أهل الكتاب (مناكحتهم)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
أهل الكتاب (توضيح) .
أجمع
المسلمون على عدم جواز
نكاح الكفّار من غير أهل الكتاب، سواء كان المسلم زوجاً أو زوجة، إلّاما حكاه
الشيخ الطوسي عن بعض أهل
الحديث من أصحابنا من جواز نكاحهم.
كما لا
خلاف في عدم جواز نكاح المسلمة بالكتابي؛
لما رواه
عبد اللَّه ابن سنان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إذا أسلمت
امرأة وزوجها على غير
الإسلام فرّق بينهما...».
وإنّما
الكلام في نكاح المسلم من الكتابيّة
ابتداءً ، حيث اختلفوا فيه على ستّة أقوال، نشير إليها هنا
باختصار :
وهو مختار جماعة من
الفقهاء ،
مستدلّين عليه من الكتاب بقوله تعالى: «وَلَا تَنكِحُوا
الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ»،
فإنّ أهل الكتاب من المشركين؛ لقوله عزّوجلّ: «وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى
الْمَسِيحُ ابْنُ
اللّهِ ... سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ».
ومن السنّة بقول
الإمام الباقر عليه السلام في حديث
زرارة : «لا ينبغي
نكاح أهل الكتاب»، قلت: جعلت فداك، وأين
تحريمه ؟ قال: «قوله -تعالى-: «وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ».
وهو مختار جماعة،
ويدلّ
عليه قوله تعالى: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ
أُمَّهَاتُكُمْ وَ
بَنَاتُكُمْ ... وَأُحِلَّ لَكُم مَا وَرَاءَ ذلِكُمْ».
وصحيحة
معاوية بن وهب وغيره جميعاً عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، في الرجل
المؤمن يتزوّج اليهوديّة والنصرانيّة، فقال: «إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهوديّة والنصرانيّة؟» فقلت له: يكون له فيها
الهوى ، قال: «إن فعل فليمنعها من
شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، واعلم أنّ عليه في دينه
غضاضة ».
وهو
أشهر الأقوال الذي ذهب إليه كثير من الفقهاء،
بل يظهر من بعضهم دعوى
الإجماع عليه؛
لأنّه مقتضى الجمع بين النصوص الواردة في المقام.
وهو مختار
الشيخ الطوسي في
النهاية و
ابن البرّاج وابن حمزة؛
لما روى يونس عنهم عليهم السلام قال: «لا ينبغي للمسلم الموسر أن يتزوّج الأمة إلّاأن لا يجد حرّة، وكذلك لا ينبغي له أن يتزوّج امرأة من أهل الكتاب إلّافي حال ضرورة، حيث لا يجد مسلمة حرّة ولا أمة».
وهو القول الآخر للشيخ المفيد
وأحد أقوال الشيخ الطوسي في بعض كتبه،
ولم ينقل عنهما
دليل لذلك. ولعلّ مستندهم عين
مستند القول الأوّل مع القول بعموم
النكاح لكلّ من الدائم والموقّت، أمّا
ملك اليمين فإطلاقاته تشمل الكتابية وغيرها.
وهو
المنسوب إلى
ابن الجنيد ،
لكنّ كلامه لا يساعد عليه، حيث قال: «واختار لمن وجد
الغناء عن نكاح أهل الكتابين ترك
مناكحتهنّ بالعقد في دار
الإسلام ، فأمّا في دار حربهم فلا يجوز ذلك، فإن دعت إلى ذلك
ضرورة في دار الإسلام أن يكون
بالأبكار منهنّ... ولا بأس بوطء من ملك من هذه الأصناف كلّها بملك اليمين».
وهو ظاهر في حرمة نكاحهنّ بعقد في
دار الحرب حتى مع الضرورة. ثمّ إنّه لا فرق- بناءً على جواز نكاح الكتابيّات- بين كونهنّ من أهل الذمّة أم من غيرهم؛ لأنّ الاعتبار في كونهنّ من أهل الكتاب دون الذمّة، وإن كان
النكاح من غير أهل الذمّة أشدّ
كراهة منهم.
هذا كلّه في نكاح الكتابية
ابتداءً ، أمّا
استدامة - كما إذا أسلم زوج الكتابية- فالنكاح باقٍ على حاله؛
لاتّفاق المجوّزين والمانعين على ذلك.
وتفصيل ذلك كلّه يراجع في محلّه.
الموسوعة الفقهية، ج۱۹، ص۱۳۸-۱۴۲.