الإحصار (زواله)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإحصار (توضيح).
لو بعث
المحصر بهديه ثمّ خفّ عنه
المرض بحيث ظنّ أو احتمل
إدراك النسك فهل يجب عليه
إتمام النسك؟ ولو سار ولم يدرك
الموقفين فما هي وظيفته بالنسبة إلى ما في ذمّته، وكيف يتحلّل من ذلك؟ وفيما يلي نبحث عن حكم فروض زوال الإحصار:
لو بعث بهديه ثمّ خفّ عنه المرض قبل التحلّل فقد وجب عليه
إتمام النسك، فإن كان في
عمرة مفردة أتمّها، وإن كان في حج ولم يفت الوقت بعد، وعلم بسعة
الزمان وجب عليه
المبادرة في صورة الوجوب وبقاء
الاستطاعة ، وكذا لو ظنّ أو احتمل إدراك الموقفين ولو
الاضطراري منهما وجب عليه
الالتحاق ، فإن أدرك الوقوف فقد أدرك الحج كسائر الحجّاج، وهذا يكشف عن عدم كونه محصوراً فيصحّ حجّه ولا شيء عليه، كما صرّح به
الشيخ الطوسي و
المحقّق الحلّي وغيرهما،
ولا خلاف فيه»، بل ادّعى البعض
الإجماع عليه.
وهذا ما تقتضيه
القاعدة أيضاً، فلا حاجة حينئذٍ إلى النص؛ لكونه محرماً بأحد النسكين، فيجب عليه إتمامه مع
التمكّن .
على أنّه قد دلّ عليه صحيح
زرارة عن
أبي جعفر عليه السلام قال: «إذا احصر الرجل بعث بهديه، فإذا أفاق ووجد في نفسه خفّة فليمض إن ظنّ أنّه يدرك الناس، فإن قدم مكّة قبل أن ينحر
الهدي فليقم على إحرامه حتى يفرغ من جميع المناسك، ولينحر هديه ولا شيء عليه».
وظاهرها وإن كان جعل
المناط في إدراك الحج، إدراك الناس قبل أن يذبح هديه، ولكنّ الظاهر أنّه لا خصوصية للذبح وعدمه؛ فإنّ
الميزان في
الإجزاء وعدمه هو درك المناسك وإدراك الوقوفين، ولعلّ الصحيحة محمولة على الغالب فيكون الذبح كناية عن فوت الوقوفين، وإلّا فلا ريب في أنّ مجرّد حصول المرض لا يوجب
إجراء أحكام الحصر، ولا يكون ذلك مانعاً، وإنّما المانع هو
استمرار المرض.
إذا لم يدرك الحج كما لو وصل بعد فوات الموقفين تحلّل بعمرة مفردة كما هو فرض كلّ من فاته الحج سواء ذبح هديه أو لم يذبح، وإليه ذهب جماعة من الفقهاء كالمحقّق والعلّامة الحلّيين والشهيدين وغيرهم،
بل ادّعى
المحقّق النجفي عدم
الخلاف فيه.
واستدلّ له بالعمومات و
الإطلاقات الدالّة على وجوب
التحلّل بالعمرة لمن فاته الحج،
مضافاً إلى دلالة ذيل
صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام حيث قال: «وإن قدم
مكّة وقد نحر هديه فإنّ عليه الحج من قابل والعمرة»،
هذا بناءً على ما في
التهذيب من عطف العمرة بالواو فتجب عليه العمرة للتحلّل من الإحرام، فيكون صريحاً في لزوم العمرة حتى بعد تحقّق
الذبح عنه.
وأمّا بناءً على العطف ب (أو) - كما في الكافي- فإنّه لا يصحّ الاستدلال بها، ولعلّه لذا لم يستدلّ بها بعض الفقهاء، مع أنّها بمرأى منهم.
وقد أشكل
السيد الخوئي على العطف ب (أو) بأنّ مقتضاه
التخيير الذي لا معنى له بين الحج والعمرة؛ لأنّ من كانت وظيفته
التمتّع في السنة القادمة فاللازم عليه
الإتيان بالعمرة والحج معاً، ولا معنى للتخيير بينهما؛ ولذا احتمل أن يكون المراد من هذه الجملة إتيان العمرة بالفعل للتحلّل من النساء؛ لعدم التحلّل منهنّ إلّا بالعمرة المفردة والحج من قابل. هذا إذا كان قوله عليه السلام: «من قابل» قيداً للحج خاصّة، فالمعنى حينئذٍ أنّ عليه الحج من قابل والعمرة فعلًا. وأمّا إذا كان القيد المذكور قيداً للحج والعمرة فالمعنى أنّ عليه الحج والعمرة من قابل، وليس له
الاكتفاء بالحج؛ فإنّ الحصر كما يوجب
إلغاء حجّه كذلك يوجب إلغاء عمرته المتمتّع بها، فمن كانت وظيفته حج التمتّع واحصر عن مناسك الحج
كالوقوف وجب عليه الإتيان بالعمرة المتمتّع بها والحج في السنة القادمة.
وعلى هذا
التفسير لا يمكن
الاستدلال بالصحيحة على عدم التحلّل من النساء إلّا بالعمرة المفردة؛ لأنّ
المراد بالعمرة عمرة حج التمتّع التي لا تصحّ إلّا مع الحج المتعقّب بذلك؛
ولذا احتمل بعض الفقهاء
عدم
الاحتياج إلى العمرة إذا وصل إلى مكّة بعد فوت الوقوفين فتبيّن وقوع الذبح عنه، فإنّه يتحلّل به من الإحرام، وهو مختار جماعة من الفقهاء المعاصرين
أيضاً.
الموسوعة الفقهية،ج۷، ص۱۰۷-۱۱۰.