ولا يخرج استعمال الفقهاء له عن معناه اللغوي. ومورد استعماله لدى الفقهاء هو في كلّ ما يحتاج في الموضوعات والمفاهيم والأحكام إلى خبرة وإعمال نظر دقيق، بخلاف ما لا يجري فيه ذلك، كبعض المفاهيم والموضوعات الواضحة.
والفرق بين أهل الخبرة و أهل الشورى هي العموم والخصوص من وجه؛ إذ قد لا تكون شورى ويكون الطرف الآخر من أهل الخبرة كما هي الحال في الطبيب ، وقد تكون شورى بين أفراد ليسوا من أهل الخبرة، كما لو اجيز انتخاب بعض من يصير بالانتخاب من أهل الشورى ولا يكون خبيراً في هذا الأمر، وقد يجتمعان كما هو واضح.
•أهل الخبرة (الرجوع إليهم في ااموضوعات)، ذكر الفقهاء نماذج عديدة للرجوع إلى أهل الخبرة في الموضوعات نذكر منها بعض الأمثلة- إجمالًا - فيما يلي: ۱- الرجوع إلى الأطباء ونحوهم، ۲- الرجوع للتجار والمقومين من أهل الخبرة في معرفة القيم و الأروش ، ۳- الرجوع إلى أهل الخبرة في تشخيص الأعلم ، ۴- الرجوع إلى أهل الخبرة- القافة- في تعيين النسب، ۵- الرجوع لأهل الخبرة في الجنايات.
إذا اختلف أهل الخبرة في التقويم أو العيب أو نحو ذلك، فللفقهاء في كلّ مسألة آراء ينظر إليها في مواضعها، فمثلًا: إذا اختلف المقوّمون في تقويم المتاع فهل يؤخذ بالأكثر أو الأقل أو يؤخذ المعدّل بين التقويمات المختلفة ؟ وجوه، و المعروف هو الأخير ؛ لما فيه من الجمع بين الحقوق .
وقد ذكروا طرقاً ثلاثة لكيفية الجمع،
و تفصيل ذلك مع الكلام في بقية المسائل الموردية يأتي في محالّه.
والقاعدة هنا تقتضي التساقط مع عدم وجود المرجّح؛ وذلك انّه إذا تعدّد أهل الخبرة في أحد القولين دون الثاني لم يكن ذلك موجباً لترجّحه على الآخر ما لم يفد في نفسه الاطمئنان ، وعليه فمقتضى القاعدة في باب التعارض هو التساقط.
وقد يقال بأنّ الأخبرية في أحد الطرفين مرجّحة أيضاً ولو من باب الارتكاز العقلائي في الرجوع إلى الأخبر والأعلم حتى مع الاختلاف .