أحكام الأساري
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ا في) بيان أحكام (الأُسارى)
وهم على ضربين : ذكور
وإناث ، والذكور بالغون وأطفال.
(والإناث) مطلقاً (والأطفال) كذلك (يسترقّون) ويملكون بالسبي (ولا يقتلون) إجماعاً، كما في الغنية،
وفي
المنتهى بلا خلاف
لأنّ
النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن قتل النساء والصبيان وكان يسترقّهم إذا سباهم.
(ولو اشتبه الطفل بالبالغ اعتبر
بالإنبات ) لتعذّر العلم بغيره من العلامات غالباً، وإلاّ فلو اتّفق العلم به بها كفى؛ لعموم الأدلّة عليها.قيل : وكذا يقبل
إقراره بالاحتلام كغيره من الأقارير. وفيه تأمّل. ولو ادّعى
استعجال نباته بالدواء، فالأقرب القبول؛ للشبهة الدارئة للقتل.
ولا بأس به.
•
استرقاق الذكور البالغين،(والذكور البالغون يقتلون حتماً إن أُخذوا والحرب قائمة ما لم يسلموا) فإن أسلموا سقط قتلهم.
(ولا يقتل
الأسير ) الذي يجوز للإمام قتله (لو عجز عن المشي) لأنّه لا يُدرى ما حكم
الإمام فيه بالنسبة إلى نوع القتل، ولأن قتله إلى الإمام وإن كان مباح الدم في الجملة كالزاني المحصن.وحينئذٍ فإن أمكن حمله، وإلاّ ترك؛ للخبر «إذا أخذت أسيراً فعجز عن المشي ولم يكن معك محمل فأرسله ولا تقتله، فإنّك لا تدري ما حكم الإمام فيه».
وظاهره تحريم القتل ووجوب
الإرسال ، كما هو ظاهر المتن وصريح الشهيدين في
الدروس واللمعتين
في الأوّل، وظاهر
النهاية والسرائر فيه وفي الثاني.
خلافاً للفاضلين في الأوّل، فعبّرا في
الشرائع والتحرير والمنتهى عن الحكم بعدم الوجوب.
وللدورس في الثاني، فنسب وجوب الإرسال فيه إلى النهاية مشعراً بتردّده فيه.
ولعلّه لضعف السند، ولأنّ القتل متعيّن عليه، فلا يجوز للمسلم أن يتركه وينصرف، لما فيه من
الإخلال بالواجب وتقوية الكفار، فإنّه يستريح ويذهب إليهم، ولأنّه يؤدّي إلى جعل ذلك وسيلةً إلى الخلاص بالحيلة.وفيه : أنّه
اجتهاد في مقابلة النصّ المعتبر المنجبر بالعمل، سيّما من نحو الحلّي الذي لا يعمل بالخبر الواحد وإن اعتبر بحسب السند فضلاً عن ضعفه. ولعلّ هذا هو الوجه الآخر للتردّد.
وصرّح جماعة
بأنّه لو بدر
إنسان فقتله كان هدراً لا قصاص عليه ولا دية ولا كفّارة؛ لأنّه كافر لا أمان له. نعم يعزّر قاتله مسلماً كان أو كافراً.وكذا الحكم لو قتله قاتل من غير عجز. ولا بأس به.
(و) كذا (لا) يقتل الأسير بل مطلق من يجب قتله (بعد الذِّمام)
والأمان (له) بلا خلاف؛ لما مرّ.
(ويكره أن يصبر) بدم من يجب قتله (على القتل) للصحيح : «لم يقتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلاً صبراً قطّ غير عقبة بن أبي معيط».
وفسّر : بالحبس للقتل في المشهور.وفي المسالك : وقيل : المراد به التعذيب حتى الموت. وقيل : قتله جهراً بين الناس. وقيل : أن يهدّد بالقتل ثم يقتل
وفي غيره : فيه ثلاثة أوجه : الأوّل : أن يقتل وينظر إليه آخر. الثاني أن لا يطعم ولا يسقى حتى يموت بالعطش والجوع. والثالث : ما هو المشهور.
