الاسترسال
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو بمعنى
الثقة والاطمئنان في
نفس الشخص.
الاسترسال- لغةً-
الاستئناس والطمأنينة والثقة ، يقال: استرسل إليه أي استأنس ووثق به فيما يحدثه، وأصله
السكون والثبات .
وجاء أيضاً بمعنى سبط
الشعر وتدلّيه ونزوله، يقال: استرسل الشعر، إذا سبط وتدلّى ونزل وهو غير
الجعد من الشعر.
واستعمل الاسترسال في كلمات
الفقهاء في هذين
المعنيين كما في كلمات غيرهم.
واستعمل أيضاً بمعنى الانطلاق والاستمرار
وما هو قريب منه. الاسترسال بهذا المعنى
نقيض الاستمساك.
وستأتي
الإشارة إلى موارد
استعماله في كلماتهم.
هناك
أحكام متعدّدة تتعلّق بالاسترسال وما هو مأخوذ منه، عمدتها ما يلي:
يثبت للمغبون
خيار الغبن مع عدم
علمه بالحال وعدم إقدامه على
المعاملة على كلّ حال، كما إذا باع بأقلّ من
قيمة المثل أو اشترى بأكثر من قيمة المثل بما لا يتسامح به، فعلى الأوّل للبائع حقّ
فسخ العقد وعلى الثاني للمشتري حقّ الفسخ.
وقد استدلّ
على ثبوت هذا الخيار بما ورد في الروايات من النهي عن غبن المسترسل مثل
رواية إسحاق بن عمار عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «غبن المسترسل
سحت »،
وفي رواية
أحمد بن محمد بن يحيى عنه عليه السلام أيضاً: «... ولا تغبن المسترسل فإنّ غبنه لا يحلّ...».
والمسترسل هو
الجاهل بقيمة السلعة والذي لا يحسن المعاملة فيثق ويطمئنّ بالطرف الآخر الذي يعامله.
وقد نفى جماعة من الفقهاء
دلالة هذه الروايات على ثبوت خيار الغبن للمغبون.
وقيل في وجه عدم دلالتها: إنّ دلالتها على ثبوت الخيار تتوقّف على أن يراد بالغبن
الغبن في المعاملة- بتسكين الباء- كما يراد أنّ المحرّم هو أكل
الثمن الزائد بعد الردّ، وأمّا لو اريد منه الغبن في الرأي- بقراءته بالفتح- الراجع إلى
وجوب النصح لمن استرسل أي
حسن ظنّه به وحرمة
الخديعة في
المشورة فتكون أجنبيّة عمّا نحن فيه، وهكذا لو اريد منه الغبن في المعاملة، لكنّ
الحرمة ثابتة لنفس الغبن لا للثمن في صورة الردّ فإنّه خلاف الظاهر. إذاً فلا يستفاد الخيار من هذه
الأخبار ؛
لإجمالها وتردّد المراد منها.
لا يجب في
الوضوء غسل الشعر الخارج عن الحدّ كمسترسل
اللحية في الطول وما هو خارج عن ما بين
الإبهام والوسطى في العرض.
وذهب بعض إلى
استحباب غسل المسترسل الخارج عن حدود الوجه.
لو جفّت بلّة
اليد قبل
المسح جاز الأخذ من سائر
الأعضاء وصحّ الوضوء،
والأحوط عند بعض
الفقهاء عدم الأخذ ممّا خرج من اللحية عن حدّ الوجه كالمسترسل منها.
إنّ محلّ
مسح الرأس مقدّمه فلا يجزي غيره، ولا يجزي الغَسل عنه، ولا المسح على حائل وإن كان من شعر الرأس غير المقدّم، بل إمّا على
البشرة أو على الشعر المختصّ بالمقدّم إذا لم يخرج بالاسترسال أو المدّ عن حدّه، فلو خرج ومسح على المسترسل وهو الزائد منه على ما يحاذي بشرة المقدّم أو على
الجعد الكائن في حدّ مقدّم الرأس إذا خرج بالمدّ عنه لم يجز؛ لأنّه لم يمسح مقدّم الرأس.
لا يصدق
مسّ الميّت عرفاً بمسّ ما استرسل من شعر رأسه أو لحيته، فلا يجب به
الغسل ، وهذا بخلاف مسّ اصول الشعر الساترة للبشرة؛ فإنّه يصدق مسّ الميّت حينئذٍ عرفاً.
