الإصباح
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
الدخول في
الصباح ونقيض
المساء .
الإصباح: مصدر أصبح، وهو الدخول في
الصباح ، وهو مجيء ضياء
النهار ، يقال: أصبح
القوم ، إذا دخلوا في الصباح.
واستعمله
الفقهاء في نفس معناه اللغوي.
تتعلّق بعنوان الإصباح بعض
الأحكام وهي:
صرّح
العلّامة الحلّي باستحباب الإصباح بصلاة عيد
الفطر أكثر من صلاة عيد
الأضحى ؛ معلّلًا ذلك بأنّ
المسنون يوم الفطر أن يفطروا أوّلًا على شيء من
الحلو ثمّ يصلّوا، وفي الأضحى لا يطعم شيئاً حتى يصلّي ويضحّي،
وارتضاه الكركي،
وهو ظاهر
الشهيد الثاني في
الروض .
المشهور المصرّح به في عبارات الفقهاء
بطلان صوم
شهر رمضان بالإصباح جنباً
متعمّداً ، حيث اشترطوا في صحّة
الصوم عدم
البقاء على حدث
الجنابة متعمّداً حتى يطلع
الفجر ، بل عليه
الإجماع في كلمات بعضهم،
بل في
الجواهر : أنّ
الحكم فيه من القطعيّات،
وفي غيره:
أنّ
المسألة كأنّها من
المتسالم عليه بينهم، وخلاف من خالف فيها لا يعبأ به.
واستدلّ لذلك بالنصوص المدّعى
استفاضتها أو
تواترها ،
كصحيحة
الحلبي عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام في رجل احتلم أوّل
الليل أو أصاب من أهله ثمّ نام متعمّداً في شهر رمضان حتى أصبح، قال:
«يتمّ صومه ذلك ثمّ يقضيه إذا أفطر من شهر رمضان، ويستغفر ربّه».
وكذا
الحال في قضاء شهر رمضان، فيبطل بالإصباح جنباً
عمداً في ظاهر المشهور،
وظاهر
الأصحاب ؛
لدلالة جملة من النصوص عليه، كصحيحة
عبد اللَّه بن سنان أنّه سأل أبا عبد اللَّه عليه السلام عن
الرجل يقضي شهر رمضان فيجنب من أوّل الليل ولا يغتسل حتى يجيء آخر الليل، وهو يرى أنّ الفجر قد طلع، قال: «لا يصوم ذلك
اليوم ويصوم غيره».
هذا كلّه في شهر رمضان وقضائه.
وأمّا سائر أنواع الصوم فظاهر
المشهور عدم الفرق في بطلان الصوم و
فساده بالإصباح جنباً عمداً بين شهر رمضان وغيره من
أفراد الصوم الواجب، معيّناً أو غيره، وكذا المندوب؛ ضرورة عدّهم له في سلك غيره من
المفطرات التي لا يختلف فيها أفراد الصوم.
إلّاأنّ جمعاً من الفقهاء
حكموا بالصحّة في الصوم
المندوب .
وتدلّ عليه جملة من النصوص،
و
المستفاد منها
مفارقة الصوم المندوب صوم رمضان وقضائه، فلا يعتبر فيه عدم البقاء على
الجنابة متعمّداً حتى يطلع الفجر.
ثمّ إنّ بطلان الصوم الواجب بالإصباح جنباً متعمّداً هل يترتّب عليه القضاء و
الكفّارة أو القضاء خاصّة؟ قولان، والمشهور
الأوّل.
حدث
الحيض و
النفاس كحدث الجنابة في
إبطال الصوم بالإصباح عليه عمداً، بل وكذا الحكم في
الاستحاضة الكثيرة على ما هو المشهور،
بل في
الحدائق :
الظاهر أنّه لا خلاف فيه، أي في
الإخلال في أغسال
المستحاضة ووجوب قضاء صومها،
بل في
المسالك :
الإجماع على وجوب القضاء فيه مع الإخلال بالأغسال، وكذا الحائض و
النفساء إذا انقطع دمها قبل الفجر؛
لموثّق أبي بصير
وصحيح
ابن مهزيار .
التحيّة التي يترتّب عليها
الثواب في
الإسلام ويجب ردّها بعنوان التحيّة لا بعنوان آخر هي
السلام ، وتتحقّق بذكر (
السلام عليكم ) وما يشتقّ منه.
أمّا التحيّة بغيره مثل: صبّحك اللَّه بالخير، فليس لها آثار التحيّة بالسلام عند
المشهور ، وحكم ردّها تارةً يكون في غير حال الصلاة، واخرى في حال
الصلاة .
أمّا في
الموضع الأوّل فالمشهور عدم وجوب ردّها،
خلافاً للعلّامة الحلّي في
المختلف ، فأوجب
الردّ في كلّ ما يسمّى تحيّة؛
محتجّاً بعموم قوله تعالى:
«وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا
بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا».
ونوقش ذلك بأنّ عموم
الآية الكريمة غير ثابت؛ لأنّها مفسّرة بالسلام عند جمهور المفسّرين
وأهل اللغة .
قال
السيّد السبزواري : «ويكفي الشكّ في شمولها لغيرها في عدم جواز
التمسّك بها؛ لأنّها حينئذٍ من التمسّك بالعام في
الشبهة المصداقية، مع أنّه لم يقل أحد بوجوب
تعويض كلّ برٍّ و
إحسان ».
واحتجّ المشهور بالأصل و
السيرة وظهور
الاتّفاق ،
ويشير إليه صحيح
ابن مسلم الآتي، فإنّ قوله: (كيف أصبحت) نوع من التحيّة، وقد سكت
الإمام عليه السلام ولم يجبه.
نعم، ذكر بعضهم بعد نفيه لوجوب الردّ أنّه أحوط؛
خروجاً عن شبهة
احتمال وجوب
التعميم .
وأمّا في الموضع الثاني- أي حال
الصلاة - فلا يجب الردّ، قال
السيّد الخوئي : «فبناءً على عدم وجوب الردّ في غير حال الصلاة فالأمر واضح، وأمّا بناءً على
الوجوب فكذلك على ما دلّت عليه صحيحة
محمّد بن مسلم، حيث تضمّنت
سكوته عليه السلام عن ردّ ابن مسلم حينما قال له: (كيف أصبحت)؛ إذ لا ريب في كونه نوعاً من التحيّة
العرفية ، فسكوته خير دليل على عدم الوجوب، على أنّا لو بنينا على وجوب الردّ فصحّة الصلاة معه لا تخلو من إشكال؛ لعدم
الدليل على اغتفار ما عدا ردّ السلام من كلام
الآدميّين ، ومن البيّن أنّ وجوب
التكلّم لا ينافي البطلان، كما لو اضطرّ إليه
لإنقاذ غريق مثلًا».
لكن لو أراد الردّ فالأحوط أن يكون بقصد
الدعاء ، كما ذكر بعضهم.
الموسوعة الفقهية، ج۱۳، ص۲۹۵-۲۹۸.