• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

الخيار في الإيقاع

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



وقع الكلام بين الفقهاء في جريان شرط الخيار في الإيقاعات وعدمه، وقد يدّعى عدم الخلاف في عدم الجريان. قال ابن إدريس : «أمّا الطلاق فليس بعقد، فلا يدخله الخياران معاً، وكذلك العتق لا يدخله الخياران معاً بغير خلاف بيننا»، وظاهره أنّ عدم دخول شرط الخيار في الإيقاع من المسلّمات ولذا استدلّ به على مدّعاه.ويستدلّ للمنع: تارة بما يرجع إلى المنع من جريان الشرط في الإيقاعات، أيّ شرط كان، واخرى بما يرجع إلى المنع من جريان الفسخ والرجوع فيها ذاتاً بأي‌ّ سبب كان، وثالثة بالإجماع على عدم جريان خيار الشرط في الإيقاعات.
أمّا الأوّل فلما ذكره المحقّق النجفي وغيره من أنّ المفهوم من الشرط ما كان بين اثنين، كما ينبّه عليه الصحيح: «من اشترط شرطاً مخالفاً لكتاب اللَّه عزوجل فلا يجوز له، ولا يجوز على الذي اشترط عليه»، فلا يتأتّى في الإيقاع المتقوّم بالواحد.
[۵] مفتاح الكرامة، ج۴، ص۵۶۸.
وقد يزاد عليه بأنّ القبول لو لم يكن لازماً فليس شرطاً؛ لأنّ الشرط يحتاج إلى الرضا به، وإن كان لازماً فيخرج الإيقاع عن كونه إيقاعاً، أو يكون معاهدة مستقلّة غير مربوطة بالإيقاع، غاية الأمر وقوعه فيه كوقوع عقد ضمن عقد آخر، وهذا غير الاشتراط به كما هو الفرض.
[۶] حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۲، ص۴۹۴.
ويمكن توضيح ذلك بأنّ الشرط إذا لم يكن ضمن العقد ونحوه كان ابتدائياً وغير لازم الوفاء- كما هو محقّق في محلّه- وإن كان ضمنه فالضمنيّة لا تعني الظرفية، بل تعني الارتباط بالعقد، أي الالتزام المربوط بالالتزام، بمعنى أنّ قبول الطرف المشروط عليه بالعقد مبنيّ على تعهّد الطرف الآخر بالتعهّد والالتزام الشرطي، وهذا كلّه إنّما يعقل في العقود التي تكون تحت سلطنة الطرفين، لا الإيقاعات.ومنه يعرف الوجه في عدم إمكان التمسّك بعمومات المؤمنون عند شروطهم‌ في باب الإيقاعات؛ لأنّ الاشتراط فيها يكون شرطاً ابتدائياً، فكما لا تشمل العمومات سائر الشروط الابتدائية، لا تشمل الشرط ضمن الإيقاع.
وأمّا الثاني- وهو عدم جريان الفسخ في الإيقاعات- فقد ذكر في توضيحه تارةً بأنّ مشروعية الفسخ في كلّ معاملة تحتاج إلى دليل، وهو موجود بالنسبة للعقود؛ لمشروعية الإقالة وثبوت خيار المجلس والحيوان وغيرهما في بعضها، بخلاف الإيقاعات حيث لم يعهد من الشارع تجويز نقض أثرها بعد وقوعها حتى يصحّ اشتراط ذلك فيها، والشرط لا يكون مشرّعاً ولا يجعل ما ليس سبباً شرعيّاً سبباً. واخرى بأنّ شرط الخيار إنّما يجري في كلّ مورد ثبت أنّ اللزوم فيه حقّي، ويستكشف ذلك بجريان الإقالة والانفساخ فيه، وأمّا ما لا تدخل فيه الإقالة فيستكشف كون اللزوم فيه حكمياً، فلا يمكن رفع اللزوم فيه بجعل الخيار، بل يحتاج إلى دليل شرعيّ على زوال اللزوم الحكمي. والإيقاعات كذلك، فاللزوم فيها حكمي وغير قابل للانفساخ بوجه. وأمّا الرجوع في العدّة فليس فسخاً للطلاق، بل هو حكم شرعي في بعض أقسامه، لا يقبل الثبوت في غير مورده، بل ولا السقوط في مورده.
وثالثة: بأنّ مضامين الإيقاعات نوعاً أمور عدمية كزوال الزوجية والرقّية في الطلاق والعتق وسقوط ما في الذمّة في الإبراء ، والرجوع في الأمور العدميّة من إعادة المعدوم، وهو محال أو غير عرفي. فيقال: بأنّ الظاهر من أدلّة الشروط ما يكون المشروط فيه إثباتاً لشي‌ء وإيجاداً له في مقام الاعتبار ، والإيقاعات المسلّمة- مثل الطلاق والعتق والإبراء- خارجة عن ذلك بحسب الارتكاز العرفي، حيث إنّها عبارة عن رفع الشي‌ء وإزالته. وتوقيت الأمر الزائل بالخيار خلاف الارتكاز العرفي. ومجموع هذه الوجوه والبيانات ترجع إلى نكات مختلفة، بعضها شرعية وبعضها عرفية وعقلائية تمنع عن عقلائيّة وشرعية جريان الفسخ ومعقوليته في الإيقاعات، بخلاف العقود.
وأمّا الثالث- وهو الإجماع المدّعى على عدم جريان خيار الشرط في الإيقاعات- فقد ادّعاه الشيخ الطوسي بالنسبة للعتق والطلاق.
[۱۲] المبسوط، ج۲، ص۱۰.
وفي السرائر ادّعاء عدم الخلاف بالنسبة للعتق. وقال الشهيد الثاني : «أمّا استثناء ما ذُكر (أي النكاح والوقف والإبراء والطلاق والعتق‌) فلأنّ النكاح لا يقصد فيه المعاوضة، والوقف إزالة ملك على وجه القربة، ومثله العتق، وقريب منه الإبراء.
وهذه المواضع محلّ وفاق، وهو الحجّة...وكذا القول في الطلاق، وفي معناه الخلع والمبارات، وفي معنى العتق التدبير»، وظاهره ادّعاء الوفاق على هذه الأمور جميعاً.وظاهر السيّد اليزدي الالتزام به في خصوص ما ثبت فيه الإجماع على عدم‌ صحّة شرط الخيار، والخروج به عن عموم: «المؤمنون عند شروطهم»، ويحكم في غيره بمقتضى هذا العموم.قال قدس سره: «والظاهر تحقّقه بالنسبة إلى الطلاق... وأمّا العتق فإنّه وإن قيل فيه أيضاً بتحقّقه إلّاأنّه يمكن منعه وذلك لما عن الشيخ في النهاية والقاضي وغيرهما من جواز اشتراط إعادته في الرقّ إن خالف ما اشترط عليه؛ للموثّق عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللَّه عليه السلام:سألته عن رجل يعتق مملوكه ويزوّجه ابنته، ويشترط عليه إن هو أغارها يردّه في الرقّ؟ قال: «له شرطه». .. نعم، حكي عن المشهور عدم العمل بالموثّق المزبور والحكم بفساد الشرط فقط، أو مع العتق أيضاً، وأنت خبير بأنّه لا وجه لطرحه... ويمكن أن يقال: إنّ مورد الإجماع اشتراط الخيار، وأمّا اشتراط شي‌ء آخر يلزم من تخلّفه الخيار فليس إجماعياً فيما عدا الطلاق...»، ثمّ استفاد من الجواهر مفروغيّة ذلك أيضاً بالنسبة للعتق والوقف .
[۱۷] حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۲، ص۴۹۶- ۴۹۷.




