• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

الأمر والنهي الإرشادي

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



الأمر والنهي الإرشادي، المراد منه الأمر و النهي الذي يكون بحسب الصورة، وظاهره اللفظ أمراً او نهياً حقيقياً ولكن واقعه إخبارٌ و إرشاد إلى حكم عقلي أو قضيّة خبرية أو نحو ذلك.




بعض الأمثلة والتطبيقات للأمر والنهي الإرشادي هي كالتالي:

۱.۱ - المستقلات العقلية


الموارد التي يكون فيها للعقل حكم بالاستقلال- ويسمّى بالمستقلّات العقلية- كقبح الظلم وحسن الإحسان وأوامر الطاعة و النهي عن المعصية، فإنّ الأوامر والنواهي فيها لا أثر لها عدا الإرشاد إلى حكم العقل، فإنّ الطاعة- مثلًا- منتزعة عن إتيان الواجبات وترك المحرّمات، وليس للطاعة محقق غيرهما، والعقل مستقل باستحقاق العقاب على ترك الواجبات وفعل المحرّمات وإن لم يكن هناك أمر بالطاعة أصلًا، فالأثر- وهو استحقاق العقاب أو الثواب- ثابت في مرتبة سابقة على الأمر بالطاعة، وعليه لا يكون له أثر في نفسه، فلا مناص من أن يكون إرشاداً إلى ما استقلّ به العقل قبله
وبعبارة اخرى: أنّ الأمر بالطاعة في قوله تعالى: «أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ». بعث إلى إطاعة الأوامر الصادرة منه تعالى فهو أمرٌ بالصلاة و الزكاة و الحج ونحوها، فيجتمع حينئذٍ في الواجبات و المستحبات أمران: الأوّلي من قوله: صلّ وصم وحج وغيرها، والثانوي بواسطة انطباق عنوان الإطاعة عليها، والأوّل حقيقي مولوي كما ذكرنا، والثاني إرشادي يهدي إلى المصلحة الثابتة في متعلّقه وهو الإطاعة بإتيانه، فحينئذٍ إذا أتى العبد بصلاة الظهر- مثلًا- لم يترتّب على موافقة أمرها الثانوي إلّا نفس ما في‏ الإطاعة مع قطع النظر عن هذا الأمر وهو درك مصلحة الظهر وثواب إطاعة الأمر المولوي، لا أنّه يستحقّ جزاء الأمر الأوّل وجزاء ومثوبة الأمر الثاني، ولو خالف ولم يأتِ بها لم يترتّب عليها إلّا فوات مصالح الظهر وترتّب عقاب الأمر الأوّل، لا أنّ هنا عقابين: أحدهما للأمر الأوّل، وثانيهما للأمر الثاني.
وقد يعبَّر عن ذلك بلغويّة كون الأمر بالطاعة أو النهي عن المعصية مولوياً، كما قد يعبّر عنه بامتناعه للزوم التسلسل؛ لأنّ الأمر الأوّل لو كان بحاجة إلى أمر ثانٍ بإطاعته من قبل المولى كان الأمر الثاني منه كذلك أيضاً فيلزم التسلسل.
إلّا أنّ هذه الوجوه المذكورة للإرشادية لا تجري في تمام المستقلّات العقلية وإن كانت جارية في مثل الأمر بالإطاعة و النهي عن المعصية. وتفصيل ذلك متروك إلى البحث الاصولي.

