الامتشاط
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو مشط
الشعر و
تنظيفه و
تحسينه .
الامتشاط- لغة-: من مشط شعره يَمشُطُه ويَمْشِطُه مَشْطاً: رجّله،
وامتشطت
المرأة : مشطت شعرها.
ولا يختلف معناه
الاصطلاحي عن المعنى اللغوي.
وهو
تسريح الشعر و
تنظيفه و
تحسينه .
وقد يكون
الترجيل أخصّ من الامتشاط و
التمشيط ؛ لأنّه يراعى فيه
الزيادة في تحسين الشعر.
وهو حلّ الشعر و
إرساله قبل المشط.
وقال
الأزهري : هو ترجيل الشعر و
تخليص بعضه من بعض بالمشط،
فعلى
المعنى الأوّل يكون مغايراً للترجيل، وعلى الثاني يكون
موافقاً له.
وعلى كلا
التقديرين يظهر الحال في
الاختلاف عن الامتشاط؛ لأنّه يكون بعد التسريح، أو
مساوقاً له أو أخصّ منه.
يستحبّ تمشيط شعر
الرأس و
اللحية وتسريح
العارضين و
الذؤابتين و
الحاجبين مطلقاً وفي كلّ حال؛
لما روي عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: «تسريح العارضين يشدّ
الأضراس ، وتسريح اللحية يذهب
بالوباء، وتسريح الذؤابتين
يذهب ببلابل
الصدر ، وتسريح الحاجبين
أمان من
الجذام ، وتسريح الرأس يقطع
البلغم »،
وغير ذلك.
ويتأكّد عند كلّ
صلاة فرضاً أو نفلًا؛ لما ورد عن
عبد اللَّه بن المغيرة عن أبي الحسن عليه السلام في تفسير قوله سبحانه وتعالى: «خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ» قال: «من ذلك
التمشّط عند كلّ صلاة»،
أي قبل
الشروع فيها، بل وبعد
الفراغ منها؛ لما رواه
عمّار النوفلي عن
أبيه قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: «
المشط يذهب بالوباء، وكان لأبي عبد اللَّه عليه السلام مشط في
المسجد يتمشّط به إذا فرغ من صلاته».
ويتأكّد أيضاً في المسجد وروضة
سيّد الشهداء عليه السلام وغيره؛
ويمكن
الاستدلال له ببعض النصوص أيضاً.
وللامتشاط
فوائد كثيرة نصّت عليها الروايات، ففي خبر
عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّوجلّ: «خُذُوا
زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ»
قال: «المشط، فإنّ المشط يجلب
الرزق ، ويحسّن الشعر، وينجز الحاجة، ويزيد في ماء الصلب، ويقطع البلغم...».
وفي
رواية اخرى عنه عليه السلام في قوله تعالى أيضاً قال: «إنّ أخذ
الزينة هو التمشّط عند كلّ صلاة».
الظاهر جواز التمشّط بكلّ شيء يمكن التمشّط به. نعم، يستحبّ
بالعاج ؛
للنصوص
:
منها: ما رواه
عاصم ، قال: دخلت على
أبي إبراهيم عليه السلام وفي يده مشط عاج يتمشّط به، فقلت له: جعلت فداك، إنّ عندنا
بالعراق من يزعم أنّه لا يحلّ التمشّط بالعاج، فقال: «ولِمَ؟! فقد كان
لأبي منها مشط أو مشطان»، ثمّ قال:
«تمشّطوا بالعاج، فإنّ
العاج يذهب بالوباء».
للامتشاط
آداب ذكرها الفقهاء،
تبعاً للأخبار، وهي:
۱- أن يكون الممتشط جالساً، بل يكره التمشّط قائماً؛ لما روي عن أبي الحسن عليه السلام أنّه قال: «لا تمتشط من قيام فإنّه يورث
الضعف في
القلب ، وامتشط وأنت جالس فإنّه يقوّي القلب ويمخّخ
الجلد ».
۲- أن يأخذ المشط بيده
اليمنى ويقول: (
بسم اللَّه)، ثمّ يضعه على امّ رأسه، ثمّ يسرّح مقدّم رأسه ويقول: (اللهمّ حسّن شعري وبشري وطيّبهما، واصرف عنّي
الوباء ).
ثمّ يسرّح مؤخّر رأسه ويقول: (الّلهمّ لا تردّني على عقبي، واصرف عنّي كيد
الشيطان ).
ثمّ يسرّح حاجبه ويقول: (الّلهمّ زيّني زينة أهل
الهدى ).
۳- أن لا يمتشط في
الحمّام ، بل هو مكروه؛
لما رواه
ابن أبي يعفور عن
الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «وإيّاك والتمشّط في الحمّام، فإنّه يورث وباء
الشعر ».
وفي رواية اخرى عنه عليه السلام: «ولا تسرّح في الحمّام، فإنّه يرقّق الشعر».
۴- أن يبدأ تسريح
اللحية من تحت إلى فوق، ويقرأ «إنّا أنزلناه»، ثمّ يسرّح من فوق إلى تحت ويقرأ «
والعاديات »،
كما ورد في الخبر.
