الأطعمة والأشربة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الأطعمة والأشربة (توضيح).
وهو كل شيء
يؤكل من القوت وكل شيء يشرب من السوائل والمائعات من غير مضغ.
الأطعمة في اللغة: جمع طعام، وهو اسم جامع لكلّ ما يقتات ويؤكل ويتّخذ منه القوت من الحنطة
والشعير والتمر وغير ذلك.
وذهب بعض اللغويّين إلى أنّه البرّ خاصّة، ثمّ سمّي كلّ ما يسدّ الجوع طعاماً.
وقيل: إنّ أهل الحجاز كانوا إذا أطلقوا اللفظ عنوا به البُرّ خاصة، وعن الخليل: أنّه العالي من كلام العرب.
فالطعام: كلّ ما يقتات ويمسك الرمق، جامداً كان- كما هو الغالب- أو مائعاً، كاللبن وغيره ممّا يسدّ الجوع.
والأشربة: جمع شراب، والشراب: اسم لما يشرب من المائعات، أي الذي لا يتأتّى فيه المضغ، حلالًا كان أو حراماً،
وكلّ شيء لا يمضغ فإنّه يقال فيه: يشرب.
ولا يخرج استعمال الفقهاء للمفردتين عن معناهما اللغوي.
وهو لغة ما يؤكل ليمسك به الرمق، وهو مصدر قات يقوت قوتاً،
فكلّ ما يقوت ويقوم به
البدن هو طعام.
وهو- بالفتح- مصدر أكل الطعام أكلًا، أي تناوله أو بلعه عن مضغ.
وهو إدراك طعم الشيء بواسطة الرطوبة المنبثّة بالعصب المفروش على عضل اللسان، وهو أحد الحواسّ.
مصدر شربت أشرب شَرباً وشُرباً، وهو: تناول كلّ مائع، سواء كان ماءً أو غيره.
والمراد بحكم الأطعمة والأشربة هنا حكم أكلها وشربها لا سائر الأحكام التي قد تثبت فيها كبطلان بيعها أو احتكارها أو نجاستها أو عدم صحة الصلاة فيها وغير ذلك، فإنّها تبحث ضمن مصطلحات اخرى.
صرّح غير واحد من الفقهاء بأنّ الأصل في الأطعمة والأشربة الإباحة إلّاما ورد نصّ خاصّ بتحريمه.
قال
المحقّق النجفي : «ومن المعلوم المقرّر في الاصول أنّ العقل والشرع تطابقا على أصالة الإباحة والحلّ في تناول كلّ ما لم يعلم حرمته من الشرع».
واستدلّ لذلك
بقوله تعالى: «هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً»
وعموم قوله تعالى: «قُل لَاأَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ».
وجاء في الروايات العديدة أيضاً نفس المضمون، ففي صحيح
محمّد بن مسلم عن
أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: «ليس الحرام إلّا ما حرّم اللَّه في كتابه»، ثمّ قال: «اقرأ هذه الآية: «قُل لَاأَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ...»».
وهذه الإباحة قد يراد بها الإباحة الواقعية، وقد يراد بها الإباحة الظاهرية، أي الوظيفة العملية في حالات الشكّ في الحرمة والحلّية، أمّا الإباحة الواقعية فيحتاج
إثباتها إلى قيام دليل معتبر من إجماع أو آية أو رواية معتبرة على الإباحة الشرعية في كلّ طعام أو شراب كما في الأطعمة والأشربة الخاصة التي قام
الإجماع والضرورة أو السيرة المتشرعية أو الآيات والروايات على حلّيتها، وهي مفصّلة تطلب تفاصيلها في مصطلحاتها الخاصة.
أو قيام دليل عام على حلّية كلّ طعام وشراب إلّاما خرج بدليل، فيكون هذا عاماً فوقانياً يرجع إليه كلّما لم تثبت حرمة طعام أو شراب معيّن.
وهذا ما يستفاد من الآية والرواية المتقدّمتين وأمثالهما، حيث إنّ الظاهر منهما حلّية كلّ طعام واقعاً إلّاما ورد تحريمه في
القرآن الكريم أو في الروايات الخاصة المعتبرة، فإنّ الحصر المستفاد من الآية والرواية المتقدّمتين قابل للتخصيص والتقييد.
وهناك من ناقش
في إمكان استفادة الحصر والقاعدة العامة المذكورة وجعله حصراً إضافياً لا حقيقياً؛ لأنّ ما ثبتت حرمته في القرآن الكريم محدود- كالنطيحة والمتردية وغير المذكّى، والكلب والخنزير والمسكر- ولا شكّ في أنّ الأطعمة والأشربة المحرّمة أكثر من ذلك.
