الإرسال بمعنى البعث
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الأرسال هو
الإطلاق و
الإهمال والبعث و
التوجيه والتخلية والتسليط، ويستعمل
الفقهاء كلمة الإرسال بإطلاقات متعدّدة تنشأ من إطلاقاتها اللغوية، فيطلقونها بمعنى البعث و التوجيه ضمن النقاط التالية.
المشهور بين فقهائنا كراهة إرسال ماء غسل الميت في الكنيف المعدّ لقضاء الحاجة دون
البالوعة ،
بل ادّعى الشهيد في
الذكرى عليه
الإجماع .
واستدلّ لذلك- مضافاً إلى الإجماع- بمكاتبة الصفّار أبا محمّد عليه السلام : هل يجوز أن يغسّل الميت وماؤه الذي يصبّ عليه يدخل إلى بئر كنيف؟... فوقّع عليه السلام:
«يكون ذلك في بلاليع».
وهذا الحديث- مع
اعتضاده بالإجماع- كافٍ في إثبات ذلك، ومع
الأصل كافٍ في نفي الحرمة
التي تظهر من عبارة
الصدوق في الفقيه والفقه الرضوي،
بل ربّما مال إلى القول بها
المحقّق الخوانساري حيث قال: «ولو لا الشهرة لم يبعد الحرمة؛ لظهور
المكاتبة في عدم الجواز».
والفرق بين الكنيف والبالوعة هو أنّ الكنيف موضع يعدُّ لقضاء الحاجة، والبالوعة ما يعدُّ
لإراقة الماء والغسالات ونحوهما في المنزل.
ذكر الفقهاء من مستحبّات الدفن أن يرسل الميت إلى القبر سابقاً برأسه كما خرج إلى الدنيا إن كان رجلًا، وأمّا
المرأة فترسل عرضاً،
وقد عبّر بعضهم
بالإنزال بدل الإرسال.
وفي الروايات التعبير عن هذه الكيفية بالسلّ، كقول
الصادق عليه السلام : «إذا أدخلت الميت القبر إن كان رجلًا يسلّ سلًاّ، والمرأة تؤخذ عرضاً، فإنّه أستر».
ونحوه غيره.
ذكر الفقهاء في أحكام الأموات أنّ من مستحبّات ما بعد الدفن
إرسال الطعام إلى
أهل الميت ثلاثة أيّام
إعانة لهم وجبراً لقلوبهم؛
لورود بعض الروايات بذلك، كأمر
النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة عليها السلام أن تأتي
أسماء بنت عميس عند قتل
جعفر بن أبي طالب وأن تصنع لهم طعاماً ثلاثة أيّام.
وغيره.
وهذا الحكم ممّا ادّعي عليه الإجماع.
المحصور هو المحرم الذي يمنعه المرض عن
إتمام الحج، كما أنّ المصدود هو الذي يمنعه العدوّ عن ذلك، كما هو المشهور والمعروف في تعريفهما.
وقد ذكر الفقهاء أنّ حكمهما
الإحلال بذبح الهدي. إلّا أنّ المصدود يتحلّل بذبح
الهدي أو نحره في محلّ الصدّ وإن كان خارج مكّة، ولا يجب عليه
إرسال الهدي إلى محلّه.
وأمّا المحصور فعليه أن يرسل ما ساقه إن كان قد ساق، ولو لم يسق بعث هدياً أو ثمنه، ولا يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه وهو منى إن كان حاجّاً، ومكّة إن كان معتمراً.
هذا هو المشهور. وفي أصل المسألة وفروعها أقوال وتفاصيل اخرى موكولة إلى محالّها.
ذكر الفقهاء أنّ
الأمان ينعقد بالعبارة و
المراسلة و
الإشارة المفهمة والكتابة، وأنّه يجوز الأمان بالمراسلة، وينبغي لأمير العسكر أن يتخيّر للرسالة رجلًا مسلماً أميناً عدلًا، ولا يكون خائناً ولا ذمّياً ولا حربيّاً مستأمناً.
ذكر الفقهاء في جملة شروط المسابقة إرسال الدابّتين دفعة، وذلك لمنافاة الغرض مع عدمه؛ إذ ربّما كان السبق مستنداً إلى إرسال أحدهما أوّلًا.
ذكر الفقهاء في باب القتل بالتسبيب أنّ كلّ فعل يستند إليه القتل صاحبه ضامن، إلّا أنّه ينظر إن كان الفاعل قاصداً للقتل فهو عمد ويقتصّ منه، وإلّا فشبيه عمد وعليه الدية من ماله، وعدّوا من ذلك ما لو شهر سيفه بوجه
إنسان أو أرسل كلبه إليه فأخافه.
ذكر الفقهاء أنّ الزوج إذا فقد أو غاب غيبة منقطعة لا يجوز لزوجته أن تتزوّج حتى تعلم حاله، وإن لم تصبر رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي فيستخبر حاله، إمّا بإرسال رسول إلى الجهة التي يتوقّع وجوده فيها، أو يبعث رسالة إلى حاكم تلك الجهة ليبحث عنه،
أو بإرسال
التلغراف المتداول في هذه الأعصار، بل تكفي الصحف العامّة و
الإذاعة وغيرهما من الأجهزة الحديثة في هذا العصر.
إذا ذكرت امرأة عند الحاكم بسوء فأرسل إليها
لإقامة الحد أو لتحقيق موجبه فأسقطت ما في بطنها خوفاً وفزعاً فعلى الحاكم الضمان،
والظاهر أنّ هذا لا خلاف فيه، وإنّما وقع الخلاف في أنّ دية الجنين حينئذٍ تكون في بيت المال؛ لأنّه من خطأ الحكّام وهو في بيت المال، أم على عاقلة
الإمام أو الحاكم؛ لأنّه من قتل الخطأ، والأوّل هو الموافق للقواعد وهو قول الأكثر،
والثاني مذهب
ابن إدريس .
الموسوعة الفقهية، ج۹، ص۴۹۲- ۴۹۵.