عليه. وكون تقييده أولى من تقييده إطلاق أدلّة الجزئية والشرطية غير ظاهر، بل العكس أولى؛ لأنّه حاكم عليها وهو مقدّم على المحكوم. والإجماع في المقام بنحو يجوز به رفع اليد عن ظاهر الأدلّة غير ظاهر؛ لقرب دعوى كون مستنده ملاحظة القواعد الأوّلية، وعدم ثبوت ما يوجب الخروج عنها عند المجمعين، لا أنّه إجماع على البطلان تعبّداً».
ثمّ قال: «واخرى بأنّ ظاهر ذيل الصحيح كون الوجه في نفي الإعادة كون ما عدا الخمسة سنّة، فيجب تقييده بما دلّ على وجوب الإعادة بترك السنّة متعمّداً، كصحيح محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام (قال‌): «إنّ اللَّه عزّوجلّ فرض الركوع والسجود والقراءة سنّة، فمن ترك القراءة متعمّداً أعاد الصلاة، ومن نسي القراءة فقد تمّت صلاته ولا شي‌ء عليه»، وإطلاق العمد يشمل الجاهل؛ لأنّه عامد في ترك الجزء وإن كان عن جهل».
وأجاب عنه «بأنّ الظاهر من العمد صورة العلم- كما هو الشائع من استعماله في العرف وفي النصوص- فلا يشمل الجاهل، وكون المراد ما يقابل الناسي- ولو بقرينة المقابلة- غير ظاهر؛ إذ هو ليس بأولى من أن يراد بالنسيان مطلق العذر والاقتصار عليه بالخصوص؛ لكونه الشائع المتعارف، بل الثاني أولى؛ لأنّ حمل اللاحق على ما يقابل السابق أولى من العكس.
مع أنّ لازمه وجوب الإعادة في ناسي الحكم، وفي جاهل الموضوع، وفيمن اعتقد أنّه فعل الجزء فتركه ثمّ تبيّن له أنّه لم يفعل، وغير ذلك من أنواع الخلل عن سهو وعذر ممّا لم يكن نسياناً للقراءة ولا يظنّ الالتزام به، فيتعيّن لذلك رفع اليد عن ظاهر التعبير بالنسيان وحمله على مطلق العذر العرفي المقابل للعمد، فيدخل جميع ذلك فيه حتى الجاهل، لا أقلّ من المساواة بين الحملين، الموجبة للإجمال والرجوع إلى إطلاق حديث «لا تعاد»».
وثالثة- ما ملخّصه-: أنّ حديث «لا تعاد» إذا كان له إطلاق يشمل الجاهل لزم أن يكون معارضاً لجميع أدلّة الجزئية والشرطية في المستثنى منه؛ إذ لازمه نفي مفاد تلك الأدلّة من الجزئية والشرطية، وحيث إنّه لا يصلح لمعارضتها فاللازم‌ حمله على الناسي، فلا يشمل الجاهل.
وقد أجاب عنه بأنّ حمله على الإطلاق لا يخرجه عن كونه حاكماً على أدلّة الجزئية والشرطية؛ لأنّ الحكومة ناشئة عن كونه ناظراً إلى تلك الأدلّة، ولا يخرج عن كونه كذلك بمجرّد حمله على نفي الإعادة في الجاهل، وهو لا ينفي الجزئية والشرطية مطلقاً حتى لا يقوى على الحكومة على تلك الأدلّة، وإنّما يقبلها بالنسبة إلى بعض مراتب الصلاة كما في سائر موارد تعدّد المطلوب، ومقتضى الجمع بينه وبين أدلّة الجزئية هو الالتزام بأنّ الصلاة ذات مرتبتين مثلًا، إحداهما كاملة متقوّمة بالشي‌ء المعيّن ويكون جزءً لها، واخرى ناقصة غير متقوّمة به، فإذا فات الشي‌ء المعيّن فاتت المرتبة الكاملة وفاتت مصلحتها أيضاً، وبقيت الناقصة وحصلت مصلحتها على نحو لا يمكن التدارك، وليس حمل تلك الأدلّة على الجزئية بلحاظ بعض مراتب الصلاة ممّا تأباه حتى يجب التصرّف بالحديث، كيف لا والناسي- الذي هو المورد المتيقّن للحديث- يتعيّن الالتزام فيه بذلك أيضاً؛ لأنّ الجزء المنسي في حال النسيان لم يخرج عن كونه جزءً ذاتاً ضرورة وإنّما ثبت الاجتزاء بدونه، نظير موارد قاعدة ( الميسور )، فإذاً الأخذ بإطلاق الحديث متعيّن.
نعم، لا يبعد دعوى انصرافه إلى صورة صدور الفعل المعاد بداعي الامتثال الجزمي، فلا يشمل العامد في الترك، ولا المتردّد في الصحّة والفساد؛ لأنّ الظاهر كونه مسوقاً لإحداث الداعي إلى الإعادة، فلا يشمل من كان له داعٍ إلى الإعادة.