بل يستحبّ تسريح اللحية سبعين مرّة، يعدّها مرّة مرّة، أو سبعاً وأربعين مرّة.
والمستند للأوّل ما رواه
إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: «من سرّح لحيته سبعين مرّة وعدّها مرّة مرّة لم يقربه الشيطان أربعين يوماً».
وللثاني ما رواه عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال:
«وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يسرّح تحت لحيته أربعين مرّة، ومن فوقها سبع
مرّات ، ويقول: إنّه يزيد في
الذهن ، ويقطع
البلغم ».
المشهور
كراهة ترجيل شعر
الميّت وتمشيطه،
وحرّمه جملة من الفقهاء،
وقيّده بعض
المعاصرين بما إذا احتمل
سقوط شيء بسبب ذلك.
أجمع الفقهاء على عدم جواز
إزالة الشعر للمحرم مع
الاختيار - حتى الشعرة ونصفها- عن رأسه ولحيته أو غيرهما بالحلق أو غيره، وعليه
الكفّارة لو أزاله
إجماعاً، وقلّ من تعرّض لشمول ذلك للامتشاط.
قال
العلّامة الحلّي : «لو مشّط لحيته أو رأسه فانتتفت شعرات، فعليه
الفدية ».
وقال
المحقّق النجفي : «لا بأس بالتسريح الذي لا
طمأنينة بحصول
القطع منه وإن اتّفق، إلّاأنّ
الأولى و
الأحوط اجتنابه، خصوصاً مع كونه
ترفّهاً منافياً
للإحرام وغالب
السقوط ، فالأولى
تمييزه بيده».
الماشطة : هي التي تحسن المشط، وتتّخذ ذلك
حرفة لنفسها.
ولا
إشكال في جواز تمشيطها إذا لم تكن في مقام
الغشّ و
التدليس كتمشيطها
المرأة لزوجها- مثلًا- إنّما
الكلام والإشكال فيما إذا كانت في مقام الغشّ والتدليس بوصل الشعر بالشعر و
النمص والوشم وغير ذلك.
ومستند الفقهاء في الجواز مع بعض القيود روايات صريحة:
منها: مرسل
ابن أبي عمير عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «دخلت ماشطة على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فقال لها: هل تركت عملك أو أقمت عليه؟ فقالت: يا رسول اللَّه، أنا أعمله إلّاأن تنهاني عنه فأنتهي عنه، فقال: افعلي، فإذا مشطت فلا تجلي
الوجه بالخرق، فإنّه يذهب بماء
الوجه ، ولا تصلي الشعر بالشعر».
ومنها: خبر
محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام- في حديث
امّ حبيب الخافضة - قال: «وكانت لُامّ حبيب
اخت ، يقال لها:
امّ عطية، وكانت
مقنية - يعني ماشطة- فلمّا انصرفت امّ حبيب إلى
اختها أخبرتها بما قال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، فأقبلت امّ عطية إلى
النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته بما قالت لها اختها، فقال لها: ادني منّي يا امّ عطية، إذا أنت قنيت
الجارية فلا تغسلي وجهها بالخرقة، فإنّ الخرقة تشرب ماء الوجه».
فإنّ تعرّض النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبعض
التفاصيل والقيود معناه
الرضا الضمني بأصل العمل، وإلّا لكان
المفترض النهي عن أصل هذا العمل لا عن بعض حالاته
وأساليبه .
ومن هذا
الخبر استفيد جواز كسب الماشطة مطلقاً، سواء شارطت أم لا.
لكن في مقابل هذا الخبر مرسل
الفقيه ، قال: قال عليه السلام: «لا بأس بكسب الماشطة ما لم تشارط وقبلت ما تعطى...»،
حيث يدلّ على جواز
كسبها مع عدم
الشرط وقبول ما تعطى فقط، أمّا مع الشرط فلا يجوز، وبه وبمرسل
فقه الرضا عليه السلام يتم
تقييد المطلقات.
واجيب: أوّلًا: بضعف
السند فيهما
بالإرسال .
وثانياً: بأنّ الوجه في قبولها كلّ ما تعطى وعدم
المطالبة بالزيادة إنّما هو أحد أمرين على سبيل
مانعة الخلوّ : أحدهما:
أنّ ما يعطى للماشطة لا ينقص غالباً عن
اجرة المثل، لكنهم لكثرة حرصهم يتوقّعون
الزيادة ، خصوصاً من اولي
المروة و
المال ؛ لهذا امروا
بالقناعة . وثانيهما: عدم مناسبة
المشارطة في مثل هذه الامور
للمحترمين من ذوي
المجد و
الفخامة ، لهذا امروا بالرضا بما اعطوا.
وهذا كلّه يعني جواز المطالبة في غير هذه الموارد، كما لو اعطي أقلّ من اجرة المثل.
لا خلاف
بين الفقهاء في أنّه يلزم
الحداد - أي ترك الزينة- على المتوفّى عنها زوجها إذا كانت حرّة، لكن يجوز لها تسريح الشعر وتمشيطه، كما صرّح به جماعة منهم؛
لأنّ ذلك لا يعدّ من
الزينة عرفاً.
الموسوعة الفقهية، ج۱۷، ص۶۱-۶۶.