• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

حرمة الأكل أو مطلق استعمال آنية الذهب

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



ولتوضيح مباني الأقوال المتقدّمة لدى الفقهاء ينبغي الرجوع إلى الروايات ومقدار ما يستفاد منها، فهل يستفاد منها اختصاص الحرمة في استعمال آنية الذهب والفضّة بالأكل والشرب أو يعم مطلق الاستعمال ، بل حتى الادخار ؟وقد استدلّ على الثاني بالاجماع الروايات:
۱- أمّا الإجماع فقد استدل به بعض حيث قال: «فعمدة المستند في التعميم هو الاجماع».،
[۱] مصباح الفقيه، ج۸، ص۳۵۷.
وناقش في هذا الاستدلال جملة من الفقهاء من جهتين:
الجهة الاولى- عدم تحقق الاجماع؛ لعدم تعرّض بعض الفقهاء له كالصدوق والمفيد والحلبي وسلّار وابن زهرة.
الجهة الثانية- كون هذا الاجماع مدركياً أو محتمل المدركية؛ لوجود الروايات والاستناد إليها.
۲- وأمّا الروايات فيمكن تقسيمها إلى ثلاث طوائف:
الطائفة الاولى- ما تضمّن النهي عن الأكل والشرب، ولا شك في اختصاصها بالأكل والشرب وعدم شمولها سائر الاستعمالات.
الطائفة الثانية- ما تضمّن النهي عن آنية الذهب والفضّة، ولا معنى لتعلّق النهي بالذوات فينبغي تقدير متعلّق مناسب للمورد، كما في تحريم الامّهات المنصرف إلى النكاح ، وفي النهي عمّا ليس له فَلس من الأسماك أو الميتة أو الدم‌المنصرف إلى الأكل، وفي المقام لا بدّ من تعيين المتعلّق، وفيه احتمالات:
الاحتمال الأوّل: كون المقدّر هو الأكل والشرب فحسب؛ لأنّ النهي عن كل شي‌ء إنّما هو بحسب الأثر المرغوب منه، والأثر المرغوب من الآنية هو الأكل والشرب منها.وبناء على ذلك يكون مفاد كلتا الطائفتين واحداً، وهو تحريم الأكل والشرب خاصة، فلا يبقى دليل على المنع من سائر الاستعمالات.
الاحتمال الثاني: أنّ المقدّر مطلق استعمال الاناء فيما يكون موضوعاً له ومناسباً معه- ومنه اتخاذه ظرفاً للاحراز فيه- لا خصوص الأكل والشرب.
الاحتمال الثالث: أنّ المقدّر هو مطلق الانتفاع ، كما هو المناسب لقوله عليه السلام في رواية موسى بن بكر : «آنية الذهب والفضّة متاع الذين لا يوقنون»؛ لما عرفت من أنّ المتاع بمعنى ما ينتفع به. وعليه فالمحرّم هو الانتفاع بهما مطلقاً سواء أ كان ذلك باستعمالهما المناسب أم بغيره كالتزيين.
الاحتمال الرابع: أنّ المقدّر مطلق وجودها لدى المكلّف سواء عدّ استعمالًا لهما أم لم يعدّ، وسواء أ كان انتفاعاً بهما أم لم يكن، كالادخار والحفظ.واستظهر بعض الفقهاء من تلك الروايات أوسع الاحتمالات- وهو الاحتمال الرابع- بدعوى أنّ حذف المتعلّق يفيد العموم، فلا وجه لتخصيص الحرمة بالاستعمال فضلًا عن التخصيص بالأكل والشرب.
وقد تجعل الطائفة الاولى الناهية عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضّة مقيّدة لإطلاق هذه الطائفة وموجبة لحمل المطلق على المقيّد. ونوقش بأنّه لا موجب له؛ لأنّ الطائفة الاولى لا تنفي ثبوت الحرمة في سائر الاستعمالات، فكلتا الطائفتين مثبتتان للحرمة وإحداهما أعم من الأخرى، ولا تنافي بينهما، فلا موجب لحمل المطلق منهما على المقيّد.هذا، ولكن استفادة الاطلاق من الطائفة الثانية قابل للمناقشة؛ وذلك:
۱- لعدم صحة أصل المبنى؛ فإنّ مجرّد حذف المتعلّق لا يكفي لاستفادة العموم، لعدم تمامية الاطلاق ومقدّمات الحكمة إلّا بعد تشخيص المفهوم والمتعلّق وهو اسم الجنس الذي يراد إجراء الإطلاق فيه، وليست مقدّمات الحكمة صالحة لاثبات أنّ المقدَّر هو الاسم الأعم مفهوماً، بل لنفي القيد عما وقع متعلّقاً للحكم بدلالة اسم الجنس، فلا بدّ من تعيينه في المرتبة السابقة بدالّ آخر.
۲- إنّ مناسبات الحكم والموضوع المركوزة في ذهن العرف عند ما تقع الآنية موقع النهي- خصوصاً مع ورود ما يدلّ على النهي عن الأكل والشرب فيها- تقتضي أن يستظهر من مثل هذه النواهي ما يتناسب مع الذات المضاف إليها النهي، والمناسب في المقام هو الأكل والشرب أو مطلق الاستعمال، لا الوجود أو الاتخاذ فانّه غير عرفيّ. ولا أقل من الإجمال المقتضي لعدم إمكان استفادة أكثر من القدر المتيقّن.
[۷] البحار، ج۶۶، ص۵۴۶.

