أحكام يشترط في ترتبها الإسلام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الأحكام التي يشترط في ترتبها
الإسلام هي: أ-صحة العبادة ، ب-
إحياء الموات ، ج-
نكاح المسلمة، د- صحة
الظهار ، ه- تحقّق
اللعان ، و-
انعقاد اليمين، ز- حلية الصيد ، وهناك امور اخرى وقع الكلام في اشتراط صحّتها بالإسلام و تأتي البحث عنها في
قاعدة نفي السبيل .
لا كلام في اشتراط
الإسلام في صحّة العبادات المحضة كالصلاة و
الصوم و
الاعتكاف والحجّ وغيرها؛ لعدم صلاحيّة تقرّب الكافر بها إلى اللَّه تعالى.
إنّما الكلام في الامور المشوبة بالعبادة كالعتق- مثلًا- حيث ذهب بعض الفقهاء إلى أنّه مشروط أيضاً بإسلام المعتِق؛
لتعذّر صدور نيّة
القربة بدونه.
وخالف في ذلك بعضهم معتبراً عدم حاجته إلى نيّة القربة؛
لأنّه من التصرّفات التي يغلب فيها الجانب المالي على الجانب العبادي، فيصحّ العتق من الكافر كما يصحّ من
المسلم .
وفصّل جماعة بين الكافر المعتقد بوجود اللَّه تعالى فيصحّ منه العتق؛
لإمكان صدور نيّة القربة منه، وبين غير المعتقد فلا يصحّ منه ذلك.
وكذا وقع الكلام في صحّة
إعتاق العبد الكافر، فذهب المشهور
إلى عدم الصحّة؛
لقوله تعالى: «وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ»،
فإنّ فيه نهياً عن قصد الخبيث في
الإنفاق ، وهو يقتضي الفساد،
وذلك بناءً على
اقتضاء النهي للفساد.
واورد عليه بأنّ المراد من الخبيث في الآية ما كان رديء المال دون العقيدة.
ذهب بعض الفقهاء إلى اشتراط الإسلام في
إحياء الموات و امتلاكها
وإن كان
الإحياء بإذن الإمام.
ونفى آخرون هذا الشرط؛
مستدلّين له بإطلاق ما روي عن
أبي جعفر و
أبي عبد اللَّه عليهما السلام، قالا: «قال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من أحيا أرضاً مواتاً فهي له»،
مضافاً إلى بعض الأخبار الاخرى الدالّة على مشروعيّة إحيائها من قبل اليهود والنصارى، كصحيحة
محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الشراء من
أرض اليهود و
النصارى ، فقال: «ليس به بأس، قد ظهر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم على
أهل خيبر فخارجهم على أن يترك الأرض في أيديهم يعملونها ويعمرونها، فلا أرى بها بأساً لو أنّك اشتريت منها شيئاً، وأيّما قوم أحيوا شيئاً من الأرض وعملوها فهم أحقّ بها، وهي لهم».
وقد خصّ بعضهم
النزاع بزمن حضور
الإمام المعصوم عليه السلام دون
الغيبة التي يجوز فيها لكلّ أحد
امتلاك الأرض بإحيائها.
لا يصحّ نكاح المسلمة من الكافر، ولا المسلم من المشركة غير الكتابيّة. وأمّا
الكتابيّة فقد اختلفوا فيها على أقوال
:
الأوّل: عدم الجواز مطلقاً؛
لقوله تعالى: «وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ».
الثاني: الجواز مطلقاً؛
لقوله تعالى: «وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوْتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ».
الثالث: التفصيل بين الزواج المنقطع وملك اليمين فيجوز، وبين الدائم فلا يجوز؛
جمعاً بين الأدلّة.
الرابع: التفصيل أيضاً بين صورة
الاضطرار وغيره، كما هو مذكور في محلّه.
اختلف الفقهاء في صحّة ظهار الكافر على قولين:
فذهب الأكثر إلى صحّته؛
لعموم قوله تعالى: «وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ»،
وإمكان صدور الكفّارة منه بتقديم الإسلام عليها.
وذهب بعضهم إلى عدم صحّته؛
لأنّه حكم شرعي لا يصحّ ممّن لا يقرّ به،
ولأنّ هناك ملازمة بين الظهار وصحّة الكفّارة، مستفادة من قوله تعالى: «وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ»،
فكما لا تصحّ منه
الكفّارة لا يصحّ منه
الظهار .
وهو أن يقول الرجل أربع مرّات: أشهد باللَّه إنّي لمن الصادقين فيما قلته عن هذه
المرأة من القذف أو
إنكار الولد، ثمّ يقول:
إنّ لعنة اللَّه عليَّ إن كنت من الكاذبين، ثمّ تقول المرأة أربع مرات: أشهد باللَّه إنّه لمن الكاذبين، ثمّ تقول: إنّ غضب اللَّه عليَّ إن كان من الصادقين،
فتحرم عليه بعد ذلك أبداً. إلّا أنّهم اختلفوا في صحّة وقوعه- إذا كان أحد الزوجين كافراً- على عدّة أقوال:
أحدها: عدم صحّته مطلقاً؛
لأنّ
اللعان شهادة؛ لقوله تعالى: «وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ»،
والشهادة لا تصحّ من الكافر.
ثانيها: صحّته مطلقاً؛
لعموم قوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ».
ثالثها: التفصيل بين ما كان لنفي الولد فيصحّ، وما كان
لإثبات الزنا فلا يصح.
ذهب
الشيخ الطوسي في
المبسوط وجماعة وأكثر المتأخّرين إلى
انعقاد يمين الكافر وعدم
اشتراط الإسلام فيه؛ لإطلاق الأدلّة.
وذهب الشيخ الطوسي في الخلاف
و
ابن إدريس إلى عدم انعقاده من الكافر باللَّه تعالى؛ لأنّه إنّما يصحّ ممّن كان عارفاً به تعالى، وليس الكافر كذلك، مع أنّ الأصل براءة ذمّته منه، خصوصاً مع عدم وجود ما يدلّ على
الاشتغال .
وفصّل
العلّامة الحلّي في المختلف بين ما كان سبب الكفر إنكار اللَّه تعالى فلا ينعقد، وبين ما كان لإنكار
النبوّة أو بعض الفرائض المعلوم ثبوتها فينعقد؛ لوجود المقتضي وهو الحلف باللَّه تعالى.
المشهور
اشتراط الإسلام في الذابح
والناحر.
وخالف في ذلك بعض الفقهاء، حيث ذهبوا إلى حلّيّة ذبيحة الكتابي ولكن شرط ذلك
الشيخ الصدوق بسماع
التسمية عليها.
أمّا الصائد فقد اشترط بعضهم إسلامه في حلّيّة صيد السمك والجراد،
وإن كان المشهور
خلافه.
وأمّا الصيد عن طريق
الكلب المعلّم فقد نسب إلى المشهور
اشتراط حلّيته بإسلام من أرسله دون من علّمه.
وكذا الحكم في الصيد بإرسال السهم؛ لأنّ
الإرسال نوع من
التذكية نصّاً،
وفتوى.
وهناك امور اخرى وقع الكلام في اشتراط صحّتها بالإسلام قد تقدّم الكلام عنها في
قاعدة نفي السبيل ، كشراء القرآن والعبد المسلم ورهنه و
إعارته ، وكذا اشتراط الإسلام في القضاء وغيره على تفصيل مذكور في محلّه.
الموسوعة الفقهية، ج۱۳، ص۸۹-۹۳.