الاستفتاح
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو طلب
الفتح ويستعملونه الفقهاء في موارد الكثيرة
كادعية والأعمال.
الاستفتاح: طلب
الفتح ، وهو نقيض
الإغلاق ، ومنه استفتح الباب إذا طرقه ليفتح له.
وفاتحة الشيء: أوّله.
وفواتح
القرآن : أوائل
السور .
ويأتي الفتح بمعنى
القضاء والحكم ،
ومنه قوله تعالى: «رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ».
فيكون الاستفتاح بمعنى طلب القضاء والحكم.
وبمعنى
النصر ،
ومنه قوله تعالى: «إِن تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ»،
أي إن تستنصروا فقد جاءكم النصر.
وقيل: يأتي أيضاً بمعنى
التعليم ،
وبه فسّر قوله تعالى: «قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ».
يستعمل الفقهاء الاستفتاح في موارد متعدّدة: كتكبيرة الاستفتاح، وتكبيرات الافتتاح، ودعاء التوجّه، وعمل امّ داود، كما سيتّضح ذلك ممّا يأتي.
وهي المعروفة
بتكبيرة الإحرام ، وقد راج
استعمالها بهذا
الإسم أكثر من الاستفتاح،
وتسمّى أيضاً بتكبيرة
الافتتاح ، وهي من الأركان الخمسة التي تبطل
الصلاة بتركها
عمداً أو
سهواً ».
وهي التكبيرات الستّ التي يستحبّ
الإتيان بها مع تكبيرة الاستفتاح.
ويسّمى أيضاً
بدعاء الافتتاح ودعاء التوجه ،
وهو- كما في رواية
الحلبي عن
أبي عبد الله عليه السلام- أن تقول: «وجّهت وجهي للذي فطر
السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة ، حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه ربّ العالمين، لا شريك له وبذلك امرت وأنا من المسلمين».
وهذه الصيغة هي المعروفة، وله صيغ اخرى ذكرها بعض الفقهاء.
والمشهور أنّه
مستحبّ بعد تكبيرة الإحرام في كلّ
فريضة ونافلة ،
قال
المحقّق الكركي : «إنّما يستحبّ في أوّل
ركعة قبل
القراءة عند جميع علمائنا».
إلّاأنّ هناك موارد استثنوها من هذا الحكم، وهي كما يلي:
الأوّل: عند
اشتغال الإمام بالقراءة، فإنّ
الدليل الدالّ على استحباب دعاء التوجّه وإن كان عامّاً شاملًا
للمأموم ، إلّاأنّ استحبابه يتوقّف على عدم اشتغال المأموم عن سماع قراءة الإمام، فإنّ المأموم إذا كان مأموراً بترك القراءة في هذه الحالة فمن الأولى أن يؤمر بترك الدعاء عند اشتغال الإمام بها.
ولعلّ عدم وضوح الأولويّة في هذا المجال هو الذي دعا
الشهيد الأوّل إلى عدم
القطع بنفي استحباب الدعاء عن المأموم حيث قال: «هل يستحبّ له ( للمأموم) دعاء الاستفتاح، أعني دعاء التوجه؟
الوجه ذلك؛ للعموم. نعم، لو كان يشغله الافتتاح عن
السماع أمكن استحباب تركه».
المورد الثاني: عند اشتغال الإمام
بالتشهّد الأوّل، فإنّ المأموم إذا أراد أن يلتحق بالإمام في حال التشهّد فعليه أن يُكبّر ويقعد معه، فإذا قام الإمام تابعه المأموم ولا يقرأ دعاء الاستفتاح؛ لأنّ الاشتغال بعد الافتتاح بفعل قد وجب على الإتيان به لم يدع مجالًا للإتيان بدعاء الاستفتاح. وأمّا لو كبّر فقام الإمام من تشهّده فللمأموم الإتيان بالاستفتاح.
المورد الثالث:
صلاة الميّت ، فلا يستحبّ فيها دعاء الاستفتاح؛ لاستحباب
التخفيف فيها،
وعدم ورود هذا الدعاء في الكيفيّة التي شرّعت بها صلاة الميّت.
حيث قالا: «ولما مرّ من صفتها».
وهو الدعاء المنسوب إلى
امّ داود (وهي مرضعة
الإمام الصادق عليه السلام حيث أرضعت الإمام عليه السلام بلبن داود.)
التي اشتكت إلى الإمام الصادق عليه السلام فراق
ولدها المسجون بعد أن يئست من رؤيته، فعلّمها عملًا يتضمّن صيام أيّام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من
رجب ،
والغسل عند
الزوال من يوم الخامس عشر، والتوجّه إلى
القبلة ، وقراءة
الحمد والتوحيد مئة مرّة،
وآية الكرسي عشر مرّات، وقراءة بعض سور القرآن،
كالأنعام وبني إسرائيل والكهف ولقمان ويس والصافات و (حم السجدة) و (حم عسق) و (حم الدخان)
والفتح والواقعة والملك و (ن والقلم) و (إذا السماء انشقّت) وما بعدها إلى آخر القرآن، ثمّ الصلاة ثماني ركعات، ثمّ الدعاء
والسجود بذكر خاصّ.
وسمّي هذا الدعاء بعد ذلك بعمل امّ داود.
والفقهاء وإن لم يتعرّضوا لحكمه بصورة مباشرة، إلّاأنّهم ذكروه بهذا الاسم في مقام تعرّضهم
للصوم المستحب، أو للأغسال المستحبّة؛ إذ من أعماله الغسل
والصوم،
كما سمعت.
وقد ورد الاستفتاح بهذا المعنى في آيات متعدّدة من القرآن الكريم، منها:قوله تعالى: «وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا».
وفي الأدعية المأثورة ورد الاستفتاح بالدعاء
لإمام المسلمين : «وافتح له فتحاً يسيراً، واجعل له وللمسلمين ولنا من لدنك سلطاناً نصيراً».
الموسوعة الفقهية ج۱۲، ص۱۱۲-۱۱۶.