مستحبات الاستنجاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يستحب في
الاستنجاء آداب والأعمال متعددة،من جملتها:
يستحب البدار إلى
الاستنجاء ، خصوصاً من البول؛
وذلك لصحيحة
جميل عن
الصادق عليه السلام ، قال: «إذا انقطعت درّة البول فصبّ الماء».
ولرواية
داود الصرمي قال: رأيت [[|أبا الحسن الثالث عليه السلام]] - غير مرّة- يبول ويتناول كوزاً صغيراً ويصبّ الماء عليه من ساعته.
ومن آداب الاستنجاء
استحباب غسل اليدين من الزندين قبل إدخالهما في
الإناء ؛
لخبر
عبد الرحمن بن كثير الهاشمي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «بينا
أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم جالس مع محمّد بن الحنفية إذ قال له: يا محمّد، إيتني بإناء من ماء أتوضّأ للصلاة، فأتاه محمّد بالماء، فأكفاه، فصبّه بيده اليسرى على يده اليمنى... ثمّ استنجى...».
وقيّد بعضهم ذلك بما إذا كان الاستنجاء متوقّفاً على
إدخال اليد في الإناء؛ لرواية
الحلبي الآتية.ويستحبّ أن يكون عدد غسل اليد لحدث البول مرّة، وللغائط مرّتين؛
لما رواه الحلبي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال:سئل كم يفرغ الرجل على يده قبل أن يدخلها في الإناء؟ قال: «واحدة من حدث البول، وثنتين من الغائط...».
•
الدعاء بالمأثور في الاستنجاء،يستحبّ الدعاء بالمأثور في مواضع متعددة من
الاستنجاء.
ومن
الآداب تهيئة الأحجار وإعدادها
قبل التخلّي؛
لما روي عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب ومعه ثلاثة أحجار، فإنّها تجزي».
وقد ضعّف
المحدّث البحراني الاستدلال بالرواية حيث قال ما حاصله: إنّ الظاهر كون الرواية من طريق الجمهور، فإنّي بعد التتبّع لكتب الأخبار- ولا سيّما البحار الجامع لما شذّ من الكتب الأربعة من الأخبار- لم أقف عليها، وكان أصحابنا لما اشتهر بينهم من
التساهل في أدلّة السنن، يعتمدون على أمثال ذلك، وهو تساهل خارج السنن.
ويمكن
الاستدلال له أيضاً بأنّ في تجميع الأحجار قبل الاستنجاء اجتناباً عن التلوّث بالنجاسة التي من المحتمل
انتشارها عند البحث عن الأحجار بعد التخلّي.
تستحب
المباشرة في الاستنجاء،
وليست هي واجبة
باتّفاق الفقهاء؛ لإطلاق الأدلّة،
ولموثّقة
يونس بن يعقوب ، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: المرأة تغسل فرج زوجها؟ فقال: «ولِمَ؟ من سقم؟» قلت: لا، قال: «ما احبّ للحرّة أن تفعل، فأمّا
الأمة فلا يضرّه».
وفيها دلالة على كراهة مباشرة استنجاء الحرّة لزوجها دون الأمة.
نعم، لا تجوز مباشرة الغير للاستنجاء إذا استلزم نظراً أو لمساً محرّمين، ولو فعل كذلك طهر المحلّ.
ولا تجب نيابة أحد الزوجين عن الآخر.
يستحبّ الاستنجاء باليسار
على المشهور،
ويستدلّ
عليه بالأخبار المتعدّدة الواردة فيها:
منها: مرسلة
يونس عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أن يستنجي الرجل بيمينه».
ومنها: رواية
السكوني عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «الاستنجاء باليمين من الجفاء».
ومنها: ما روي أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم استحبّ أن يجعل اليمنى لما علا من الأمور واليسرى لما دنا.
ومنها: ما رواه الجمهور من أنّه كانت يد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم اليمنى لطعامه وطهوره، واليسرى لخلائه أو للاستنجاء.
لكن الذي يظهر من
السيد الحكيم عدم استحباب الاستنجاء باليسار
واقتصاره على كراهة الاستنجاء باليمين.
