أخذ الجزية
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(والبحث) هنا يقع في أُمور ثلاثة.
(فيمن تؤخذ الجزية منه، وكمّيتها، وشرائط الذّمة)
(وهي) أي الجزية (تؤخذ من
اليهود والنصارى) اتّفاقاً فتوًى ونصّاً كتاباً وسنةً مستفيضة، كما عرفتها.(وممّن له شبهة الكتاب، وهم
المجوس ) كما هو الأشهر الأقوى، بل لا خلاف فيه صريحاً إلاّ من العماني، فألحقهم في ظاهر كلامه بسائر أصناف الكفار.
وهو مع عدم صراحة كلامه في المخالفة ضعيف بلا شبهة.(و) يستفاد منها جواز أخذها، وقد اتّفقت الأدلّة في الدلالة على أن (يقاتل هؤلاء كما يقاتل
أهل الحرب حتى) يسلموا أو (ينقادوا لشرائط الذمة، فهناك) أي بعد ما انقادوا لشرائطها (يقرّون على معتقدهم).
(ولا تؤخذ
الجزية من الصبيان والمجانين والنساء والبُله) بضم الباء الموحدة وسكون اللام : جمع أبله، أي الذي لا عقل له، فيدخل في المجانين، ولذا لم يذكره كثير. أو الذي ضعف عقله، ولعلّه المراد من المعتوه الوارد في النص. وعبّر بعض
بدله بالسفيه.
كلّ ذلك للنص : عن النساء كيف سقطت الجزية عنهن؟ قال : فقال : «لأنّ
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن قتل النساء والولدان في دار الحرب إلاّ أن يقاتلن، فإن قاتلن أيضاً فأمسك عنها مهما أمكنك ولم تخف خللاً. فلمّا نهى عن قتلهنّ في دار الحرب كان ذلك في دار
الإسلام أولى. ولو امتنعت أن تؤدي الجزية لم يمكن قتلها - فلمّا لم يمكن قتلها - رفعت الجزية عنها. ولو امتنع الرجال أن يؤدّوا الجزية كانوا ناقضين للعهد، وحلّت دماؤهم وقتلهم، لأن قتل الرجال مباح في دار الشرك. وكذلك المُقعد من
أهل الذمة ، والأعمى والشيخ الفاني والمرأة والولدان في أرض الحرب، فمن أجل ذلك رفعت عنهم الجزية».
وضعف السند مجبور بفتوى عامّة العلماء، كما في المنتهى في الصبيان والنساء، وفيه :
الإجماع مطلقاً في المجانين مطبقاً. هذا مضافاً إلى نصوص أُخر عامية وخاصيةٍ في بعضها.ففي الخبر : «لا تؤخذ الجزية من المعتوه ولا من المغلوب على عقله».
(و) يُستفاد من الرواية الأُولى سقوطها عن (الهِمّ)، أي الكبير الفاني، والمقعد والأعمى، كما عن الإسكافي.
ووافقه الماتن هنا في الأول بقوله : (على الأظهر) وكذا الفاضل في القواعد فيه، خلافاً له فيه في الأخيرين،
وفي التحرير والمختلف في الجميع، فقال بعدم السقوط تبعاً لما حكاه عن الشيخ والقاضي ابن البراج وابن حمزة. قال : لعموم الكتاب، ولأنّها وضعت للصغار
والإهانة ، وهو مناسب للكفر الثابت في هؤلاء، فيجب وضعها عليهم عملاً بالمقتضي. وأجاب عن الرواية بضعف راويها مع معارضتها لعموم
القرآن .
وظاهر الماتن في الشرائع والشهيد في الدروس وغيرهما من المتأخرين التردّد فيه.
ولعلّه في محله وإن قوي دليل المنع عن السقوط؛
لابتنائه على ضعف سند النص. وربما يجبر بموافقته
الأصل وفتوى الأصحاب بمجلة ما فيه ولو في غير ما نحن فيه.وفي المسالك : وفصّل بعضهم بأنه إن كان ذا رأي وقتال أُخذت منه، وإلاّ فلا.والأقوى الوجوب مطلقاً للعموم.
