بدل الحيلولة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
بدل الحيلولة (توضيح).
هو
العوض الذي يضمنه من حال بين المالك وملكه، كما لو سرق
المال أو غرق أو ضاع بحيث يتعذّر
الوصول إليه، لكن لا يصدق عليه
التلف عرفاً.
البدل : خلف
الشيء ، و
الإبدال و
التبديل و
الاستبدال :
جعل الشيء
مكان آخر.
و
الحيلولة :
الحجز ومنع
الاتّصال ، يقال: حال
النهر بيننا حيلولة، إذا حجز ومنع الاتّصال.
وكلّ ما حجز بين شيئين فقد حال بينهما.
هو
العوض الذي يضمنه من حال بين المالك وملكه، كما لو سرق
المال أو غرق أو ضاع بحيث يتعذّر
الوصول إليه، لكن لا يصدق عليه
التلف عرفاً.
التلف هو
ذهاب الشيء، وبحكم التلف خروجه عن أن يكون منتفعاً به
المنفعة المطلوبة منه عادةً.
والفرق بينه وبين الحيلولة هو أنّ الحيلولة
خروج الشيء عن يد
المالك وسلطنته عليه مع وجوده وتعذّر الوصول إليه، بينما التلف ذهاب المال و
ضياعه رأساً.
ويقال لما يضمن ويدفع بسبب الحيلولة: (بدل الحيلولة)، ولما يدفع عوض التالف: (
بدل التالف ).
وهو
التزام دفع مثل التالف أو قيمته أو ما هو بحكم التالف.
وعليه فبدل الحيلولة يكون نوعاً من
الضمان .
وقع
البحث بين
الفقهاء في مورد بدل الحيلولة، هل أنّه يثبت في صورة حصول
اليأس من وصول المالك إلى ماله، أو عدم
رجاء وجدانه أم يثبت بمجرّد
التعذّر ، حتى إذا عُلم
بإمكان الوصول إليه بعد مدّة طويلة مع تضرّر المالك بعدم الوصول إلى ماله، أو ولو كانت قصيرة؟ وجوه:
استظهر
الشيخ الأنصاري من الأدلّة التي استدلّوا بها على ثبوت بدل الحيلولة
اختصاص الحكم بصورة حصول اليأس من الوصول إلى العين أو عدم رجاء وجدانها، بينما استظهر من
إطلاق فتوى الفقهاء ثبوت بدل الحيلولة بمجرّد التعذّر الفعلي كما يظهر ذلك من إطلاق قولهم: إنّ
اللوح المغصوب في
السفينة إذا خيف من نزعه غرق مال لغير الغاصب انتقل إلى قيمته إلى أن يبلغ
الساحل .
ثمّ أيّد ذلك بأنّ فيه جمعاً بين الحقّين بعد فرض رجوع
القيمة إلى ملك الضامن عند
التمكّن من العين. نعم، استشكل قدس سره في
الشمول لما إذا كان بدل الحيلولة قصيراً جدّاً.
وملخّص كلامه: أنّ ظاهر إطلاق الأدلّة الاختصاص بالصورتين الأوّلتين بينما ظاهر الفقهاء الشمول للثالثة.
لكن اعترض عليه الفقهاء في القسم الأوّل الذي استظهره من الأدلّة بأنّه خارج عن موضوع بدل الحيلولة لأنّه داخل في التلف أو ما بحكمه، فإنّ العين إذا خرجت عن قابلية
الانتفاع بها شرعاً-
كالبهيمة الموطوءة- أو عرفاً- كما لو غرقت- تكون بحكم التالفة، فتكون مورداً لضمان التالف بالمثل أو القيمة لا بدل الحيلولة، وإنّما مورد بدل الحيلولة هو وجود العين وإمكان الانتفاع بها في نفسها، لكن يتعذّر ذلك بسبب الحيلولة، فموردها صرف التعذّر لا التلف وما بحكمه.
هذا، وقد ناقش بعض المحقّقين المعاصرين في
أصل ثبوت بدل الحيلولة؛ لعدم تمامية ما استدلّ به عليه، فيبقى أنّه إذا أوجب التعذّر
التحاق العين بالتالف انتقل إلى ضمان المثل أو القيمة، وإلّا كانت العين موجودة فليس للمالك المطالبة بالبدل، وليس على
الغاصب إلّاضمان العين. نعم، للمالك
المطالبة بالمنافع الفائتة و
الاجرة ،
كما يأتي
تفصيل ذلك.
