الخلع
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الخُلع وهو طلاق بعوض لازم لجهة الزوج، ويشترط فيه ما يشترط في
الطلاق، وزيادة شرط فيه هو: رضاها بالبذل، وكراهتها له. وصيغة الخلع أن يقول: خلعتك أو فلانة مختلعة على كذا؛ وهل يقع بمجرده؟ قال
علم الهدى: نعم؛ وقال
الشيخ الطوسي: لا حتى تتبع بالطلاق؛ ولو تجرد كان طلاقا عند المرتضى وفسخا عند الشيخ لو قال بوقوعه مجردا؛ وما صح أن يكون مهرا، صح
فدية في الخلع، ولا تقدير فيه، بل يجوز أن يأخذ منها زائدا عما وصل إليها منه؛ ولابد من تعيين الفدية وصفا أو
إشارة.
الخُلع بالضمّ من الخَلع بالفتح، وهو النزع، كأنّ كلاًّ منهما ينزع لباس الآخر «هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ، وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ»
.
وهو طلاق بعوض لازم لجهة الزوج، ويشترط فيه ما يشترط في
الطلاق، وزيادة شرط فيه هو: رضاها بالبذل، وكراهتها له.
وشرعيّته ثابتة
بالكتاب،
والإجماع،
والسنّة المستفيضة الآتية، قال الله سبحانه «فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ»
.
وظاهره الوقوع عند الحاكم، ولعلّه لهذا حكي عن
الإسكافي اشتراطه، وله مضافاً إليه بعض النصوص بالخصوص: «ولا يكون ذلك إلاّ عند سلطان»
.
والأشهر خلافه، بل في
التنقيح الإجماع عليه؛ للأصل، وقصور
الآية عن إفادة الاشتراط، مع احتمال ورودها مورد الغالب، والرواية ضعيفة
السند، وإن انجبرت بوجود المجمع على تصحيح ما يصح عنه من
الرواية في سندها؛ لقصورها عن المقاومة للأصل المعتضد بالشهرة العظيمة، وحكاية الإجماع المزبورة، وإطلاقات الأخبار المستفيضة، فإذاً ما اختاروه أقوى، وإن كان
الاحتياط ما ذكره جدّاً.
وكيف كان الكلام يقع في
العقد، والشرائط، واللواحق ولمّا كان هو من العقود المفيدة لإبانة الزوجة بفدية مخصوصة لزم فيه مراعاة الصيغة الصريحة، كسائر العقود اللازمة.
وقد ذكر
الأصحاب، وحكاه عنهم جماعة
أنّ صيغة الخلع الصريحة أن يقول الزوج: خلعتك أو خالعتك، أو أنت أو فلانة مختلعة على كذا ولا ريب في الأوّلتين، إلاّ أنّ في الأخيرتين لجماعة
مناقشة لا جدوى في التعرّض لها بعد الاتفاق عليهما هنا.
واستظهر جماعة
وقوعه بـ: أنتِ طالق على كذا، من دون لفظ الخلع أصلاً، بل ادّعى جماعة منهم
ظاهر الاتفاق عليه، وهو
الحجّة فيه، مع أنّا لم نقف فيه على مخالفٍ، ولولاه لكان محلّ نظر، فإنّ مقتضى
الأصل والاقتصار على المتيقّن من
النص العدم؛ نظراً إلى أنّ المتبادر منه المتيقّن هو الوقوع بلفظه دون غيره، فالحكم بأحكامه التي من جملتها عدم
الرجعة والبينونة بمجرّده مشكل؛ والالتفات في إثباته إلى أنّه وإن تجرّد عن لفظ الخلع لكنّه عقد معاوضة، فيلزم؛ لعموم الأمر بمطلقه، غير جيّد مع الحكم بجواز رجوع المرآة في
البذل.
نعم يمكن الاستدلال عليه بالصحيح: «إذا قالت المرآة لزوجها جملة: لا أُطيع لك أمراً، مفسّراً أو غير مفسّر، حلّ له أن يأخذ منها، وليس له عليها رجعة»
. وهو كما ترى ظاهر في ترتّب الحكم بالبينونة على مجرّد البذل مع الكراهة، أعمّ من وقوعها بلفظ الخلع أو الطلاق. وهو وإن أمكن دعوى ظهوره في الأوّل بملاحظة ما عداه من النصوص، إلاّ أنّ
فتوى الأصحاب مع حكاية جماعة الإجماع عليه، وظهور صدقه بعد التتبّع أوضح شاهد على العموم. مضافاً إلى إشعار بعض النصوص
به أيضاً، فلا إشكال فيه بحمد الله تعالى، وإن كان
الأحوط الإتيان بلفظ الخلع أيضاً.
