أثر الإجازة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو
الأثر المترتب على العقد
بالإجازة .
القائلون بصحة الفضولي- بعد اتفاقهم على توقّفه على الإجازة- لهم قولان في ترتب
آثار العقد
بالإجازة :
أحدهما: كون الإجازة ناقلة، بمعنى ترتب آثار العقد من حين الإجازة حتى كأنّ العقد وقع حينها، فالإجازة جزء السبب.
ثانيها: كون الإجازة كاشفة، بمعنى أنّه يحكم بعد الإجازة بحصول آثار العقد من حين وقوعه حتى كأنّ الإجازة وقعت مقارنة للعقد. فالعقد تمام السبب والإجازة كاشفة عنه.
واختار القول الأوّل بعض فقهائنا منهم
فخر المحققين حيث قال: «والأخير (القول بالنقل) هو الأجود إن قلنا بصحة الفضولي»،
وكذلك قال
المحقق الأردبيلي : «ثمّ إنّ الظاهر على تقدير الجواز تكون الإجازة جزء السبب لا كاشفاً، وهو على ما أظنه ظاهر، مع أني أرى أكثرهم لا يقولون إلّا بأنّه كاشف، وما أرى له دليلًا»،
وهو ما
استظهره المحقق العاملي في
مدارك الأحكام ،
ومال إليه
الفاضل الاصفهاني في
كشف اللثام .
كما اعتبر
الشيخ الأنصاري أنّ الأنسب بالقواعد والعمومات هو القول بالنقل ثمّ بعده القول بالكشف الحكمي.
إلّا أنّ المشهور بين الفقهاء هو القول الثاني، أي كون الإجازة كاشفة عن تمامية السبب وهو العقد. قال
الشهيد الأوّل : «
فبيع الفضولي غير لازم إلّا مع الإجازة، فينتقل من حين العقد»،
وذكر الفاضل المقداد في التنقيح بأنّ الكشف هو الأصح»،
وقوّاه
الشهيد الثاني في المسالك،
وقال الوحيد البهبهاني: «لا بد من القول بالكشف ليس إلّا»،
وقال
المحقق الطباطبائي : «ثمّ على المختار هل الإجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه أم ناقلة له من حينها؟ قولان، الأظهر الأوّل، وفاقاً للأشهر، عملًا بمقتضى الإجازة؛ إذ ليس معناها إلّا الرضا بمضمون العقد، وليس إلّا
إنشاء نقل العوضين من حينه».
ونحوه
المحقق القمي والمحقق التستري ،
وهو مختار المحقق النجفي في الجواهر،
والمحقق الطباطبائي اليزدي في العروة
والسيد الحكيم والسيد الخوئي في المنهاج.
ومن أصحابنا من لم يرجّح أحد القولين منهم العلّامة الحلّي حيث قال: «وفي وقت
الانتقال اشكال»،
والمحقق السبزواري ،
والسيد الخميني .
ذكر الفقهاء للكشف وجوهاً متعددة أو أقوالًا، منها:
بمعنى أنّ الملكية إنّما حصلت حين العقد وأثّر العقد فيها من دون أن يكون تأثيره مراعى إلى زمان
الإجازة .
وهذا يمكن تصوره على أنحاء:
إنّ المؤثر التام في المعاملة الفضولية ليس إلّا العقد، كما هو مقتضى عموم قوله تعالى «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»، وإنّما الإجازة معرّفة لذلك من دون أن يكون لها مدخلية في حصول مقتضى العقد كالملكية والزوجية ونحوهما.
وهو ما نسبه
المحقق الاصفهاني إلى [[|المحقق الكركي]] في جامع المقاصد
وإلى
المحقق النجفي في جواهر الكلام
ونسبه السيد الحكيم
مضافاً إلى الكركي إلى الشهيد الثاني في الروضة.
وردّ هذا القول بأنّ عموم «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» إذا كان يقتضي السببية التامة للعقد كان اللّازم البناء على ترتب الأثر عليه بلا
انتظار الإجازة، وإن لم يقتضِ ذلك كان اللازم البناء على عدم تمامية السبب وعلى دخل رضا المالك في ترتب الأثر عليه، فلا يترتب الأثر إلّا بعده.