إلّاأنّ هذا لا يوجب رفع
اليد عن أصل ظهور الآية والرواية المتقدّمتين في الحصر، وحمله على الحصر الإضافي وبالنسبة لما ورد في القرآن الكريم فقط، بل يكون الظهور في الحصر حجّة في المقدار الذي لم يخرج بالتخصيص بدليل معتبر، سواء كان آية أو رواية معتبرة.
وبذلك نثبت الإباحة الواقعية لكلّ طعام أو شراب لم يقم دليل معتبر على حرمته في الشبهات الحكمية، فلا تصل النوبة فيها إلى الإباحة الظاهرية والأصل العملي الشرعي أو العقلي.
وإنّما نحتاج
الإباحة الظاهرية في الشبهات الموضوعية، كما إذا شكّ في لحم أنّه من حيوان حلال اللحم-
كالشاة - أو حرام- كالخنزير- أو أنّه مذكّى أو نطيحة أو متردية، أو أنّ المائع مسكر أو غير مسكر، أو نجس أو غير نجس إلى غير ذلك.
إلّاأنّ من لم يقبل ظهور الآية والرواية المتقدّمتين في الحصر يحتاج في الشبهات الحكمية في حلّية طعام أو شراب إلى الرجوع إلى الأصل العملي لا محالة، والأصل العملي الشرعي يتمثّل في الشبهات الحكمية والموضوعية معاً في أصالة الحلّ والبراءة الشرعية وفي الشبهات الموضوعية فقط، يضاف إلى ذلك قاعدة اليد وسوق
المسلمين وأرض
الإسلام ، فإنّها اعتبرت أيضاً أمارات وقواعد ظاهرية تثبت حلّية الطعام والشراب وطهارتهما من حيث
التذكية ، ومن حيث سائر شرائط الحلّية والطهارة.
ويطلب تفصيل ذلك في مصطلحاته الخاصة.
كما أنّه في خصوص موارد الشكّ في التذكية التي هي شرط في حلّية لحم الحيوان- سواء كان بنحو الشبهة الحكمية أو الموضوعية- يدّعى وجود أصل حاكم ومقدّم على أصالة الحلّ والبراءة الشرعية، وهو استصحاب عدم التذكية، وهو يثبت الحرمة وعدم جواز الصلاة فيه.
وذهب بعضهم إلى أنّه يثبت نجاسة اللحم وكونه ميتة أيضاً، وإن خالف في ذلك جملة من المحقّقين
وفصّل بين حرمة الأكل والمانعية في الصلاة فتثبتان
باستصحاب عدم التذكية كلّما تمّت أركانه، وبين النجاسة فلا تثبت به؛ لأنّ موضوعها عنوان الميتة الذي هو عنوان وجودي لا يثبت باستصحاب عدم التذكية. وتفصيل ذلك في مصطلح (تذكية).
ولعلّ من فصّل بين الحيوان وغيره من الأطعمة والأشربة ينظر إلى هذا التفصيل.
وأمّا الأصل العملي العقلي فلا يوجد أصل عملي عقلي خاص بباب الأطعمة والأشربة كما هو واضح، ومن عبّر بالإباحة عقلًا هنا لابد وأن يقصد بها أصالة البراءة العقلية الاصولية المعبّر عنها بقاعدة قبح العقاب بلا بيان، وقد وقع في
علم الاصول بحث في صحّتها وعدم صحّتها يطلب في محلّه.
يختلف سبب التحريم في الأطعمة والأشربة من حيث إنّ بعض الأسباب تكون عامّة لا اختصاص لها بطعام دون طعام، وبعض الأطعمة تكون محرّمة بخصوصها فيكون السبب في تحريمها عناوينها الخاصة، فهنا قسمان من أسباب التحريم:
يحرم أكل بعض الحيوانات والطيور- برّية كانت أو بحريّة- بعنوانيها الخاص، لا لعارض وسبب خارجي طارىء عليها، فإنّه يحرم أكل السباع والمسوخ.
ويحرم أكل الطير إذا كان ذا مخلب، أو كان صفيفه أكثر من دفيفه، أو لخلوّه من إحدى علامات الحلّ الثلاث: الحوصلة والقانصة والصيصة.