 
۱. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۵، ص۱۴۸.    
۲. السرائر، ج۲، ص۲۴۶.    
۳. الوسائل، ج۱۸، ص۱۶، ب ۶ من الخيار، ح ۱.    
۴. جواهر الكلام، ج۲۳، ص۶۴.    
۵. مفتاح الكرامة، ج۴، ص۵۶۸.
۶. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۲، ص۴۹۴.
۷. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۵، ص۱۴۹- ۱۵۰.    
۸. منية الطالب، ج۳، ص۱۰۲- ۱۰۳.    
۹. مصباح الفقاهة، ج۶، ص۲۶۶-۲۷۷.    
۱۰. حاشية المكاسب (الأصفهاني)، ج۴، ص۲۱۹.    
۱۱. مصباح الفقاهة، ج۶، ص۲۷۰- ۲۷۱.    
۱۲. المبسوط، ج۲، ص۱۰.
۱۳. السرائر، ج۲، ص۲۴۶.    
۱۴. المسالك، ج۳، ص۲۱۲.    
۱۵. المكاسب (تراث الشيخ‌الأعظم)، ج۵، ص۱۵۰.    
۱۶. الوسائل، ج۲۳، ص۲۷، ب ۱۲ من العتق، ح ۳.    
۱۷. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۲، ص۴۹۶- ۴۹۷.




الموسوعة الفقهية، ج۱۹، ص۳۰۹-۳۱۲.    



جعبه ابزار