أن تكون الإجازة من جملة شرائط العقد
كالايجاب والقبول بحيث تكون مؤثرة في حصول مقتضاه- بمعنى تأثير
الأمر المتأخّر في الأمر المتقدّم- ويمكن تصويره على نحوين، أحدهما: أن يكون دخيلًا بنحو الجزئية. وثانيهما: أن يكون دخيلًا بنحو الشرطية، وعبّر عنه الشيخ الأنصاري
بالمشهور.
ونوقش هذا بأنّ الكشف بهذا المعنى غير معقول في كلا القسمين؛ فإنّه لا يعقل تحقق المشروط على ما هو عليه من دون تطرّق نقص عليه مع عدم تحقق شرطه إلّا بعد مدّة.
لكن قد يظهر من كلام
المحقق النجفي في الجواهر
أنّ الشرط نفس الإجازة ولو كانت متأخّرة، وامتناع تأخّر الشرط عن المشروط في العلل العقلية لا يقتضي امتناعه في العلل الشرعية، بل المدار على جعل الشارع، فقد يقتضي ما يشبه تقديم المسبب على السبب- كما في تقديم غسل الجمعة يوم الخميس- فضلًا عن تقديم المشروط على الشرط.
قال المحقق النجفي: «فلا مانع حينئذ هنا من
التزام توقف تأثير العقد على حصوله المستقبل وإن ترتب
الأثر الآن قبل وقوعه، فبحصوله فعلًا ولو في المستقبل يكون العقد مؤثّراً من حينه؛ لأنّ ذلك هو المشروط به فمتى تحقّق بأن تحقّق مشروطه؛ ضرورة رجوع الحال إلى
اشتراط أثر العقد ومقتضاه الذي هو الملك حاله بحصول الرضا من المالك ولو في المستقبل، نحو ما سمعته في اشتراط صحة صوم المستحاضة بأغسالها الليلية، بل هو كذلك في جميع ما كان من قبيل ما نحن فيه».
وبناءً على إمكان الشرط المتأخّر في الأحكام الشرعية لا مانع عن القول بالكشف الحقيقي، فالكشف الحقيقي ممكن ثبوتاً ومعقول، إلّا أنّه
خلاف الظاهر
اثباتاً ، لما تقدّم من أنّ النافذ إنّما هو عقد المالك، وهذا لا يتحقّق قبل الإجازة.
إنّ الشرط ليس الإجازة المتأخّرة؛
لامتناع تأخّر الشرط عن المشروط، بل الشرط الوصف
الانتزاعي منه كالتعقّب، ونسبه
المحقق النائيني في منية الطالب إلى الشيخ محمّد حسين الطهراني صاحب الفصول وأخيه الشيخ محمّد تقي صاحب الحاشية على المعالم.
وقد ردّ هذا القول بعدم الدليل على جريان هذا المعنى في المقام، كما أنّ وصف التعقّب قائم بالتعقب فلا يكون حاصلًا إلّا عند حصول موضوعه، فإذا كان المتعقّب معدوماً كان التعقّب كذلك.
وكل ما تقدم من الوجوه بين ما يكون مستحيلًا ثبوتاً واثباتاً وبين ما يكون ممكناً ثبوتاً وغير محقق اثباتاً.
أنّ الإجازة كاشفة عن الرضا التقديري، بمعنى أنّها تكشف عن رضا المالك إن التفت إلى العقد، والرضا المعتبر في العقد هو الأعم من الحقيقي الفعلي والتقديري، وقد نسب المحقق النائيني هذا القول إلى
المحقق الرشتي .
ونوقش بعدم كفاية الرضا الفعلي في صحة عقد الفضولي فضلًا عن الرضا التقديري، مع أنّ كشف الإجازة عنه غير ظاهر لجواز
اختلاف حال المالك من حيث الرضا والكراهة.