وكذا يحرم أكل ما عدا السمك من حيوان البحر، والسمك الذي لا فلس له، كما يحرم توابع بعض الحيوانات وأجزائه، وسيأتي تفصيل كلّ ذلك في محلّه.
ويحرم
المسكر من الشراب، وهو: ما يخمّر العقل، أي يستره ويحجزه،
كالخمر المتّخذ من عصير العنب وسائر المسكرات الاخرى.
إلى غير ذلك ممّا هو ثابت في العناوين الخاصة من الأطعمة أو الأشربة، ويطلب تفصيلها في مصطلحاتها الخاصة.
وكذا يشترط في حلّية وطهارة الحيوانات أن تكون قابلة للتذكية وتقع عليها التذكية
بالصيد أو الذباحة الشرعية ذات الكيفية والشروط الخاصة، فمن دون ذلك تكون ميتة ومحرّمة ونجسة.
التحريم بسبب عام قد يكون بسبب أعمّ من الطعام- كالضرر والنجاسة والخباثة ونحوها- وقد يكون بطروّ بعض الحالات على الحيوان توجب حرمة أكله مع كونه محلّل الأكل، كالجلل
والوطء والارتضاع من خنزيرة وشرب الخمر وغير ذلك، وتفصيله كما يلي:
يحرم تناول الأشياء الضارّة بالبدن بجميع أصنافها، جامدها ومائعها، قليلها وكثيرها؛ لما تسبّبه من تلف وفساد في البدن، كالسموم وبعض المخدّرات وغيرها، فإنّ مناط التحريم في السموم ونحوها هو الإضرار بالبدن أو المزاج.
وكذا ربما قيل بأنّ تحريم التراب والمدر لما فيه من
الإضرار بالبدن كلّ ذلك للعمومات الدالّة على حرمة الإضرار بالنفس
وقتلها قال تعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ»،
والإلقاء بها إلى التهلكة قال تعالى: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ»؛
وللروايات الخاصة التي منها ما ورد عن
الإمام الصادق عليه السلام: «كلّ شيء تكون فيه المضرّة على الإنسان في بدنه فحرام أكله إلّافي حال الضرورة...».
يحرم تناول النجس ذاتاً، كالدم والميتة وغيرهما من الأعيان النجسة، وكذا المتنجس لوقوع النجاسة عليه، كالأمراق ونحوها من المائعات، بلا خلاف،
بل
الإجماع بقسميه عليه والسنّة مقطوع بها فيه إن لم تكن متواترة.
وتفصيل ذلك في محلّه.
تحرم الخبائث والأطعمة أو الأشربة المستقذرة، والمراد بها ما تشمئزّ منه أكثر النفوس والطبائع السليمة، كالقيء، والبلغم، والنخامة، والرجيع، وغير ذلك.
وسيأتي أنّ ذلك من الأدلّة على تحريم بعض المحرّمات كالحشرات ورطوبات الحيوان وغيرها.
يحرم لحم الحيوان الجلّال، وتفصيل الكلام فيه وفي كيفيّة استبرائه ومدّة ذلك يطلب من مصطلح (
جلّال ).
قد تعرض الحرمة للحيوان المحلّل بوطء الإنسان له، وكذا يحرم لحم نسله
ولبنهما،
وعليه دعوى عدم الخلاف،
بل فتوى الفقهاء
المشعر بالإجماع.
ويدلّ على ذلك ما رواه
ابن سنان عن
أبي عبد الله عليه السلام، وعن
الحسين بن خالد عن
أبي الحسن الرضا عليه السلام، وعن
صباح الحذّاء عن
إسحاق بن عمّار عن
أبي إبراهيم موسى عليه السلام في الرجل يأتي البهيمة، فقالوا جميعاً: «إن كانت البهيمة للفاعل ذبحت، فإذا ماتت احرقت بالنار، ولم ينتفع بها، وضرب هو خمسة وعشرين سوطاً ربع حدّ الزاني، وإن لم تكن البهيمة له قوّمت واخذ ثمنها منه، ودفع إلى صاحبها، وذبحت واحرقت بالنار، ولم ينتفع بها، وضرب خمسة وعشرين سوطاً»، فقلت: وما ذنب البهيمة؟ فقال: «لا ذنب لها، ولكنّ
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعل هذا وأمر به؛ لكيلا يجتزئ
الناس بالبهائم وينقطع النسل».
