الإبطاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو بمعنى
التأخير وهذا مقابل
التعجيل ويستعمل هذا
المعنى في باب
الصلاة والحجوالحدود والبيع وبعض الأبواب الأخر.
البطء: تأخّر الانبعاث في
السير،
وهو
نقيض السرعة،
وأبطأ فلان: صار ذا بطء، وأبطأ عليه الأمر: تأخّر،
والإبطاء والإسراع طرفا
القصد.
ومنه قوله تعالى: «وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ».
لكن قد يفرق بين التأخّر والإبطاء أنّ نقيض التأخر التقدم، بخلاف الإبطاء فإنّ نقيضه الإسراع.
لا يخرج الإبطاء عن
معناه اللغوي عند
الفقهاء؛ إذ ليس لديهم
اصطلاح خاصّ بهم فيه.
۱- الإسراع: وهو نقيض الإبطاء كما تقدم. قال
أبو هلال العسكري: «إنّ السرعة التقدم فيما ينبغي أن يتقدم فيه وهي
محمودة، ونقيضها
مذموم وهو الإبطاء».
۲- القصد: وهو بمعنى استقامة الطريقة،
أي الحدّ الوسط بين الإبطاء والإسراع كما تقدم.
۳- التأخر: وقد تقدم بيان معناه والفرق بينه وبين الإبطاء.
يختلف
حكم الإبطاء بحسب ما يضاف إليه ويتعلق به، فقد
يجب وقد
يستحبّ وقد
يحرم أو
يكره، وقد ذكر الفقهاء أحكام ذلك في أبواب مختلفة من
الفقه حسب ما يضاف إليه.
۱- صرّح فقهاؤنا بأنّه لا بد في تقدير
الوقت المختص والمشترك في
الصلاة من ملاحظة أحوال
المكلف التي يختلف زمان الصلاة باختلافها، ومن هذه الأحوال الإبطاء في الحركات والإسراع فيها، فلو عرض للمكلّف في الصلاة ما يوجب الإبطاء كالعيّ في
اللسان أو الثقل في الحركات أو نحو ذلك كان التقدير بتلك الصلاة.
۲- الإبطاء في
القراءة قد يجعل
صلاة الجماعة واجبة، فلو ضاق وقت المكلّف ولم يتسع لأن يصلّي فرادى ووسعها جماعة وجب عليه الصلاة جماعة.
۳- لا فرق في وجوب
القصر على
المسافر بين سرعة السير وبطئه، فلو قطع راكب السفينة- مثلًا- المسافة في ساعة قصّر كما لو قطعها راكب
الفرس في البرّ أربعة أيّام.
نعم لو كان سيره بطيئاً غايته، كما إذا قطع في كلّ يوم شيئاً يسيراً جدّاً للتنزّه ونحوه فقد يقال بعدم ثبوت التقصير في حقّه، وإن كان في
صدق المسافر عليه حينئذٍ وعدمه
خلاف.
۴- لا يجوز لراكب
الدابة المستأجرة لبلوغ مقصدٍ معيّن الإبطاء أو التطويل في صلاته أثناء سفره بها.
۵- الإبطاء عن أداء
مال الكتابة موجب
لفسخ عقدها مع
اشتراط عدم الإبطاء في
العقد.
۶- يستحب الاقتصاد وترك الإبطاء في مواضع: منها: المشي في
تشييع الجنازة،
وفي
الطواف على المشهور،
وفي
السعي بين
الصفا والمنارة الاولى،
وفي الرمي في عقد المسابقة.
۷- صرّح الفقهاء بأنّ
خوف إبطاء
المرض وتأخير
شفائه وبرئه يوجب إسقاط التكليف أو تخفيفه في مواضع:
منها:
جواز التيمم مع الخوف من ابطاء المرض بسبب استعمال
الماء،
ومنها: جواز الصلاة جالساً أو مضطجعاً،
ومنها: سقوط وجوب
صلاة الجمعة مع الخوف من ابطاء المرض بحضورها،
ومنها: وجوب
الإفطار على
الصائم مع خوف ابطاء المرض أيضاً لو صام،
ومنها:
إباحة تناول المحرمات للمضطرّ مع خوف المرض أو إبطائه بتركه أيضاً.
۸- صرّح جماعة من الفقهاء بجواز التراوح في نزح ماء البئر بما يزيد على الأربعة،
وقيّده بعضهم بما لم يحصل بطء بالكثرة.
۹- إذا
نوى المصلّي جماعة وكبّر فرفع
الإمام رأسه قبل أن
يركع أو قبل أن يصل إلى حدّ الركوع لزمه- على خلاف فيه بين الفقهاء- الانفراد أو انتظار الإمام قائماً إلى
الركعة الاخرى، فيجعلها الاولى له ما لم يبطئ الإمام بحيث يلزم الخروج عن صدق
الاقتداء.
۱۰- ذهب بعض الفقهاء إلى أنّ
القاضي إذا
زال عقله بعارض سريع الزوال كما لو
اغمي عليه ثمّ زال العارض لم ينعزل، بخلاف ما إذا أبطأ عليه زوال العارض
كالجنون فتزول
ولايته ويفتقر إلى ولاية جديدة.
۱۱- المريض إذا وجب عليه الحدّ دون
القتل لا يجلد دفعاً للضرر الزائد على أصل الحدّ وتوقياً من السراية
والتلف، إلّا إذا
اقتضت المصلحة تعجيل الحدّ عليه بأن لم يُرج زوال مرضه أو كان مرضه بطيء البرء- مثلًا- لكن يضرب بالضغث المشتمل على العدد المقدّر بدل
السياط.
الموسوعة الفقهية ج۳، ص۱۷-۲۰.