بمعنى أن تكون الإجازة المتأخّرة محدثة للتأثير في العقد، وجاعلة إيّاه سبباً تامّاً بعد ما لم يكن كذلك حال وجوده حدوثاً، وهو ما يظهر من الاستدلال بأنّ الإجازة رضا بمضمون العقد، وهو النقل من حينه، فمقتضى حكم الشارع الأقدس حين الإجازة بصحة العقد هو الحكم حين الإجازة بثبوت المضمون من حين العقد.
وأشكل عليه
:
۱- بمنع كون مضمون العقد هو النقل من حينه، بل نفس النقل مجرداً عن ملاحظة زمان خاص.
وردّ بأنّ مضمون العقد وإن كان نفس النقل ولكنّه سبب له من حين انشائه فإذا كانت الاجازة
امضاءً لنفس هذا المضمون كان رضا بثبوته من حين العقد لا محالة.
۲- أنّ وجوب الوفاء بالعقود إنّما يصح تطبيقه بعد الإجازة لاختصاص موضوعه (أي العقد) بعقد المالك،
والاضافة إلى المالك إنّما تكون بعد الإجازة، وحينئذٍ يمتنع الحكم بثبوت المضمون حين العقد؛ لأنّ الملكية إنّما تنتزع من التكليف بوجوب
الوفاء وحرمة التصرف ونحوهما، فلا يمكن اعتبار الملكية في زمان قبله.
وردّ على هذا بأنّ المحقّق في محلّه أنّ الملكية ونحوها ليست
منتزعة من التكليف؛ لأنّها مأخوذة في موضوعه فتكون متقدّمة عليه رتبة. ومع التسليم بالانتزاع فغاية ما يقتضيه امتناع تقدّم اعتبار الملكية على ثبوت التكليف، لا امتناع تقدّم نفس الملكية عليه، فتكون الإجازة موجبة لتوجه التكليف بالوفاء الذي هو منشأ الملكية السابقة. ولا يحتاج اثبات ذلك إلى دليل غير عموم وجوب الوفاء ونحوه.
۳- عدم معقولية نفوذ العقد من حينه بعد الإجازة؛ لأنّ العقد الموجود على صفة عدم التأثير يستحيل لحوق صفة التأثير له
لاستحالة خروج الشيء عمّا وقع عليه، فإذا دلّ الدليل على ذلك تعيّن صرفه إلى نفوذ العقد من حينه حكماً لا حقيقة.
ويرد عليه: بأنّ هذا يتم لو كان الأثر المقصود من نفوذ العقد حقيقياً وليس كذلك؛ إذ الملكية ونحوها من آثار العقد اعتباريات محضة، وفي مثلها لا مانع من اعتبارها بعد الإجازة لموضوع العقد من حينه، فيحكم من حين العقد إلى حين الإجازة بعدم نفوذ العقد وبقاء كل من العوضين على مالك مالكه، وبعد الاجازة يحكم بانتقال كل من العوضين إلى ملك مالك الآخر من حين العقد.
ولقد قوّى السيد الحكيم هذا الوجه وقدّمه على النقل وعلى سائر وجوه الكشف، بعد أن قرّب حلًاّ للاشكال الأوّل بقوله: «إلّا أن يقال: زمان العقد وإن لم يؤخذ قيداً للمضمون لكن من المرتكزات العرفية كون
المضمون من آثار العقد ومسبباً عنه على نحو المسببات الحقيقية الناشئة عن أسبابها من كونها مقارنة لها غير منفكة عنها، وهذا الارتكاز العرفي موجب لحمل العمومات على تنفيذه على النحو المذكور، فإذا كانت الإجازة مصحّحة لتطبيق العمومات على العقد كان مقتضاها النفوذ من حينه لا من حين الاجازة، وهذا قريب جداً».
إلّا أنّ الكشف بهذا المعنى بحسب الحقيقة ليس كشفاً حقيقياً، وإنّما هو كشف بقاءً لا حدوثاً، وسيأتي توضيحه في.
ومعناه- كما بيّنه
الشيخ الأنصاري - هو إجراء أحكام الكشف بقدر الإمكان مع عدم تحقّق الملك في الواقع إلّا بعد الإجازة.