من محرّمات
الإحرام إزالة الشعر مطلقاً ولو بعض الشعر إلّا لضرورة من قمّل أو
قروح أو صداع ونحو ذلك فيجوز ويلزمه
الفدية .
ولكن ذهب
العلّامة الحلّي وغيره إلى عدم
وجوب الفدية إذا كان
الضرر حاصلًا بنفس الشعر، كما إذا نبت الشعر في
عيني المحرم أو طال
حاجباه فغطّيا عينيه فله قلع ما في العين وقطع ما استرسل على عينيه ولا فدية عليه؛ لحصول
الأذى بالشعر المسترسل.
ويرد عليه: أنّ إطلاق قوله تعالى: «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ»
يقتضي عدم الفرق.
واستعمل الاسترسال في جميع هذه الموارد عدا الأوّل بالمعنى الثاني.
يشترط في حلّية
صيد الكلب أن يكون معلّماً
للاصطياد ، ويتحقّق ذلك بأمرين:
أحدهما: استرساله بالإرسال بمعنى أنّه متى أغراه صاحبه بالصيد هاج وانبعث إليه.
وثانيهما: أن ينزجر إذا زجره. وكذا يشترط في حلّية صيد الكلب أن يكون بإرساله للاصطياد، فلو استرسل بنفسه من دون إرسال لم يحلّ ما اصطاده. وكذا إذا أرسله لأمر غير الاصطياد من طرد عدوّ أو
سبع فاصطاد حيواناً فإنّه لا يحلّ، وإذا استرسل بنفسه فأغراه صاحبه لم يحلّ صيده.
واستعمل الاسترسال هنا بمعنى
الانطلاق .
ما ينزل من الفضلات من
الرأس إذا استرسل وتعدّى
الحلق من غير قصد لم يفسد
الصوم ، ولو تعمّد
ابتلاعه أفسد الصوم.
الوطء في
الدبر بمنزلة الوطء في
القبل بالنسبة إلى كثير من الأحكام ومنها
إلحاق الولد ؛ لأنّ الدبر وإن لم يكن مجرى
المني الطبيعي إلى
الرحم ، لكن لقربه منه يمكن استرسال المني في
الفرج من غير شعور وإن كان نادراً، وهذا كافٍ في إلحاق الولد عند الوطء في الدبر.
قال
الشهيد الثاني : «وظاهرهم
الاتفاق على هذا
الحكم ، وإلّا فهو محلّ النظر».
والاسترسال هنا وفيما قبله بمعنى الانطلاق
والجريان .
يستحبّ منع
النساء من الاسترسال في
إرضاع الأطفال دون تحفّظ خوفاً من حصول
الزواج بينهم بدون التفات إلى العلاقة الرضاعيّة.
والاسترسال هنا وفيما بعده بمعنى
الاستمرار .
ومن جملة شرائط
صحّة الوقف الدوام ، فلو قرنه الواقف بمدّة أو جعله على من ينقرض غالباً لم يكن وقفاً. وقيل: إنّه يصحّ حبساً فيبطل
بانقضائه وانقراضه فيرجع إلى
الوارث أو وارثه حين
انقراض الموقوف عليه، ويحتمل الرجوع إلى وارثه عند
موته ، ويسترسل فيه إلى أن يصادف الانقراض.
يجب على
المصلّي حين إرادة التقدّم أو التأخّر قليلًا
كالخطوة أو
الانحناء لأخذ شيء من الأرض
الإمساك عن
القراءة ، وبعد
الاستقرار يسترسل فيها من حيث أمسك.
يستحبّ أن يعيد المنفرد
صلاته إذا وجد من يصلّي تلك الصلاة جماعةً،
إماماً كان أو
مأموماً .
قال الشهيد الثاني: «وكذا يستحبّ لمن صلّى جماعة إذا وجد جماعةً اخرى وإن لم يكن أكمل من الاولى، إماماً كان المعيد أو مأموماً، وينوي
الندب لخروجه عن عهدة الفرض، ولو نوى الوجوب جاز أيضاً... والظاهر استرسال
الاستحباب وفاقاً
للذكرى ».
الموسوعة الفقهية، ج۱۱، ص۳۳۰-۳۳۴.