الاعتراض
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
المنع و
الصد وعدم
الموافقة علي
قول أو
فعل أو
حكم وأيضا بمعني
الظهور و
العرض .
استعمل الاعتراض في اللغة بمعنيين:
يقال: عرض
الشيء يعرض واعترض: أي انتصب ومنع وصار عارضاً،
كالخشبة في
النهر و
الطريق ونحوها تمنع
السالكين .
ومنه اعتراضات
الفقهاء ؛ لأنّها تمنع من
التمسّك بالدليل.
وبهذه
المناسبة اطلق الاعتراض على نسبة
الخطأ إلى شخص في قول أو فعل، وهذا هو الأكثر
استعمالًا في اللغة. وفي
الاصطلاح كذلك، فقد عُرّف بأنّه:
الكلام الذي يراد به
إفساد ما استدلّ به
الغير أو قال به،
أو:
الاحتجاج وعدم الموافقة على قول أو فعل أو حكم وغير ذلك.
يقال: أعرض الشيء يعرض إذا ظهر.
ومنه قول
الإمام الصادق عليه السلام : «إنّ أوّل صلاة
الفجر اعتراض الفجر في افق
المشرق »،
أي ظهوره وبروزه في الافق، وغيره من الموارد.
ولا يختلف معناه الاصطلاحي عن المعنى اللغوي.
وهي
الاستقصاء في
الأمر و
الحساب ، يقال: ناقشه
مناقشة إذا استقصى في حسابه،
وبملاحظة تعريف الاعتراض يتّضح
الفرق بينهما، فإنّ الاعتراض فيه
تخطئة وإفساد لما استدلّ به الغير، بخلاف المناقشة فليست كذلك
بالضرورة .
وهي بمعنى
المرادّة في
الكلام ،
يقال: حاور
محاورة وحواراً أي جاوبه وراجعه الكلام.
و
الجواب الذي يكون في
الحوار قد يستدعي أحياناً
إنكار قول المتكلّم أو
منع فعله، وحينئذٍ يجتمع مع الاعتراض، حيث يقال: اعترض عليه إذا أنكر قوله أو فعله».
وهو بمعنى
اشتداد الخصومة و
المفاوضة على سبيل
المنازعة و
المغالبة .
وهو لازم عادةً للاعتراض على
الخصم وردّ قوله و
الغلبة عليه ومنعه وتخطئته فيما يقول.
قد يتضمّن تقرير القول بنحو (نعم) أو
إبطاله .
وفي صورة
الإبطال يجمع مع الاعتراض، حيث إنّ الإبطال عبارة عن ردّ كلام أو
المقابلة بعمل يؤثّر في
الطرف وينفذ في قلبه ويخرق مشكله
الصعب ويحلّ عقده.
يقال نقد
النثر : أظهر ما فيه من
عيب أو
حسن، وإظهار العيب يجتمع مع كلام
المنتقد، فإذا قصد بالنقد
التخطئة صار من أشكال الاعتراض.
يختلف حكم الاعتراض باختلاف موارده المتعدّدة، والتي شملت أغلب أبواب
الفقه . ويمكن
الإشارة لبعضها، والتفصيل موكول إلى محلّه.
أمّا على المنع والتخطئة وعدم الموافقة الذي هو المعنى الأوّل، وهو الأكثر استعمالًا في الاصطلاح، فللاعتراض موارد وحالات هي:
وهو
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو
الإمام عليه السلام، بأن يعترض عليهم في أقوالهم أو أفعالهم، وهوغير جائز، فلو تصرّف- مثلًا- في أموال
الغنائم بما يراه مناسباً من مصالح
المسلمين لم يكن لأحد من
الامّة الاعتراض عليه؛ وذلك
لعصمته عليه السلام، ولقوله تعالى: «وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا»،
وقوله تعالى: «
النَّبِيُّ أَوْلَى
بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ
أَنفُسِهِمْ »،
وقوله تعالى:
«وَمَا كَانَ
لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ
ضَلَالًا مُّبِيناً»،
وغير ذلك ممّا دلّ على
ولايته ولزوم
طاعته مطلقاً.