بحيث يحكم باثبات آثار الكشف من أوّل
الأمر وحين العقد، ولازم ذلك إثبات آثار الملكية من حين العقد، حكى ذلك الشيخ عن استاذه شريف العلماء..
الكشف عن تحقّق الاعتبار الذي عقده الفضوليان من حينه، فالاعتبار
والامضاء الشرعي حين
الاجازة إلّا أنّ الممضى والمعتبر ثبوته من ذلك الزمان، فإنّ هذا في الامور الاعتبارية جائز فمن الآن يعتبر زيد مالكاً من أوّل الأمر رغم أنّه قبل هذا الآن لم يكن مالكاً. وهذا ما اختاره
السيد الخوئي في مصباح الفقاهة وذكر أنّه ليس كشفاً حقيقياً ولا حكمياً، حيث قال: «إنّ الإجازة تكشف عن تحقّق الاعتبار حين العقد وإن الشارع يمضي بالإجازة أيضاً من الأوّل كما هو مقتضى الاطلاقات والعمومات... من غير أن يكون بعنوان الكشف الحقيقي أو الحكمي»».
ويمكن تصنيف هذه الأقوال إلى ما يلي:
۱- القول بأنّ الصحيح هو النقل، وقد ذهب إليه فخر المحقّقين
كما تقدّم والمحقق الأردبيلي،
واستظهره أيضاً المحقق العاملي في المدارك
والفاضل الاصفهاني في كشف اللثام.
۲- ما ذهب إليه الشيخ الأنصاري من أنّ الأنسب بالقواعد هو النقل ثمّ بعده القول بالكشف الحكمي.
۳- لعلّه مراد المحقق النائيني وهو القول بالكشف الحكمي، حيث قال: «ولكن أقوى الوجوه هو الواسطة بين الكشف الحقيقي والنقل التي يعبّر عنها بالكشف الحكمي، ولكن لا من باب التعبد الصرف بأن يكون مقتضى القاعدة هو النقل وإنّما ثبت الكشف بالتعبد، بل لأنّه هو مقتضى القاعدة».
۴- ما ذهب إليه السيد الحكيم والسيد الخوئي من القول بالكشف الانقلابي أو القول بالكشف عن تحقّق الاعتبار الذي عقده الفضوليان من حينه- كما تقدّم- قال السيد الخوئي: «فإنّه بعد البناء على صحة الفضولي واثبات عدم تمامية الكشف الحقيقي بغير الذي ذكرنا، من المعرفية المحضة وتأثير الأمر المتأخّر في الأمر المتقدّم أو عنوان التعقب إمّا لعدم معقوليتها أو لعدم تمامية دليل
الإثبات الذي هو نتيجة القول بالكشف الحكمي. فلا بد لنا من الالتزام بما ذكرنا، وإلّا نلتزم بالكشف الحكمي...».
الكلام في بيان ثمرة القول بالكشف أو النقل يقع في جهات:
منها: بيان الأحكام الخارجية الشرعية المترتبة على تصرفات المشتري أو الأجنبي قبل الإجازة. فإذا تصرّف المشتري أو
الأجنبي في العين المبيعة فضولًا فهل تترتب أحكام الملكية على تصرف المشتري وأحكام العقد على تصرف الأجنبي أم لا؟ أو يفرّق بين الكشف الحقيقي وبين غيره في الترتب.
فمثلًا إذا اشترى أمة فضولة فاستولدها، أو
زنى الأجنبي بها، فهل تصير الأمة امّ
ولد للأوّل، ويعتبر زنى الأجنبي زنا بذات البعل، فيترتب على ذلك أحكامهما أم لا؟
فعلى القول الأوّل بالنقل يكون وطء المشتري لها حراماً ولا تكون له ام ولد فإنّ الإجازة الحاصلة بعد الوطء لا توجب انقلاب الحكم عن واقعه، والاستيلاد المترتّب على الوطء الحرام لا يصيّر الأمة المتولّدة امّ ولد.
