كما أنّ الاختصار قد يطلق على بالمخصرة وهي كالسوط، وقيل: كلّ ما يأخذه الرجل بيده ليتوكّأ عليه مثل العصا ونحوها. وقال أبو عبيد: «المخصرة ما اختصر الإنسان بيده فأمسكه من عصا أو مقرعة أو عَنَزَة أو عكّازة أو قضيب وما أشبهها، وقد يتّكأ عليه».
هو في الكلام البناء على قلّة اللفظ و كثرة المعنى، يقال: أوجز الرجل في كلامه إذا استعمل قليل الكلام لبيان كثير المعنى، سواء كان الإيجاز لكلام مبتدأ أو سابق. بخلاف الاختصار فإنّه إلقاءفضول الألفاظ من كلام سابق دون الإخلال بمعانيه، فالمعنيان متقاربان.
وقد يستعمل بمعنى قريب من الاختصار بإطلاقه على العبارات القصيرةالمبتورة وغير الواضحة، فيختلف عن الاختصار من هذه الجهات ومن جهة كون الاختصار يجيء على كلام سابق.
وفرق الحذف عن الاختصار أنّ الحذف نقص في الكلام عن المعنى مدلول عليه، وأمّا الاختصار فلا يتضمّن نقصاً في الكلام عن المعاني المقصودة فهو وافٍ بكلّ ما قُصد من المعنى لكن بأقلّ الألفاظ.
وفرّق بينهما أيضاً بأنّ متعلّق الحذف هو الألفاظ بأن يأتي بلفظ يقتضي غيره ويتعلّق به ولا يستقلّ بنفسه عنه ويكون في الموجوددلالة على المحذوف كقوله تعالى: «وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ»
وقد اختلف في تفسيرالمراد بذلك، فقيل: معناه نزعآيات السجود وقراءتها في وقتواحد، وقيل: بل هو حذف آيات السجود من السور التي فيها وعدم قراءتها عند قراءة سورها.
قال العلّامة الحلّي: «قيل: يكره اختصار السجود وهو أن ينزع الآيات التي فيها السجود فيقرأها ويسجد فيها...
وقيل: اختصار السجود أن يقرأ القرآن ويحذف آيات السجود. و الأخير عندي أولى».
عدّ الفقهاء الاختصار من جملة مكروهات الصلاة؛ لورود الذمّ به في بعض الروايات الواردة من طرقأهل السنّة وأوردها بعض علماء الشيعة في كتبهم.
وقد وقع الخلاف في المقصود من الاختصار حيث فسّر بعدّة تفسيرات:
قال الجزائري في مكروهات الصلاة: «ومن مكروهات الصلاة الاختصار، وهو وضع يديه على خاصرتيه.
والظاهر تحقّق الكراهة بوضع إحدى اليدين على الخاصرة... و قيل: هو من المخصرة، وهي ما يختصر الإنسان بيده فيمسكه من عصى أو عكّازة أو مقرعة أو قضيب، وقد يتّكئ عليه، فالمعنى: أن يتّخذ بيده عصى يتكئ عليها. وقيل: معناه أن يقرأ من آخر السورة آية أو آيتين ولا يقرأ السورة بتمامها في فرضه».
وقال المحقّق النجفي: «ثمّ من المكروهات المذكورة في بعض النصوص وكتب الأصحاب... التخصّر، قال في المختصر المذكور أي مختصر النهاية قيل: أن يأخذ بيده عصا يتّكئ عليها، وقيل: أن يقرأ من آخر السورة آية أو آيتين، وقيل: أن يضع يده على خصره، ومنه «الاختصار في الصلاة راحة أهل النار»
أي أنّه فعل اليهود في صلاتهم وهم أهل النار، وفي المنظومة: ولا تخصّر فهو كبر وستم قد عذّب اللَّه به بعض الامم وأنّه التورُّك الذي منع نوع من الصلب ومنعه سمع ومقتضاه أنّه وضع اليد على الخاصر متعمّداً على أحد وركيه، ونحوه ما عن المنتهى من أنّ التورّك المكروه في الصلاة أن يعتمد بيديه على وركيه وهو التخصّر.
لكن في البيان: والتخصير وهو الاعتماد على الخصر، والتورّك وهو الاعتماد على الورك، وفي المحكي عن النفلية: أنّ التورّك الاعتماد على إحدى الرجلين تارة وعلى الاخرى اخرى، والتخصّر يقبض خصره بيده.
قلت: لعلّ الأولى اجتناب الجميع، وإن كنّا لم نعثر في أخبارنا إلّا على النهي عن التورّك».