الأفقه
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو بمعنى الأعلم
بالفقه إما في مطلق
الأحكام الشرعية أو في بعضها.
الأفقه لغة: من
الفقه بمعنى
العلم بالشيء وفهمه.
وفقه فقهاً: بمعنى علم علماً.
وفقه الشيء، أي علمه، وفقّهه وأفقهه، أي علّمه.
ثمّ غلب على علم
الدين ؛ لسيادته وشرفه وفضله على سائر أنواع العلم.
الأعلم بالفقه،
إمّا في مطلق الأحكام الشرعية أو في بعضها
كالصلاة أو
القضاء ونحوهما.
جعل
الفقهاء الأفقهيّة من
المرجّحات في بعض
الأحكام والقضايا، نشير إلى بعضها فيما يلي:
أولى الناس بالصلاة على
الميّت الوليّ أو من يقدّمه الولي، لكن لو حضر جماعة من الأولياء وتساووا في
صلاحيتهم للإمامة وتشاحّوا في الصلاة على الميت، فقد ذكر بعض الفقهاء أنّه يقدّم الأفقه منهم ثمّ
الأقرأ .
وعليه فالأفقهية- بمعنى
الأعلم بفقه الصلاة- إحدى المرجّحات في الأولياء، وإن اختلف في تقديم الأفقه على الأقرأ، أو بالعكس.
وليس في هذا الباب
رواية خاصّة، وإنّما أخذوا ذلك من تنقيح المناط فيما ذكروه في
صلاة الجماعة ، وسيأتي.
إذا تشاحّ
الأئمّة في الإمامة لصلاة الجماعة بما لا ينافي
العدالة ، بل عن رغبة في
ثوابها رجّح من قدّمه
المأمومون جميعهم، وإن اختلفوا فأراد كلّ منهم تقديم شخص فقد ذكر بعض الفقهاء أنّه يقدّم الأقرأ ثمّ الأفقه.
وعليه فالأفقهيّة بمعنى الأعلمية بأحكام الصلاة أو بمطلق الأحكام الشرعية من المرجّحات في تصدّي إمامة الجماعة وإن اختلف في تقدّمه على الأقرأ أو بالعكس.
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى تقديم الأقرأ على الأفقه،
بل نسب إلى
المشهور بين الفقهاء.
واستدلّ له ببعض
الروايات ، مثل
خبر أبي عبيدة قال: سألت
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن القوم من أصحابنا يجتمعون فتحضر الصلاة فيقول بعض لبعض: تقدّم يا فلان، فقال: «إنّ
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: يتقدّم القوم أقرأهم
للقرآن ، فإن كانوا في
القراءة سواء فأقدمهم
هجرةً ، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنّاً، فإن كانوا في السنّ سواء فليؤمهم أعلمهم
بالسنّة وأفقههم في
الدين ، ولا يتقدّمن أحدكم الرجل في منزله، ولا صاحب سلطان في سلطانه».
ودافع القائلون بتقديم الأفقه- ولو في الجملة- بأنّه أعرف بالصلاة وأحكامها، وهذا يستدعي تقديمه، لذا استحبّ أن يكون أهل الفضل في الصفّ الأوّل، لكي يقوّموا الإمام وينبّهوه.
كما استندوا إلى ما دلّ من
الكتاب والسنّة
والعقل على عظم مكانة العلماء وأنّهم لا يستوون مع غيرهم.
ينفذ
قضاء الفقيه الجامع للصفات المشترطة في
الفتوى في زمن الغيبة بلا خلاف فيه، بل عليه
الإجماع بقسميه،
وذلك للروايات
الدالّة على ذلك.
لكن لو تعدّد القضاة ورفع إليهما في قضيّة واحدة، فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنّه لو اتّفقا في الحكم فذاك وإلّا فالحكم ما حكم به أفقههما مع التساوي في سائر الشروط.
واستدلّ لذلك بعدّة روايات دلّت على الأخذ بحكم الأفقه:
منها: ما رواه
داود بن الحصين عن
الإمام الصادق عليه السلام في رجلين اتّفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيه خلاف، فرضيا بالعدلين، واختلف العدلان بينهما، عن قول أيّهما يمضى الحكم؟ قال: «ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا
وأورعهما فينفذ حكمه، ولا يلتفت إلى الآخر»».
ومنها: ما ورد في
مقبولة عمر بن حنظلة عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما».
ومنها: ما ورد في
رواية موسى بن أكيل ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سئل عن رجل يكون بينه وبين أخ منازعة في حق، فيتفقان على رجلين يكونان بينهما، فحكما فاختلفا فيما حكما، قال: «وكيف يختلفان؟» قال: حكم كل واحد منهما للذي اختاره الخصمان، فقال: «ينظر إلى أعدلهما وأفقههما في دين اللَّه، فيمضى حكمه».
وغير ذلك من الروايات الدالّة على ترجيح حكم الأفقه عند الاختلاف، وأنّ الأفقهية من مرجّحات الحكمين، بمعنى أنّ كون أحد الحاكمين أفقه من غيره مرجّح في باب القضاء.
يتحدّث الفقهاء عن
تقليد الأفقه
وجوباً وجوازاً تحت عنوان تقليد
الأعلم ، لأنّ الأعلمية هناك ترجع إلى
الفقه فتكون مساويةً للأفقه.
ذهب بعض الفقهاء إلى اشتراط الأفقهية في
الولاية بمعنى ادارة شؤون
المسلمين والدولة الإسلامية، واستدلّ لذلك
بسيرة العقلاء .
ونوقش بأنّ قيادته للُامور الإدارية والولائية لا تستدعي أعلميته في الشؤون الفقهية، يشهد لذلك
السيرة العملية الرائجة بين
المجتهدين حيث يتصدون للُامور العملية للمسلمين مع وجود الأفقه منهم، إلى جانب
سيرة المتشرّعة .
وأمّا
النصوص فهي ضعيفة
السند أو
الدلالة .
ذكر الفقهاء
والاصوليّون - في باب
تعارض الأخبار - وجوهاً
لترجيح إحدى الروايتين على الاخرى إذا تعارضتا وتساوتا في القوّة:
منها: الأفقهيّة، فقالوا: إذا تعارض الخبران وكان راوي أحدهما أفقه من راوي الآخر، يقدّم خبره على خبر الآخر ويرجّح؛
لأنّ
الأئمّة عليهم السلام أمرونا في الأخبار المتعارضة بحسب الظاهر بمراعاة المرجّحات والأخذ بالراجح وترك المرجوح، ومن تلك المرجحات التي ذكروها مراعاة أعدلية الراوي وأفقهيّته، ونحو ذلك.
وثمّة من ناقش في هذا المرجّح.
الموسوعة الفقهية، ج۱۵، ص۳۴۳-۳۴۶.