وفي سقوط الجزية عن المملوك أم العدم قولان :
المشهور كما في المنتهى والمختلف
الأول؛للنبوي : «لا جزية على العبد»
وأنّ العبد مال فلا تؤخذ منه كغيره من الحيوان» وبه أفتى في القواعد والمختلف والمسالك، بناءً على أنه لا يقدر على شيء.
خلافاً لظاهر
الصدوق في الفقيه، وصريحه في المقنع كما حكي، فالثاني،
ووافقه في التحرير؛
للمرتضوي العامّي
والباقري الخاصّي،
وفيهما : أنها تؤخذ من سيّده، كما أفتيا به.وظاهر المنتهى والدروس وغيرهما التردّد فيه.
ولعلّه في محله، إلاّ أنّ مقتضي الأصل حينئذٍ المصير إلى الأوّل، وإن كان الأحوط الأخذ بالثاني.
(ومن بلغ منهم) أي من الصبيان (أُمر بالإسلام أو التزام الشرائط، فإن امتنع صار حربياً) كما هنا وفي جملة من كتب الفاضل، ومنها المنتهى،
وظاهره عدم خلاف فيه بين العلماء، حيث لم ينقل فيه خلافاً؛ ولعلّه للعموم كتاباً وسنةً خرج منه حال
الصباوة وبقي غيرها.
ومنه يظهر أنه لو أفاق المجنون أو أُعتق العبد فعليهما الجزية ويستأنف العقد معهما، أو يسلما. فإن امتنعا صارا حربيين كما صرّح به في القواعد،
وفيه وفي المنتهى : أنّه لا
اعتبار بجزية
الأب .
وهو كذلك؛ للأصل السالم عن المعارض.
(والأولى أن لا يقدّر الجزية) بحسب الشرع كليةً، لا في طرف القلّة ولا في طرف الكثرة، وفاقاً للأكثر كما في كتب،
بل لا خلاف فيه يظهر ولا ينقل إلاّ من نادر سيظهر، وفي الغنية الإجماع عليه؛
وهو الحجّة، مضافاً إلى الأصل، وإطلاقات
الكتاب والسنة، وخصوص الصحيح : ما حدّ الجزية على
أهل الكتاب ؟ وهل عليهم في ذلك شيء موظّف لا ينبغي أن يجوز إلى غيره؟ فقال عليه السلام : «ذلك إلى
الإمام يأخذ من كلّ
إنسان منهم ما شاء على قدر ماله وما يطيق، إنّما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا، فالجزية تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون له أن يأخذهم به حتّى يسلموا، فإنّ الله تعالى قال (حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) وكيف يكون صاغراً وهو لا يكترث لما يؤخذ منه حتّى لا يجد -في المصادر عدا الوسائل : حتى يجد.- ذلاًّ لما أُخذ منه، فيألم لذلك فيسلم».
ومع ذلك (فإنّه أنسب بالصغار) كما استفيد من الصحيح المزبور، وصرّح به الحلّي، فقال بعد أن ذكر اختلاف المفسرين في تفسير الصغار ـ : والأظهر أنّه التزام أحكامنا عليهم
وإجراؤها ، وألاّ يقدر الجزية فيوطّن نفسه عليها، بل يكون بحسب ما يراه الإمام عليه السلام بما يكون معه ذليلاً صاغراً خائفاً، فلا يزال كذلك غير موطّن نفسه على شيء، فحينئذٍ يتحقق الصغار الذي هو الذلّة. ثمّ قال : وذهب المفيد إلى أنّ الصغار هو : أن يأخذهم الإمام بما لا يطيقون حتى يسلموا، وإلاّ فكيف يكون صاغراً وهو لا يكترث بما يؤخذ منه فيسلم.