۱.۲ - الأوامر والنواهي في باب المركّبات


الأوامر والنواهي في باب المركّبات
[۴] مستند العروة (الصلاة) ج۳، ص۱۷۷،
[۵] مستند العروة (الصلاة) ج۳، ص۳۳۵.
، فإنّه رغم أنّ الظهور الأوّلي للأمر والنهي هو المولويّة؛ لأنّ الأمر لم يوضع إلّا للبعث، والنهي لم يوضع إلّا للزجر، إلّا أنّ هذا الظهور ينقلب في باب المركّبات من العبادات و المعاملات- العقود منها و الإيقاعات- إلى الإرشاد إلى الفساد، فلا يستفيد العرف من مثل قول الإمام الصادق عليه السلام: «نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع الغرر»
[۷] دعائم الإسلام ج۲، ص۲۱، ح ۳۴.
أنّه محرّم إلهي كشرب الخمر، بل معناه أنّ الشارع الذي أمضى سائر البيوع لم يمض هذا الفرد، وأنّه يعتبر في صحة البيع أن لا يكون غرريّاً، فلا تستفاد الحرمة التكليفية بوجه إلّا إذا دلّ عليها دليل من الخارج كما في الربا، بقرينة قوله تعالى: «فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ» وإلّا فنفس النهي لا يدلّ عليها بوجه.
وكذلك الحال في باب العبادات فإنّه لا يستفاد من النهي عن الصلاة في وبر ما لا يؤكل لحمه إلّا مانعية أجزاء ما لا يؤكل لحمه عن صحة الصلاة، ومن‏ الأمر بالركوع و السجود والقيام و طهارة الثوب ونحو ذلك إلّا جزئية الركوع والسجود للصلاة، وشرطية القيام والاستقبال والطهور لها.
نعم، ذلك مقصور على ما إذا تعلّق الأمر أو النهي بما يرتبط بالمركّب ويعدّ من قيوده وخصوصياته ومن كيفياته وملابساته، فينتزع منه الجزئية أو الشرطية تارة والمانعية اخرى كما في الأمثلة المتقدمة، دون ما إذا كان عمل مستقل له نحو ارتباط بالمركّب، كما هو واضح.
ونبّه عليه السيد الخوئي في المستند في مسألة وجوب سجدتي السهو هل هو نفسي و تكليف مستقل فلو تركهما عامداً لم تبطل صلاته وإن كان آثماً؟ أو غيري يوجب الإخلال بهما بطلان الصلاة؟ فإنّه قد ذهب المشهور إلى الأوّل، وأنّ هذا حكم تكليفي مستقل وإن نشأ الوجوب عن خلل في الصلاة إلّا أنّه عمل مستقل واقع خارج الصلاة قد شرع بعد الانصراف عنها وإن كان موجب التشريع هو السهو الصادر في أثنائها، لكن شأنه ليس إلّا الموجبية فحسب من غير ظهور له في الإناطة والارتباط بينهما بوجه، وعليه فيبقى الظهور الأوّلي في النفسية على حاله من غير معارض.
[۱۰] مستند العروة (الصلاة) ج۶، ص۳۷۱.


۱.۳ - الأوامر والنواهي فيما يطلب منه أثر وضعي


الأوامر والنواهي فيما يطلب منه أثر وضعي مركوز في الأذهان ولا يحتمل أن يكون المراد منها الوجوب أو الحرمة التكليفيين، من قبيل الأوامر و النواهي في باب الملاقاة مع النجاسة كالأمر بغسل الثوب من أبوال ما لا يؤكل لحمه وغسل ما لاقاه ميّت الآدمي من الثوب واليد وغيرهما، فإنّها ظاهرة في الإرشاد إلى نجاسة أبوال ما لا يؤكل لحمه ونجاسة الميّت الموجبة لنجاسة ملاقيهما، كما أنّ الأمر بغسل شي‏ء يكون إرشاداً إلى أنّه يطهر بالغسل.

