إحياء الموات (ما يجوز إحياؤه وما لا يجوز)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
إحياء الموات (توضيح) .
قد مرّ أنّ محلّ
الإحياء إنّما هو الموات، فالعامر خارج عن البحث؛ إذ لا معنى لإحياء
العامر وإنّما طريق تملّكه
الإقطاع أو
الحيازة فيما يجوز. وأمّا الموات فيجوز إحيائه بشروطه.
وأمّا الموات فيجوز إحياء ما كان منها مواتاً
بالأصل بشروطه، وكذلك الموات بالعارض الذي ليس لها مالك
لانقراض أهلها وبوادهم؛ لأنّهما من
الأنفال وملكٌ للإمام عليه السلام فيشملهما جميع ما دلّ على إذنهم في الإحياء للشيعة أو مطلقاً على ما سيأتي تفصيله.
نعم، لا يجوز إحياء ما كان منها
مستحقّاً للغير- ملكاً أو حقّاً- كالموات بالأصل من دون
إذن الإمام عليه السلام- بناءً على اشتراطه بالإذن لأنّه مالكها أو وليّها- وكذا
الأرض المحجَّر، والمقطَع من قبل
الإمام عليه السلام، و
الحمى إذا كانت مصلحته باقية، وحريم القرية والطريق
المبتكر والأرض المحياة، كما سيأتي تفصيل ذلك كلّه في شروط الإحياء.
وكذا لا يجوز إحياء الموات بالعارض التي كانت عامرة حال الفتح؛ لكونها من الأراضي الخراجيّة وملكاً لعامّة المسلمين، وهي لا تخرج عن ملكهم بعروض
الخراب ، ولا تدخل في
نطاق الأنفال، كما ثبت في محلّه.
وكلّ ذلك ممّا لا خلاف فيه. نعم، قد وقع
الخلاف في جواز إحياء الموات بالعارض التي يكون لها مالك
معلوم أو
مجهول ، وفي بعض أقسام أراضي
الوقف - كما سيأتي الكلام عنها مفصّلًا- وكذا وقع الخلاف في جواز إحياء ما حماه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أو الإمام عليه السلام لمصلحةٍ ثمّ زالت تلك
المصلحة ، وفي إحياء اليسير من أراضي
منى و
مشعر و
عرفة إذا لم يستلزم ضرراً وضيقاً على الناسكين، وسيأتي تفصيلها في شروط الإحياء.
وفيما يلي نتعرّض لإحياء الموات بالأصل والموات بالعارض:
والمراد بالموات بالأصل ما لم يجر عليه حياة من أوّل الأمر، لا بشريّاً ولا غيره، وهو من الأنفال قطعاً، وداخل في عموم قول
الفقهاء في عداد الأنفال:(الارضون الموات) و (ما لم يجر عليه ملك) ونحوها، فيجوز إحياؤها بإذن الإمام عليه السلام، وهذا المقدار هو
القدر المتيقّن من مدلول أخبار إحياء الموات وكلمات الفقهاء.
قال
الشيخ الطوسي : «أمّا
الغامر فعلى ضربين: أحدهما لم يجر عليه ملك أحد، والآخر جرى عليه ملكه، فالذي لم يجر عليه ملك أحد فهي للإمام خاصّة؛ لعموم الأخبار... - إلى أن قال:- الأرضون الموات عندنا للإمام خاصّة لا يملكها أحد بالإحياء إلّا أن يأذن له الإمام...».
وقال
ابن البرّاج : «الغامر ضربان: غامر لم يجرِ عليه ملك لمسلم، وهو الموات الذي قصد به الإحياء... فأمّا الأرضون الموات فهي للإمام أيضاً، لا يملكها أحد إلّا بالإحياء بإذنه».
وقال
ابن إدريس : «الأرضون الموات التي لم يجر عليها ملكٌ لأحدٍ لإمام المسلمين خاصّة، لا يملكها أحد بالإحياء إلّا أن يأذن له الإمام».
وقال
المحقّق الحلّي : «الموات ما لا ينتفع به
لعطلته ممّا لم يجر عليه ملك، أو مُلِك وباد أهله فهو للإمام، لا يجوز إحياؤه إلّا بإذنه، ومع إذنه يُملك بالإحياء، ولو كان الإمام غائباً فمن سبق إلى إحيائه كان أحقّ به».