قالوا: ولا بدّ من قبول المرأة عقيبه بلا فصل معتدّ به، أو تقدّم سؤالها قبله كذلك.
ولا ريب أنّه أحوط، وإن كان في استفادته كملاً من
النصوص نظر، فإنّ غايتها الدلالة على اعتبار قبولها إمّا مطلقاً، كما يقتضيه
إطلاق بعضها، أو إذا كان مقدّماً، كما يقتضيه أكثرها، وأمّا لزوم المعاقبة من دون فصل معتدّ به فلم يظهر منها.
نعم لو تحقّق فصل بعيد بعد أن سألت، بحيث يحتمل رجوعها، أمكن اشتراط عدمه هنا، لا مطلقاً، ولكنّه غير ما يظهر من عبائرهم، والعمل على ما ذكروه.
وهل يقع الخلع بكلّ من الألفاظ المذكورة بمجرّده من دون إتباع بالطلاق؟ قال
المرتضى علم الهدى وأكثر أصحابنا بل ادّعى عليه في
الناصريات إجماعنا: نعم والحجة بعده النصوص المستفيضة، منها الصحاح الصراح، في أحدها: عن المرأة تباري زوجها أو تختلع منه بشهادة شاهدين عدلين على طهر من غير
جماع، هل تبين منه بذلك، أو هي امرأته ما لم يتبعها بطلاق؟ فقال: «تبين منه» إلى أن قال: فقلت: إنّه قد روي لنا أنّها لا تبين منه حتى يتبعها بطلاق، قال: «ليس ذلك إذا خَلَعَ»
بفتح الثلاثة، كما ضبطه بعض مشايخنا
، ويكون «إذا» حينئذٍ شرطيّة.
ولعلّ المراد أنّه ليس الحكم الذي ذكره السائل من عدم البينونة إلاّ بالاتباع بالطلاق في صورة ما إذا خلع، بل يختصّ ذلك بغيرها
كالمباراة؛ لاشتراطه فيها، كما عليه أكثر أصحابنا، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى. وأمّا إذا خلع فلا يشترط، بل يحصل البينونة بمجرده، ولذا سأل
الراوي بعد ذلك: فقلت: تبين منه؟ قال: «نعم».
وهذه النسخة أجود النسخ من قراءة الخلع بسكون اللام وضمّ العين، أو خلعاً بفتحها، ليكون خبر ليس؛ لما فيها من الدلالة حينئذٍ على اشتراط الخلع بعدم الاتباع بالطلاق، ولا قائل به، بل مثله خلع، بل وأحسنه، إجماعاً، بل ولو تجرّد عن لفظ الخلع واكتفى بلفظ الطلاق لكان خلعاً أيضاً بلا خلاف، بل قيل: إجماعاً، كما مضى، مع ما في الاولى من النسختين من حزازة بحسب العربية.
وكيف كان فالرواية كغيرها من المعتبرة الكثيرة في المطلوب صريحة، وبالشهرة العظيمة والأعدليّة والكثرة وحكاية الإجماع المزبورة معتضدة، بها تكون غالبة على بعض الروايات، وإن كان معتبراً بوجود المجمع على تصحيح رواياته في سنده فلا يضرّ ضعفه، وفيه: «المختلعة يتبعها بالطلاق ما دامت في
العدة»
.
وهي مع ذلك متضمنة لما لا يقول به أحد من
الطائفة؛ لاتفاقهم في الظاهر على اعتبار وقوع الطلاق بعد تلك الصيغة بلا فاصلة، وما هذا شأنه يجب طرحه، ولم يبق لها من المرجّحات عدا المخالفة للعامة، وهي أحد المرجّحات المنصوصة، وما قدّمناه أكثرها، كيف لا؟! وكما أمرونا بالأخذ بما خالفهم أمرونا بالأخذ بالأعدل والمشتهر، ويترجّحان على السابق عدداً واعتباراً ولو كان كلّ عن الآخر منفرداً، فضلاً أن يكون مع الآخر مجتمعاً، مع ما هما عليه هنا من كثرة العدد، والاعتضاد
بالإجماع المحكي.