هذا إذا كان من له
الولاية العامّة معصوماً. وأمّا إذا لم يكن كذلك- كما لو ثبتت هذه الولاية
للفقيه الجامع للشرائط- فلا يجوز الاعتراض عليه، بمعنى
عصيان أوامره ومخالفته عمليّاً في
الدائرة التي ثبتت له فيها ولاية؛ استناداً إلى أدلّة ولايته و
نفاذ حكمه.
نعم، يمكن الاعتراض على الحاكم
والدولة الإسلامية ومسؤولي
النظام علميّاً بمعنى
إبداء الرأي ، بشرط أن لا يؤدّي إلى مفاسد ثانويّة، وهذا هو
القانون العام في فقه المعارضة السياسية في
الإسلام .
وذلك مثل الاعتراض على حكم
القاضي الشرعي فإنّه لا يجوز إلّا إذا تبيّن
خطأه .
ويقصد به نقض حكمه أو ردّه وعدم العمل به، لا
الخوض في حوار علمي معه و
اختلاف في
المنطلقات الفقهية وغيرها، فإنّه بمجرّده لا يضرّ.
وكذلك الاعتراض على
الولي و
الوصي و
القيّم في تصرّفاتهم فيما لهم حقّ
الولاية و
الوصاية و
القيمومة عليه، فإنّه غير جائز بالمعنى الذي ذكرناه في حكم الحاكم.
نعم، يستثنى من ذلك
التصرفات المخلّة فإنّه يجوز الاعتراض عليها،
كتزويج الولي
البنت بالخصي أو
المجنون أو بأقلّ من
مهر المثل ونحوه.
ومن هذا القبيل الاعتراض على
المأذون من قبل
المالك أو الشارع بما يراه من
المصلحة ، فإنّه لا يجوز بالمعنى الذي بيّناه.
بل هناك
ضابط عام في مثل هذه الموارد يقول: إنّ تصرّف الحرّ
الرشيد - رجلًا كان أو امرأة- بالنسبة لنفسه أو ماله الذي يملكه أو المأذون في التصرّف فيه، مع
مراعاته الضوابط الشرعية نافذ، لا يحقّ لأحدٍ الاعتراض عليه.
وذلك بتخطئة الفقهاء أو عموم
العلماء و
المتخصّصين في
الفروع العلمية المختلفة بعضهم بعضاً، أو خوض
حوارات علمية
مباشرة أو غير مباشرة، فإنّ ذلك جائز بل ممدوح في حدّ نفسه ما دام
خاضعاً للضوابط العلمية والأخلاقية والشرعية، وسيرة العلماء وديدنهم قائم على ذلك من قديم الأيّام، بل لا يجب على المقلّد فضلًا عن
المجتهد أن يعتقد بما توصّل إليه الفقيه
الآخر وإن لزمه العمل
بفتواه ، كما قرّروا ذلك في
علم الاصول .
وأمّا على
الظهور - وهو المعنى الثاني- فنشير لبعض الموارد التي ذكرها الفقهاء:
أ- اعتراض
الفجر في افُق المصلّي- أي ظهوره
وبروزه - فإنّه يحقّق وجوب صلاة الفجر؛
وذلك لما روي من «أنّ وقت
الغداة إذا اعترض الفجر».
ب- اعتراض
الجنون أو
الارتداد - أي بروزهما- لا يسقط الحدّ
جلداً أو
رجماً .
ج- اعتراض الارتداد لأحد الزوجين يوجب فسخ
النكاح .
وغير ذلك من الموارد التي تراجع في محالّها.
الموسوعة الفقهية، ج۱۴، ص۳۷۹-۳۸۲.