الاستهلاك
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
الإتلاف فيما ينفع واستهلاك المال
إنفاقه وإنفاده.
الاستهلاك: هو
الإفناء ، واستهلاك المال
إنفاقه وإنفاده ،
واستعمل أيضاً في بذل
الجهد غايته، يقال: استهلك الرجل في كذا، إذا أجهد
نفسه فيه،
واستهلك في
الأمر : أخذه بجدٍّ وعجلة.
الاستهلاك عند
الفقهاء هو
امتزاج شيء بشيء آخر، بحيث يعدّ منعدماً عرفاً، ولا يمكن تمييزه
وإن كان موجوداً بالدقّة العلمية أو الفلسفية.
ومن هنا ذكروا أنّه يعتبر في الاستهلاك أمران:
التخالف في جنس المستهلك والمستهلك فيه، فمع عدم التخالف ووحدة الجنس لا معنى للاستهلاك.
نعم، قد يكون الاستهلاك بلحاظ الخصوصية لا بلحاظ
الجنس ، كما إذا كان أحدهما موصوفاً بصفة تجعله موضوعاً
لحكم شرعي دون الآخر، وذلك من قبيل
إلقاء قطرة مغصوبة في كرّ من ماء
مباح ، فإنّه يجوز
استعمال هذا الماء بعد استهلاك القطرة فيه، فهذا الاستهلاك ليس بلحاظ الماء وإنّما بالنظر إلى تلك الخصوصية والإضافة إلى
الغصبيّة ، بمعنى أنّ هذه الإضافة غير باقية عند امتزاج تلك القطرة بالكرّ.
غلبة المستهلك فيه على المستهلك،
كمثال قطرة
الدم المستهلكة في الماء، فلا يكون مستهلكاً لو كان لونه محسوساً في الماء.
وهو إفناء عين الشيء
وإذهاب لها بالكلّية، فهو أخصّ من الاستهلاك؛ لأنّ عين الشيء قد تفنى، وقد تبقى مع خروجه عن الانتفاع الموضوع له عادة.
وهو مزج شيء بشيء، سواء أمكن تمييزه وإفراده عنه أو لم يمكن،
فهو أعم من الاستهلاك، حيث لا يمكن
التمييز بين أجزاء المستهلك بعد استهلاكه.
وهي تبدّل ماهية الشيء إلى
ماهية اخرى كتبدّل
الكلب إلى ملح، فهو يختلف عن الاستهلاك الذي لا تتبدّل فيه ماهية المستهلك بعد الاستهلاك وإن كان يضيع وينتشر بين أجزاء المستهلك فيه.
وتظهر الثمرة في
الفرق بين الاستهلاك
والاستحالة فيما لو استهلكت قطرة الدم في ماء كثير ثمّ تمّ
استحصالها بالتبخير والأجهزة المعدّة للتجزئة، حيث يحكم بنجاستها، بخلاف ما لو استحالت هذه القطرة تراباً ثمّ تبدّل
التراب قطرة دم، فإنّه لا يحكم عليها حينئذٍ بالنجاسة؛ لأنّها ماهية جديدة لا علاقة لها بقطرة الدم السابقة المأخوذة من حيوان ذي نفس سائلة، فلا تكون
نجسة ؛ لعدم الدليل على نجاستها.
حيث إنّ الاستهلاك
انعدام للشيء المستهلك عرفاً، فهو يوجب
ارتفاع الحكم المترتّب على ذلك
الموضوع بسبب زوال موضوعه.
وهذا ما جاء في أبواب متفرّقة من الفقه، وذلك كما يلي:
يطهر النجس أو المتنجّس مائعاً كان أو جامداً إذا استهلك في
الماء المطلق الكثير.
إذا خرج مع الودي أجزاء صغيرة من
البول المستهلك فيه فإنّ خروجه لا يوجب
حدثاً ولا
خبثاً إلّاإذا كان غير مستهلك، فإنّه يكون حينئذٍ موجباً لهما.