ولا بأس بكراهة الكل. بل يحتمل ترك
الإطعام والسقي التحريم، كما هو ظاهر الأصحاب حيث أفتوا بوجوبهما مطلقاً ولو أُريد قتله سريعاً، ومنهم : الشيخ في النهاية والحلّي في السرائر والفاضلان والشهيدان،
وغيرهم،
بل لا خلاف فيه أجده إلاّ من بعض المتأخّرين فحكم
بالاستحباب .
للصحيح : «إطعام الأسير حقّ على من أسره وإن كان يراد قتله من الغد، فإنّه ينبغي أن يُطعم ويُسقى ويُرفق به، كافراً كان أو غيره».
وفي آخر مرويّ عن
قرب الإسناد : «إطعام الأسير
والإحسان إليه حقّ واجب»
بل صريحه الوجوب كصدر الأوّل، فهو الأقرب.
(ولا يجوز دفن الحربي) بل الكافر بأقسامه، بلا إشكال فيه (و) لا في أنّه (يجب دفن المسلم) وقد مرّ الكلام فيهما في محلّه.هذا إذا لم يشتبه أحدهما بالآخر.
(ولو اشتبهوا قيل) والقائل الشيخ في
المبسوط ، وتبعه الفاضل في المختلف
ـ : إنّه (يوارى) ويدفن (من كان كميشاً) أي صغير الذكر، وعزاه في النهاية
إلى الرواية، وهي حسنة بل صحيحة : «لا تواروا إلاّ من كان كميشاً وقال : لا يكون ذلك إلاّ في كرام الناس».
خلافاً للحلّي، فأوجب
القرعة ، لأنّها لكلّ أمر مشكل.
وهو حسن على أصله، غير مستحسن على المختار من حجيّة أخبار الآحاد المجتمع فيها شرائط
الاعتبار كما في المضمار، وبعد وروده فلا إشكال.
وللتنقيح، فقال : ولو قيل يدفن الكلّ احتياطاً كان حسناً، أمّا مع التأذّي بهم يُدفنوا جميعاً.
وفيه نظر إن أُريد به
الاحتياط وجوباً، وإلاّ فلعلّه محتمل، وإن كان الأقوى عدم وجوب دفن من لم يكن كميشاً بناءً على ما قدّمنا من العمل بالنصّ.وعليه فيتّضح أمر الصلاة أيضاً، فيصلّي على من يدفن منهم دون غيره.
وإليه أشار في المبسوط، فقال مشيراً إلى مقتضى النص فعلى هذا يصلّى على من هذه صفته. لكن قال : وإن قلنا يصلّى على كلّ واحد منهما منفرداً بنيّته بشرط إسلامه كان احتياطاً، وإن قلنا يصلّى عليهم صلاة واحدة وينوي الصلاة على المؤمنين منهم كان قويّاً.
وإلى ما قوّاه أخيراً جنح الحلّي في السرائر والفاضل في المختلف.
وهو لا يتوجّه على أصل كلّ منهما.
أمّا الحلّي، فلأنّ عموم ما دلّ على القرعة يشمل المقام أيضاً. وكذلك النصّ باعتبار الصفة لكشفها عن إسلام الموصوف بها، لا لكونها تعبّداً محضاً، فلا يشمل غيرها بل يختصّ بها، وبه يشعر ذيل النص، لقوله : «لا يكون ذلك إلاّ في كرام الناس».نعم لو احتيط بذلك كان محتملاً، كما قدّمنا.
واعلم أنّ قول الماتن ((كما أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك (في قتلى بدر) مشيراً به إلى ما تضمّنه النصّ المتقدّم يتضمّن
الاعتراف بصحّة مضمونه، ومعه فلا وجه للتردّد المستفاد من النسبة إلى القيل المشعرة بالتمريض، إلاّ أن يجعل هذا مقول قول القيل، لا قول الماتن حتّى يستلزم الاعتراف بصحته. أو يكون نظره إلى أنّها قضيّة في واقعة لا عموم لها، ولذا أعرض عنه في الصلاة كلّ من قال به في الدفن، فأوجبوا الرجوع فيها إلى
الأُصول .وهو قويّ متين، سيّما مع عدم وضوح سنده وشبهةٍ ما فيه، ودعوى الحلّي الشذوذ فيه.