ولعلّ الحكم بالاستحباب مبتنٍ على القول بأنّ الضدّ الخاصّ للمكروه مندوب، فيكون ضدّ كراهة الاستنجاء باليمين مندوباً على هذا المبنى، وهو محلّ نظر كما ذكر ذلك
المحقّق الخونساري ، فلا يحكم بالاستحباب إلّامع
إثبات ذلك عن طريق آخر، كالرواية التي تؤكّد على أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يحبّ أن يجعل اليمنى لما علا من الأمور، واليسرى لما دنا منها.
رغم تعيين الحدّ الأدنى للتطهير في الاستنجاء، إلّاأنّ ذلك لا يمنع من استحباب ما يزيد عليه. ومن هنا أكّد بعض من قال بكفاية الغسلة الواحدة في البول أنّ الغسلتين أولى من الواحدة؛ للتأكّد على
إزالة النجاسة، والخروج عن مخالفة الأصحاب.
وكذا من اكتفى بغسلتين أكّد على أنّ الثلاثة أكمل؛
ولما رواه زرارة قال: كان
أبو جعفر عليه السلام يستنجي من البول ثلاث مرّات،
بل ادّعى بعضهم أنّ الأكمليّة تتمّ بأربع غسلات.
وكما يستحبّ الزيادة على عدد الغسلات كذلك يستحبّ التوسعة في المحلّ الذي أصابته النجاسة ليشمل الأطراف غير المتنجّسة؛ ليحصل
الاطمئنان في تطهير جميع ما أصابه المحلّ منها.
ويستحبّ للنساء
المبالغة في الاستنجاء في البول والغائط؛
لرواية مسعدة بن زياد عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام:«أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لبعض نسائه: مري نساء المؤمنين أن يستنجين بالماء ويبالغن».
صرّح الفقهاء على أنّه يستحبّ تقديم الدبر على القبل في الاستنجاء،
وذلك:
أوّلًا: لموثّقة
عمّار الساباطي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل إذا أراد أن يستنجي بالماء يبدأ بالمقعدة أو
بالإحليل ، فقال: «بالمقعدة، ثمّ بالإحليل».
وثانياً: لأنّ فيه محافظة على النظافة،
وتجنّباً عن التلوّث اليد بالخباثة؛
لما في تطهير محلّ البول من المسبوقية
بالاستبراء بمسح المعقد المتلوّث بالنجاسة.
هذا إذا لم يكن هناك مبرّر لتقديم استنجاء البول على الغائط.
وأمّا معه- كما لو خاف
سراية البول إلى اليد أو الكُم- فإنّه يقدّم حينئذٍ غسل محلّ البول على محلّ الغائط، ثمّ يستبرئ من البول ويغسل محلّه ثانياً.
ولكن هذا الوجه هو مستند الجمهور في تقديم القبل على الدبر، ولأجله سوّغ العلّامة في المسألة الوجهين بعد أن رأى عدم مقاومة الوجه الثاني المتقدم له، وعدم
إمكان الأخذ برواية عمار الذي لا يكون موثوقاً بروايته إذا انفرد بها، كما قال.
قال بعضهم: من المستحبّات استنجاء الرجل طولًا والمرأة عرضاً،
ولم يذكروا له مستنداً ولا وجهاً.
يستحبّ الاستنجاء بالماء البارد لذوي البواسير،
فإنّه يقطعه؛
لقول الإمام الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير:«الاستنجاء بالماء البارد يقطع البواسير».
يستحب قطع الاستنجاء بالأحجار على الوتر بعد حصول النقاء،
فإن حصل بالثالث فهو، وإن حصل بالرابعة استحبّت الخامسة وهكذا.
ويدلّ عليه الرواية المشهورة حيث ذكر في المعتبرأنّها من المشاهير.
عن
الإمام علي عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: إذا استنجى أحدكم فليوتر بها وتراً إذا لم يكن الماء».
وقد يستدلّ عليه
أيضاً بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من استجمر فليوتر».
هذا، وقد أضاف بعضهم إلى المستحبّات وضع الإناء على الجانب الأيمن،
وأن يكون الاستنجاء بالبنصر،
حيث قال: وبنصرها- بكسر الباء والصاد-: وهي الإصبع التي تلي الخِنصِر- بكسرها-». من دون أن يذكر لهما دليلًا.
الموسوعة الفقهية، ج۱۲، ص۳۳۵-۳۴۳.