مقاصد الأذان
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ينقسم الأذان من حيث
القصد إلى أقسام:
أذان الإعلام، وهو ما قصد به
الإعلام بدخول وقت
الصلاة ، مجرّداً عن قصدها، ولا ريب أنّه مستحبّ حيث تشهد بذلك النصوص الكثيرة المتعرّضة
لأجر المؤذّنين:
منها: صحيح
معاوية بن وهب عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:من أذّن في
مصر من أمصار المسلمين سنة وجبت له
الجنّة ».
ومنها: خبر
سعد بن طريف عن
أبي جعفر عليه السلام: «من أذّن عشر سنين محتسباً يغفر اللَّه مدّ بصره وصوته في السماء، ويصدّقه كلّ رطب ويابسٍ سمعه...».
إلى غير ذلك من الروايات،
والسيرة القطعيّة المتّصلة بزمن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم.والجميع ظاهر في رجحان
الأذان في الأوقات من حيث نفسه، لا من حيث الصلاة.
لكنّ
الشيخ جعفر كاشف الغطاء لم يعدّه من العبادات المخصوصة؛ ولذلك جوّز فيه النقص والزيادة
والتبديل واللحن وغيرها.
أذان الصلاة، وهو ما قصد به الصلاة، إلّا أنّه قد يكون مجرّداً عن قصد الإعلام، وهذا يقع من المنفرد عن الناس بحيث لا يسمع صوته، كما يقع من غيره.وقد يكون مجمعاً للعنوانين، فيقصد به الإعلام والصلاة معاً، فيجيئه
الرجحان من وجهين.
وتشهد لأذان الصلاة الروايات المستفيضة المتضمّنة: أنّ «من صلّى بأذان وإقامة صلّى خلفه صفّان من الملائكة، ومن صلّى بإقامة بغير أذان صلّى خلفه صفّ واحد أو ملكان» و «أنّه لا صلاة إلّا بأذان وإقامة».
وغير ذلك من النصوص الكثيرة المتضمّنة لحكم الصلاة
بالأذان والإقامة .
الإعلام بقصد الصلاة قبل دخول وقتها أو بعده لا للصلاة، وهذا كالقسم الأوّل في غير
صلاة الصبح ، فإنّه ليس من العبادات الخاصّة إلّا فيها، فيعتبر المحافظة على الفصول المعيّنة فيها خاصّة.
وقد يجعل الأذان على أربعة أقسام بناءً على أنّ القسم الثاني ينقسم إلى قسمين، كما فعله الشيخ جعفر كاشف الغطاء.
ويفترق الأذان الإعلامي عن الصلاتي من وجوه:
أ- يشترط في أذان الصلاة زائداً على قصد عنوان الأذان
قصد القربة ، فلو أذّن للصلاة لا بقصد القربة لم يصحّ؛
لقيام
الإجماع على كونه عبادة لا يصحّ إلّا بقصد القربة، وشهادة
الارتكاز المتشرّعي به، بخلاف أذان الإعلام؛ فإنّ الغاية من تشريعه هو الإعلام الحاصل بدون قصد التقرّب أيضاً،
بل ولا بأس بالنقص فيه والزيادة والتبديل واللحن وعدم قصد الوقت.
نعم، يعتبر قصد عنوان الأذان؛ لأنّه أمر قصدي.
ب- يعتبر في أذان الإعلام أن يكون أوّل الوقت؛ لأنّه شرّع للإعلام بدخوله، فلا يقدّم ولا يؤخّر، بخلاف أذان الصلاة فإنّه متّصل بها، فلا جرم يمتدّ وقته بحسب
امتداد وقتها، فيستحبّ وإن كان في آخر الوقت.
ج- يختصّ
استحباب رفع الصوت بأذان الإعلام كاستحباب
عدالة المؤذّن وبصره وبصيرته وقيامه على مرتفع
دون أذان الصلاة.
د- يجوز أخذ
الأجرة على أذان الإعلام دون أذان الصلاة.
ه- يختصّ
سقوط الأذان عن السامع بأذان الصلاة دون الإعلام؛
للأصل واختصاص الأخبار بالأوّل.
وقد بحث الفقهاء عن مشروعيّة الأذان لكلّ من الصلاة والإعلام هل تكونان بالأصالة أو أنّ أحدهما تابع للآخر؟
فصرّح بعضهم-
كالمحقّق النجفي وغيره- بأنّ الأذان شرّع للإعلام بدخول الوقت كما شرّع للصلاة، وليس أحدهما تابعاً للآخر؛ لما تقدّم من النصوص المستفيضة أو
المتواترة الدالّة على مشروعيّة الأذان للصلاة مع قطع النظر عن الإعلام، كما أنّها ظاهرة في ندبه للإعلام مع قطع النظر عن الصلاة، وجريان السيرة القطعيّة به.
ويظهر من بعض الفقهاء- نظراً إلى ما تقتضيه نفس
التسمية بالأذان، حيث إنّه بمعنى الإعلام- أنّ أصل شرعيّة الأذان للإعلام.
وحكي عن الشهيد أنّ الأذان شرّع للصلاة خاصّة، والإعلام تابع وليس بلازم، خلافاً لما اعتقده العامة،
وتظهر الفائدة في القضاء وفي أذان المرأة، فعلى قولهم- من أنّه شرّع للإعلام- لا يؤذّن
للقضاء ولا تؤذّن المرأة، وعلى قولنا- من أنّه شرّع للصلاة- يؤذّنان وتسرّ المرأة به.ولكن ناقش فيه المحقّق النجفي بأنّه خلاف ظاهر الروايات، ثمّ قال: «وحمل الروايات كلّها على مؤذّني الصلاة في الجماعات في
المساجد ونحوها لا داعي إليه، بل مقطوع بعدمه».
الموسوعة الفقهية، ج۸، ص۹۹-۱۰۱.