أمّا على القول بالكشف، فقد قال الشيخ الأنصاري: «إنّ الوطء على الكشف الحقيقي حرام ظاهراً لأصالة عدم الإجازة، حلال واقعاً لكشف الإجازة عن وقوعه في ملكه. ولو أولدها صارت امّ ولد على الكشف الحقيقي والحكمي...
ويحتمل عدم تحقّق الاستيلاد على الحكمي؛ لعدم تحقّق حدوث الولد في الملك وإن حكم بملكيته للمشتري بعد ذلك».
وقال المحقق النائيني: «وبالجملة، بناءً على الكشف الحقيقي لا فرق بين أقسامه، فيجوز له التصرّف مطلقاً لو علم بالإجازة، ويجوز واقعاً مع حرمته ظاهراً لو لم يعلم بها. نعم، على الكشف الحكمي يحرم التصرف واقعاً كحرمته ظاهراً؛ لأنّ الحرمة لا تنقلب عمّا هي عليه بالإجازة. وعلى هذا فالحقّ عدم صيرورة الموطوءة امّ ولد بناءً على الكشف الحكمي».
بينما قال السيد الحكيم: «... كانت
امّ ولد على جميع وجوه الكشف؛ فإنّها وإن لم تكن ملكاً له حال الوطء بناءً على الكشف الانقلابي والحكمي، لكن بعد الإجازة صارت محكومة بأنّها ملكه حين الوطء حقيقة أو حكماً».
ووافق السيد الخوئي ترتب
الأثر على الكشف الحقيقي والحكمي إلّا أنّه أضاف: «والذي ينبغي أن يقال: أنّه على الكشف الحقيقي بالمعنى الذي نقول عدم تحقّق الاستيلاد بوطء المشتري قبل الإجازة، كما أنّ الوطء كان محرماً».
لو باع أحد مال غيره فضولًا، ثمّ تصرف فيه المالك قبل الإجازة وقبل العلم بذلك أو مع العلم، فهل يكون تصرّفه هذا ردّاً فعلياً أو لا يكون، أو يفصّل بين الكشف الحقيقي وبين غيره في الحكم بنفوذ التصرفات؟
قرّب المحقق النائيني
نفوذ تصرفات المالك
المجيز في العين مطلقاً حتى على الكشف الحقيقي بأقسامه، وقال السيد الحكيم «فعلى النقل لا أثر للإجازة؛ لأنّها من غير المالك فلا مانع من النقل فيصح، وعلى الكشف الحقيقي يبطل النقل؛ لأنّه من غير المالك، وكذا على الكشف الانقلابي إذ عليه يحكم بعد الإجازة بأنّ المنقول ملك لغير الناقل، فلا يكون النقل من المالك، وكذا على الكشف الحكمي؛ لأنّ الحكم بكون النقل من غير المالك مقتضٍ لبطلانه».
وقد تقدّم الكلام في هذه الجهة أيضاً عند البحث في اعتبار عدم سبق ردّ المالك المعاملة الفضولية قبل إجازتها، تقدم في الركن الرابع (إنشاء الاجازة) ما يشترط في
انشاء الاجازة الفرع الخامس.).
المعروف عند معظم فقهائنا
أنّ النماء الحادث قبل الإجازة على القول بالنقل هو لمن انتقلت عنه العين؛ لأنّه نماء ملكه، وعلى القول بالكشف هو لمن انتقلت إليه العين.
وبناءً على ما تقدم لا إشكال في جواز تصرف المالك في النماء على القول بالنقل وضعاً وتكليفاً؛ لأنّه تصرّف في ملكه ولا مانع من تصرفه فيه، وإنّما تنتقل العين عنه إلى غيره بالإجازة والفرض أنّه قبلها، ويكون بيعه وعتقه- لو كان النماء مملوكاً- نافذاً وجائزاً.
وأمّا على القول بالكشف الحقيقي فربما يقال: إنّ تصرفه في النماء ليس إلّا تصرفاً جائزاً ولازم ذلك كونه في ملكه، ولازم كون النماء في الملك كون الأصل في ملكه، فيدل تصرفه فيه بالدلالة الالتزامية على ردّ
البيع الفضولي، فيحكم ببطلانه، وقد احتمله
الشيخ الأنصاري في المكاسب، حيث قال: «لو نقل المالك الولد».
