عدم الربا في غير المكيل والموزون والمعدود
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(وما لا كيل ولا وزن) ولا عدّ (فيه فليس بربوي، كالثوب بالثوبين، والعبد بالعبدين) ويمنع من
التفاضل فيه نقداً، إجماعاً، كما في المختلف وغيره من كتب الجماعة؛
وهو الحجة.مضافاً إلى
الأصل ، والعمومات السليمة عن المعارض سوى إطلاقات الكتاب والسنة بحرمة
الربا ، وهي ليست باقية على ظواهرها من حرمة مطلق الزيادة، بل هي مقيّدة ولو في الجملة بإجماع الطائفة، وبالمقدّر بالتقديرين خاصّة بالمعتبرة الآتية المتّفق عليها في الصورة المفروضة.
(وفي
النسيئة خلاف) وشبهة (والأشبه) فيها عند المتأخرين كافّة الجواز مع (الكراهة) وفاقاً للصدوقين والمبسوط والحلّي وظاهر الغنية
ونقله عن والد
الصدوق في المختلف،
الحلّي في السرائر
بل عن التذكرة
الإجماع عليه.
استناداً في الأوّل إلى ما مرّ، وإطلاق تلك المعتبرة، وهي مستفيضة، فمنها مضافاً الى ما مضى في صدر الفصل من الموثقين النافي ثانيهما للبأس، قبل المتن منه المتقدّم ، عن البيضة بالبيضتين والثوب بالثوبين والفرس بالفرسين المعتبرة الأُخر المستفيضة : منها الموثق : «لا بأس بالثوب بالثوبين».
والخبران،
أحدهما الموثق : عن الشاة بالشاتين والبيضة بالبيضتين، قال : «لا بأس ما لم يكن كيلاً أو وزناً».ونحوهما الرضوي، وزيد في آخره : «لو أنّ رجلاً باع ثوباً بثوبين أو حيواناً بحيوانين من أيّ جنس يكون، لا يكون ذلك من الربا».
وهي مع
اعتبار أسانيدها،
واستفاضتها ،
واعتضادها بالشهرة العظيمة المتأخّرة التي كادت تكون إجماعاً، بل لعلّها إجماع في الحقيقة، مضافاً إلى إجماع التذكرة
ما بين ظاهرة بحسب
الإطلاق ، وكصريحة بحسب حصر الربويّ في المقدّر بالتقديرين.
ومع ذلك مخالفة لما عليه أكثر العامّة، بل عامّتهم، كما سيأتي إليه
الإشارة ، ومؤيّدة بفحوى الأدلّة المتقدّمة الدالّة على جواز بيع أحد الربوبين بالآخر مطلقاً ولو نسيئة مع
الاختلاف في الجنسية، وعليها يحمل
استدلال الفاضل في المختلف
هنا بحديث : «إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم»
وإلاّ فلا ربط له ولا مدخليّة إلاّ على تقدير تعميم المنع فيها لبيع نحو العبد بالثوبين، ولا تساعده الفتوى والرواية، لاختصاصهما بالمتجانسين خاصّة، بل صرّح بعض الصحاح الآتية بنفي البأس مع
الاختلاف في الجنسية.
وكيف كان فالأقوى الكراهة.خلافاً لجماعة، كالإسكافي والعماني والمفيد والخلاف والنهاية؛
لأخبار هي مع موافقتها للعامة، كما ذكره جماعة، وأشعر به بعضها، كما سيأتي إليه الإشارة ليست صريحة في المنع، بل ولا ظاهرة؛ لأنّها ما بين مشعرة بالبأس مفهوماً، كالصحيحين، في أحدهما : العبد بالعبدين، والعبد بالعبد والدراهم، قال : «لا بأس بالحيوان كله يداً بيد».
وفي الثاني : «البعير بالبعيرين، والدابّة بالدابّتين يداً بيد لا بأس به».
ومصرِّحة بلفظ الكراهة، كالصحيح : عن الثوبين الرديئين بالثوب المرتفع، والبعير بالبعيرين، والدابّة بالدابّتين، فقال : «كره ذلك
علي عليه السلام فنحن نكرهه إلاّ أن يختلف الصنفان».
وكلّ من البأس والكراهة أعمّ من الحرمة، ومع ذلك السكوت عن النسيئة في الأوّلين لعلّه للتقيّة، وبه يشعر بعض المعتبرة، كالصحيح : عن البعير بالبعيرين يداً بيد ونسيئة : «لا بأس به» ثم قال : «خطّ على النسيئة»
وفي الفقيه بعد نقله زاد : «لأنّ الناس يقولون : لا، وإنّما فعل ذلك للتقيّة».
وهذه الزيادة نصّ في ورود المنع على تقديره مورد
التقيّة ، كالسكوت والضرب على النسيئة. ولا يقدح
احتمال كونها من الصدوق؛ لكونه من أهل
الاطّلاع والخبرة بمذاهب العامّة، مسموعاً حكايته لمثله بالبديهة، سيّما بعد أن وافقه فيها من المتأخّرين جماعة.
والثالث للإطلاق الشامل لصورة
البيع نقداً متروك الظاهر جدّاً.
وفي الثاني أي : استناداً في الثاني وهو كراهة النسيئة في غير المكيل والموزون والمعدود إلى الشبهة الناشئة من الخلاف في المسألة، سيّما من هؤلاء الجماعة الذين هم عظماء الطائفة، واحتمال الذبّ عن ضعف الدلالة أوّلاً : بثبوت
المسامحة في أخبار الربا بالتعبير عن الحرمة بلفظ البأس والكراهة ونفي الصلاحية، كما مضت إليه الإشارة.
وثانياً : بصراحة
الكراهة في الصحيحة الثالثة من حيث نسيتها إلى علي عليه السلام في الحرمة، بعد ملاحظة كثير من المعتبرة الدالّة على أنّه عليه السلام ما كان يكره إلاّ الحرام.
والأصل والعمومات وإطلاق المعتبرة لا تبلغ قوّة المعارضة لمثل هذه الصحيحة الصريحة ولو بالضميمة، المعتضدة بسابقتيها من الصحيحتين الظاهرتي الدلالة بمعونة ما مرّ إليه الإشارة، مع احتمال كون المنع فيها عن النسيئة لأجلها من حيث هي هي كما في الصرف، لا من حيث الربا، فلا معارضة بينها وبين ما دلّ من تلك المعتبرة على حصر الربا في المكيل والموزون، فتأمّل.فلولا الشهرة العظيمة المتأخرة، المؤيّدة بإجماع
التذكرة ومخالفة العامّة والفحوى المتقدّمة لكان المصير إلى هذا القول لا يخلو عن قوّة، ولعلّه لما ذكرناه احتاط به في الغنية،
وهو في غاية الجودة.
رياض المسائل، ج۸، ص۴۲۴-۴۲۸.