لكن شيء من ذلك لا يبلغ درجة القدح فيه بعد ظهور اعتباره وإن لم يقطع بصحته، ووهن دعوى شذوذه، كتخيّل عدم عمومه بأنه في واقعة، لظهور ذيله في العموم وعدم إناطة
الأمر بالخصوص. وبالجملة : فالمتوجّه قول المبسوط، وإن كان الأحوط ما مرّ.
•
تبعية الطفل والدية في الإسلام والكفر،(وحكم الطفل) الذي لم يبلغ الحلم مطلقاً ذكراً كان أو أُنثى (حكم والديه) في
الإسلام والكفر، وما يتبعهما من الأحكام
كالطهارة والنجاسة وغيرهما.
(ولو أسلم حربيّ في دار الحرب) أو دار الإسلام قبل السبي (حقن دمه) عن القتل (وماله) إذا كان (ممّا ينقل) عن
الاغتنام (دون) ما لا ينقل من (العقارات والأرضين، ولحق به ولده الأصاغر) دون الكبار، فإنّ حكمهم حكم سائر الكفّار بغير خلاف.
للخبر المنجبر بالعمل : عن الرجل من
أهل الحرب إذا أسلم في دار الحرب فظهر عليه المسلمون بعد ذلك، فقال : «إسلامه إسلام لنفسه ولولده الصغار وهم أحرار
ومتاعه ورقيقه له فأمّا الولد الكبار فهم فيء للمسلمين إلاّ أن يكونوا أسلموا قبل ذلك، وأمّا الدور والأرضون فهي فيء ولا يكون له، لأنّ الأرض هي أرض جزية لم يجرِ فيها حكم أهل الإسلام وليس بمنزلة ما ذكرناه، لأنّ ذلك يمكن
احتيازه وإخراجه إلى دار الإسلام».
وفيه أيضاً دلالة على ما مرّ من الحكم بتبعية الولد لأبويه في الكفر والإسلام، كما لا يخفى على من تأمّل فيه التأمّل التامّ.
(ولو أسلم عبد) الكافر أو أمته (في دار الحرب قبل مولاه) وخرج إلينا (ملك نفسه) ولا سبيل لمولاه عليه إجماعاً فتوًى ونصّاً،
وصرّح به في المختلف أيضاً.
وكذا إذا لم يخرج على قول الشيخ قوّاه في المبسوط بعد أن أفتى فيه بالعدم.
والرقيّة أولى كما هو خيرته في النهاية وخيرة الحلّي
وعامّة المتأخرين عنهما، حتّى الماتن في الشرائع جازماً.
لكنّه تردّد هنا، لقوله : (في اشتراط خروجه) إلينا (تردّد) ينشأ : من حيث إسلامه المانع عن
استيلاء الكافر عليه؛ لقوله تعالى (لَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)
وقوله عليه السلام : «الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه» .ومن
الأصل ، ولزوم
الاقتصار فيما خالفه على المتيقّن من الفتوى والنصّ، وليس إلاّ بعد الخروج بناءً على أنّ نفي العلوّ والاستيلاء في الآية والرواية لا ينافي الملكية، بل السلطنة ونفيها يحصل
بالإجبار على البيع من مسلم أو اغتنامه من سيّده بالقهر والغلبة.
ومع ذلك فـ (المرويّ) من طريق الخاصّة والعامّة (الاشتراط) ففي الموثق أو القوي : «أيّما عبد خرج إلينا قبل مولاه فهو حرّ، وأيّما عبد خرج إلينا بعد مولاه فهو عبد».
وبمعناه النبويّ المرويّ في المنتهى.
رياض المسائل، ج۸، ص۹۹-۱۱۳.