ولكن نوقش بأنّ مجرد صدور الفعل لا يدلّ على الردّ ما لم يكن بنفسه إنشاء الردّ.
وأمّا على الكشف الحقيقي بالمعنى الذي اختاره السيد الخوئي- الذي هو في حكم الكشف الحكمي- فلا شبهة في أنّ تصرف المالك في نماء العين تصرّف في ملكه.
أفاد السيد الخوئي: أنّه لا شبهة في عدم جواز تصرفه قبل الإجازة- وضعاً وتكليفاً- بناءً على القول بالنقل؛ لكونه تصرفاً في مال الغير بدون
إذنه . نعم لو
باع ذلك، ثمّ أجاز المالك البيع فسيدخل في مسألة من باع شيئاً ثمّ ملك.
وأمّا على الكشف الحقيقي على أنحائه الثلاثة (أي الكشف الحقيقي بحيث تكون الملكية مثلًا موجودة قبل الإجازة وتكون الإجازة مؤثرة فيه إمّا بنحو الشرطية، أو بنحو التعقب، أو لا تكون مؤثرة فيها بل معرّفة محضة) فلا شبهة في جواز تصرّفه فيه تكليفاً ونفوذه وضعاً لو كانت الإجازة متحقّقة واقعاً، غاية الأمر مع عدم العلم بتحقّق الإجازة يكون متجرّياً في الظاهر.
وأمّا على الكشف الحكمي والكشف الحقيقي بما ذكرنا فلا بد من التفصيل بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي، والحكم بحرمة التصرفات قبل الإجازة واقعاً وظاهراً؛ لكونه تصرّفاً في مال الغير حقيقة... وأمّا الأحكام الوضعية فهي نافذة بعد الإجازة؛ فإنّه بعدها يكشف كونه واقعاً في ملكه.
ونحوه قال السيد الحكيم في الكشف على أنحائه الثلاثة ثمّ أضاف: «وعلى الكشف الانقلابي والحكمي والنقل لا يجوز لعدم انتقاله حينئذٍ فيكون تصرفاً في مال الغير».
فصّل البعض الحكم في هذه المسألة بناءً على القول بالنقل والقول بالكشف، فقالوا بجواز الفسخ في الأوّل وبعدمه في الثاني.
وقد تقدّم الكلام في هذه الثمرة في شروط انشاء الإجازة في الفرع السادس.
ومنها: ما قيل من ظهور الثمرة أيضاً في ما لو ترتبت العقود المتعدّدة على مال المجيز فذهب بعض كالشيخ الأنصاري في المكاسب
إلى صحة المجاز وما بعده على القول بالكشف إن وقعت العقود من أشخاص متعدّدين، وإن وقعت من شخص واحد انعكس الأمر، واختار المحقق القمي صحّة المجاز وما بعده على الكشف والنقل.
وقد تقدّم الكلام بالتفصيل في هذه الثمرة ضمن البحث في إجازة العقود المترتبة.
ومنها: ما قيل من ظهور الثمرة أيضاً في تعلّق النذور والايمان والأخماس والزكوات، فقد أشار إليها الشيخ جعفر
والشيخ الأنصاري،
وقد فصّل السيد الخوئي بينها حيث قال: «أنّها إن كانت متعلّقة بالملك من حيث هو ملك مع قطع النظر عن الجهات الخارجية
كالنذر والحلف
والخمس ونحو ذلك، فلا إشكال في ثبوتها من الأوّل وتعلّقها عليه على القول بالكشف دون النقل، وإن كان مما يتعلّق بالملك مع لحاظ جهة اخرى كالزكوات - حيث إنّها تعلقت بالملك مع لحاظ جواز التصرف في المال وإلّا فلا يتعلّق عليه- إذن لا تجب
الزكاة على القول بالكشف لا على البائع ولا على المشتري... وأمّا على القول بالنقل تتعلّق الزكاة على المالك ليس إلّا».
الموسوعة الفقهية، ج۵، ص۸۶-۹۷