فخلاف
الشيخ العامل به ضعيف، وإن اعتضد بفتوى جماعة من قدماء الرواة
، لكنّهم فاسدوا المذهب، معارض فتواهم بفتوى أجلّ الرواة القدماء، وهو جميل، كما في
الكافي محكي
.
وقول المصنف: وقال الشيخ: لا يقع حتى يتبع بالطلاق من دون ردٍّ له ولسابقه مشعر بالتردّد، ونحوه
الشرائع والقواعد ، وليس في محلّه، وإن كان أحوط؛ للأصل.
ولو تجرّد كان طلاقاً عند المرتضى
وعليه أكثر أصحابنا المتأخّرين والقدماء، وهو أظهر؛ للصحاح المستفيضة، منها: «خلعها طلاقها»
. ومنها: «إذا قالت المرأة لزوجها ذلك حلّ له ما أخذ منها، وكانت عنده على تطليقتين»
. ومنها: «وكانت تطليقة بغير طلاق يتبعها»
. ومنها: «الخلع والمباراة تطليقة بائن، وهو خاطب من الخطّاب»
.
وفسخاً عند
الشيخ ، لو قال بوقوعه مجرّداً لوجوه مدخولة: هي مع ذلك
اجتهاد صرف في مقابلة النصوص المعتبرة التي هي مع ذلك مستفيضة، وبالشهرة العظيمة معتضدة.
ومظهر الثمرة عدّه من
الطلقات الثلاث المحرّمة، فيعدّ منها على الأوّل ولا على الثاني، وصرّح بهذا بعض الصحاح المتقدّمة.
وما صحّ أن يكون مهراً صحّ أن يكون فدية في الخلع إجماعاً؛ للآية
والنصوص
، إطلاقاً وعموماً.
ويستفاد منها من جهة أنّه لا تقدير فيه أي في المجعول
فدية في طرفي النقصان والزيادة بعد أن يكون متموّلاً بل يجوز أن يأخذ منها ما تبذله برضاها ولو كان زائداً ممّا وصل إليها منه مضافاً إلى الأصل، والإجماع، والنص الصحيح في المبارأة: «يؤخذ منها دون
الصداق، والمختلعة يؤخذ منها ما شئت، وما تراضيا عليه من صداق قلّ أو كثر، وإنّما صارت المبارئة يؤخذ منها دون
المهر، والمختلعة يؤخذ منها ما شاء؛ لأنّ المختلعة تعتدي في الكلام»
ونحوه غيره من المعتبرة
.
وحيث إنّ الخلع معاوضة لا بدّ فيه من تعيين الفدية وصفاً يحصل به التعيين، سواء كانت عيناً شخصيّة أو كلّية أو إشارة كهذا الثوب، وهذا العبد، وهذه الصبرة من الحنطة مثلاً، بلا خلافٍ في الظاهر؛ دفعاً للغرر، واقتصاراً في الخلع المخالف للأصل على القدر المتيقّن بالإجماع والنصّ، وليس فيه سوى ما يقع عليه التراضي، ولا يكون في الأغلب إلاّ مع التعيين بأحد الأمرين.
وإطلاق العبارة كغيرها يقتضي أنّه لا يعتبر في الوصف كونه رافعاً للجهالة، بل يكفي عنه ما يحصل به التعيين، وعلى هذا فلو بذلت ما لها في ذمّته من المهر جاز وإن لم يعلما قدره؛ لتعيّنه في نفسه، وإن لم يكن معلوماً لهما.
واعتبر
الماتن في الشرائع
في الغائب ذكر جنسه ووصفه وقدره، مع أنّه اكتفى في الحاضر بالمشاهدة، وإن لم يكن معلوم القدر. وهو أحوط، وإن كان في وجه الفرق نظر.
