الابتلاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
الاختبار والامتحان وليس لها اصطلاح خاص عند الفقهاء.
بلا: بلوتُ
الرجل بَلواً وبلاءً وابتليته اختبرته
. الابتلاء
الامتحان و
الاختبار، يقال: بُلي
الإنسان وابتُلي
.وجعل
ابن فارس ذلك أصلًا في قبال
الأصل الآخر وهو:
إخلاق الشيء، قال: «بلوى: الباء واللام والواو والياء، أصلان أحدهما إخلاق الشيء، والثاني نوع من الاختبار»
.لكن قال
الراغب: «يقال: بلي
الثوب بِلىً وبلاءً أي: خَلَق... وبلوته: اختبرْته كأنّي أخلقته من كثرة اختباري له»
.وقال
أبو البقاء الكفوي: «الابتلاء في الأصل:
التكليف بالأمر الشاقّ من
البلاء. لكنّه كما استلزم الاختبار بالنسبة إلى من يجهل
العواقب ظُنّ ترادفهما. وقال بعضهم: الابتلاء يكون في
الخير و
الشرّ معاً، يقال في الخير: أبليته، وفي الشرّ: بلوته بلاء».
ليس
للفقهاء اصطلاح خاصّ للفظ (الابتلاء)، إلّا أنّه يطلق عندهم تارة بمعنى: الاختبار كما في ابتلاء
الطفل لاستئناس الرشد و
البلوغ، واخرى بمعنى:
إصابة محنة وبليّة ومصيبة، فيقال:
المؤمن مبتلى، وثالثة بمعنى: المعرضيّة للاستعمال و
المزاولة، فيقال:
الدخول في محلّ الابتلاء أو الأحكام عامّة البلوى.
ويأتي بمعنى الابتلاء، إلّا أنّ الفقهاء غالباً ما يعبّرون بالاختبار في أكثر الأبواب الفقهيّة.
وهو كالاختبار معنى إلّا أنّه أقلّ منه استعمالًا في
لسان الفقهاء.
أي البحث عن الشيء كالفحص عن
الماء للطهارة المائية والفحص عن الزوج المفقود.ومن خلال تتبّع موارد
استعمال الفقهاء نراهم يطلقون الفحص في مورد البحث عن وجود الشيء، ويطلقون الابتلاء أو الاختبار أو الامتحان لمعرفة صفة الشيء.
يعتبر في
رفع الحجر عن
الصبي البلوغ والرشد، فإذا تحقّقا دفعت إليه أمواله وكان جائز
التصرّف فيها بأنواع
المعاملات والتصرّفات. ويعرف الرشد منه بالابتلاء ( الاختبار)، قال تعالى: «وَ ابْتَلُواالْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ»
. وليس
الأمر بالابتلاء في
الآية وجوباً تكليفياً نفسياً بل هو
إرشاد وطريق إلى معرفة الرشد المجوّز لدفع أموال
الصغار إليهم.
يعلم رشد الصبي باختباره بما يلائمه من التصرّفات ليعلم قوّته على
المماكسة في المعاملات وتحفّظه من
الانخداع، وتختبر الصبيّة بتحفّظها من
التبذير وما يلائمها من التصرّفات والأعمال. قال
العلّامة في
القواعد: «ويعلم باختباره بما يناسبه من التصرّفات، فإذا عرف منه جودة المعاملة وعدم
المغابنة إن كان تاجراً، والمحافظة على ما يتكسّب به، و
الملازمة إن كان صانعاً وأشباه ذلك في الذكر، و
الاستغزال و
الاستنساج في الانثى- إن كانت من أهلهما- وأشباهه، حكم بالرشد»
، ولا يراد بهذه الأمثلة الخصوصيّة قطعاً، والبحث في ذلك ليس من وظيفة الفقيه، ولذا خلت عنه
النصوص، وتعرّض له الفقهاء من باب
التنبيه ولا يكفي الاختبار مرّة واحدة، بل لا بدّ من التكرار حتى يحصل غلبة الظنّ بالرشد
، إذ الملكة لا تعرف حصولها بمرّة، وقال بعض بأنّ المدار حصول العلم أو
الظنّ المتاخم له بأنّه ضابط لماله، فلا يشترط
التكرار .