ونحوها رواية
سدير عن
أبي جعفر عليه السلام في الرجل يأتي البهيمة، قال: «يجلد دون الحدّ، ويغرم قيمة البهيمة لصاحبها؛ لأنّه أفسدها عليه، وتذبح وتحرق إن كانت ممّا يؤكل لحمه، وإن كانت ممّا يركب ظهره غرم قيمتها، وجلد دون
الحدّ ، وأخرجها من المدينة التي فعل بها فيها إلى بلاد اخرى حيث لا تعرف، فيبيعها فيها؛ كيلا يعيّر بها صاحبها».
فإنّ المستفاد منهما هو حرمة لحم الحيوان الموطوء، ذكراً كان أم انثى.
واستدلّ لحرمة لبنها بما ورد في موثّقة
سماعة ، قال: «وذكروا أنّ لحم تلك البهيمة محرّم ولبنها».
ونحوها ما رواه
مسمع عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: «... حرام لحمها ولبنها».
كما واستدلّ لحرمة نسلها ولبنه- ذكراً كان أو انثى
- بما يستفاد من النصوص من عدم الانتفاع بها بعد الوطي مطلقاً.
قال
المحقّق النجفي : «وهذه النصوص وإن خلت عن التصريح بالنسل المتّفق ظاهراً على حرمته أيضاً، إلّاأنّه قد يستفاد- ولو بمعونة الاتّفاق المزبور- من الذبح والإحراق وعدم الانتفاع».
ويؤيّده التعليل الوارد في رواية سدير المتقدّمة بإفساد البهيمة الموطوءة على مالكها.
ثمّ إنّ التحريم المزبور مختصّ بذوات الأربع من الحيوانات، كما صرّح به
العلّامة وغيره من الفقهاء؛
لانصراف الإطلاقات عن الطيور، مضافاً إلى أنّ لفظ البهيمة لغة اسم لذات الأربع من حيوان البرّ والبحر،
واشتمال بعض الأخبار المتقدّمة على اللبن المخصوص بذوات الأربع.
ونسب
المحقّق السبزواري إلى المشهور التعميم لذوات الأربع وغيرها،
ولعلّ وجهه أنّ البهيمة اسم لكلّ ذي روح لا يميّز؛ ولذلك سمّيت بذلك، لكن في
الجواهر : أنّه واضح الضعف.
وأمّا تعميم الحكم لما إذا كان الواطئ صغيراً أو كبيراً، عاقلًا أو
مجنوناً ، حرّاً أو عبداً، جاهلًا أو عالماً، مكرهاً أو مختاراً، فلإطلاق رواية مسمع.
نعم، ذهب
السيّد الصدر إلى عدم شمول الحكم المذكور لوطء الصغير؛ لأنّ المذكور في النص عنوان الرجل، واستشكل في شمول الحكم لوطء المعذور كالمكره.
وأمّا ما يتعلّق بنفس الحيوان الموطوء، فإن كان ممّا يقصد لحمه ولبنه- كالشاة والبقرة- فإنّه يذبح ثمّ يحرق، وإن كان ممّا يقصد منه الركوب- كالخيل والبغال والحمير- فإنّها تنفى إلى غير بلد الواطئ ممّا لا يعرف فيه، كما صرّح بذلك جملة من الفقهاء،
وعليه دعوى نفي الخلاف نصّاً وفتوى.
ويدلّ عليه ما في حسنة
سدير من أنّها: «تذبح وتحرق إن كانت ممّا يؤكل لحمه، وإن كانت ممّا يركب ظهره غرم قيمتها، وجلد دون الحدّ، وأخرجها من المدينة التي فعل بها فيها إلى بلاد اخرى».
هذا فيما إذا كان الحيوان الموطوء معلوماً، وأمّا إذا كان مشتبهاً بغيره من الحيوانات قسّم المجموع نصفين متساويين مع إمكانه، ثمّ يقرع عليه مرّة بعد اخرى حتّى تبقى واحدة، فتذبح وتحرق أو تنفى،
وادّعي عدم الخلاف فيه.
وتدلّ على ذلك صحيحة
محمّد بن عيسى عن الرجل عليه السلام: أنّه سئل عن رجل نظر إلى راعٍ نزا على شاةٍ، قال: «إن عرفها ذبحها وأحرقها، وإن لم يعرفها قسّمها نصفين أبداً، حتّى يقع السهم بها، فتذبح وتحرق، وقد نجت سائرها»،
ونحوها ما في
تحف العقول .
فإنّ المستفاد منهما تعيين الحيوان الموطوء المشتبه به بين المجموع بالقرعة، ثمّ يذبح ويحرق.