ويتفرّع على هذا الشرط فساد الخلع لو وقع على ألف غير معيّن بأحد ما مرّ، وهو إجماع مع عدم قصدهما أو أحدهما إلى معيّن، ومحتمل على قول معه أيضاً. خلافاً للأكثر، فيصح حينئذٍ، وعلّل بأنّ المقصود أن يكون
العوض معلوماً عند المتعاقدين، فإذا توافقا على شيء
بالنيّة كان كما لو توافقا بالنظر. وهو أظهر؛ لعموم النص بصحّة الخلع مع التراضي بالفدية، وما نحن فيه من أفرادها الّتي يقع عليها التراضي بالنيّة، إلاّ أنّ الأحوط: الأوّل.
•
شرائط الخلع: وأما الشرائط: فيعتبر في الخالع
البلوغ، وكمال
العقل،
والاختيار،
والقصد؛ وفي المختلعة مع الدخول،
الطهر الذي لم يجامعها فيه، إذا كان زوجها حاضرا، وكان مثلها تحيض
، وأن يكون الكراهية منها خاصة صريحا
. وبمضمونها أفتى الشيخ
وغيره
؛ ولا يجب لو قالت: لادخلن عليك من تكره بل يستحب؛ ويصح خلع الحامل مع
الدم لو قيل إنها تحيض؛ ويعتبر في
العقد حضور الشاهدين عدلين وتجريده عن الشرط؛ ولا بأس بشرط يقتضيه العقد، كما لو شرط الرجوع إن رجعت.
وأمّا اللواحق فمسائل أربع:
لو خالعها والأخلاق ملتئمة لم يصحّ الخلع المفيد للبينونة بالضرورة؛ لفقد شرطه الذي هو كراهة الزوجة بالإجماع والمستفيضة المتقدّمة؛ مضافاً إلى
الإجماع عليه في خصوص المسألة. ويتفرع عليه أنّه لم يملك الفدية لاشتراطه بصحة الخلع المتوقفة على كراهة المرأة التي هي كما عرفت منتفية؛ مضافاً إلى الإجماع عليه، مع إطلاق
الآية والمستفيضة
بعدم حلّ أخذها منها إلاّ بعد الكراهة.
وفي وقوع
الطلاق رجعيا حينئذٍ لو اتبع الخلع، أو اكتفي به عن الخلع أم لا، وجهان، ظاهر
الماتن في
الشرائع والفاضل في
القواعد وجماعة
: نعم.
وهو حسن إن عرف المطلّق فساد البذل وعدم لزومه بطلاقه، وإلاّ فهو مشكل؛ لانتفاء النص، مع اقتضاء الأصل والقاعدة ذلك، من حيث عدم تحقق
القصد إلى الطلاق المجرّد عن البذل، وإنّما المقصود الطلاق المعلّق عليه المشروط به المستلزم فساده لفساده، بخلاف الصورة المستحسنة، من حيث انتفاء هذه
الشبهة فيه من حيث
المعرفة، فإنّه بها قاصد إلى الطلاق المنجّز البتّة؛ لعلمه بعدم حلّ الفدية بالمرّة.
إلاّ أن يقال في الصورة الأُولى: بكون البذل الفاسد سبباً لوقوع الطلاق المجرّد وداعياً إليه، وهو غير ملازم لكونه شرطاً فيه يفسد بفساده. وهذا أقوى.
ثمّ من النظر في المسألة ينقدح كون الطلاق بالعوض من أقسام الخلع، وأنّه يشترط فيه كراهة الزوجة ليحصل به حلّ الفدية والبينونة كالمختلعة.
فما في
المسالك والروضة
من عدم الاشتراط بها فيه، وصحة البذل وحصول البينونة بدونها غير جيّد؛ لما فيه من المنافاة لما دلّ على اشتراط حلّ البذل بالكراهة من
الكتاب والإجماع
والسنّة.
ومع ذلك فإفادته البينونة مخالفة للأُصول الممهّدة، فإنّ الأصل في
الطلاق بنفسه عدمها، بل الرجعة، والخروج عنها يحتاج إلى دلالة، وهي مع كراهة الزوجة ثابتة؛ لما عرفت من إجماع الطائفة، لا النصوص؛ لاختصاصها بالمخالعة دون الطلاق بفدية، وأمّا مع عدمها فلا؛ لعدم الإجماع والنص هنا بطريق أولى؛ لظهور فتاوي أصحابنا والنصوص في خلافه جدّاً، بحيث يظنّ إجماعهم عليه ظاهراً، مع أنّه صرّح بعض الأجلّة
بعدم الموافقة له أصلاً.
