أحكام المواقيت
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يشترط في
إحرام الحجّ والعمرة وقوعه في ميقات خاصّ، وهناك جملة من الأحكام تتعلّق بالمواقيت بصورة عامة نوردها فيما يلي.
قد شاع في ألسنة
الفقهاء المتقدّمين أنّه يجب على المكلّف الذي يريد
الإحرام والنسك تحصيل
المعرفة بالميقات وتشخيصه؛ لأنّ الإحرام لا يصح إلّا منها، وهو متوقّف على معرفتها، وما لا يتمّ
الواجب إلّا به فهو واجب.
ثمّ مع فقد العلم و
اليقين أو
الاطمئنان لا بدّ من تحصيل
حجّة شرعية عليه.
ولكن ذكر غير واحد من الفقهاء
الاكتفاء في معرفة المواقيت بالشياع المفيد للظنّ الغالب.
قال
المحقّق الأردبيلي : «الظاهر أنّ معرفة الميقات أي المحلّ الذي يجب الإحرام منه للنسك واجبة على الناسك ليتمكّن من الإحرام منه كما أمر، والظاهر أنّها تحصل بالشياع المفيد للظن أيضاً».
وقال
السيد العاملي : «الظاهر الاكتفاء في معرفة هذه المواقيت بالشياع المفيد للظنّ الغالب».
ونسبه في الجواهر إلى غير واحد من
الأصحاب .
واكتفى بعضهم بسؤال الناس و
الأعراب ، ولعلّه من جهة كونهم
أهل خبرة،
قال
الشيخ كاشف الغطاء : «تكفي المظنّة في معرفة المواقيت الناشئة من قول الأعراب ولو من واحد، و
الأحوط طلب العلم، ثمّ أقوى الظنون مع التمكّن من دون عسر، ولو حصل
التعارض أخذ بالترجيح، ومع
التساوي وحصول التردّد من غير مخبر يلزم الجمع بين المحتملات إن أمكن، ومع عدم
الإمكان يتخيّر ويذهب إلى ميقات آخر احتياطاً».
واستدلّ للاكتفاء بقول الأعراب بصحيحة
معاوية بن عمّار عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام ، قال: «يجزيك إذا لم تعرف
العقيق أن تسأل الناس والأعراب عن ذلك».
قال
المحقّق النائيني : «الأقوى لزوم تحصيل العلم بهذه الأماكن، وإن لم يتمكّن فلا يبعد الاكتفاء بالاطمئنان الحاصل من أخبار العارفين بها».
وقال
السيد الخوئي : «يجب على المكلّف اليقين بوصوله إلى الميقات والإحرام منه أو يكون ذلك عن اطمئنان أو حجّة شرعية، ولا يجوز له الإحرام عند الشكّ في الوصول إلى الميقات».
وقال
الإمام الخميني : «تثبت تلك المواقيت مع فقد العلم بالبيّنة الشرعية أو
الشياع الموجب للاطمئنان، ومع فقدهما بقول أهل
الاطلاع مع حصول الظن فضلًا عن الوثوق، فلو أراد الإحرام من
المسلخ - مثلًا- ولم يثبت كون المحلّ الكذائي ذلك لا بدّ من التأخير حتّى يتيقّن بالدخول من الميقات».
ثمّ إنّه لو شكّ ولم يحصل له اطمئنان أو ظنّ في مبدأ الميقات لم يصحّ منه الإحرام، بل لا يجوز إذا قصد
التشريع بذلك.
ولا يمكن
إجراء أصل عدم الوصول إلى الميقات أو عدم وجوب الإحرام؛ لأنّهما لا يثبتان كون ما بعد ذلك ميقاتاً، فيكون حينئذٍ الشك في
الفراغ لا في
الاشتغال ، فيجب
تحصيل العلم في نظر العقل.
ويمكن
التخلّص من ذلك بأحد أمرين:
الأوّل: أن يلبس
ثوبي الإحرام ويشرع في
التلبية من أول نقطة يحتمل فيها كونها ميقاتاً، ويستمرّ على النيّة والتلبية إلى آخر نقطة يحتمل فيها الخروج منها حتّى يعلم مصادفتها الميقات.
الأمر الثاني: أن يقدّم إحرامه على الميقات بنذر شرعي، بأن ينذر الإحرام من مكان على نحو يعلم بأنّه قبل المواقيت.
وقد مضى البحث عن ذلك فيما تقدّم.
•
الإحرام قبل الميقات ، تقدّم أنّ الإحرام- سواء كان لعمرة أو لحجّ- لا بدّ أن يكون من
الميقات الذي وقّته
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حيث الزمان والمكان، فلا يجوز الإحرام من غير ميقاته مكاناً أو زماناً إلّا فيما استثني، كما سيأتي.
•
تأخير الإحرام عن المواقيت ، تقدّم أنّ من يقصد
أداء الحجّ أو العمرة ويمرّ بأحد المواقيت الخمسة التي وقّتها
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجب عليه الإحرام منه، ولا يجوز له تجاوزه بلا إحرام إلّا من علّة. وهذا الحكم إجمالًا موضع وفاق و تسالم بين الفقهاء كافة. كما أنّ المراد من الميقات هنا الأعم منه ومن محاذيه فإنّه قد تقدم أنّه بحكم الميقات إمّا مطلقاً أو في خصوص مسجد الشجرة . وقد وقع البحث عند الفقهاء في حكم التارك للإحرام من الميقات ومحاذيه وحالاته من حيث كونه عن عمد أو نسيان أو عذر، ومن حيث
إمكان الرجوع وعدم إمكانه، ونورد ذلك فيما يلي.
•
حكم ترك الإحرام رأسا ، ترك الإحرام يكون عن عمد تارة، وعن عذر، كالجهل و النسيان اخرى، وإليك تفصيل البحث.
الموسوعة الفقهية، ج۶، ص۴۹۵- ۵۲۴.