مندوبات الإحرام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
والندب : استحباب رفع الصوت بالتلبية، استحباب تكرار التلبية إلى زوال يوم عرفة، حد تكرار التلبية للمعتمر بالمتعة، حد تكرار التلبية للمعتمر بالمفردة، التلفظ بما يعزم عليه من حج أو عمرة، الاشتراط على الرب سبحانه أن يحله حيث حبسه، الإحرام في الثياب القطن البيض.
•
كيفية الصوت في التلبية، رفع الصوت بالتلبية للرجل إذا عَلَت راحلته البيداء وهو على ميل من ذي الحليفة، إن حجّ على طريق
المدينة ، وإن كان راجلاً فحيث يحرم.
(وتكرارها) للمعتبرة المتقدم بعضها قريباً. وحدّها : (إلى
يوم عرفة عند الزوال للحاجّ) فيقطعها بعده بلا خلاف أجده، والصحاح وغيرها به مستفيضة،
وظاهر الأمر فيها الوجوب، كما حكي التصريح به عن والد
الصدوق والخلاف والوسيلة.
(والمعتمر بالمتعة) يكررها ندباً (حتى يشاهد بيوت مكّة) فيقطعها وجوباً؛ بالإجماع، كما في الخلاف؛
وللصحاح المستفيضة وغيرها.
وأما الموثق : «إذا دخل البيوت، بيوت مكّة، لا بيوت
الأبطح »
فمع قصور السند وعدم مقاومته لباقي الأخبار المصرّحة بالنظر إليها لا الدخول يحتمل الحمل على
الإشراف ، كما في الصحيح : «إذا دخلت مكّة وأنت متمتع فنظرت إلى بيوت مكّة فاقطع
التلبية ».
وأما الخبر : عن تلبية
المتمتع متى تقطع؟ قال : «حين يدخل الحرم»
فهو مع ضعف السند يحتمل الجواز كما في الفقيه و
الاستبصار ،
بمعنى أنه إذا دخله لم يتأكد استحبابها، كهي قبله.
وحدّ بيوت مكّة على ما في شرح القواعد للمحقّق الثاني و
المسالك والروضة
عقبة المدنيّين إن دخلها من أعلاها، وعقبة ذي طوى من أسفلها. وفي الصحيح : «وحدّ بيوت مكّة بيوت التي كانت قبل اليوم عقبة المدنيّين، فإن الناس قد أحدثوا بمكّة ما لم يكن، فاقطع التلبية، وعليك بالتكبير والتهليل والتحميد والثناء على الله عزّ وجلّ بما استطعت»
وفسّر عقبة المدنيّين في الخبر، بل الصحيح كما قيل
بحيال القصّارين.
وفي آخر : عن المتمتع متى يقطع التلبية؟ قال : «إذا نظر إلى عراش
مكّة ذي طوى» قال : قلت : بيوت مكّة؟ قال : «نعم».
قيل : وجمع السيّد والشيخ بينهما بأن الأول أتى على طريق
المدينة ، والثاني لطريق
العراق ، وتبعهما الديلمي والحلّي. وجمع الصدوقان والمفيد بتخصيص الثاني بطريق المدينة، قال في
المختلف : ولم نقف لأحدهم على دليل. وفي الغنية و
المهذّب : حدّها من عقبة المدنيّين إلى عقبة ذي طوى. وعن العماني : حدّها عقبة المدنيّين والأبطح. وذو طوى على ما في المصباح المنير : وادٍ بقرب مكّة على نحو فرسخ في طريق التنعيم، ويعرف الآن بالزاهر. ونحو منه في
تهذيب الأسماء ، إلاّ أنه قال : موضع بأسفل مكّة، ولم يحدّد ما بينهما بفرسخ أو غيرها.
انتهى. أقول : ومذهب
العماني مخالف لظاهر الموثقة، المؤذنة بتغاير بيوت الأبطح لبيوت مكّة، فكيف تدخل في بيوتها كما ذكره؟! فتدبر.
(و) المعتمر (ب) العمرة (المفردة) يكرّرها (حتى يدخل الحرم إن كان أحرم) من بعض
المواقيت (من خارجه، وحتى يشاهد
الكعبة إن أحرم من الحرم) فيقطعها على المشهور في الظاهر، المصرح به في بعض العبائر؛
للصحيح : «من خرج من مكّة يريد العمرة ثم دخل معتمراً لم يقطع التلبية حتى ينظر إلى
الكعبة ».
ومرسل
المفيد : أنه عليه السلام سئل عن الملبّي بالعمرة المفردة بعد فراغه من الحج متى يقطع التلبية؟ قال : «إذا رأى البيت».
