مسائل الطواف
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
إذا حلق الحاج رأسه أو قصر فقد حل كل شئ أحرم منه إلا النساء و
الطيب وهو
التحلل الأول إن كان متمتعا، فإذا طاف المتمتع لحجّة حلّ له الطيب ولا يتوقف على
صلاة الطواف ، وإذا طاف
طواف النساء حللن له ولا يحلّ النساء للرجال إلاّ به بالنص والإجماع، ويكره لبس المخيط والتقنع حتى يطوف للحج، والطيب حتى طواف النساء،
(ويُحلّ من كلّ شيء) أحرم منه (عند فراغ مناسكه بمنى عدا الطيب والنساء) كما عن
الإسكافي والخلاف والمختلف،
وفي الكتاب وفي
الشرائع والقواعد،
وعن الشيخ في جملة من كتبه والوسيلة و
السرائر والجامع
إذا حلق أو قصّر أحلّ من كل شيء إلاّ الطيب والنساء؛ للخبر : «إذا حلقت رأسك فقد حلّ لك كل شيء إلاّ النساء والطيب».
والمروي في السرائر صحيحاً عن
نوادر البزنطي : المتمتع ما يحلّ له إذا حلق رأسه؟ قال : «كلّ شيء إلاّ النساء والطيب».
وقد يكون الأول هو المراد بالخبرين وكلام هؤلاء، حملاً للحلق على الواقع على أصله. ويؤيده الأصل و
الاحتياط والصحيح : «إذا ذبح الرجل وحلق فقد أحلّ من كل شيء أحرم منه إلاّ النساء والطيب».
وعن المقنع والتحرير والتذكرة والمنتهى : أنه بعد
الرمي والحلق.
ولعلّ المراد ما سبقه، ولم يذكر الذبح؛ لاحتمال
الصوم بدله، واكتفاءً بالأول والآخر. وعن الصدوقين : أنهما قالا بهذا التحلل بالرمي وحده.
وحجتهما غير واضحة سيّما في مقابلة نحو الأخبار المتقدمة. نعم، في الخبر المروي عن
قرب الإسناد : «إذا رميت جمرة العقبة فقد أحلّ لك كلّ شيء حرم عليك إلاّ النساء».
•
الحل بعد منى، واعلم أن هذا التحلل هو التحلل الأول للمتمتع ، أما غير
المتمتع فيحلّ له بالحلق أو التقصير الطيب أيضاً .
•
حل الطيب للمتمتع، فإذا طاف المتمتع لحجّة حلّ له الطيب ولا يتوقف على
صلاة الطواف .
•
حل النساء للمتمتع، وإذا طاف
طواف النساء حللن له ولا يحلّ النساء للرجال إلاّ به بالنص والإجماع.
(ويكره)
لبس (المخيط) والتقنّع (حتى يطوف للحج) ويسعى بين
الصفا والمروة (والطيب حتى طواف النساء) للصحاح المستفيضة المتضمنة للنهي عن ذلك.
وهو محمول على الكراهة؛ جمعاً بينهما وبين ما مرّ من الأدلّة الدالة على
التحلل بالطوافين عن ذلك، مع ظهور بعضها في الكراهة.
لكن موردها أجمع المتمتع خاصة، بل في بعضها التصريح بعدم المنع في غيره، وهو الصحيح : عن رجل رمى الجمار وذبح وحلق رأسه، أيلبس قميصاً وقلنسوة قبل أن يزور البيت؟ فقال : «إن كان متمتعاً فلا، وإن كان مفرداً للحج فنعم».
ونحوه الخبر المروي في قرب الإسناد.
لكن ظاهر المتن وغيره
الإطلاق ، ولم أقف على وجهه.
(ثم) أي بعد قضاء مناسكه بمنى من الرمي والذبح والحلق أو
التقصير (يمضي إلى مكة) شرّفها الله تعالى (للطوافين، والسعي) بينهما
اتفاقاً ، نصّاً وفتوى.
والأفضل
إيقاع ذلك (ليومه) أي يوم النحر؛ للأخبار،
و
استحباب المسارعة إلى الخيرات، والتحرز عن العوائق والأعراض. ولا يجب؛ للأصل، والصحيح : «لا بأس أن تؤخر زيارة البيت إلى يوم النفر، إنما يستحب تعجيل ذلك مخافة الأحداث والمعاريض».
وفي الصحيح : «لا تؤخر أن تزور من يومك، فإنه يكره للمتمتع أن يؤخر».
وعن النهاية و
المبسوط والوسيلة والجامع
لا يؤخر عنه إلاّ لعذر. قيل : ويجوز أن يريدوا التأكيد.
(أو من الغد) مع تعذر
يوم النحر اتفاقاً، كما قيل؛
للصحيح : «فإن شغلت فلا يضرّك أن تزور البيت من الغد».
(ويتأكد) ذلك (للمتمتع) لما مرّ، مضافاً إلى الصحيح : «ينبغي للمتمتع أن يزور البيت يوم النحر أو من ليلته ولا يؤخر ذلك اليوم».