إذا صحّ
العقد مع
الفدية كان بائناً إجماعاً، فلا رجعة للخالع مطلقاً، طلاقاً كان الخلع أو فسخاً، بلا خلاف؛ للمعتبرة المستفيضة المتقدم بعضها، وسيأتي بعض آخر أيضاً.
نعم لو رجعت في البذل رجع إن شاء بلا خلاف؛ للمعتبرة، منها الصحيح: «إن شاءت أن يردّ إليها ما أخذ منها وتكون امرأته فعلت»
. والموثق: «المختلعة إن رجعت في شيء من الصلح يقول: لأرجعنّ في بضعك»
. وظاهره جواز رجوعها مطلقاً، كما هو الأشهر الأقوى.
خلافاً لابن حمزة
، فاشترط في جوازه الاشتراط أو الرضاء؛ لأنّه عقد معاوضة فيعتبر في فسخه رضاهما، ونفى عنه البأس في
المختلف. وهو
اجتهاد في مقابلة النص.
نعم المعتبر إمكان رجوعه في صحة رجوعها، وإن لم يعتبر رضاه؛ لأنّ ظاهر
الرواية تلازم الحكمين، ولا دليل على رجوعها مطلقاً، مع مخالفته الأصل جدّاً، مع أنّه في الجملة
إجماع ظاهراً، ولذا قال: ويشترط رجوعها في العدّة، ثم لا رجوع.
لكن
إطلاق العبارة يقتضي جواز الرجوع في العدّة البائنة، وهو مشكل؛ لما عرفت من الدلالة على اعتبار إمكان الرجوع مطلقاً، مع أنّه المشهور بين الطائفة، كما في
الروضة.
وعلى هذا فلو كانت المطلّقة بائنة أو رجعيّة وكانت عدّتها منقضية لم يجز لها الرجوع البتّة؛ لعدم إمكان رجوعه في
البضع.
ولو رجعت مع الإمكان إلاّ أنّها ما أعلمت الزوج حتى انقضت العدة فالأقرب وفاقاً لجماعة
عدم الصحة؛ قصراً للرجعة المخالفة للأصل على مورد
النص، وليس محل الفرض.
ثم إنّه حيث ترجع المرأة في البذل تصير العدّة رجعيّة، سواء رجع أم لا، لكن في ترتّب أحكام العدّة الرجعية عليها مطلقاً، كوجوب
النفقة والإسكان وغير ذلك وجهان.
والعدّة بائنة قبل رجوعها إجماعاً، فيصح له
التزويج بأخت المختلعة والرابعة.
مضافاً إلى
الأصل، وصريح الصحيح في الأوّل خاصّة: عن رجل اختلعت منه امرأته، أيحلّ له أن يخطب أختها من قبل أن تنقضي عدّة المختلعة؟ قال: «نعم، قد برئت عصمتها، وليس له عليها
رجعة»
والتعليل ظاهر في انسحاب الحكم في البائنة مع عدم القول بالفرق.
ومتى تزوّج بها امتنع رجوعها؛ لاشتراط إمكان رجوعه كما عرفت، وليس بممكن هنا إجماعاً، إلاّ إذا طلّقها بائناً في العدّة، فيجوز له الرجوع حينئذٍ؛ لزوال المانع.
لو أراد مراجعتها ولم ترجع هي في
البذل افتقر تزويجها إلى عقد جديد في العدّة كان أو بعدها بلا خلاف؛ للمعتبرة، منها الصحيح: «كانت بائناً بذلك، وكان خاطباً من الخطّاب»
.
لا توارث بين المختلعين ولو مات أحدهما في العدّة بلا خلاف؛ للأصل، وعدم المقتضي له لانقطاع
العصمة بينهما الموجبة لذلك.
مضافاً إلى صريح الخبر، وفيه: «وأمّا الخلع والمباراة فإنّه يلزمها» إلى أن قال: «ولا ميراث بينهما في
العدّة»
.
ونحوه
الموثق في
المبارأة: «المبارئة تبين من ساعتها من غير طلاق، ولا
ميراث بينهما؛ لأنّ العصمة بينهما قد بانت من ساعة كان ذلك منها ومن الزوج»
ونحوه الحسن الآتي، والتعليل موجب للتعدية.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۲، ص۳۵۱-۳۶۷.