الإغماء (الإغماء في الحج)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإغماء (توضيح).
لو أغمي على أحد في
الحج له أحكام نشير إليها.
لو اغمي عليه عند
الإحرام بحيث تعذّر عليه
نيّته ، فهل تصحّ
النيابة عنه؟ فيه قولان:
صحّة النيابة عنه
وانعقاد إحرامه.
قال
ابن الجنيد : «من كان مغلوباً عليه في وقت الإحرام أحرم به، ويمنع ممّا يمنع منه المحرم».
وقال
الشيخ الطوسي : «أمّا النيّة فهي
ركن في الأنواع الثلاث (أي
التمتّع والقران والإفراد ) من تركها فلا حجّ له،
عامداً كان أو
ناسياً إذا كان من أهل النيّة، فإن لم يكن من أهلها أجزأت نيّة غيره عنه، وذلك مثل المغمى عليه يحرم عنه
وليّه وينوي وينعقد إحرامه».
وقال الشهيد: «لو جنّ في
الميقات أو اغمي عليه أحرم عنه وليّه وجنّبه ما يجتنبه المحرم».
وقد استدلّ له:
۱- بأنّ الإحرام
عبادة يصحّ فيها النيابة، فأجزأ إحرام الولي عنه.
۲-
وبمرسل جميل عن أحدهما عليهما السلام في
مريض اغمي عليه فلم يعقل حتى أتى الموقف، فقال: «يحرم عنه رجل».
ونوقش فيها بأنّها مرسلة ولا
جابر لإرسالها.
عدم صحّة النيابة عنه.
قال
ابن إدريس : «وإن كان
زائل العقل فقد سقط عنه
الحجّ ،
مندوباً كان أو
واجباً ، فإن اريد بذلك (قولهم: أنّه يحرم عنه وليّه ويجنّبه ما يجتنب المحرم) أنّ وليّه لا يقرّبه شيئاً ممّا يحرم على المحرم
استعماله فحسن، وإن اريد بأنّه ينوي عنه ويحرم عنه فقد قلنا ما عندنا في ذلك (أنّه لا يجزيه نيّة غيره عنه)».
واستدلّ عليه بأنّ النيابة خلاف
الأصل ، وإنّما تثبت في موضع
اليقين ، وأنّ النيابة عن
الحي إنّما تصحّ
بإذنه .
على أنّ هذا ليس نيابة إلّا في النيّة،
والإحرام بالغير إنّما ثبت في
الصبي .
ثمّ إنّه بناءً على القول بصحّة النيابة عن المغمى عليه في الإحرام، فهل يجزيه عن إحرامه الواجب لو أفاق بعد ذلك؟
صرّح بعضهم بالإجزاء، وتمامية إحرامه.
لكن صرّح آخرون
بأنّه إن لم يفق حتى فاته الموقفان انكشف أنّه لم يكن وجب عليه، وإن أفاق قبل الوقوف أجزأه عن
حجة الإسلام ؛ لأنّه يقبل النيابة وتعذّر عنه بنفسه.
قال
المحقّق الحلّي : «والذي يقتضيه الأصل أنّ إحرام
الولي (عن المغمى عليه)
جائز ، لكن لا يجزي عن حجّة الإسلام؛ لسقوط الفرض
بزوال عقله. نعم، إذا زال العارض قبل الوقوف أجزأه إلّا أن يضيق الوقت عن أحد الموقفين».
وذهب
الفاضل الأصفهاني إلى أنّه: «إن أفاق في الحجّ قبل الوقوف فأمكنه
الرجوع إلى
الميقات رجع فأحرم منه، وإلّا فمن أدنى
الحلّ إن أمكنه، وإلّا فمن موضعه. وإن كان ميقات حجّه
مكة رجع إليها إن أمكنه، وإلّا فمن موضعه، كلّ ذلك إن كان وجب عليه، وإلّا فوجوبه بالمرور على الميقات- وخصوصاً مع
الإغماء - غير معلوم، وكذا بهذا الإحرام. وإن أحرم به في
العمرة فإن كانت
مفردة انتظر به حتى يفيق، فإذا أفاق وقد ادخل الحرم رجع إلى أدنى الحلّ أو الميقات إن أمكنه فأحرم إن كانت وجبت عليه وأمكنه الرجوع، ومن موضعه إن لم يمكنه وضاق وقته بأن اضطرّ إلى الخروج. وإن كانت
عمرة التمتع فأفاق حيث يمكنه
إدراكها مع الحجّ فعلها بإحرام نفسه، وإلّا حجّ مفرداً بإحرام نفسه، كما قلنا: إن كان وجب عليه حجّ الإسلام أو لغيره ثمّ اعتمر إن وجبت عليه، وإن لم يكن وجب عليه شيء منهما تخيّر بينه وبين إفراد العمرة كذلك».