خلافاً للإسكافي، فقدّرها في طرف القلّة، بأنه لا تؤخذ من كلّ كتابي أقلّ من دينار، ووافق المختار في طرف الكثرة؛
للنبوي العامي : أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر معاذاً أن يأخذ من كلّ حالِم ديناراً.
(و) لنادرٍ غير معروف، فقدّرها بما في بعض الأخبار المشهورة بين الخاصّة والعامّة من أنّه (كان
عليّ عليه السلام يأخذ من الغنيّ ثمانية وأربعين درهماً، ومن المتوسط أربعة وعشرين درهماً، ومن الفقير اثني عشر درهماً).
وضعفهما ظاهر؛ إذ بعد
الإغماض عن سند الروايتين، وعدم معارضتهما للصحيح المتقدم بوجه، قضيّتان في واقعة. فلعلّ فعلهما علیهما السلام كان (
لاقتضاء المصلحة) ذلك التقدير في ذلك الوقت (لا) أنه كان منهما (توظيفاً لازماً) يجب العمل به ولو اقتضى المصلحة خلافه.
ويؤيّده أنه لو كان توظيفاً، لما زاد الأمير عليه السلام عمّا قدّره النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فالروايتان بعد ضمّ إحداهما مع الأُخرى، يمكن
الاستدلال بهما للمختار لو صحّ سندهما كما فعله في المنتهى.
(ويجوز وضع الجزية على الرؤوس أو الأرض) أي على أحدهما من غير أن يتعيّن شيء منهما، بلا خلاف أجده فتوًى ونصاً.
(وفي جواز الجمع) بينهما في الجزية، بأن توضع عليهما
ابتداءً أو مطلقاً (قولان، أشبههما) عند الماتن هنا وفي الشرائع (الجواز)
وفاقاً للمحكي عن الإسكافي والتقي،
واختاره أكثر المتأخرين،
ومنهم الفاضل في جملة من كتبه.
واستدلّ عليه في المنتهى بأنّ الجزية غير مقدّرة في طرفي النقصان والزيادة، بل هي موكولة إلى نظر الإمام عليه السلام، فجاز أن يأخذ من أراضيهم ورؤوسهم، كما يجوز له أن يضيف الجزية على رؤوسهم في الحول الثاني، ولأنّ ذلك أنسب بالصغار.
وأجاب عنه في المختلف حيث إنّه فيه ممّن اختار المنع، وفاقاً لمن حكاه عنه من النهاية والقاضي وابن حمزة والحلّي، فقال : والجواب : ليس النزاع في تقسيط جزية على الرأس والأرض، بل في وضع جزيتين عليهما، واستدلّ على المنع بالصحيح : «عليهم ما أجازوا على أنفسهم، وليس للإمام أكثر من الجزية، إن شاء الإمام وضعها على رؤوسهم وليس على أموالهم شيء، وإن شاء فعلى أموالهم وليس على رؤوسهم شيء».
أقول : ونحوه صحيح آخر لراويه.
وأجاب عنهما في المنتهى بعد أن استدلّ بهما للمنع بأنّا نقول بموجبهما ونحملهما على ما إذا صالحهم على قدر معيّن، فإن شاء أخذ من رؤوسهم ولا شيء له حينئذٍ على أرضهم وبالعكس. وليس فيهما دلالة على
المصالحة على أن يأخذ من رؤوسهم وأرضهم ابتداءً.
وكلامه هذا ـ كما ترى ـ ظاهر بل صريح في أنّ محل النزاع إنّما هو تقسيط الجزية على الرؤوس والأرض معاً ابتداءً، وأنه لو تصالح معهم على أحدهما فليس له الأخذ بالأُخرى اتّفاقاً. مع أنّ المستفاد من كلامه في المختلف أنّ جواز تقسيط الجزية
الواحدة عليهما ليس محلّ خلاف، وإنّما هو في تقسيط الجزيتين عليهما مطلقاً ولو بعد أن صالح على جزية واحدة على أحدهما ابتداءً.