وأمّا القول الثاني- وهو شمول حديث «لا تعاد» لمطلق العالم والجاهل والناسي خرج منه العالم بالإجماع- فقد عرفت جوابه في البحث السابق فلا نعيد.



وأمّا القول الثالث فهو التفصيل بين الجاهل القاصر والمقصّر، والمقصود بالجاهل القاصر الذي يرى اجتهاداً أو تقليداً عدم الجزئية أو الشرطية وصحّة العمل ثمّ ينكشف له بعد ذلك الخلاف، هذا في الشبهة الحكمية، وفي الشبهة الموضوعية أيضاً الجاهل القاصر هو القاطع بالصحة حين العمل، أو الشاك المتردّد الذي يجري في حقّه أصل أو أمارة (حجة) يقتضي صحّة عمله واشتماله على ذلك القيد ثمّ ينكشف له الخلل بعد ذلك، وفي قباله الجاهل المقصّر.

۶.۱ - قول السيد الخوئي


قال السيّد الخوئي : «لا نرى قصوراً في شمول الحديث للجاهل القاصر؛ لصحّة توجيه الخطاب إليه بالإعادة أو بعدمها كالناسي، فلو ترك السورة- مثلًا- لاعتقاده اجتهاداً أو تقليداً عدم وجوبها، فركع ثمّ تبدّل رأيه حال الركوع أو أخبر حينئذٍ بموت مقلّده فقلّد من يرى الوجوب، فإنّه لا سبيل له إلى تدارك السورة حينئذٍ؛ لتجاوز المحلّ، فالتكليف بها ساقط جزماً، ويتوجّه إليه تكليف آخر بالإعادة أو بعدمها، ومقتضى حديث «لا تعاد» عدم الإعادة، وقد عرفت أنّ المقصّر غير مشمول له؛ لكون الحديث متكفّلًا لحكم من لم يكن محكوماً بالإعادة في طبعه لو لم ينكشف الخلاف، والمقصّر محكوم بها وإن لم ينكشف».
ثمّ احتمل قدس سره أن يكون مراد السيد اليزدي من الجاهل بالحكم- حيث ألحقه بالناسي - هو القاصر؛ وذلك لأنّ المقصّر لا يظن به ذلك لقصور الحديث في نفسه عن الشمول له؛ لأنّ المستفاد منه أنّ المعذور في ترك جزءٍ أو شرط غير ركني لا تجب عليه الإعادة ، وهذا خاص بالناسي والجاهل القاصر؛ لوضوح أنّ المقصّر غير معذور، وتجب عليه الإعادة بحكم العقل، لتنجز التكليف الواقعي في حقّه، وعدم الحصول على المؤمّن بعد أن كان مقصّراً غير معذور، مضافاً إلى استفاضة نقل الإجماع على إلحاقه بالعامد.

۶.۲ - حكم إلحاق الجاهل المركب المقصر


وهل يلحق الجاهل المركّب المقصّر في المقدّمات بالعامد أم بالجاهل المتردّد المقصّر؟
ظاهر بعضهم- كالسيد الحكيم في العبارة المتقدّمة عنه من المستمسك و السيد الشهيد الصدر قدس سره - شمول القاعدة له، فلا تجب عليه الإعادة.
ثمّ إنّ إطلاق عنوان الجاهل القاصر يشمل من اعتقد اشتباهاً أنّ فتوى مقلّده عدم الجزئية أو الشرطية ثمّ بان له الخلاف من دون تقصير.
كما أنّ من يرى إطلاق الحديث للجاهل المقصر إذا لم يكن متردّداً أيضاً شمول هذه الحالة حتى إذا كان اعتقاده بفتوى مقلّده عن تقصير في مقدّماته.
وهذا التفصيل أوسع ممّا تقدّم فيشمل الحديث- بناءً عليه- الجاهل المقصّر الذي لا تردّد له حين العمل في صحّة عمله واقعاً أو ظاهراً، حتى إذا كان اعتقاده بذلك عن تقصير في تحصيل العلم ومقدّماته.
ووجه هذا التفصيل هو التمسّك بإطلاق (لا تعاد)؛ فإنّ الانصراف أو عدم الشمول المستفاد من التعبير بنفي الإعادة لا يقتضي أكثر من تقييده بغير العالم بالبطلان أو المتردّد فيه بلا حجّة له على الصحّة لا واقعاً ولا ظاهراً وبحسب الوظيفة حين العمل، وأمّا غيرهما فهو الذي يناسب أمره بالإعادة وإن كان مقصّراً في اعتقاده وجهله.


