ما يتعلق بالأحكام التبعية للإجارة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هنا نريد أن نتكلم حول ما يتعلق بأحكام تابعة
للإجارة .
•
حكم الإجارة مع تلف العين أو إتلافه، المسألة هنا هي ما هو حكم الإجارة حينما تلف أو أتلف العين المستأجرة.
•
الضمان بالتعدي والإفساد، نبحث في هذه المسألة من مسائل
الإجارة عن
ضمان نفس العين المستأجرة أو
منافع العين أو منافع الأجير وأيضا نبحث عن ضمان الأجير
بالإفساد و ضمان ما يتلفه
العبد الأجير والدابة المستأجرة وأحكامه.
•
التخلف عن مؤدى العقد، يقع البحث عن التخلف عن مؤدى عقد الإجارة في موردين: الأول: التخلف في إجارة الأعمال والثاني: التخلف في إجارة الأعيان.
إذا منع الظالم غير المؤجر من الاستيفاء حتى انقضت مدّة الإجارة ففي انفساخ العقد بذلك أو ثبوت الخيار أقوال ثلاثة:
انفساخ الإجارة بذلك كما هو ظاهر
المفيد والشيخ وابن حمزة والمحقق في
المختصر .
عدم انفساخ العقد، بل يكون للمستأجر الخيار بين
الفسخ والمطالبة بالمسمّى وبين الرضا بالعقد ومطالبة الغاصب
بأُجرة المثل ، كما ذهب إليه جماعة من الفقهاء منهم المحقق في
الشرائع والعلّامة في
التحرير والتذكرة وغيرهم
بل في
الحدائق : أنّه ظاهر كلمات الفقهاء من غير خلاف يعرف فيه.
وفي جامع الشتات: أنّه المشهور،
وفي
الرياض : أنّ عليه الأكثر.
ويدل على عدم الانفساخ أنّ نتيجة
الغصب إنّما هي تعذّر التسليم لا سقوط العين عن صلاحية الانتفاع
حيث لم يتعذّر الانتفاع؛ لامكان الرجوع إلى بدلها.
أمّا الخيار فلما مرّ من الضرر أو تخلّف الشرط الضمني.
ثمّ إنّ بعض الفقهاء
احتمل جواز مطالبة المستأجر المؤجر بأُجرة المثل مع عدم الفسخ، نظراً إلى كون العين مضمونة عليه حتى يتحقق
القبض .
ولكن ضعّف
هذا الاحتمال بأنّ الثابت عليه- على تقدير تضمينه بالفسخ أو الانفساخ- هو المسمّى إن كان قبضه؛ لأنّ حق المستأجر وملكه ليس إلّا المنفعة وقد استوفاها الغاصب، ولم يترتّب عليه يد المؤجر حتى يكون للمستأجر تسلّط الرجوع إليه أيضاً، على أنّه مخالف
لأصالة براءة المؤجر.
التفصيل بين غصب الأجنبي ومنعه المؤجر من
التسليم وبين منعه المستأجر من الانتفاع، ففي صورة غصب الأجنبي يكون المستأجر بالخيار بين الفسخ وبين الرضا بذلك ومطالبة الغاصب بأُجرة المثل.
وأمّا في صورة منعه المستأجر من الانتفاع فلا خيار، بل يتعيّن على المستأجر مطالبة الغاصب بأُجرة المثل؛ لعدم وجود مانع من قبل المؤجر في تسليمه، إنّما يتوجّه المنع إلى خصوص المستأجر في تسلّمه،
فلا موجب حينئذٍ للخيار؛ لعدم تخلّف الشرط بوجه؛ إذ لم يكن الشرط الارتكازي إلّا بهذا المقدار- أي تمكين المؤجر من التسليم لا تسلّم المستأجر- وقد تحقق.
وهذا التفصيل قد يستظهر من بعض كلمات
السيد اليزدي حيث قال: «إذا منعه ظالم عن الانتفاع بالعين قبل القبض تخيّر بين الفسخ والرجوع بالاجرة وبين الرجوع على الظالم بعوض ما فات، ويحتمل قويّاً تعيّن الثاني».
وقال في صورة غصب الأجنبي: «لو غصبهما (الدابة والعبد) غاصب فإن كان قبل التسليم فكذلك (أي بطلت الإجارة) ويحتمل التخيير بين الرجوع على الغاصب وبين الفسخ».
وكيف كان، فالقول بالتفصيل هو مختار
المحقق الخوئي .
ثمّ إنّه هل يجب على المؤجر أخذ العين من الغاصب أم لا؟
ذهب العلّامة
إلى عدم الوجوب، وأنّه ليس للمستأجر مطالبة المالك بذلك ولكن احتمل بعضهم أنّ للمستأجر الزام المؤجر بذلك، نظراً إلى أنّ التسليم قد وجب عليه وهو قادر على تحقيقه.
امّا إذا غصب العين في أوّل المدّة ثمّ سلّمها فتقدم حكمه في منع المؤجر، فراجع.
لو منعه ظالم- غير المؤجر- بعد القبض كان له الرجوع على الظالم بأُجرة المثل، وليس له خيار فسخ العقد وإن كان الغصب في أوّل المدة،
وعلى ذلك دعوى
الإجماع كما في التذكرة،
وعدم الخلاف ظاهراً في
الرياض وغيره،
وقد ذهب إليه أيضاً من حكم بثبوت الخيار للمستأجر فيما لو منع المؤجر بعض القبض.