صرّح جملة من
الفقهاء بجواز
النيابة في
الطواف عن المغمى عليه،
ولا يشترط إذنه
واستنابته .
واستدلّ عليه بصحيحة
حريز عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «
المريض المغلوب والمغمى عليه يرمى عنه ويطاف عنه»،
وغيرها من
الروايات .
وقال
المحقق النجفي : «ينبغي تقييد ذلك بما إذا لم يرجَ
البرء أو ضاق الوقت، وإلّا انتظر».
واستدلّ
عليه
بخبر يونس ، قال: سألت
أبا الحسن عليه السلام أو كتبت إليه عن
سعيد بن يسار أنّه سقط من جَمَله فلا يستمسك بطنه، أطوف عنه وأسعى؟ قال: «لا، ولكن دعه، فإن برئ قضى هو، وإلّا فاقض أنت عنه».
وأمّا
السعي فقد صرّح جملة من الفقهاء بأنّه إن تعذّر على
المكلّف السعي استناب فيه،
وهو بعمومه يشمل المقام كما لا يخفى.
ويمكن
الاستدلال عليه بخبر يونس
المتقدّم.
عروض الإغماء على المكلّف في الموقفين تارة يكون بعد نيّة
الوقوف ، واخرى يكون قبلها، وعلى الأوّل أفتى جملة من الفقهاء بصحّة وقوفه
وإجزائه عن
الواجب ، وأمّا على الثاني فلا اعتبار بوقوفه؛
نظراً إلى عدم
النيّة المعتبرة فيه.
قال
العلّامة الحلّي : «لا اعتبار بوقوف المغمى عليه
والنائم ، أمّا لو تجدّد الإغماء بعد الشروع فيه في وقته صحّ».
وقال
السيد العاملي : «القول بالصحّة هو المعروف من مذهب الأصحاب؛ لأنّ الركن من الوقوف مسمّاه، وهو يحصل بآنٍ يسير بعد النيّة، ولأنّ من دفع
عمداً قبل
طلوع الشمس لا يفسد حجّه، فكيف يتصوّر
الفساد مع الخروج عن
التكليف ؟!».
ولكن حكى
المحقّق الحلّي القول بعدم الصحّة.
وفي
الجواهر : لم يعرف القائل به.
وقال السيّد العاملي: «لم نقف في هذا
الحكم على مخالف صريحاً. نعم، ذكر الشيخ في
المبسوط عبارة مقتضاها أنّه يعتبر
الإفاقة من
الجنون والإغماء في الموقفين... وليس في كلامه رحمه الله دلالة على عدم صحّة الوقوف إذا عرض أحد هذه
الأعذار بعد النيّة».
وقال
الفاضل الأصفهاني - بعد نقل ما حكاه المحقّق في
الشرائع من القول بعدم الصحّة-: «لم أظفر بصاحب هذا القيل، وإن كان ظاهر شارح
إشكالاته أنّه
ابن إدريس ».
يجوز
الرمي عن المغمى عليه إذا لم يفق قبل وقت الرمي
بلا خلاف.
ودليله
الروايات:
منها: صحيحة
حريز عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «
المريض المغلوب والمغمى عليه يُرمى عنه ويُطاف عنه».
ومنها: صحيحة
رفاعة بن موسى عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن رجل اغمي عليه؟ فقال: «يُرمى عنه
الجمار ».
ومنها: موثّقتي
إسحاق بن عمار .
وصرّح بعضهم
بجواز ذلك من غير إذن منه ولا
استنابة ؛
نظراً إلى عدم قابليّته لذلك.
وقيّده بعضهم
بخوف فوت وقت الرمي.
قال الشهيد: «لو اغمي عليه قبل الاستنابة وخيف فوت الرمي فالأقرب رمي الوليّ عنه، فإن تعذّر فبعض
المؤمنين ؛
لرواية رفاعة عن الصادق عليه السلام: «يرمى عمّن اغمي عليه»
».
وقال
السيد العاملي بعد نقل الرواية: «وربما ظهر من الرواية وجوب الرمي عنه
كفاية »،
ولكن في
الجواهر منع هذا الظهور.
ولو اغمي على المريض بعد الاستنابة لم ينعزل النائب؛ للأصل،
وإطلاق الخبر المتقدّم.
الموسوعة الفقهية، ج۱۵، ص۲۲۲-۲۲۷.