وبهما يقيّد
إطلاق المعتبرة بقطع التلبية عند دخول الحرم كالصحيح «يقطع صاحب
العمرة المفردة التلبية إذا وضعت
الإبل أخفافها في الحرم»
وبمعناه الموثق
وغيره،
بحملها على ما إذا لم يخرج من مكّة.
لكن هنا أخبار أُخر مختلفة، ففي الصحيح : «من اعتمر من
التنعيم فلا يقطع التلبية حتى ينظر إلى المسجد».
وفي الخبر، بل
الموثق كما قيل
: عن الرجل يعتمر عمرة مفردة، من أين يقطع التلبية؟ قال : «إذا رأيت بيوت ذي طوى فاقطع التلبية».
وفي آخر : عمن أحرم من حوالي مكّة من
الجَعرانة والشجرة، من أين يقطع التلبية؟ قال : «يقطع التلبية عند عروش مكّة، وعروش مكّة ذو طوى».
لكنه يحتمل
عمرة التمتع ، كالخبر : عمن دخل بعمرة فأين يقطع التلبية؟ فقال : «حيال العقبة، عقبة المدنيّين» ( فقلت ) أين عقبة المدنيين؟ قال : «حيال القصّارين».
لكن الصدوق حمله على المفردة، وجمع بينه وبين ما تقدّم بالتخيير،
وهو القول المشار إليه بقوله : (وقيل بالتخيير، وهو أشبه) عند الماتن هنا وفي
الشرائع والفاضل المقداد في التنقيح،
قيل : ولا بدّ منه، للجمع بين خبر المسجد وغيره.
وظاهر الشيخ في
التهذيب والاستبصار
أنه إن خرج من مكّة ليعتمر قطعها إذا رأى الكعبة، وإلاّ فان جاء من العراق فعند ذي طوى، وإن جاء من المدينة فعند عقبة المدنيين، وإلاّ فعند دخول الحرم. وقصد بذلك الجمع بين الأخبار. وحكي عنه في الجمل و
الاقتصاد والمصباح ومختصره أنه أطلق قطعها عند دخول الحرم،
لكن ظاهر سياق كلامه في الأخيرين في غير من خرج من مكّة.
وعن الحلبي أنه أطلق قطعه إذا عاين البيت.
والعمل بما عليه الأكثر أحوط؛ لعدم منافاته القول بالتخيير، وضعف ما عداه من الأقوال ولا سيما الأخير.
(والتلفظ بما يعزم عليه) من حجّ أو عمرة؛ للصحاح المستفيضة، منها : «تقول : لبيك» إلى قوله : «بحجة تمامها عليك».
ومنها : «تقول : لبيك، اللهمّ لبيك» إلى قوله : «لبيك بمتعة بعمرة إلى الحج».
قيل : وهذا الذي ذكره ابن حمزة، لكنه زاد بعد ذلك : لبيك.
ومنها : كيف ترى أن أُهلّ؟ فقال : «إن شئت سمّيت وإن شئت لم تسمّ شيئاً» فقلت : كيف تصنع أنت : فقال : «أجمعهما فأقول : لبيك بحجة وعمرة معاً».
قيل : وهذا الذي ذكره القاضي، ونهى عنه الحلبيّان والمختلف، لأن
الإحرام لا يتعلق بهما، وهو الوجه إن أُريد ذلك، وإن أُريد التمتع بالعمرة إلى الحجّ جاز.
أقول : ما ذكره في الصورة المفروضة قد صرّح به جماعة، بل زادوا فجعلوه أفضل،
تبعاً للمحكي عن
المبسوط والنهاية والفاضل في المنتهى والتذكرة.
ولا يجب، وفاقاً لظاهر أكثر من وقفت على كلامه من الأصحاب، بل لم ينقل أحد منهم فيه خلافاً، معربين عن
الإجماع .
للأصل، وخلوّ أكثر الأخبار عنه، والصحيح الماضي، بل في آخر : أمرنا
أبو عبد الله عليه السلام أن نلبّي ولا نسمّي شيئاً، وقال : «أصحاب
الإضمار أحبّ إليّ».
وفي ثالث : «لا تسمّ حجّا ولا عمرة، وأضمر في نفسك
المتعة ، فإن أدركت متمتعاً وإلاّ كنت حاجّاً».
وظاهرهما ولا سيّما الأول رجحان الإضمار. وقد حملهما جماعة على حال
التقية .