وقال
العلّامة الحلّي : «وكلّ أرض لم يجر عليها ملكٌ لمسلم فهي للإمام...ولا يجوز إحياؤها إلّا بإذنه».
وكذا في
الإرشاد .
وقال
الشهيد الأوّل : «وكذا كلّ مواتٍ من الأرض لم يجر عليه ملك أو مُلك وباد أهله، سواء كان في بلاد الإسلام أو بلاد الكفر... ويشترط في تملّكه بالإحياء امور تسعة...».
وقال
الشهيد الثاني : «وكذا كلّ... موات من الأرض لم يجر عليه ملك
المسلم ؛ فإنّه للإمام عليه السلام فلا يصحّ إحياؤه إلّا بإذنه مع حضوره، ويباح في غيبته».
و
الدليل على ذلك العمومات الدالّة على جواز إحياء الموات:
منها: رواية
الباقر عليه السلام قال: «قال
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم : من أحيا مواتاً فهو له».
ومنها: رواية الباقر و
الصادق عليهما السلام قالا: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: من أحيا أرضاً مواتاً فهي له».
ومنها: قول الصادق عليه السلام في رواية
محمّد بن مسلم : «أيّما قوم أحيوا شيئاً من
الأرض وعمروها فهم أحقّ بها، وهي لهم».
ومنها: قوله الآخر أيضاً: «أيّما قوم أحيوا شيئاً من الأرض أو عمروها فهم أحقّ بها».
ومنها: رواية اخرى عنه عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: من غرس شجراً أو حفر وادياً بديّاً لم يسبقه إليه أحد، وأحيى أرضاً ميتة فهي له قضاءً من
اللَّه ورسوله صلى الله عليه و
آله وسلم».
ومنها: صحيح
الكابلي عن الإمام الباقر عليه السلام قال: «وجدنا في كتاب
علي عليه السلام «إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ
الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ»
أنا و
أهل بيتي الذين أورثَنا (اللَّه تعالى) الأرض ونحن المتّقون، والأرض كلّها لنا، فمن أحيا أرضاً من المسلمين فليعمرها وليؤدّ خراجها إلى الإمام من أهل بيتي، وله ما أكل منها، فإن تركها وأخربها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحقّ بها من الذي تركها...».
وهي كالصريح في جواز إحياء الموات بالأصل، بلا فرق في ذلك بين كونه موات دار الإسلام أو دار الكفر، ولا يضر بذلك
اختلافهم في دلالتها على ملك المحيي وعدمه كما لا يخفى.
•
إحياء الموات (بالعرض)، إذا جرى على الأرض ملك مسلم ومن بحكمه فما دامت عامرة فهي له ولورثته بعده وإن ترك
الانتفاع بها، بلا خلاف، فلا يزول ملكهم عنها إلّا
بالإعراض كسائر الأملاك، حتى إذا جُهل مالكها فهي مال
مجهول المالك، كما صرّح به بعضهم، وأمّا إذا عرض عليها الموت والخراب فإمّا أن لا يكون لها مالك، أو يكون لها مالك مجهول، أو معلوم، أو يكون من الأراضي
الموقوفة ، فهي أربعة أقسام.
•
إحياء الموات (الأراضي الموقوفة)، الأراضي الموقوفة التي طرأ عليها
الموتان و
الخراب على أنواع:
۱- ما كانت من الموقوفات القديمة الدارسة التي لم يعلم كيفية وقفها وأنّها خاصّ أو عامّ، ولا جهتها، وإنّما علم من
الشهرة و
الاستفاضة أنّها كانت وقفاً على الماضين.
۲- ما علم أنّها وقف على جهة غير معلومة أو أشخاص موجودين غير معلومين.
۳- ما علم أنّها وقف على جهةٍ معيّنة أو أشخاص موجودين معلومين، ولكنّهم تركوا
الوقف حتى خربت بعد سنين.
۴- ما تردّد أمره بين الجهة والشخص على نحو
العلم الإجمالي ، ولم يكن طريق لتعيين أحد الأمرين.
الموسوعة الفقهية، ج۷، ص۱۷۲-۱۸۹.