ووقته قبل البلوغ؛ للآية، ولأنّ تأخير الاختبار بعد البلوغ يوجب
الضرر على أمواله بالحجر. ولو لم يبتل قبل البلوغ لعارض أو اختبر ولم يُفد الرشد، اختُبر بعده
وأمّا السنّ التي يكون فيها الابتلاء قبل البلوغ فهي في
الغالب من العشر إلى الخمسة عشر، وأحقّها بالدخول سنّ
الاحتلام وتوقّع بلوغ النكاح
ويترتّب عليه ثبوت الرشد شرعاً، فيرتفع عنه الحجر، فإذا بلغ استقلّ في تصرّفاته الماليّة.
استحباب التحميد أو
الاستعاذة سرّاً عند رؤية مبتلى كذي عاهة، فقد ورد عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «إذا رأيتم أهل البلاء فاحمدوا اللَّه، ولا تسمعوهم، فإنّ ذلك يحزنهم»
.وعن
أبي عبد اللَّه عليه السلام: «إذا نظرت إلى أهل البلاء فقل ثلاث مرّات: الحمد للَّه الذي عافاني ممّا ابتلاك به، ولو شاء فعل.وأنا أعوذ باللَّه منها وممّا ابتلاك به. والحمد للَّه الذي فضّلني على كثير من خلقه»
.وعنه أيضاً انّه قال: «إذا رأيت مبتلى فقل: الحمد للَّه الذي عافاني ممّا ابتلاك به، ولو شاء أن يفعل فعل، والحمد للَّه الذي لم يفعل. ولا يسمعه فيعاقب»
.وعن
الباقر عليه السلام أنّه قال: «إذا رأيت مبتلى فقل: الحمد اللَّه الذي عافاني ممّا ابتلاك به، وفضّلني عليك وعلى كثير ممّن خلق تفضيلًا» .
وورد أنّ التلفّظ بهذا القول يدفع عنه ذلك البلاء:
فعن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «من نظر إلى ذي عاهة أو من قد مثّل به أو صاحب بلاء فليقل سرّاً في نفسه من غير أن يسمعه: الحمد للَّه الذي عافاني ممّا ابتلاك به، ولو شاء لفعل بي ذلك، ثلاث مرّات، فإنّه لا يصيبه ذلك البلاء أبداً» .
وعن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: «لا يرى
عبد عبداً به شيء من أنواع البلاء فيقول ثلاثاً من غير أن يسمعه: الحمد للَّه الذي عافاني ممّا ابتلاك به ولو شاء فعل، وفضّلني على كثير ممّن خلق، فيصيبه ذلك البلاء»
ويقصد به تحقق موضوع
التكاليف الشرعية عند المكلّف بحيث تصبح فعلية عليه ويجب عليه امتثالها، وهذا المعنى للابتلاء يقع موضوعاً لأحكام وبحوث فقهية واصولية نشير إلى أهمّها:
۱- وجوب تعلّم
الأحكام الشرعيّة التي يبتلى بها الإنسان بالفعل أو في المستقبل.
۲- هل يشترط في فعليّة التكليف زائداً على
القدرة أن يكون موضوع التكليف في معرض تناول المكلّف وميسوراً له أم لا؟
فحرمة استعمال
النجس- مثلًا- هل تكون فعلية ومنجّزة في حقّ
آنية بعيدة عن مساورة المكلّف فعلًا لكونها في
بيت السلطان مثلًا أو لا.
۳- شرطية دخول ما يتعلّق به التكليف في محلّ الابتلاء في منجّزية
العلم الإجمالي، فلا يكون العلم الإجمالي منجّزاً إذا كان أحد أطرافه خارجاً عن ابتلاء المكلّف.
الموسوعة الفقهية، ج۲، ص۲۹۱-۲۹۴