والصحيح : عن المتمتع متى يزور البيت؟ قال : «يوم النحر أو من الغد ولا يؤخر، والمفرد و
القارن ليس بسواء موسّع عليهما».
(و) يستفاد منه أنه (لو أخّر)
المتمتع (أثم) كما عن المفيد والمرتضى والديلمي،
وعليه جماعة من المتأخرين،
وعن التذكرة و
المنتهى أنه عزاه إلى علمائنا.
ولعلّه الأقوى. خلافاً لآخرين ومنهم الحلّي وسائر المتأخرين كما قيل؛
للأصل، وإطلاق الآية : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ)
فإنّ الشهر كلّه من أشهره، والصحاح المستفيضة : منها زيادة على ما مرّ الصحيح المروي في السرائر عن نوادر البزنطي : عن رجل أخّر الزيارة إلى يوم النفر، قال : «لا بأس».
وفي الجميع نظر؛ لوجوب الخروج على الأوّلين بما مرّ، كوجوب تقييد الصحاح بمن عدا المتمتع به حملَ المطلق على المقيّد. وهو أولى من الجمع بينهما بالاستحباب وإن وقع التصريح بلفظه وما في معناه من لفظ «يكره» و «ينبغي» فإنّ هذه الألفاظ الثلاثة إنما هو بالنسبة إلى يوم النحر، لا غده، ونحن نقول به، لكنه غير ما نحن فيه.
نعم قيل : لو أخّر أجزأ على القولين كما في
الاستبصار والشرائع ما أوقعه في ذي الحجّة، في أيّ جزء منه كان، كما في السرائر؛ لأن الحج أشهر، فذو الحجّة كلّه من أشهره؛ وللأصل، والصحيح : «لا بأس إن أخّرت زيارة البيت إلى أن تذهب
أيام التشريق ، إلاّ أنك لا تقرب النساء ولا الطيب».
والصحيح : «أنا ربما أخّرته حتى تذهب أيام التشريق».
وفي الغنية والكافي : إنّ وقته يوم النحر إلى آخر أيام التشريق؛ ولعلّه للصحيح : «لا بأس بأن تؤخر زيارة البيت إلى يوم النفر».
وفي الوسيلة : لم يؤخر إلى غد لغير عذر، وإلى بعد غد لعذر. وهو يعطي عدم
الإجزاء إن أخّر عن ثاني النحر.
(وموسَّع للمفرد والقارن) تأخير ذلك (طول ذي الحجّة) كما عن النهاية والمبسوط والخلاف و
الاقتصاد والمصباح ومختصره،
بل قيل : بلا خلاف.
للأخبار المطلقة، و
الأصل ، وأن الحج أشهر، والصحيح المتقدم المصرَّح بالفرق بين المتمتع والمفرد والقارن. ولكن لا يفهم منه إلاّ التأخير عن الغد، كما لا يفهم من قوله عليه السلام في بعض الصحاح المتقدمة : «وموسّع للمفرد أن يؤخّره».
إلاّ التأخير عن يوم النحر، لكنه كالسابق مطلق، ولعلّه كاف.
ثم هنا وفي
الشرائع وعن المنتهى والإرشاد
أن تأخيرهما (على كراهية). قيل : قال في المنتهى : للعلّة التي ذكرها
الصادق عليه السلام في حديث ابن سنان أقول : وهو الصحيح الأول من أخبار المسألة وهو يعطي أن المراد بها أفضليّة التقديم كما في التحرير والتلخيص، وهو الوجه.
(ويستحب له إذا دخل مكّة الغسل وتقليم
الأظفار وأخذ الشارب) للنص.
ولو اغتسل لذلك بمنى جاز، للأصل، والنص.
ولو اغتسل نهاراً وطاف ليلاً أو بالعكس أجزأه الغسل ما لم يحدث، فإن نام أو أحدث حدثاً آخر قبل
الطواف استحب
إعادة الغسل؛ للموثّق.
وكذا إن زار في اليوم الذي اغتسل فيه أو في الليل الذي اغتسل فيه؛ للصحيح : عن الرجل يغتسل للزيارة ثم ينام، أيتوضأ قبل أن يزور؟ قال : «يعيد الغسل، لأنه إنما دخل بوضوء».
(و
الدعاء عند باب المسجد) بالمأثور في الصحيح من قوله : «اللهم أعنّي على نسك، وسلّمني له وسلّمه لي، وأسألك مسألة العبد الذليل المعترف بذنبه أن تغفر لي ذنوبي وأن ترجعني بحاجتي، اللهم إنّي عبدك والبيت بيتك، جئت أطلب رحمتك وأؤمّ طاعتك متّبعاً لأمرك راضياً بقدرك، أسألك مسألة المضطرّ إليك المطيع لأمرك المشفق من عذابك الخائف لعقوبتك أن تبلغني عفوك وتجيرني من النار برحمتك».
رياض المسائل، ج۶، ص۴۸۴- ۴۹۷.