وقع البحث في
حقيقة تعذّر المبدل الذي هو موضوع لبدل الحيلولة، فهل هو التعذّر المسقط للتكليف بردّ
العين (العقلي)، أو الأعم منه ومن التعذّر العرفي؟ وجوه:
ما يظهر من
تعبير بعض الفقهاء عن عدم الوصول إلى العين بالتعذّر؛ إذ لا شبهة في ظهوره في التعذّر العقلي
المسقط للتكليف بردّ العين. واستدلّ له:
أوّلًا:
بأصالة عدم تسلّط المالك على أزيد من
إلزامه بردّ العين الذي كان قبل التعذّر، خرج عن ذلك ما إذا تعذّر بالتعذّر المسقط
للتكليف . ونوقش فيه بأنّ الأدلّة التي أقاموها على ثبوت بدل الحيلولة مقتضى إطلاقها ثبوته في مورد التعذّر العرفي أيضاً، ومعه لا مورد للرجوع إلى الأصل.
ثانياً: بأنّه مع عدم التعذّر المسقط يكون مكلّفاً بردّ العين، ولا يجتمع التكليف بردّ العين والبدل. ونوقش فيه بأنّ مورد التكليف بالبدل زمان
الاشتغال بالمقدّمات، ومورد التكليف بردّ العين هو زمان ما بعد المقدّمات.
ما هو مقتضى الأدلّة من عدم الفرق بين التعذّر العقلي والعرفي؛
فإنّ فوت
سلطنة المالك والضرر عليه
مشترك بين التعذّر العقلي والعرفي، ففي مورد التعذّر العرفي، وإن وجب على الضامن
السعي في تحصل العين، إلّاأنّ هذا لا ينافي وجوب البدل في زمان السعي، ولا وجه
لإجراء استصحاب عدم تسلّط المالك الذي كان قبل التعذّر، فإنّه محكوم بإطلاق (على اليد) وعموم السلطنة و
لا ضرر وغير ذلك من الأدلّة التي أقاموها على ثبوت البدل و
استحقاق المطالبة.
ما ذكره
المحقّق الأصفهاني من أنّ الحكم يختلف
باختلاف مدارك المسألة، فمقتضى
قاعدة اليد اعتبار التعذّر الحقيقي، فلا محالة مع
القدرة على
التحصيل له عهدة تكليفية، فلا كاشف عن عهدة ماليّة، وأمّا قاعدة الضرر فمقتضاها كفاية مطلق التعذّر للتضرّر بعدم
الانتفاع بماله في مدّة طويلة، وأمّا
قاعدة السلطنة فيمكن أن يقال: له السلطنة على مطالبة ماله وعلى مطالبة مالية ماله من دون ترتّب الثانية على الاولى. كما يمكن أن يقال: إنّه لا ريب في عدم السلطنة له على مطالبة مالية منحازة عن ذات ماله عند عدم التعذّر رأساً؛ للتمكّن من مطالبة ماله، فكذا فيما نحن فيه.
•
بدل الحيلولة (ثبوته وعدمه)، اختلف الفقهاء في ثبوت بدل الحيلولة على الغاصب ومن في حكمه وعدم ثبوته، فذهب
الأكثر إلى ثبوته، وذكروا أنّه يملكه المالك بالأخذ بلا
خلاف فيه، فله التصرّف فيه كيف شاء إلّاأنّه ملك غير مستقرّ، فلو اتّفق وصوله إلى المبدل رجع البدل إلى الضامن.
•
بدل الحيلولة (الأحكام)، يتفرّع على
بدل الحيلولة بعد ثبوته امور وأحكام ذكرها
الفقهاء ، وهي كما يلي: ۱ ـ إلزام المالك بأخذ البدل، ۲ ـ ملكيّة المضمون له لبدل الحيلولة، ۳ ـ ملكية الضامن للمبدل، ۴ ـ ردّ العين بعد ارتفاع التعذّر، ۵ ـ عود البدل إلى الضامن بعد التمكّن من المبدل، ۶ ـ حبس الضامن العين.
الموسوعة الفقهية، ج۲۰، ص۱۴۲-۱۵۷.