ووجه الفرق في ذلك أنّ منع المؤجر في الأثناء منافٍ لاستمرار بقاء العين تحت يده، ومخالف للشرط الضمني؛ لأنّ الشرط الضمني ليس هو التسليم آناً ما، بل مقتضى المعاوضة بقاء العين تحت يد المستأجر إلى نهاية مدة الإجارة، وذلك بأنّ يخلّي المؤجر بين المستأجر والعين في تمام الأجل ويتخلّف الشرط بأخذ المؤجر بعد القبض ويثبت الخيار، وهذا بخلاف غصب الأجنبي بعد القبض فإنّه لا وجه للخيار فيه؛ لأنّه لم يتخلّف الشرط؛ ضرورة أنّ الشرط لم يكن إلّا تسليم العين، وقد تحقق ذلك. وأمّا الزائد عليه كأن يتعهّد المؤجر بدفع ظلم الظالم عن المستأجر بعد قبضه أو أثناء المدة فليس مما يقتضيه الارتكاز ولا هو ملحوظ في الشرط الضمني.
هذا وقد تردّد الشيخ في
المبسوط بين الحكم بالانفساخ وعدمه.
ولكنه ذهب في
النهاية إلى ما قاله الأكثر من عدم سقوط الاجرة بذلك، بل يرجع إلى الظالم بما منعه من التصرف.
هذا كلّه في إجارة العين الشخصية، أمّا لو كانت الإجارة في الذمة فعلى المؤجر
الإبدال إن غصب المدفوع قبل
الاقباض وإن كان بعد الدفع إلى المستأجر وإقباضه إيّاه كان الغصب من مال المستأجر».
تقدم أنّ الاجرة تستقر عند المشهور في إجارة الأعمال بمضي مدة الإجارة أو بمضي مدة يمكن إيقاع العمل فيها مع تسليم الأجير نفسه وإن امتنع المستأجر عن استيفاء العمل، كما لو لم يدفع الثوب إلى الخياط مثلًا، وإن كان لبعضهم في ذلك كلام.
كما أنّه تقدم الكلام في
إتلاف المستأجر محل العمل قبل البدء بالعمل، وأنّه هل يوجب ذلك بطلان الإجارة مطلقاً لتعذّر العمل، أو يكون بحكم الاستيفاء فيلزم الأجير ضمان الاجرة المسمّاة، أو يفصّل بين ما إذا كان متعلّق الإجارة نفس العمل أو منفعة المؤجر فتبطل في الأوّل دون الثاني؟
وفي حكم إتلاف محل العمل دفع المستأجر العين لشخص آخر ليعمل فيها تبرّعاً أو بإجارة اخرى؛ فقد ذكر
السيد الحكيم انفساخ الإجارة بذلك،
بينما حكم المحقق الخوئي
والشهيد الصدر بصحة الإجارة الاولى لكونه من قبيل استيفاء المستأجر فيستحق الأجير الأوّل الاجرة المسماة.
وأمّا إتلاف الأجنبي لمحل العمل فقد تقدم الكلام في أنّه يوجب بطلان الإجارة عند المشهور لتعذّر العمل،
بينما قال السيد اليزدي في موضع من
العروة بأنّه يوجب ضمان الأجنبي للمنفعة،
في حين فصّل البعض الآخر بين كون مورد الإجارة منفعة الأجير وبين ما إذا كان متعلّقها نفس العمل، فتبطل الإجارة في الفرض الثاني دون الأوّل.
ولو منعه أجنبي عن العمل بأن حبسه- مثلًا- فإن كانت الإجارة على عمل شخصي فالظاهر انفساخ الإجارة بفوات فرصة العمل لأمر غير اختياري مما يكشف عن عدم قدرة الأجير على العمل، غاية الأمر قد يقال بضمان الأجنبي بالتفويت قيمة العمل للأجير، وقد تقدم بحثه.
وأمّا إذا كانت على العمل في الذمة فإنّ للمستأجر مطالبة المؤجر باقامة فرد آخر، فإن تعذّر كان له الفسخ.
ولو أتى الأجنبي بالعمل المعيّن فإن كان بقصد التبرّع عن الأجير صحت الإجارة إذا كانت لا بقيد المباشرة واستحق الأجير المسمّى، وإن كان عمل الأجنبي لا بقصد التبرّع عن الأجير فالظاهر انفساخ الإجارة عند المشهور لفوات المحل وظهور العجز وعدم المقدورية عليه إذا كان متعلق الإجارة العمل الخارجي بل وحتى فيما إذا كان متعلّق الإجارة عملًا في الذمة؛ لأنّه لا موجب لتضمين الأجير بعد أن لم يصدر منه أي قصور، ومع عدم إمكان تضمينه من قبل المستأجر وعدم ضمان المستأجر المسمّى للأجير من دون ضمانه للعمل تلغو الإجارة فتكون النتيجة الانفساخ أيضاً.
ولا يضمن الأجنبي للأجير شيئاً.
وللمحقق الخوئي
تفصيل بين حصول التعذّر قبل مضي زمان يمكن صدور العمل فيه وبين حصوله بعده، وحينئذٍ يتجه القول بالانفساخ في الأوّل لكشفه عن عجز الأجير عن العمل دون الفرض الثاني فانّه من سنخ العجز الطارئ وحينئذٍ يكون الأجير مديناً بالعمل كما أنّ المستأجر يكون مديناً
بالاجرة المسماة ، لكن يثبت للمستأجر الخيار من أجل تعذّر التسليم، فلو لم يفسخ طالب الأجير
بأُجرة المثل فاذا رجع عليه بأُجرة المثل أمكن القول برجوع الأجير على الأجنبي بقيمة العمل؛ لأنّه أتلف عليه ذلك العمل.
الموسوعة الفقهية، ج۴، ص۲۳۲-۲۷۷.