 
۱. الصلاة (النائيني، تقريرات الآملي)، ج۲، ص۴۱۳.
۲. مصباح الفقيه (الصلاة)، ج۲، ص۵۳۰ (حجرية).    
۳. العروة الوثقى، ج۳، ص۲۰۸- ۲۱۰، م ۳، تعليقة آقا ضياء، رقم ۴.    
۴. تعليقة على العروة، ج۱، ص۳۲، م ۱۳.    
۵. الصلاة (النائيني، تقريرات الآملي)، ج۲، ص۴۰۶.
۶. الصلاة (النائيني، تقريرات الآملي)، ج۲، ص۴۱۳.
۷. القواعد الفقهية (البجنوردي)، ج۱، ص۸۳.    
۸. مستند العروة (الصلاة)، ج۶، ص۲۰.
۹. الصلاة (النائيني، تقريرات الكاظمي)، ج۲، ص۱۹۳.    
۱۰. الصلاة (النائيني، تقريرات الآملي)، ج۲، ص۴۰۶.
۱۱. الصلاة (النائيني، تقريرات الآملي)، ج۲، ص۴۰۶.
۱۲. الصلاة (النائيني، تقريرات الآملي)، ج۲، ص۴۱۰.
۱۳. العروة الوثقى، ج۳، ص۲۰۸، م ۳.    
۱۴. مستند العروة (الصلاة)، ج۸، ص۱۳- ۱۴.    
۱۵. الصلاة (النائيني، تقريرات الآملي)، ج۲، ص۴۰۹.
۱۶. الصلاة (النائيني، تقريرات الكاظمي)، ج۲، ص۱۹۴.    
۱۷. مستند العروة (الصلاة)، ج۸، ص۱۳- ۱۴.    
۱۸. مستند العروة (الصلاة)، ج۸، ص۱۸.    
۱۹. مستند العروه (الصلاة)، ج۸، ص۱۹.    
۲۰. المستدرك، ج۴، ص۱۵۸، ب ۱ من القراءة في الصلاة، ح ۵.    
۲۱. الوسائل، ج۴، ص۳۱۳، ب ۹ من القبلة، ح ۳.    
۲۲. مستند العروة (الصلاة)، ج۸، ص۱۹- ۲۰.    
۲۳. مستند العروة (الصلاة)، ج۸، ص۲۰.    
۲۴. الوسائل، ج۶، ص۸۷، ب ۲۷ من القراءة في الصلاة، ح ۱.    
۲۵. الوسائل، ج۶، ص۹۰، ب ۲۹ من القراءة في الصلاة، ح ۲.    
۲۶. مستند العروة (الصلاة)، ج۸، ص۲۱- ۲۴.    
۲۷. مستمسك العروة، ج۷، ص۳۸۳.    
۲۸. مستمسك العروة، ج۷، ص۳۸۳.    
۲۹. الوسائل، ج۶، ص۸۷، ب ۲۷ من القراءة في الصلاة، ح ۲.    
۳۰. مستمسك العروة، ج۷، ص۳۸۳- ۳۸۴.    
۳۱. مستمسك العروة، ج۷، ص۳۸۴.    
۳۲. مستمسك العروة، ج۷، ص۳۸۵.    
۳۳. مستمسك العروة، ج۷، ص۳۸۵- ۳۸۶.    
۳۴. العروة الوثقى، ج۳، ص۲۰۸، م ۳.    
۳۵. مستند العروة (الصلاة)، ج۸، ص۱۵- ۱۶.    




الموسوعة الفقهية، ج۱۴، ص۲۸۵- ۲۹۴.    



جعبه ابزار