۳- هذا، مضافاً إلى ما اورد على الاستدلال ببعض روايات هذه الطائفة من قبيل: رواية موسى بن بكر: «آنية الذهب والفضّة متاع الذين لا يوقنون»، فقد قال السيد الخوئي : «مضافاً إلى ضعف السند في الرواية، أنّها ناظرة إلى جهة أخلاقيّة، فلا تكون مدركاً في الأحكام الفرعيّة»، إلى غير ذلك.
الطائفة الثالثة- ما صرّح فيه بغير الأكل والشرب أيضاً، كما في خبر ابن بزيع :«سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن آنية الذهب والفضّة فكرهها، فقلت: قد روى بعض أصحابنا انّه كان لأبي الحسن عليه السلام مرآة ملبّسة فضّة، فقال: لا- والحمد للَّه- إنّما كانت لها حلقة من فضّة وهي عندي.
ثمّ قال: إنّ العباس حين عذر(عذر: أي خُتن.)عمل له قضيب ملبّس من فضّة من نحو ما يعمل للصبيان تكون فضّةوفي نسخة: «فضته». نحواً من عشرة دراهم، فأمر به أبو الحسن عليه السلام فكسر»، وخبر بريد عن الصادق عليه السلام : «أنّه كره‌الشرب في الفضّة وفي القدح المفضّض، وكذلك أن يدهن في مدهن مفضّض والمشطة كذلك». وبإلغاء الخصوصية والحمل على المثالية استفيد الاطلاق منهما وأنّ المنهي عنه مطلق أنحاء الاستعمالات.ونوقش الاستدلال بهذه الطائفة أيضاً:
بأنّ المذكور في الروايتين عنوان الكراهة لا النهي، كما انّه تعلّق بعنوان أوسع من الآنية حيث يشمل القضيب والمشط والمرآة، ومن المعلوم فقهياً عدم حرمة هذا العنوان الأوسع.مضافاً إلى ما ورد في جملة من الروايات من التصريح بجواز استعمال الفضّة أو الذهب في المرآة ونعل السيف والدرع وما يوضع فيه التعويذ ونحو ذلك، فيحمل على الكراهة. بل في صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام حصر الكراهة فيما يشرب به قال: «سألته عن المرآة هل يصلح العمل بها إذا كان لها حلقة فضّة؟ قال: نعم إنّما كره ما يشرب فيه استعماله»، وهي تصلح لتقييد ما ادّعي إطلاقه من الروايات لو سلّمنا الاطلاق فيها.
وأمّا التعدّي عن روايات النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضّة إلى سائر الاستعمالات بإلغاء الخصوصية أو ببعض الوجوه الأخرى من قبيل أنّ العلّة في التحريم هو ما يلزم من استعمالهما من السرف والخيلاء أو انكسار قلوب الفقراء أو تعطيل المال، فهذه وجوه استحسانية لا يصلح الاستناد إليها في منهج الفقه الشيعي ما لم يرجع إلى تنقيح ظهور لفظي أو مناط قطعي.ومن مجموع ما تقدّم ظهر مبنى القول باختصاص الحرمة بالأكل والشرب، لا مطلق الاستعمال.
وأمّا وجه القول بالاختصاص بالأكل والشرب فيما يكون معدّاً له لا مطلقاً بل وما يكون معدّاً للأكل والشرب المباشر منه لا بالواسطة، فلا يشمل مثل القدر الذي يستعمل في الأكل بالواسطة لا بالمباشرة، فمبناه استظهار ذلك من التعبير بقوله:«لا تشرب في آنية» أو «لا تأكل في آنية» فضلًا عمّا كان النهي بعنوان «لا تشربوا في آنية الذهب والفضّة ولا تأكلوا في صحافها» حيث إنّ ظاهرها أو منصرفها ما يكون معدّاً للأكل أو الشرب وأن يكون الأكل فيه، وهو يساوق المباشرة، فتكون الحرمة في مورد مجموع القيدين.
وأمّا ما ورد فيها إضافة النهي إلى ذات الآنية فقد عرفت إجمالها وعدم إطلاق فيها لأكثر ممّا هو المتيقن؛ هذا مضافاً إلى ما قد يستظهر من صحيح علي بن جعفر المتقدّم من أنّ المكروه إنّما هو ما يشرب به دون غيره، وهو ظاهر في الحصر في ما يكون معدّاً للشرب والأكل المباشر لا بالواسطة.قال السيد الشهيد الصدر : «لا يبعد عدم شمول الحرمة للظروف غير المعدّة للأكل والشرب المباشر- كالقدر- إذا استعملت بالنحو الذي اعدّت له، وإن كان الأحوط استحباباً اجتناب استعمالها بهذا النحو».
[۱۳] منهاج الصالحين (الحكيم)، ج۱، ص۱۷۶، التعليقة۳۹۵.





 
۱. مصباح الفقيه، ج۸، ص۳۵۷.
۲. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۳۱۵.    
۳. المنتهى، ج۳، ص۳۲۵.    
۴. روض الجنان، ج۱، ص۱۷۰.    
۵. روض الجنان، ج۱، ص۱۷۰-۱۷۱.    
۶. الحدائق، ج۵، ص۵۰۹.    
۷. البحار، ج۶۶، ص۵۴۶.
۸. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۳۱۵- ۳۱۷ وغيرهما.    
۹. مصباح الفقاهة، ج۱، ص۱۵۷.    
۱۰. الوسائل، ج۳، ص۵۰۵- ۵۰۶، ب ۶۵ من النجاسات، ح ۱.    
۱۱. الوسائل، ج۳، ص۵۰۹، ب ۶۶ من النجاسات، ح ۲.    
۱۲. الوسائل، ج۳، ص۵۱۲، ب ۶۷ من النجاسات، ح ۶.    
۱۳. منهاج الصالحين (الحكيم)، ج۱، ص۱۷۶، التعليقة۳۹۵.




الموسوعة الفقهية، ج۱، ص۳۳۹-۳۴۳.    



جعبه ابزار