۱.۴ - الاوامر الارشادية في المصالح الدنيوية


هناك بعض الأوامر ظاهرها أنّ الشارع في مقام إرشاد المكلّف ونصحه لما في الفعل من مصلحة دنيوية يحصل عليها أو تبعات ومفاسد يقع فيها كالأمر بالرهن في قوله تعالى: «وَ إِنْ كُنْتُمْ عَلى‏ سَفَرٍ وَ لَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ» ، فإنّ‏ الإجماع ، حاصل على عدم وجوب الرهن ولا الكتابة في الدين، فإنّ الآية الكريمة المراد منها الإرشاد إلى حفظ المال، ومن ذلك الأمر بالإشهاد في البيع في قوله تعالى: «وَ أَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ» كما هو واضح.
ومن هذا القبيل أيضاً الروايات الآمرة كثير الشك في الصلاة بضبط صلاته بالحصا أو الخاتم أو السبحة، كخبر حبيب الخثعمي قال: شكوت إلى أبي عبد اللَّه عليه السلام كثرة السهو في الصلاة، فقال: «أحص صلاتك بالحصى» أو قال: «احفظها بالحصى». فإنّ الفقهاء لم يفهموا من هذه الأوامر الوجوب بل حملوا الأمر فيها على الإرشاد إلى طريقة يحفظ بها عدد الركعات.
ومن ذلك أيضاً النهي عن استعمال الماء المشمس في الطهارة من حيث إيراث البرص، والأمر باختيار المسلمة العاقلة العفيفة الوضيئة لرضاع الولد من جهة سراية الأوصاف الخلقية إلى الرضيع كما صرّحت به بعض الروايات ، وما شابه ذلك من الأوامر والنواهي كثير.

۱.۵ - الاوامر والنواهي المشتركة بين المولوية والارشادية


وقد يقع الاختلاف في بعض الأوامر والنواهي هل هي باقية على ظهورها الأوّلي في المولوية و التكليفية أم هي ظاهرة في الإرشاد؟ لصلاحية المورد لكلا المعنيين كالنهي عن الاحتقان بالمائع بالنسبة للصائم فإنّه قد ذهب البعض إلى الحرمة التكليفية وعدم الإضرار في صحة الصوم؛ لظهور النهي في المولوية، وذهب آخرون إلى بطلان الصوم وأنّ النهي هنا إرشاد إلى بطلان وفساد الصوم بذلك؛ لظهور النهي في باب المركّبات، كالأمر في الإرشاد إلى المانعية أو الجزئية أو الشرطية، فينقلب الظهور الأوّلي في أمثال ذلك إلى ظهور ثانوي.
ومن هذا القبيل النهي عن الارتماس بالماء للصائم، فإنّ المشهور مفطريته؛ لظهور النصوص في الإرشاد كما في غيره من أمثال المقام


 
۱. التنقيح في شرح العروة (الطهارة) ج۸، ص۲۵۴.    
۲. النساء/سورة ۴، الآية ۵۹.    
۳. اصطلاحات الاصول، ص۷۵.    
۴. مستند العروة (الصلاة) ج۳، ص۱۷۷،
۵. مستند العروة (الصلاة) ج۳، ص۳۳۵.
۶. محاضرات في اصول الفقه ج۴، ص۱۵۶.    
۷. دعائم الإسلام ج۲، ص۲۱، ح ۳۴.
۸. الوسائل ج۱۷، ص۴۴۸، ب ۴۰ من آداب التجارة، ح ۳.    
۹. البقرة/سورة ۲، الآية ۲۷۹.    
۱۰. مستند العروة (الصلاة) ج۶، ص۳۷۱.
۱۱. البقرة/سورة ۲، الآية ۲۸۳.    
۱۲. التذكرة ج۱۳، ص۸۹.    
۱۳. التحرير ج۲، ص۴۶۴.    
۱۴. البقرة/سورة ۲، الآية ۲۸۲.    
۱۵. وسائل الشيعة ج۸، ص۲۴۷.    
۱۶. الوسائل ج۲۱، ص۴۶۶، ب ۷۸ من أحكام الأولاد.    
۱۷. الوسائل ج۲۱، ص۴۶۸، ب ۷۹ من أحكام الأولاد.    
۱۸. مستمسك العروة ج۸، ص۲۶۲.    
۱۹. مستند العروة (الصوم) ج۱۱، ص۱۶۰.    




الموسوعة الفقهية ج۱۰، ص۱۰۱-۱۰۴.    



جعبه ابزار