وحمل _الحامل هو الفاضل في
المنتهى ، فإنه قال بعد الحكم باستحباب التلفظ بما يحرم به : فإن لم يمكنه للتقية أو غيرها فاقتصر على ذكره الحج، فاذا دخل مكة طاف وسعى وقصّر وجعلها عمرة كانت أيضاً جائزاً، لما رواه الشيخ، ثم ساق بنحو الخبرين فتأمل. منه رحمه الله. _ عليها أيضاً المعتبرة الآمرة للمتمتع بالإهلال بالحجّ ثم
الإهلال بالعمرة، كالصحيح : كيف أتمتع؟ قال : «تأتي الوقت فتلبّي بالحج، فاذا دخلت مكّة طفت بالبيت وصلّيت ركعتين خلف المقام وسعيت بين
الصفا والمروة وقصّرت وأحللت من كل شيء، وليس لك أن تخرج من مكّة حتى تحجّ».
والموثق : لبّ بالحج فاذا دخلت مكة طف بالبيت وصلّيت وأحللت».
ولكن ظاهر بعض الأصحاب العمل بها من غير اشتراط التقية.
ولا بأس به، ولكن ينوي به المتعة، كما في الصحيح : «لبّ بالحجّ وانو المتعة، فإذا دخلت مكة فطف وصلِّ ركعتين خلف المقام وسعيت بين الصفا والمروة وقصّرت فنسختها وجعلتها متعة».
وقال الشهيد في
الدروس بعد أن ذكر أن في بعض الروايات الإهلال بعمرة التمتع، وفي بعضها الإهلال بالحجّ، وفي ثالث بهما ـ : وليس ببعيد
إجزاء الجميع؛ إذ الحج المنوي هو الذي دخلت فيه العمرة، فهو دالّ عليها بالتضمن؛ ونيتهما معاً باعتبار دخول الحج فيها.
وهو مصير إلى ما اخترناه، ويعضده أيضاً فحوى ما مرّ من جواز عدول المفرد إذا دخل مكة إلى المتعة.
(و
الاشتراط ) على ربه سبحانه ب (أن يحلّه حيث حبسه، وإن لم تكن حجّة فعمرة) بلا خلاف فيه بيننا أجده، وبه صرّح في
الذخيرة ،
مشعراً بالإجماع، كما في صريح كلام جماعة حدّ
الاستفاضة ،
والصحاح به مع ذلك مستفيضة.
ويتأدى بكل لفظ أفاد المراد، عملاً بالإطلاق، وبه صرّح في المنتهى
وإن كان
الإتيان باللفظ المنقول أولى :
وهو في الصحيح : «اللهم إني أُريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنّة نبيّك صلي الله عليه و آله وسلم، فإن عرض لي شيء يحبسني فحلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت عليّ، اللهمّ إن لم تكن حجة فعمرة، أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي وعظامي ومخّي وعصبي من النساء والطيب، أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة».
ولو نوى الاشتراط ولم يتلفظ به ففي
الاعتداد به أم العدم وجهان، وجعل ثانيهما أوجه وأحق في التحرير والمنتهى.
(وأن يحرم في الثياب القطن) فيما قطع به الأصحاب على الظاهر، المصرَّح به في بعض العبائر؛
للتأسي، فقد روي لبسه في الإحرام عن
النبي صلي الله عليه وآله وسلم .
وفي الصحيح : «كان ثوبا
رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم اللذان أحرم فيهما يمانيين عبري و
أظفار ».
_عبر بالكبير ما أخذ على غربي
الفرات إلى برية العَرب وقبيلة. _
_ وظفار بالفتح مبني على الكسر كقطام بلد باليمن لحميَر قرب صنعاء._
وقد ورد
الأمر بلبس القطن مطلقاً في جملة من النصوص، وفي بعضها : «إنه لباس رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم».
وزيد في آخر : «هو لباسنا، ولم يكن الشعر والصوف إلاّ من علّة».
(وأفضله البيض) لتظافر الأخبار بالأمر بلبسها وكونها خير الثياب وأحسنها وأطهرها وأطيبها.
ولا بأس بما عداه من الألوان؛ للنصوص.
عدا السود فيكره؛ للنهي عنه في بعض الأخبار،
المحمول على الكراهة، لضعفه، مضافاً إلى الأصل، وعموم الصحيح : «كل ثوب يصلى فيه فلا بأس بأن يحرم فيه»
بناءً على الإجماع على جواز
الصلاة في الثياب السود.
ومنه يظهر ضعف القول بالمنع المحكي عن النهاية والمبسوط والخلاف و
المقنعة والوسيلة،
وحمله الحلّي على
الكراهة ، لما عرفته.
رياض المسائل، ج۶، ص۲۳۳- ۲۴۷.