يصير
الماء المضاف مطلقاً باستهلاكه في المطلق، وكذا العكس، فيترتّب على المضاف حكم المطلق في الصورة الاولى، وعلى المطلق حكم المضاف في الصورة الثانية.
يجب
الاجتناب عن غسالة
الاستنجاء إذا خرج مع البول والغائط نجاسة اخرى كالدم إلّاإذا كانت مستهلكة فيهما،
فإنّ الغسالة تكون حينئذٍ طاهرة تبعاً لطهارة غسالة الاستنجاء من البول والغائط.
يصحّ
المسح في
الوضوء إذا استهلكت نداوة الممسوح في بلل الماسح إجماعاً،
بناءً على اشتراط جفاف الممسوح حال المسح، وإلّا فلا إشكال حتى مع عدم الاستهلاك.
البلل المشتبه لو استهلك ماء
الغسل في ماء آخر جاز استعماله في وضوء أو غسل آخر حتى على القول بعدم جواز استعمال المستعمل؛ لعدم صدق هذا العنوان عليه بعد استهلاكه.
لو استهلك مقدار من
عصير العنب في
عصير الحصرم ثمّ غلى لا ينجّس؛ لعدم بقاء موضوع
للحرمة والنجاسة- بناءً على القول بالنجاسة مع وجود الموضوع- بعد استهلاكه.
لا يصحّ
التيمّم بالتراب إذا كان فيه شيء من المعادن أو غيرها ممّا لا يصحّ التيمّم بها، إلّاإذا استهلكت فيه فإنّه يجوز التيمّم به حينئذٍ؛ لصدق اسم التراب عليه.
لا يجوز للرجال لبس
الحرير مطلقاً، وتبطل
الصلاة فيه إلّاإذا اختلط بغيره واستهلك بحيث يخرجه عن ماهيته، فلا يبقى حينئذٍ موضوع للحرمة أو البطلان.
يجب على
الصائم الإمساك عن
الأكل والشرب ولو قليلًا بحيث يصدق عليه الأكل والشرب، وأمّا إذا لم يصدق كما في بلل الخيط أو
السواك الخارجين من الفم الراجعين إليه ثانية، أو بقاء ذرّات من الماء بعد
المضمضة وردّها إلى الفم، أو بلل السواك كذلك، أو بلع ما بقي من الماء فلا يبطل الصيام ببلعها إذا استهلكت في ريقه.
ولكنّه استظهر صاحب
العروة عدم جواز
البلع مع تعمّد المزج والاستهلاك.
لو كان عند
المكلّف نصاب من دراهم أو دنانير مغشوشة فلا إشكال في جريان حكم
الزكاة فيها
واحتساب النصاب منها،
إن كان
الغش قليلًا مستهلكاً في المغشوش.
لو استهلك
الطيب في المأكول أو الملبوس حتى زالت رائحته جاز للمحرم أكله واستعماله،
ولا
فدية عليه.
لو استهلكت الخبائث أو ما يحرم أكله في شيء يحلّ أكله أو شربه
أو الدم في البيضة بناءً على عدم نجاسته أو الدم المتخلّف في
الذبيحة أو الدم في باطن الفم المستهلك في الريق،
واحتاط بعدم جواز بلع الدم الخارج لو دخل الفم واستهلك، وأجاب عنه
السيّد الخوئي في
التنقيح في شرح العروة (الطهارة) بعدم
الفرق بينهما.
أو استهلك
التراب في الحنطة أو الشعير بعد الطحن وصار خبزاً
جاز تناول الجميع وزالت حرمتها.
لو مُزج الخمر بمائع آخر واستهلك فيه فقد استشكل البعض في ثبوت الحد على شاربه، رغم كون ثبوته معروفاً لدى الفقهاء، بل متسالم عليه بينهم.
لو حلف على عدم أكل شيء واستهلك ذلك الشيء في شيء آخر جاز أكله ولا حنث.
الموسوعة الفقهية ج۱۲، ص۳۶۴-۳۶۸.