المشهور حرمة الحيوان وحرمة نسله إذا ارتضع من لبن الخنزيرة، بحيث اشتدّ عظمه ونبت لحمه بذلك، ولا يمكن إزالة تحريمه
بالاستبراء ،
وعليه دعوى نفي وجدان الخلاف،
بل الإجماع.
وتدلّ عليه موثّقة
حنان بن سدير ، قال: سئل
أبو عبد اللَّه عليه السلام وأنا حاضر عنده عن جدي
رضع من لبن خنزيرة حتّى شبّ وكبر واشتدّ عظمه، ثمّ إنّ رجلًا استفحله في غنمه، فخرج له نسل، فقال عليه السلام: «أمّا ما عرفت من نسله بعينه فلا تقربنّه، وأمّا ما لم تعرفه فكله، فهو بمنزلة الجبن، ولا تسأل عنه».
ونحوها موثّقة
بشر بن مسلمة عن
أبي الحسن عليه السلام في جدي رضع من خنزيرة، ثمّ ضرب في الغنم، فقال: «هو بمنزلة الجبن فما عرفت أنّه ضربه فلا تأكله، وما لم تعرفه فكل»،
كما تدلّ عليه أيضاً مرفوعة
ابن سنان .
هذا فيما لو رضع فاشتدّ بذلك عظمه ونبت لحمه، وأمّا لو لم يكن كذلك بأن ارتضع قليلًا فالمعروف بين الفقهاء الحكم بكراهة لحمه، واستحباب استبرائه بالتعليف سبعة أيّام إذا كان مستغنياً عن اللبن،
وبالإلقاء على ضرع شاة إذا لم يكن كذلك.
واستدلّ له بما رواه
السكوني عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام: «أنّ
أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن حمل غذّي بلبن خنزيرة، فقال: «قيّدوه، واعلفوه الكُسب (الكُسب- بالضم-: بقيّة ما يعصر من الحبوب، ويستخرج دهنه، كالسمسم وغيره)
والنوى والشعير والخبز إن كان استغنى عن اللبن، وإن لم يكن استغنى عن اللبن فيلقى على ضرع شاة سبعة أيّام، ثمّ يؤكل لحمه».
وإطلاقه وإن كان ظاهراً في تحقّق الحلّ
بالاستبراء مطلقاً، كما أنّ
إطلاق تلك الأخبار عدا موثّق حنان وإن شمل صورتي الاشتداد وعدمه، إلّاأنّه بعدم الخلاف، بل ودعوى الإجماع وظهور (يرضع) الوارد في بعضها في التجدّد والاستمرار المقتضي للاشتداد، حمل على التفصيل المزبور.
ولا يلحق بلبن الخنزيرة لبن الكلبة والمرأة الكافرة؛ لاختصاص النصّ بالخنزيرة فقط، والقياس ممنوع، ومقتضى القاعدة الجواز.
كما لا يختصّ الحكم المذكور بالجدي المحمول في النصوص على المثال، بل يشمل كلّ ما ارتضع من الخنزيرة واشتدّ عظمه وكبر.
ذهب مشهور الفقهاء
إلى عدم حرمة الحيوان المحلّل لو شرب مسكراً، وإنّما يغسل لحمه ويؤكل.
ويدلّ عليه ما رواه
زيد الشحّام عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال في شاة شربت خمراً حتّى سكرت، ثمّ ذبحت على تلك الحال: «لا يؤكل ما في بطنها».
هذا، وقد دلّت الرواية على حرمة أكل ما في جوف الحيوان ممّا لاقاه الخمر من الأمعاء والقلب والكبد وإن غسل،
كما عليه المشهور من الفقهاء.
وأنكر بعض الفقهاء الحكم المزبور فذهب أو مال إلى الكراهة؛ عملًا بأصالة الحلّ، واستضعافاً للخبر المزبور سنداً وقصوره دلالة؛ لأنّه أخصّ من المدّعى من وجوه.
اعتمد الفقهاء منهجاً خاصّاً في تقسيم الأطعمة والأشربة، فقسّموها إلى الأقسام الثلاثة : الحيوانات، والجامدات، والمائعات.
ولتفصيل أكثر انظر (
أقسام الأطعمة والأشربة)
يشترط في حلّية
أكل الحيوان التذكية، ويترتّب على ذلك ما يلي: انظر (
تذكية الحيوان).
اختلفت عبارات الفقهاء في عدد المحرّمات من الذبيحة ولتفصيل اكثر انظر (
محرمات الذبيحة)
الموسوعة الفقهية، ج۱۴، ص۷۲-۲۰۰.