وعلى هذا فلم يتشخّص محل
النزاع ، أهو ما في المختلف أو ما في المنتهى، ولكن
إطلاق نحو المتن يعمّهما، فيعمّهما القول بالمنع والجواز. فما في المتن من الجواز كذلك أقوى؛ لما مرّ في المنتهى، مضافاً إلى الأصل، والإطلاقات السليمة عمّا يصلح للمعارضة، عدا الصحيحين المشار إليهما، وليس فيهما الدلالة على المنع في محل النزاع أصلاً، وهو تقسيط الجزية
الواحدة على الأمرين أو أخذ جزيتين عليهما ابتداءً أو مطلقاً. وإنما غايتهما أنه ليس عليهم بعد الجزية شيء، فإذا جعلها الإمام على رؤوسهم، فليس عليهم بعد هذه الجزية شيء آخر غيرها على أموالهم وبالعكس، لا أنه ليس للإمام أن يقسطها عليهما مثلاً. ولا تعرّض لهما فيهما بنفي أو
إثبات أصلاً. فينبغي الرجوع فيهما إلى مقتضى الأُصول والعمومات، وهو الجواز مطلقاً كما قدّمنا.
ثم إنّه ليس في المتن وعبائر كثير تقييد الجواز بالابتداء، وقيّده به في الشرائع
معرباً عن عدم الخلاف بالمنع في غيره.وظنّي أن المراد به
الاحتراز عمّا لو تصالح ابتداءً معهم على جزية رؤوسهم أو أراضيهم إحداهما، فلا يجوز له أخذ جزية أُخرى ولو موضوعة على غير ما وضع عليه الأُخرى، كما تقدّم التصريح به في المنتهى.
ونحوه الفاضل المقداد في شرح الكتاب فقال بعد نقل القولين مع الدليل من الطرفين ـ : والأقوى أن نقول : إذا اتّفقوا هم والإمام على قدر معيّن فأراد الإمام بعد ذلك تقسيطه على الرؤوس والأموال جاز، وأمّا إذا أراد جعل جزية أُخرى على الأرض فلا يجوز للرواية.
وأشار بها إلى الصحيحين.
أقول : وفي دلالتهما على ذلك أيضاً نظر، يظهر وجهه ممّا مرّ.وفي المسالك : أنه احترز بهذا القيد عمّا لو وضعها على رأس بعضهم وعلى أرض بعض آخر، فانتقلت الأرض التي وضعت عليها إلى من وضعت على رأسه، فإنه يجتمع عليه الأمران، لكن ذلك ليس ابتداءً، بل بسبب
انتقال الأرض إليه.
وفيه نظر : فإنّ الاحتراز به عن ذلك إنّما يتمّ لو قيّد للمنع به وليس كذلك، فإنّه قد أطلق المنع أولاً، ثم نقل قولاً بالجواز بهذا القيد فيقيّد المنع في غيره قولاً واحداً لا الجواز، كما لا يخفى، ثم إنّ الجواز في غير الابتداء بالمعنى الذي ذكره غير واضح؛ لعدم وضوح دليل عليه، إلاّ أن يكون إجماعاً، كما ربما يفهم منه ومن غيره، بل نفى الخلاف عنه بعض العلماء.
(وإذا أسلم الذمي قبل) حلول (الحول سقطت) عنه (الجزية) فلا يجب عليه
أداؤها إجماعاً، كما في المنتهى.
(ولو كان) إسلامه (بعده وقبل الأداء) لها (فقولان : أشبههما السقوط) أيضاً وهو أشهر، بل لا يكاد فيه خلاف يعتدّ به يظهر، إلاّ من فحوى عبارة الحلبي المحكية في المختلف،
ولم يحكه فيه عن أحد غيره، حتى الشيخ في الخلاف، بل أطلق مصيره إلى الأوّل من غير تقييد بما عدا الخلاف، لكن حكاه عنه في المنتهى، وولده في الإيضاح.
وكيف كان فلا ريب في ندرة هذا القول، وضعف مستنده من
الأصل ، لوجوب تخصيصه بحديثي
الجبّ ونفي الجزية عن المسلم المجمع عليهما من أصلهما، والمعتضدين هنا بالشهرة العظيمة القريبة من
الإجماع ، بل الإجماع في الغنية.
وإطلاق النصّ والفتوى يقتضي عدم الفرق بين ما لو أسلم
لإسقاطها وعدمه وبه صرّح جماعة.
خلافاً لبعضهم،
فأحتمل الفرق بينهما بالسقوط في الصّورة الثانية دون الاولى.وهو ضعيف جدّاً.
(وتؤخذ) الجزية (من تركته لو مات بعد الحول ذميا) بلا خلاف فيه بيننا كما يظهر من المنتهى؛
للأصل السليم عن المعارض، عدا بعض القياسات العامية.
(أمّا الشروط) فهي على ما ذكر هنا (خمسة :)
(قبول الجزية). (وأن لا يؤذوا المسلمين، كالزنا بنسائهم) واللواط بأطفالهم (والسرقة لأموالهم) ونحو ذلك.
(وأن لا يتظاهروا بالمحرّمات كشرب
الخمر والزنا ونكاح المحرّمات) من الأخوات وبناتهن وبنات
الأخ .
(وأن لا يُحدثوا كنيسةً ولا يضربوا ناقوساً) ولا يعلوا بناءً.
(وأن تجري عليهم أحكام
الإسلام ) أضفنا هذه الفقرة من المختصر المطبوع.وزاد جماعة
سادساً، وهو : أن لا يفعلوا ما ينافي
الأمان ، مثل العزم على حرب المسلمين،
وإمداد المشركين.
وإنّما لم يذكره الماتن هنا وكثير؛ لأنّه من مقتضيات العقد، ولذا لم يجب اشتراطه فيه، كما في المنتهى. وينقض
بالإخلال به ولو لم يشترط فيه، كما فيه، وفيه نفي الخلاف عن لزوم ذكر الشرط الأول والخامس فيه، وانتقاضه بالإخلال بأحدهما مطلقاً.
وظاهره عدم لزوم ذكر الشروط الأُخر، وأنّه ممّا ينبغي، وعدم انتقاض الذمة بالإخلال بها كلا أو بعضاً إلاّ مع الشرط، فيفعل بهم ما يوجبه شرع الإسلام من حدّ أو تعزير. وهو خيرته في جملة من كتبه
تبعاً للماتن في الشرائع،
وتبعهما شيخنا في المسالك والروضة.
خلافاً لظاهر المتن واللمعة، فظاهرهما
الانتقاض به مطلقاً، وبه صرّح في الدروس
وفاقاً للنهاية والسرائر والغنية،
وفيها الإجماع فتوى. وفي الأوّلين الإجماع رواية الظاهر أن مراده من الأولين النهاية والسرائر.
ولم نجدها في النهاية بل هي موجودة في المبسوط، من دون ذكر لفظ الربا.
فقالا : وروى أصحابنا : أنهم متى ما تظاهروا بشرب الخمر، وأكل لحم
الخنزير ، ونكاح المحرّمات في شرعنا والربا، نقضوا بذلك العهد.
ولعلّهما أرادا بها الصحيح «أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل الجزية من
أهل الذمة على أن لا يأكلوا الربا، ولا يأكلوا لحم الخنزير، ولا ينكحوا الأخوات ولا بنات الأخ ولا بنات
الأُخت ، فمن فعل ذلك منهم برئت منه ذمّة الله تعالى وذمّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم».
وفي دلالته على حصول النقض بالإخلال بها مطلقاً نظر.نعم هو نصّ في ذلك مع الشرط. فيردّ به ما عن الشيخ ; من عدم النقض به مطلقاً ولو مع الشرط
سيّما مع ندرته ودعوى الإجماع منه ومن غيره على خلافه. فلولاه لكان القول بالتفصيل بين الإخلال مع الشرط فالنقض وبدونه فالعدم، متوجهاً.
رياض المسائل، ج۸، ص۳۷-۴۹.